أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - بيسان عدوان - تغيير المفاهيم مقابل الحقوق















المزيد.....


تغيير المفاهيم مقابل الحقوق


بيسان عدوان

الحوار المتمدن-العدد: 1653 - 2006 / 8 / 25 - 11:24
المحور: القضية الفلسطينية
    


أصبح يوم 14 آب/ أغسطس حدا فاصلا لما سبقه وما لحقه في لبنان وفلسطين بل المنطقة، كما كان 11 سبتمبر حدا فاصلا لما سبق وما لحق في العالم ومازال تأثيره حتي يومنا هذا، وتحول كل من 25 يونية تاريخ أسر الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليت في غزة، و 12 يوليو أسر الجنديين الاسرائيليين من قبل حزب الله علامتان فارقتان في تاريخ يكون فيهما ما سبق مختلفا تماما عما لحقهما، خاصة عند الفلسطينيين في الاراضي المحتلة وما يؤثر علي العلاقات الاسرائيلية – الفلسطينية.
منذ أن بدأ العدوان الاسرائيلي علي لبنان تبين للفلسطينيين في الرئاسة والحكومة، والفصائل كما في الشارع الفلسطيني، إن انتصار حزب الله أو هزيمته سيحدد ملامح مرحلة ما بعد شاليت، ففي خلال الفترة التي أعقبت خطفه في غزة، درس الفلسطينيين خياراتهم وتوصلوا إلي اتفاق داخلي يقضي بابرام صفقة مع اسرائيل عملت اطراف اقليمية منها مصر علي انضاجها والسعي لانجاحها، وعليه فقد تم الاتفاق بين الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء اسماعيل هنية وحركة حماس وبقية الفصائل الفلسطينيية علي إرجاء تشكيل حكومة الوحدة الواردة في وثيقة الوفاق الوطني ( وثيقة الاسري) التي تم التوقيع عليها في عجل في اعقاب خطف الجندي الاسرائيلي إلي ما بعد انتهاء تلك القضية، وفي ظل الخلاف المتواصل بين سلطتي الرئاسة والحكومة في فلسطين، وسعي كل طرف منهما لتحقيق نتائج ملموسة بخصوص تلك القضية في مواجهة الاخر، ورغم رفض الرئيس الفلسطيني دعوات اعتبار الحكومة غير دستورية واقالتها بعدما اعتقلت اسرائيل ثمانية وزراء منها ( ثلثي أعضائها)، معتبرا ذلك شكلا من أشكال الانتهازية السياسية، وظلت الاطراف الفلسطينية المختلفة ملتفة حول مطالب معينة وهي ضرورة اطلاق شاليت في اطار صفقة شاملة تشمل وقف اطلاق الصواريخ من الفصائل الفلسطينية من قطاع غزة والعودة لحالة التهدئة التي سادت طيلة عام، في مقابل توقف اسرائيل عن سياسة الاغتيالات والاعتقالات والعدوان.

