أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وديع بكيطة - الاسراء والمعراج في ثقافات العالم القديم















المزيد.....



الاسراء والمعراج في ثقافات العالم القديم


وديع بكيطة
كاتب وباحث

(Bekkita Ouadie)


الحوار المتمدن-العدد: 7075 - 2021 / 11 / 12 - 23:50
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تمهيد:

تمتلئ سجلات العالم الديني وغير الديني بروايات لأفراد قاموا بزيارة الجنة والعودة، أو أنهم صعدوا إلى السماء عند الآلهة أو زاروا عوالم أخرى، سواء بالروح أو بالجسد أو بهما معا؛ ومن الواضح أن هذا الصعود الطقسي ليس صعودا حقيقيا إلى الجنة، وهو يعتمد على بعض التجارب لأبطال ثقافيين من ثقافات مختلفة مثل الهندوسية والبوذية والعبرية والمسيحية والإسلامية، توجد هذه الروايات في جميع أنحاء العالم، في الوثائق المكتوبة القديمة وفي التقاليد الشفهية الحديثة المتوارثة داخل الثقافات المختلفة.
يروى أن الفيلسوف اليوناني ديوجين سينوب استمع ذات مرة إلى فيلسوف يتحدث عن الأمور السماوية؛ اقترب منه ديوجين وسأله: متى عدت من السماء؟ وهل تتحدث من تجربة شخصية أم انطلاقا من مرويات سمعتها من شخص آخر؟ يؤكد هذا الأمر أن مثل هذه المرويات قد سادت الثقافة اليونانية أيضا، كما الثقافات الأخرى.
يرى إدوارد جونيز Edward T. Jones في مقاله الذي تناول فكرة الصعود إلى السماء في بعض الثقافات A Comparative Study of Ascension Motifs in World Religions أن عملية الاسراء والمعراج في الثقافات المختلفة تقوم على خصائص مشتركة: الصعود إلى الجنة. الوقوف أمام الرب أو الله. التحلي برداء جميل والتطرية أمام الرب. التتويج بالتاج. دعوة النبي باسمه، وإعلانه كمنتخب ومحبوب. الجلوس إلى جانب الله. معرفة النبي لخطة الله. شرب النبي من كأس الله. اتحاده بالله، أي الارتقاء إلى الحالة الإلهية. العودة إلى الأرض بشريعة جديدة وقوانين مختلفة عما سبق.
وقد قسم جونيز فكرة الصعود أو الاسراء والمعراج إلى ثلاث مجموعات متميزة إلى حد ما. الأول هو الدعوة الأولية للنبي أو الشامان إلى مستوى جديد من العقيدة أو الطقوس. والثاني هو تجربة "خروج الروح من الجسد". النوع الثالث هو الصعود الشعائري الذي غالبا ما كان الملوك يخضعون له في طقوس رأس السنة الجديدة، والذي يشمل غالبا أفرادا آخرين.

وقد تناولت هذه الظاهرة بعض المصادر والمراجع التي دونت باللغة العربية، مترجمة أو مؤلفة، منها: (1) معراج محمد. المخطوطة الأندلسية الضائعة، ترجمة لنصها اللاتيني مع دراسة وتعليقات وبحث في جذور النظرة الغربية إلى الإسلام، تقديم سحبان مروة. (2) المعراج في الوجدان الشعبي، دراسة لأثره في نشأة الفِرَق والفنون والأسفار المنحولة في الإسلام، الطبعة الثالثة. (3) المعراج من منظور الأديان المقارنة، دراسة لمصادره السابقة للإسلام ولأبحاث المستشرفين فيه، تقديم د. جوزف قزي.

اسراء ومعراج إدابا إلى السماء (1):

