أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - وديع بكيطة - المدينة/الدولة: من أجل مشروع مدينة مغاربي؟














المزيد.....

المدينة/الدولة: من أجل مشروع مدينة مغاربي؟


وديع بكيطة
كاتب وباحث

(Bekkita Ouadie)


الحوار المتمدن-العدد: 7068 - 2021 / 11 / 5 - 23:11
المحور: المجتمع المدني
    


توازت عبر تاريخ الفكر الإنساني فكرة إنشاء المدينة مع فكرة استقرار المجتمع البشري، وقد ولد هذا الاستقرار أنماط مختلفة من العمران اختلفت بحسب اختلاف الجهات والأزمنة؛ تمدنا المرحلة الأسطورية ببعض ما يكفي لنتعرف على كيفية إنشاء هذه المدن ودورها الوظيفي القائم أساسا على الحماية، وهي بقدر ما تبين هذا الطابع، فإنها تعبر أساسا عن نسق التفكير السائد آنذاك، الذي ارتبط بمرحلة الإيقونية السحرية، حيث تقوم التراويق والرسومات والطلسمات والزخارف... والأشكال سواء الخارجية أو الداخلية بدور الراقي من الشر المحيط، الذي يتجلى في عوامل طبيعية كالأوبئة أو الزلازل أو البراكين... والتي عبر عنها التفكير البدئي السحري بالآلهة وأنصاف الآلهة.
تقدم ملحمة "كلكامش" السومرية أقدم مثال عن المدينة، يتجلى في مدينة "أروك" التي حكمها الملك كلكامش، وهي تفصح باعتبارها بنية لغوية ملحمية عن الطابع المكون لها، فهي تتألف من ملك هو على رأس الأسرة الحاكمة وطبقة كهنوتية وجنود وحرفيين بمختلف المهن من عامة الناس، فكما يتخذ البناء الهندسي للعمارة السومرية شكل المثلث في "الزاقورة"، فإننا نجده يتوازى وهذا الشكل على مستوى الهندسة الفكرية.
ظل هذا الشكل يحكم لما بعد سومر "العراق" في كل المناطق الحضارية العتيقة إلى أن استوطن اليونان وغير بعض خصائصه لتتناسب مع هذه المرحلة الهيلينية، وقد شكلت كتابات الفلاسفة ومنهم أفلاطون وأرسطو أساس هذا التغيير في الخصائص، يُعد كتاب "الجمهورية" والكتاب الشارح له "النواميس/أي القوانين" أهم تنظير فلسفي لما يجب أن تكون عليه المدينة/الدولة لتأتي بعده الشروحات والتأويلات، التي قامت بعملية الترهين والتبيئة بحسب كل زمن، وتؤسس لمفهوم الفضاء العام الذي يشكل فضاء للجدل والحوار والتوازن بين هذه الطبقات المكونة للمجتمع.
يشهد زمننا المعاصر سيادة نمطين للمدينة؛ الأول نمط على الطريقة الرومانية وسلفها اليوناني، ويتجلى في العالَم الأمريكي بدوله وولاياته... وهو نمط يقوم على فكرة التوازن بين من يحكم والطبقة المتوسطة، حيث الفضاء العام هو مجال لكل التجاذبات والتوترات والتحويلات والتغييرات... إذ تعبر هندسة الأبراج السامقة عن الهندسة الذهنية للمجتمع الأمريكي، فما هو فوق قد يصير تحت والعكس صحيح، حيث تسمح هذه الهندسة بتبادل هائل للخبرات والمعارف والمواقع. الثاني هو نمط تقليداني مشرقي يقوم على أساس التماثل بين البنية الدينية والسياسية والإديولوجية، التي هي أصلا سواء... فكما يوجد الله/الصانع في قلب الإنسان يوجد قصر حاكم وسط المدينة ويوجد الجامع الأعظم أيضا، ولا مجال إلا للرأي الواحد، يقوم الفضاء العام فقط هنا بالتنفيس عن المحكوم، لأن النسق الذهني وحتى الهندسي المعماري فيه له شكل دائرة فإما أن تكون في المركز أو تكون خارجه.
إن أفق ما يسمى بسؤال المدينة/الدولة؟ بشمال إفريقيا وحتى غرب أسيا رهين بإعادة بناء الجغرافية الذهنية لهذه المجتمعات وبناء هندسة معمارية تُراعي إنسانية الإنسانية وليس عبوديته، إن مدننا المغاربية تتناسب وبحق مع جهلنا المركب، لأن البناء الذهني هو نفسه البناء العمراني.

نشر هذا المقال بجريدة الاسبوع المغاربي العدد (82) يوم 02/11/2021.



#وديع_بكيطة (هاشتاغ)       Bekkita_Ouadie#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معذرة كولومبوس
- زواج الأقارب
- تعاويذ البحارة
- الاسراء والمعراج في شِعر ما قبل الاسلام
- اسراء ومعراج باروك
- اسراء ومعراج عزرا
- الاسراء والمعراج في الثقافة المصرية القديمة
- الاسراء والمعراج في الثقافة الهندية
- الاسراء والمعراج في الثقافة البشرية
- الإلهة أويا
- الإلهة بريجيد
- شِعر اللانداي (2)
- شِعر اللانداي (1)
- دين عَشتار
- اسراء ومعراج إِرْ بن أرسينيوس (5)
- اسراء ومعراج أخنوخ (4)
- اسراء ومعراج فيراز الصالح (3)
- اسراء ومعراج إيتانا إلى السماء (2)
- اسراء ومعراج إدابا إلى السماء (1)
- العِرق وَهْم


المزيد.....




- نادي الأسير: اعتقال 25 فلسطينيا في الضفة بينهم أسرى سابقون
- السعودية تدين اعتداء مستوطنين إسرائيليين على مقر الأونروا في ...
- التصويت على عضوية كاملة لفلسطين بالأمم المتحدة غدا
- كنعاني: من المعيب ممارسة التهديد والضغط ضد المحكمة الجنائية ...
- هيومن رايتس تتهم الدعم السريع بارتكاب -تطهير عرقي- في غرب دا ...
- 80 منظمة حقوقية تدعو للإفراج عن الناشط المصري محمد عادل
- السودان: هيومن رايتس تتهم قوات الدعم السريع بارتكاب -إبادة- ...
- الأمم المتحدة: 360 ألف مبنى في غزة تعرض لأضرار
- منظمة الصحة العالمية تدعو أطراف الصراع في السودان إلى ضمان ت ...
- الأونروا: الاحتلال هجرّ نحو 80 ألف فلسطيني من رفح قسريا في 3 ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - وديع بكيطة - المدينة/الدولة: من أجل مشروع مدينة مغاربي؟