ما بين 12 تموز حتي 14 آب:
بعد أسر الجنديين الاسرائيليين في جنوب لبنان، وبدء دوران عجلة العدوان الاسرائيلي الشامل علي لبنان، كان المشهد الفلسطيني يسوده الارتباك، فعادوا ليدرسوا خيارات جديدة في ضوء التغييرات علي الجانب اللبناني، وتعززت قناعات البعض حول التمسك بمعايير وشروط المقاومة الفلسطينية الخاصة بتبادل الاسري مع الجندي، وتخلخلت قناعت أخري لدي الرئاسة والحكومة، ودار الحديث عن صفقة تم تداولها بين الفلسطينيين ومصر وإسرائيل وأطراف إقليمية ودولية أخري، بدأت بلقاء سري بين أبو مازن ويوفال ديسكن رئيس جهاز الأمن العام الشاباك لإطلاق صراح الجندي الإسرائيلي أولا مقابل إطلاق صراح أسري فلسطينيين، وقد أعلنت إسرائيل علي اللقاء السري بينه وبين رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) يوفال ديسكن في عمّان، والذي تم بطلب من الملك عبد الله الثاني ( هآرتس 15 يوليو)، حيث أعلم ديسكن أبو مازن بطلب إسرائيل الرامي لإطلاق سراح الجندي مقابل أسرى فلسطينيين بواسطة مفاوضات مع أبي مازن وليس مع حماس. وانطلق أبو مازن بدعم وتأييد من القاهرة لإتمام "صفقة التبادل" التي تمت الاشارة إليها في المؤتمر الصحفي للرئيس عباس في القاهرة في 29 يوليو الماضي، والذي ادّعى فيه السعي لإطلاق سراح الجندي الأسير شاليت أولاً مقابل الإفراج عن بضع مئات من الأسرى الفلسطينيين في وقت لاحق، وأشارت تصريحات فلسطينية تالية إلي أن عدد الاسري المزمع الافراج عنهم 700 اسير فلسطييني في هذه" الصفقة"، إلا أن يوفال ديسكن قد نفي وجود أية صفقات مع الفلسطينيين بخصوص ذلك.
وبالرغم من اشتداد الصراع علي الجبهة اللبنانية والفلسطينية، استطاعت حماس أن تؤام خطابها عن إسرائيل بما لا يؤثر في شعبيتها من جهة، ولا يفقدها خطها السياسي في العلاقة مع إسرائيل مستقبلا، واستمرت قيادات حماس في الخارج بالتمسك بخطاب ثابت استراتيجيا ومتشدد تجاه إسرائيل، فيما اتسمت خطابات حماس بالداخل بتكتيكات متغيرة وفقا لما ترتضيه الحالة، أما مواقفها العملية فاتسمت بالبراجماتية، فرغم تصريحات خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في دمشق بدعمه حزب الله في مواجهة إسرائيل مهددا " اذا ضربت إسرائيل بيروت فان حماس سترد بقوة وستساند المقاومة الاسلامية في لبنان لصد ذلك العدوان"، تزامن ذلك مع مبادرة سياسية لرئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية في غزة، دعت إلي " الوقف الفوري للنار بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، والعمل علي حل قضية الجندي الاسرائيلي بالطرق الديبلوماسية والسياسية"، خاصة بعد سعي الرئاسة الفلسطينية لعقد صفقة تبادل مع إسرائيل، وذلك في إطار الصراع القائم بين سلطة الرئاسة وسلطة الحكومة في غزة.
لم تبتعد مبادرة رئيس الوزراء اسماعيل هنية عن صفقة تبادل الاسري التي تزامنت معها، حيث طرح مبادرته من خمس نقاط لوقف التصعيد الحالي في قطاع غزة متضمنا بشكل اساسي العودة الى التهدئة بين الاسرائيليين والفلسطينيين والافراج عن المسؤولين الفلسطينيين المعتقلين من حركة حماس والدخول في مفاوضات لحل ازمة الجندي الاسرائيلي الاسير، وتفصيلا فقد دعا إلي " عودة الجميع الى مربع التهدئة على اساس الوقف المتبادل لكافة العمليات العسكرية" والى "انهاء اسرائيل لعملياتها العسكرية خاصة الاجتياحات والاغتيالات والاعتقالات وسحب قواتها خارج قطاع غزة"، وايضا الى "الافراج عن جميع وزراء الحكومة الفلسطينية ونواب المجلس التشريعي- علي الرغم انه في تصربح سابق مع بدء ازمة اعتقال الوزراء قد شدد علي اطلاق سراح الاسري- كما دعي الى البدء برفع اجراءات الحصار المفروض على شعبنا الفلسطيني بما يشمل فتح المعابر امام المسافرين و حركة التجارة"، وفي النقطة الخامسة دعا هنية الى "استئناف المفاوضات بخصوص الجندي الاسرائيلي الاسير والتوصل الى حل مناسب"، دون ذكر اي الحلول المناسبة التي ترتضيها حكومة