عرفت فكرة الصعود إلى السماء شيوعا في التراث الإنساني، وقد جرى ذلك وفق بشر كانت لهم مميزات خاصة، سواء أكان ذلك بسبب تقواهم أو بسبب معرفتهم المتفوقة والقدرة الخاصة التي تخولها لهم هذه المعرفة. وقد كان هؤلاء الحكماء دوما إلى جانب الملوك، يقومون بدور الناصح والمستشار، وهم "المثقفون" الذين شاركوا في تقدم المعارف الإنسانية في زمنهم، وفي ترسخ الحضارة، ووردت أسماؤهم في لائحة "كبار مثقفي الأزمنة القديمة".
كان الاعتقاد بصعود الإنسان إلى السماء من المعتقدات الدينية الراسخة والرسمية في بابل قديما، حتى أن كهنة معبد الإيساجيل لم يتقبلوا انتقاد نبونيد ملك بابل (ق5 ق.م) حين أعلن مجدفا : أن آنو لم يعرف اسم إدابا"، الذي هو أحد الحكماء القلائل، الذين وصلنا عنهم نص يشير إلى حكمتهم ومعرفتهم، وبالإضافة إلى ذلك فإن إدابا هو البشري الذي صعد إلى السماء وشاهد عن قرب بهاء وتألق الإله آنو، هذا البهاء الذي لا يمكن لبشري تحمله.
اسم إدابا الكامل هو أوانا إدابا، حيث ترتبط تسمية أوانا باسم الإله إيا والذي ترتبط به أيضا تسمية أوانس في شكلها اليوناني. وقد منح الإله إيا إدابا الحكمة والمعرفة ليكون مثالا لحكمة البشر بحيث تُسمع كلمته دوما، وكان إدابا عالِما وقديسا وذا يدٍ طاهرة، يسهر بنفسه على إقامة الطقوس وتقديم القرابين المختلفة.
ويمكن تلخيص قصة صعود إدابا إلى السماء كما يلي: فبينما كان إدابا، في يوم من الأيام يصطاد في المياه العذبة في إريدو، هبت عليه ريح الجنوب وأغرقت سفينته. فلعن ريح الجنوب وتمكن بمعرفته وقدرة كلمته من كسر جناح الريح التي توقفت عن الهبوب. وبعد مضي أسبوع على تعطيلها استغرب آنو ذلك وسأل فأجيب: بأن إدابا ابن إيا هو الذي كسر جناح ريح الجنوب. فغضب آنو وطلب أن يؤتى به ليمثل أمامه.
إلا أن الاله إيا، وهو العارف بما يجري في السماء، أعد إدابا لهذه الزيارة وعلمه الحيلة التي يمكنه بواسطتها كسب كل من الإلهين دموزي وجيزيدا إلى جانبه. ولكنه، في الوقت نفسه، أمره، أن يمتنع عن أكل وشرب ما يقدمه له آنو وأن يقبل الزيت والكساء اللذين يقدمان له، يستغرب الإله هذا التصرف من إدابا بكل بساطة ويعرف أن الاله إيا من وراء فعل ذلك، ويمنح إدابا الرضى قبل عودته إلى الأرض، وبمساعدة إلهة الشفاء، تتوقف الأمراض وتعود الريح إلى مجراها.

اسراء ومعراج إيتانا إلى السماء (2)

جُمعت ملحمة إيتانا عن ست عشرة لوحة، وهي تعود لنسخ متعددة عثر عليها في بلاد بابل، كُتبت حوالي 1800 قبل الميلاد. تشير بداية الملحمة إلى الحياة العمرانية في بلاد سومر وبناء المدن، في فترة لم تكن فيها المَلكية قد أقيمت على الأرض وقبل أن تُنزل أسسها وشعاراتها من السماء.
سعي الملك الرابع من ملوك ما بعد الطوفان من كيش، وهو الملك إيتانا من خلال صعوده إلى السماء، لأن يرزق ابنا يرث الملك من بعده ويحمل اسمه، وهي نفسها الأمنية التي عرفها الكثيرون عبر أساطير وطننا قبل إيتانا؛ مثل قصة الملك الأوغاريتي كيريت، الذي قضى لياليه في معبد الإله وقدم القرابين النذرية للغاية نفسها. تم صعود إيتانا إلى السماء، على جناح نسر، ولم يكن ذلك بسبب قدرة خاصة من قبله، كما هو الحال بالنسبة لقدرة إدابا على كسر جناح ريح الجنوب، بل كانت نتيجة لتقواه ورضى الإله شمس عنه، وإخلاصه في سعيه والغاية التي يتوخاها.
وإيتانا هنا، لم يُبَشر بذرية "كنجوم السماء" أو "بكثرة الرمال على شاطئ"، ولكنه سعى بنفسه للحصول على "نبات الولادة" أي "العشبة المساعدة على الحَمل" ليقدمها إلى قرينته، فكان عليه أن يطلب المساعدة من الالهة عِشتار التي تسهر على خصب الحقول والأرحام والولادة، وبعد أن ارتبط بصداقة مع أحد النسور الذي قدم له معروفا الملك إيتانا (أنظر قصة عهد الصداقة بين نسر وحية: ديوان الأساطير 2: ص 491) بتوجيه من الإله شمش، يصعد إيتانا إلى السماء بقصد الوصول إلى سماء عشتار وإبلاغها أمنيته.
تبدأ عملية الصعود، ويحمل النسر إيتانا على صدره، وتبدأ البلاد تبدو أصغر فأصغر. ولدى وصولهما إلى بوابة الاله آنو والاله إيا والإله إنليل، يسجدان خشوعا، ولكن إيتانا يطلب العودة إلى الأرض، إلا أن النسر يقنعه بالمتابعة نحو سماء عشتار. وتبدأ المرحلة الثانية من الصعود إلى أن تختفي الأرض نهائيا وهنا يطلب إيتانا مرة ثانية العودة إلى الأرض وعدم المتابعة، ويشير النص إلى أنه يسقط لثلاث مرات متتالية ولكن في كل مرة كان يلتقطه ويوقف سقوطه.
يعود الملك إيتانا بعد هذه الرحلة إلى السماء إلى الأرض ومعه عشبة الولادة وشرائع أخرى إلهية، مما يدل أن الالهة عشتار قد حنت عليه وقدرت له محاولته وكشفت له عن الدواء الذي ينشده، فأنجبت له زوجته ابنا هو الذي سيليه في الحكم.

اسراء ومعراج فيراز الصالح (3):

يقال بأن زرادشت الصالح نشر في زمنٍ ما الدينَ على الأرض، الذي أوحى الإله له، ظلَّ هذا الدين محافظا على نقاءه، ولم يتعرض الناس للشك فيه لمدة ثلاثمائة سنة، وبعد غزو ألكسندر المقدوني لإيران بدأ الخصام والنزاع بين سكان إيران قديما، وشك الناس بوجود الإله لعدم وجود الملك، بعدما فر الملك الإيراني دارا الثالث، وقتل على يد أحد قواده العسكريين، وانتصر جيش ألكسندر المقدوني في سنة 331 ق.م، حيث زرع ألكسندر الضغينة والفتنة بين النبلاء وبعض حكام إيران، وصاروا يُعادون بعضهم البعض نتيجة عمله هذا.
ظهرت آنذاك في العالم المذاهب المختلفة الكاذبة والمعتقدات الغريبة والهرطقات والشك والفوضى وقال الناس بعدم وجود الإله لعدم وجود الملك الحاكم والكاهن والعارف بأمور الدين. تواصل هذا الوضع إلى أن ولد المغتبط ذو الروح الخالدة "أدورباد ابن ماراسبدا" الذي صُبَّ على صدره النحاس المصهور وفق التقليد الديني، والذي فيما بعد قاد عمليات المحاكم للكافرين والمرتدين. وساد الغموض في مسائل الدين الزرادشتي، وانتابت الشكوك الناس، فتحسرَ وحزن بعض المجوس وكهنة الدين لهذا الأمر. عندئذ دعوا إلى اجتماع في معبد نار النصر "فارنباي"، حيث قرروا الآتي بعد جدالٍ طويل:
يجب إيجاد طريقة لإرسال أحدنا إلى العالم الآخر ليجلب لنا أخبارا من عالم السماء الروحي، وليعرف الناس المعاصرين فيما إذا كانت صلواتنا، طقوس الخبز المقدس (درون)، أناشيدنا الدينية وتقاليد الاغتسال والطهارة تصل إلى الآلهة أم إلى الأبالسة وهل سيساعد الآلهة أرواحنا أم لا؟.
وبعد أن اتفق أعضاء المجمع الروحي حول هذا الأمر دعوا كل الناس إلى معبد نار "فارنباي"، اختاروا من بينهم سبع رجال الذين آمنوا أكثر من الجميع بالإله وبالدين الزرادشتي، وكانوا الأكثر إخلاصا وصدقا في أفكارهم، كلماتهم وأفعالهم. قيل لهؤلاء الرجال: اجلسوا واختاروا بأنفسكم أحد منا، يكون الأصلح لتنفيذ هذه المهمة، ويكون الأشهر بيننا بنزاهته وصدقه"، جلس هؤلاء الرجال السبعة واختاروا ثلاثة من بين سبع كهنة، ومن ثم واحدا من بين الثلاثة باسم فيراز، الذي لقب أيضا بـ"فيخ شابور".
افترقت روح فيراز عن جسده وانطلقت نحو "السمو الشرعي"، وعادت في اليوم السابع ودخلت الجسد من جديد، ونهض فيراز وكأنه استيقظ من حلم جميل بأفكار خيرة وسعادة بالغة، وفرح الكهنة وأخوات فيراز كثيرا وصرخوا: نحبك يا فيراز، يا رسولنا الزرادشتي ونبارك عودتك الميمونة من عالم الأموات إلى عالم الأحياء. (أفستا: فراز الصالح: 872).

اسراء ومعراج أخنوخ (4):

دَونَ هذا الكتاب سِفر أخنوخ شخص يهودي في مصر، في القرن الأول المسيحي، وهو ينتمي إلى فن الأدب، وهو إيحاء لأسرار السماء أي رؤيا، وإرشادات أخلاقية حول العفة والاهتمام بالفقراء، وهو وجه إخباري للمدراش حول سفر التكوين، يتضمن معلومات عن الله الخالق وديانِ آخر الأزمنة، عن الملائكة، كما يتحدث عن الظواهر الطبيعية ولا سيما الفلكية.
يحكي أخنوخ عن بداية صعوده إلى السماء، إذ يقول: كُنت في بيتي وحدي، باكياً بعيني وحزينا، كنتُ مرتاحا على سريري فرقدت، فظهر لي رجلان كبيران جدا، ما رأيت مثلهما على الأرض: كان وجهاهما كالشمس المضيئة، وعيناهما كمصابيح تشتعل، وخرجت نار من فميهما... نادياني باسمي فاستيقظت، ووقف الرجلان حقا بقربي، نهضت بسرعة وسجدت أمامهما، فتخطى وجهي بالجليد من الرعب، فقال لي الرجلان: تشجع يا أخنوخ، ولا تخف، فالرب الأزلي أرسلنا إليك، وأنت تصعد معنا إلى السماء".
يودع بعد ذلك أخنوخ أهله وأقاربه حتى يعرفوا أين يذهب ولا يخافوا عليه، فيطلب من ابنه متوشالح ألا يبتعد عن الرب ويحفظ أحكامه، وألا ينسى الذبائح والعطايا للرب، وألا يحيدوا عنه ولا يعبدوا آلهة العدم التي لم تصنع السماء ولا الأرض، حتى يحفظهم الرب من كل سوء، ويعود هو بكل خير.
تنطلق رحلة أخنوخ على أجنحة الرجلين ويحملاه إلى السماء الأولى، ويرى أسياد نظم النجوم وسيرها وتحركاتها من وقت لآخر، وترتيب السماوات، كما يرى بحرا كبيرا جدا، أكبر من بحر الأرض، وملائكة يطيرون بأجنحتهم، ويرى مستودعات الثلج والجليد والملائكة الشنيعة التي تحفظ هذه المستودعات، وخزانات السحاب التي يرتفع ويخرج، ومستودعات الندى بزيت الزيتون، والملائكة الذين يحفظون مستودعاتهم، وكان منظرهم شبيها بكل زهور الأرض.
يستمر أخنوخ في عبور السماوات الثانية، والثالثة، وصولا إلى السماء السابعة، حيث يرى في كل هذه السماوات أناسا يعذبون في الجحيم، لأنهم جحدوا الرب، ويرى مناظر جميلة للطبيعة وكل أصناف الأشجار المثمرة، وصورة الكواكب والنجوم وسيرها، وملائكة ينظمون الوصايا والتعليمات والصوت العذب في الأناشيد وفي كل مديح المجد، وهناك ملائكة على الفصول والسنوات، وملائكة على الأنهر والبحار، وملائكة على الثمار والعشب وكل ما ينمو، وملائكة جميع الشعوب، وهم أيضا ينظمون كل حياة ويكتبونها أمام وجه الرب، يهتفون وينشدون له والرب يفرح بموطئ قدميه.
تنتهي الرحلة بأن يقف أخنوخ أمام الرب، ويجردَ ملابسه الأرضية ويُمسح بالزيت الصالح ويلبس ملابس المجد، ويصبح ذو نور عظيم.

اسراء ومعراج إِرْ بن أرسينيوس (5):

يحكي أفلاطون في مجلد الجمهورية الكتاب العاشر (ص 475) على لسان كل من سقراط وكلوكون عن المكافآت التي تنتظر كل من العادل والظالم بعد الموت، ويسرد سقراط قصة البطل العادل إِرْ بن أرسينيوس البامفيلي بالولادة، وقد استغرقت هذه الرحلة ألف سنة. وينبه في بدايتها أنها ليست من تلك القصص التي تخبرنا بها الأوديسة إلى البطل أليسناوس، بل هي قصة حقيقية.
تروي القصة أن إِرْ بن أرسينيوس قد ذبح في المعركة، وعندما رُفِعت أجساد الموتى وكانت في حالة فساد، بعد عشرة أيام، وُجِد جسده غير متأثر بالفساد، وحمل إلى البيت ليدفنوه. وبينما كان ممددا على ركيزة الجنازة، عاد إلى الحياة في اليوم الثاني عشر، وأخبرهم ما رأى في العالم الآخر. قال إن روحه ذهبت في رحلة مع رفقة عظيمة عندما غادرت الجسد، وأنهم أتوا إلى مكان غامض حيث هناك فتحتان متقاربتان في الأرض، وكان فوقهما تماما فتحتان في السماء. كان هناك قضاة جالسون في الحيز الوسط، أمروا العادلين بعد إعطاء الحكم عليهم وربطوا الحكم في مقدمتهم، أمروهم ليصعدوا بالطريق إلى الأعلى خلال السماء لجهة يدهم اليمنى؛ وأمروا الظالمين أن يهبطوا بالطريق الأسفل لجهة اليد اليسرى في أسلوب مماثل. هؤلاء حملوا علامات كل أعمالهم أيضا، لكنها موثقة على ظهورهم.
اقترب إِرْ منهم وأخبروه أنه وُجِدَ ليكون المرسَل الذي سيحمل التقرير عن العالم الآخر إلى الناس، وأمروه أن يسمع ويرى كل الذي كان ليُسمَعُ ويُرى في ذلك المكان. تطلع حينئذ ورأى الأرواح مُغادرةً من جانب واحد في كل من فُتحتي السماء والأرض عندما أُعطي لهم الحكم؛ ومن الفتحتين الأخرين الأرواح الأخرى، بعضها مرتفعةً عن الأرض ممتلئة غباراً ومُنهكةً بالسَّفر، وبعضها الآخر ساقطاً من السماء صافية ومتلألئة، وتظهر واصلة دائما وكأنها أتت من رحلة طويلة في وقت آخر، وانطلقت بسرور في الأرض الخَضِرَة حيث أقامت مخيما كما لو أنها في عيد.
تحابت وتحادثت تلك التي عرف واحدها الآخر، وتساءَلت الأرواح التي أتت من الأرض بفضولية عن الأشياء التي في السماء، والأرواح التي أتت من السماء عن الأشياء التحتية، وأخبر بعضها بعضا ما حدث لها في الطريق. وكانت التي أتت من تحت باكية ومتأسفة في تذكر الأشياء التي تحمَلتها ورأتها في رحلتها تحت الأرض، بينما كانت تلك التي أتت من عَلِ واصفة المناظر والمباهج السماوية ذات الجمال الذي لا يصدق.

الاسراء والمعراج في الثقافة الهندية (6):

تمثل فكرة الصعود إلى السماء والعروج حلماً راود الإنسان من بدايات وعيه. ويظهر الكثير من النصوص القديمة تجذر هذه الرغبة في وعي الإنسان. وأقدم كتاب في العالم "الريك فيدا" يشهد على عمق هذا الحلم وأصالته. وقد جاء فيه: يستطيع الإنسان، إذا أراد، ويستطيع حتى أن يرتفع إلى عوالم شموس الحقيقة الريتا Rita وتخطي عتبة الكائن الأسمى بعد فتح الأبواب الإلهية. وهذا الصعود أو المعراج ممكن، لأن كل كائن واعٍ، يحتوي بذاته حقا كل ما تدركه رؤياه الخارجية كأشياء، خارجة عنه.
وإذا كان ريك فيدا يتحدث معراج روحي، إذا صح التعبير، فثمة نصوص قديمة أخرى تتحدث عن صعود حسي، مثل قصة صعود إيتانا. تنضاف ملحمة المهابهارتا إلى جانب الريك فيدا، وما يهم من المهابهاراتا هي الفصول الأخيرة منها المعروفة بفصول الصعود أو اختبار يوديشترا الأخير أو الخديعة الأخيرة. وتروي هذه الفصول قصة صعود الملك يوديشترا أحد أبطال الملحمة بجسده إلى السماء، وذلك بمركبة سماوية للإله إندرا. وفي هذه الفصول وصف للجنة وأشجارها وأنهارها وسائر ما شاهده يوديشترا، وكذلك وصف آخر للجحيم. ما يذكر بصعود النبي إيليا (إلياس) إلى السماء بجسده في مركبة نارية، ولعل هذه القصة الأخيرة قد أخذت عن الأولى.
يصعد يوديشترا إلى السماء بجسمه، وهذا ما يقوله له الإله إندرا منذ أن دعاه لكي يركب معه في عربته ويقول له: أما أنت فقدرك أن تدخل الجنة بجسمك، فهيا. وعند لقاء يوديشترا بحكيم السماء زارادا يقول له هذا الأخير: مجدك يا يوديشترا يفوق مجد الحكماء العظام. فحق لك، لصلاحك، أن تفوز بالصعود إلى السماء بجسده؛ وهكذا استحق يودشترا لفضائله، أن يصعد إلى السماء جسدا وروحا.
ويروي النص كيفية هذا الصعود فيقول: وهكذا انطلقت العربة حاملة يوديشترا والإله دارما والإله إندرا يحيطون بهم العارفون الـ"ريشي" وصعدت بهم إلى السموات العُلى. وشع الكون بوهج النور من هالاتهم المتألقة كالشمس. وفي صعوده إلى السماء يرى يوديشترا الجنة والجحيم ويصفه بما يتطابق والكتابات اليهودية والمسيحية والإسلامية وعدد طبقات الجحيم فيها سبعة، بعدد أبواب الجحيم في الإسلام، وتزداد في كل طبقة العذابات وقسوتها.
كما يوجد في الآداب الفيدية كذلك كتاب آخر يروي حكاية للصعود، وهو إندرا لوكاكمتم، أي السياحة إلى عالم إندرا. وهو يروي صعود أرجونا (شقيق الملك يوديشترا وتلميذ كريشنا)، إلى السماء ومشاهدته القصور والجنائن والأنهار والأشجار السماوية.

الاسراء والمعراج في الثقافة المصرية القديمة (7):

يمثل كتاب الموتى أو بردية "آني" أهم مصدر نتعرف فيه على قصة الاسراء والمعراج في الثقافة المصرية القديمة، والذي كتب بالخط الهيروغليفي وهو يعود إلى ما بين 1554 ق.م و525 ق.م والمحتوى الأساسي للنصوص هو رحلة الملك إلى العالم الآخر وصعوده إليه، وقد استخدم السلم للصعود؛ وفي هذه النصوص وصف لعالَم الموتى ورحيل روح الميت إلى هذا العالم والدينونة والميزان وأبواب العالم السفلى السبعة.
تجمع متون الأهرام بين السلم وما يشبه البُراق "الثور المجنح"، يستخدم الأول للصعود إلى السماء والثاني لعبور البحيرات، للسلم حارسه، سيده أو إلهه الذي يمنع أيا كان من استخدامه والصعود عليه، والسلم كوسيلة للصعود إلى السماء، أمر تخيله الإنسان منذ أزمنة بعيدة، ونجده في كل الأزمنة والعصور وجميع الحضارات. وتصورت بعض الثقافات أيضا أن الموتى يصعدون، عند وفاتهم، إلى السماء به.
تتحدث هذه المتون عن حقول أوزيريس (الجنة) وعن الجحيم نجد شبه لها في القرآن وفي روايات المعراج المشابهة، ومع أنه من الصعب الجزم إذا ما كان المصريون القدماء يعتقدون بوجود جهنم كمثوى أبدي للعصاة والكفار، ولكن الرسومات التي نجدها في المقابر والأهرام تصف وتصور أنواعا من العقوبات ذكرها الإسلام وسائر الأديان التوحيدية.
نجد في المقابر صورا لمجرمين موثقي الأيدي والأعناق، كمقبرتي رمسيس السادس ورمسيس التاسع في وادي الملوك بالأقصر، ومَن يقوم بوثاق هؤلاء فملائكة الجحيم، نرى الزبانية الإناث يقيدن المجرمين، أربعة من هؤلاء جاثين، والخامس واقف ليتم ربط أغلاله. ونرى كيف يقيد أربعة أشخاص الشيطان نفسه وهو متخذ شكل ثعبان ويعملون على تكبيله، ونرى يداً مجهولة تساعدهم. ويسوق الزبانية الكفار إلى مصيرهم المحتوم، فينقبلون رأسا على عقب، وهو مشهد يتكرر.
في يوم الدينونة هذا، تفضح جوارح الإنسان يوم القيامة المؤمن وتشهد عليه، حيث يتوسل المتوفى فيه إلى قلبه كي لا يشهد ضده، ولا يجعله يناقض أقواله يوم الحساب أمام أوزير إله الموت والآلهة الاثنين والأربعين الذين معه. وهو الأمر الذي انتقل إلى المصادر اليهودية والنصرانية والإسلامية، والتي تصل إلى حد التطابق التام.
كما يربط كتاب أمدوات (العالم الآخر) بين نار جهنم وبين لفظة "سقر" المصرية، وهي تسمية لإله مصري هو إله الموتى، وقد عُبد في مناطق عديدة، ورمزه هو الصقر، تُصور الساعة الخامسة من هذا الكتاب بحرا من النار الحراقة والتي لا تستطيع حتى الالهة الاقتراب منه.

اسراء ومعراج عزرا (8):

لعب عزرا الكاهن دورا كبيرا في السردية اليهودية وفي تنظيم الشريعة وتطبيقها، وهو المذكور في القرآن باسم عزرا، وقد نسب إليه الكثير من الكتب المنحولة. يعود هذا السِفر "سِفر عزرا" وهو نص يوناني يعود إلى النصف الثاني من القرن الرابع، ويرجح العلماء أنه كتب في سوريا وفلسطين، وأن الكاتب مسيحي. وتروي هذه الرؤيا انخطاف عزرا إلى السموات، ولقائه مخائيل ورفائيل رئيسي الملائكة، ورؤيا الدينونة الأخيرة. وكذلك نزوله إلى الجحيم، ورؤيا المعذبين فيه وعذاباتهم.
أما كتاب خبر عزرا، فنص يوناني كتب ما بين القرنين الرابع والسابع ميلادي. ويروي زيارة عزرا للجحيم ويصف عقابات الخطأة، ولا سيما الزناة والدود وأنهار النار. كما يروي صعود عزرا، بعد زيارة الجحيم، إلى السماء ولقائه الله والمساومة التي يجريها معه، وتشفعه للمؤمنين الخطاة. وفيما يخص الكتب المنحولة اليهودية، فالجدير ذكره أن اليهود الذين كتبوها منذ عصر المكابيين ق.م وحتى زمن الصليبيين، كان من عادتهم أن يُدخلوا في كتاباتهم مقاطع كاملة من النصوص السابقة، ومن كتابات الحضارات المجاورة لهم، لا سيما بلاد ما بين النهرين.
ومن الكتب التي يكثر تكرارها في المنحولات كتابي أخنوخ الأول والثاني، إذ كان يُستخدمان، بشكل دائم، في الكتابات التي تلتهما. وأبرز المنحولات المسيحية لهذه المرويات نجد: (1) "إنجيل نيقوديموس"، وهو يروي نزول المسيح إلى الجحيم، حيث فتح أبواب الموت وأعاد آدم والأبرار إلى الجنة حيث كان ينتظرهم أخنوخ وإيليا. (2) "صعود إشعيا"، وهو يروي رؤية إشعيا وصعوده إلى السماء، وزيارته السموات السبع ورؤية الملائكة ولقاء الأنبياء كأخنوخ، ورؤيا الله. (3) "رؤيا بطرس" وهو يربط العقاب بالجريمة أو الخطيئة التي اقترفها المجرم، وهو الأمر الشائع في وصف روايات المعراج لعذابات الجحيم. ومبدأ العقاب من نوع الجريمة نصَ عليه مبدأ تاليون Talion في القانون الروماني. وقد عرفت رؤيا بطرس انتشارا واسعا خلال قرن من زمن وضعها، لا سيما في المشرق المسيحي، واعتبرتها بعض الكنائس جزءا من الكتاب المقدس. (4) "رؤيا بولس" وقد قورن هذا النص باسراء ومعراج أرتا فيراز الصالح ووجد بينهما أوجه شبه عديدة.
تنتمي جل هذه المرويات إلى آداب الرؤيا، وهي معرفة لأمور مخفية وأسرار ليست في متناول الناس كافة، وهذه المعرفة تُعطى لرجل اختاره الله، يتناول سر السموات والملائكة وميزاتها وأوصافها. وكذلك يصف أرواح الشر وأماكن إقامة الأبرار والفجار، ومقاصد الله بشأن مصير الإنسانية ونهاية العالم...الخ.


اسراء ومعراج باروك (9):

باروخ اسم عبراني معناه "مبارك"، وبالقبطية "مكاري" makari، وهو تلميذ إرميا النبي ورفيقة في الجهاد فقد كان كاتبا محبا ومخلصا له (ار 12:32) حيث سلمه صك الحقل الذي اشتراه، كما استدعاه فكتب كلام الله (ار 36) الذي تنبأ به إرميا في درج وقرأه على مسامع الشعب في بيت الرب ثم قرأه بعد ذلك في أذان رؤساء اليهود فاضطربوا اضطرابًا عظيمًا، وأشار بعضهم على باروخ أن يذهب ويختبئ هو وارميا من وجه الملك يهوياقيم لأن هذا الملك احتدم غيظا ومزق السفر وألقاه في النار عند استماعه جزءًا صغيرًا منه. ثم أوحي بعد ذلك إلى إرميا أن يكتب السفر ثانية فاحضر صديقه باروخ وأملى عليه ما كان مكتوبًا في السفر السابق وبعض الزيادة أيضًا (أر 32: 12، 36: 4).
دونت رؤيا باروك بالسريانية وبعدها باليونانية في القرن الثاني بعد الميلاد، وهي تصور سَفَر باروك عبر السموات، بقيادة ملاك. واكتشافه للكون وأسرار الله. ورؤيته للجحيم والتنين الذي يبتلع أجسام الهالكين. ورؤيا إبراهيم: كتبت بالعبرية في نهاية القرن الأول الميلادي ولكنها لم تصلنا إلا في نص سلافي قديم وروماني (لغة رومانية). وهي تروي قصة صعود إبراهيم إلى السماء ورؤيته العرش والملائكة والسموات السبع واللوح والجحيم وعذاباته.
يبدو من هذا السفر أن باروخ سافر إلى بابل حاملًا رسالة من النبي إرميا تنبئ بما كان مزمعًا أن يحل بتلك المدينة العظيمة من القصاص الإلهي والعقوبة. وما لبث أن رجع إرميا إلى أورشليم حتى وقع الحصار على المدينة وسجنا كلاهما. فلما فتحت المدينة أُخرجا من السجن، وكان باروخ وأرميا من جملة من أخذوا إلى مصر. كما يصف السفر الله بأنه حاكم على شعبه ومصدرا للعدل والسلطان، وإنه يثبت دائمًا محبته ورحمته ويعلم صريحًا أن الآلام هي تأديب لسبب الخطية.
يبدأ هذا السفر بمقدمة تاريخية يعلن فيها الكاتب وتاريخ الكتابة، وهو يقع في جزأين، وكل جزء ينقسم إلى قسمين، وكتب الأول نثرًا وهو يشمل مقدمة واعترافًا عامًا. أما الجزء الثاني فهو بأسلوب القصيدة العبرية المنظومة فيشمل عظة عن الحكمة وسبع قصائد في التعزية. كما أطال السِفر الحديث عن بطلان العبادة الوثنية وما تنطوي عليه من جهالة مؤكدا بعظة يدلل فيها بشتى الأدلة على أن هذه الأوثان لن تنفع عبادها شيئًا في شئون الحياة، وبشهادتها بنفسها تكشف عجزها عن العمل لحساب نفسها أو عابديها.

الاسراء والمعراج في شِعر ما قبل الإسلام (10):

نجد في روايات المعراج العديد من العناصر التي تعود إلى أخبار وأساطير جاهلية كانت منتشرة في جزيرة العرب ما قبل الإسلام. مثل السلم الذي يُصعد به إلى السماء. وقد ذكره عدد من شعراء ما قبل الإسلام، وأبرزهم زهير بن أبي سلمى. يستوقفنا عند هذا الشاعر حلم صعود أو معراج رواه لأبنائه قبل موته. وجاء في كتاب الأغاني للأصفهاني عنه: "ومما يُروى من خبره أن زهيراً كان نظاراً متوقياً، وأنه رأى في منامه آتيا أتاه، فحمله إلى السماء حتى كان يمسها بيده. ثم تركه فهوى إلى الأرض، فلما احتُضر قص رؤياه على ولده، وقال: إني لا أشك أنه كائن من خبر السماء بعدي شيء، فإن كان فتمسكوا به وسارعوا إليه". (كتاب الأغاني: 61).
وقد عرفت مرويات ما قبل الإسلام الخيل ذوات الأجنحة، والخنازير المجنحة، ورؤية العرش والله، كما مع ابن الصياد، وذلك بتأثير يهود يثرب. والعرش نفسه نجد له وصفا في أشعار أمية بن أبي الصلت (ت 5 هـ). وديوان هذا الشاعر الجاهلي المخضرم ظاهرة بحد ذاتها. ومصدر نهلت منه، على ما يبدو، روايات المعراج، لا سيما بشأن وصف السموات والجحيم، والحور في الجنة وغير ذلك. والتشابه الذي نراه بين الكثير من أبيات هذا الشاعر السابق للإسلام وآيات القرآن أمر يستدعي البحث المعمق في سيرته وشعره وصلته بالرسول، صلعم. وكان من الأحناف، ويتطلع إلى النبوة ويتمناها. ويذكر الرواة أنه كان يرتاد الأديرة والكنائس ويحاور الرهبان. ويبدو أنه أخذ عنهم كثيرا من أخبار الأنبياء ومناهج التصوف. يقول عنه أبو الفرج الأصفهاني (ت 356 هـ) في كتاب الأغاني: كان قد نظر في الكتب، وقرأها، ولبس المسوح تعبدا".
ويروى عن أمية بن أبي الصلت حادثة شق صدره التي ذكرت عن النبي محمد أيضا. ويذهب بعض الباحثين إلى حد القول إن شعره أحد مصادر القرآن. فيجيبهم آخرون أن هذا الشعر نحل إليه بعد الإسلام. ويرد الدكتور عبد الحفيظ السلطي جامع ديوانه بالقول: فشهرة أمية بن أبي الصلت لا تقوم في الأصل إلا على شِعره الديني بالذات. ولا يمكن أن يضيع كل ما له من شِعر ديني أصلا، ثم يوضع له كل ما نجده الآن من شعر ديني، وإذا بلغنا من شعره ما فيه هجاء وتعريض بالمسلمين والرسول، فمن باب أولى أن يبلغنا شيء من شعره الديني الموثق".

اسراء ومعراج مماليك ابن بداونس (11):

ترتبط فكرة الاسراء والمعراج في التصور الديني غالبا بالكهنة والأنبياء أو الرسل أو أو الأولياء أو الصالحين... لكن عندما تستحضر في أساطير الشعوب ومروياتها وسردياتها فإنا نجد لها تجسيدا في الملك أو الامبراطور، فهو من يقوم بذلك. يروي المسعودي عن مصر أنه كان بها ملك اسمه بداونس، وكان قد عهد إلى ابن بعده اسمه مماليك الملك، وكان ابنه أديبا عاقلا كريما حسن الوجه مجربا مخالفا لأبيه في عبادة الكواكب والبقر، ويقال إنه موحد على دين قبطيم ومصرايم، فكانت القبط تذمه بذلك.
وكان سببه فيما ذكر أنه رأى رؤيا فيما يراه النائم، كأنه أتاه رجلان لهما أجنحة فاختطفاه واحتملاه إلى الفلك، وأوقفاه حذاء شيخ أسود أبيض الرأس واللحية، فقال له هل تعرفني؟ فدخلته منه روعة لحداثته، وكان سنه نيفا وثلاثين سنة، فقال له: ما أعرفك، فقال له أنا بشر، يعني رجلاً، فقال قد عرفتك، قال أنت إلاهي، فقال إنك وإن كنت تدعوني إلها فإني مربوب ملك، وإلهي وإلهك الذي خلق السموات والأرض وخلقني وخلقك، قال: أين هو؟ قال: في العلو الأعلى، تعالى لا تلحقه الظنون ولا تراه العيون، ولا يشبهه شيء، وهو الذي جعلنا سببا لإقامة العالم الأسفل وتدبيره، قال كيف نعمل إذا؟ قال: تضمر في نفسك ربوبيته وتخلص وحدانيته وتعترف بأزليته، ثم أمر الرجلين فأنزلاه إلى موضعه، فاستيقظ مذعورا وهو على فراشه (أخبار الزمان:217).
كما تحكي أشهر الأساطير الإيرانية القديمة عن بدايات الشعب الآري فى إيران القديمة وهي أقرب ما تكون إلى سفر تكوين إيراني موازي لسفر التكوين التوراتي اليهودي، تقول الأسطورة إن الملك "طمهورث" هو أول من "قام بركوب الشيطان وطار به إلى السماء"، وهذا أول ذكر لمِعراج فارسي كان على ظهر الشيطان!، وهو من قام بتعمير بلاد فارس من جديد، وجعل الكلاب تقوم بحراسة الغنم والمواشي وأول من استخدم الطيور الجارحة للصّيد ....
وقد جاء بعده الملك "جَمشيد" الذي قام بصناعة عجلة وفرشها بالديباج وطار بها في السماء، وهو ثاني مِعراج لكن هذه المرة باستخدام عربة سماوية، و سمي ذلك يوم (أورمزد)، وهو أول أيام الربيع الذي اتّخذه الفرس عيدهم الأعظم و أسموه ب"عيد النيروز"، وهو في نظرهم أول من غزل القز والكتّان والقطن وصنع الخوذة العسكرية ورتّب طبقات الناس وقسّم أعمالهم أي "التّخصص" وألزمهم العمل باختصاصاتهم. (طيون ومايكلز: الإيرانيون الأوائل).



#وديع_بكيطة (هاشتاغ)       Bekkita_Ouadie#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوحنا النقيوسي
- المدينة/الدولة: من أجل مشروع مدينة مغاربي؟
- معذرة كولومبوس
- زواج الأقارب
- تعاويذ البحارة
- الاسراء والمعراج في شِعر ما قبل الاسلام
- اسراء ومعراج باروك
- اسراء ومعراج عزرا
- الاسراء والمعراج في الثقافة المصرية القديمة
- الاسراء والمعراج في الثقافة الهندية
- الاسراء والمعراج في الثقافة البشرية
- الإلهة أويا
- الإلهة بريجيد
- شِعر اللانداي (2)
- شِعر اللانداي (1)
- دين عَشتار
- اسراء ومعراج إِرْ بن أرسينيوس (5)
- اسراء ومعراج أخنوخ (4)
- اسراء ومعراج فيراز الصالح (3)
- اسراء ومعراج إيتانا إلى السماء (2)


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وديع بكيطة - الاسراء والمعراج في ثقافات العالم القديم