حماس بخصوص هذا الشأن، ودون تحديد المعايير التي سيتم علي أساسها التفاوض في تلك الصفقة أو المبادرة، متجاهلا بذلك الشروط والمعايير التي وضعتها المقاومة التي قامت بخطف الجندي لابرام صفقة لاطلاقه، التي كانت من بينها اطلاق سراح 12 أمينا عاما وقياديا فلسطينيا، اضافة لاطلاق سراح الاطفال الاسري البالغ عددهم 259 بجانب 212 طفل اثناء الاجتياح الاسرائيلي لغزة والضفة علي اثر خطف الجندي، واطلاق سراح النساء الاسيرات البالغ عددهم 105، والمرضي، و 20 اسير ممن امضوا أكثر من 20 عاما في سجون الاحتلال من اصل 64 أسير، والتشديد علي مسألة التبادلية والتزامن في تنفيذ الصفقة.
تعد المبادرة التي طرحتها حكومة حماس التفافا علي صفقة أبو مازن التي تلقي تأييد دولي وإقليمي، وكانت للتأكيد علي قدرة الحكومة للتفاوض مع إسرائيل، وإذا نجحت الصفقة لا تكون الحكومة مجبرة للرضوخ لمواصفاتها، مما يعرضها كحركة وحكومة للاتهام بالفشل وسوء إدارة الأزمة الراهنة، وعدم القدرة على استثمار العملية برمتها، فكان عليها الاسراع بطرح مبادرتها والتي تقترب في المضمون من الصفقة لتلاقي الدعم الدولي والاقليمي والاسرائيلي، وفي الوقت ذاته يكون الافراج عن الوزراء والنواب منطلق من مبدأ حسن النية الذي يعكس جدية الاتفاق، وعليه فقد خرج علينا محمد نزال عضو المكتب السياسي لحركة حماس من قيادة الخارج المتشددة في أوائل آب/ أغسطس، لإضفاء المصداقية علي المبادرة، وكونها تحظي بدعم كل الحركة داخليا وخارجيا قائلا" إن اسرائيل وافقت علي مبدأ التبادل في عملية اطلاق سراح الاسير الاسرائيلي وان الخلاف بقي علي التفاصيل"، مشددا علي " أن ما حددته فصائل المقاومة التي قامت بعملية اسري الجندي لم تتغير من حيث المبدأ"، وماهي الا ساعات حتي ردت اسرائيل باعتقال رئيس المجلس التشريعي عبد العزيز دويك، وبعدها بساعات تم ارسال طرد ملغوم إلي مجلس الوزراء في رام الله مستهدفا نائب رئيس الوزراء نفسه.
وبغض النظر عن تصريحات أبو مازن والمسئولين الفلسطينيين والدعم العربي لهذه الصفقة، ونفي رئيس الشاباك لوجودها، أو مبادرة هنية، فالمشكلة في المبادرة الحمساوية والصفقة الفتحاوية إن صحتا تكمن في عدم تزامن المبادلة، فإعادة الأسير الإسرائيلي قبل الإفراج عن الأسري الفلسطينيين -أيا كان عددهم- يعد من الناحية التكتيكية إنجاز لإسرائيل، فمساءلة عدم تزامن المبادلة تحمل رسائل للفلسطينيين مفادها، أن هذا الشكل من التبادل يعني أن إسرائيل لم تخضع لمطالب الطرف الفلسطيني من ناحية، مما يعني نزع شرعية المقاومة ومطالبها، وحصر خطف الجندي الإسرائيلي في غزة بكونه "عمل إرهابي" - كما أدعت إسرائيل سابقا- كما أنها بتلك الصفقة غير الرسمية مع أبو مازن بوصفه يعد نفي شرعية الحكومة الفلسطينية، وأنها إنجاز لفريق أوسلو وليس للمقاومة التي أسرت الجندي مما سينعكس سلبا علي مستوي التأييد الشعبي لأي عملية اختطاف للإفراج عن الأسري.
كانت الاهداف الاسرائيلية للحرب علي لبنان هي " اطلاق صراح الجنديين دون شروط، ونزع سلاح حزب الله"، وعملت في الساحة الخلفية بمساعدة بعض الاطراف الدولية والاقليمية علي فصل المسارين الفلسطيني واللبناني فيما يتعلق بموضوع الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال، بذريعتي الاختلاف الموضوعي والخصوصية التي تلزم كل ساحة أو مسار، ورغم أن ذلك فيه شئ من الحقيقة، إلا أن تلازمهما لا يعني ترابطهما وتبني كل منهما لشروط ومحددات الأخر، بل يعني تعزيز كل منهما للأخر، خاصة في قضية الأسري، فقبول إسرائيل لمبدأ المحادثات ومن ثمة المفاوضات حول ذلك، يعزز شرعية كل من المقاومة اللبنانية والفلسطينية في مطالبهم بشأن الأسري، يفرض آليات محددة للتبادل بين الطرفين، الا اسرائيل استطاعت أن يتم الفصل بين المساريين في موضوع الاسري، ووقع الفلسطينييون في شرك صياديهم، فيما أدرك اللبنانيين المفهوم الامريكي – الاسرائيلي " السم بالعسل" ، ولم يغتر أي طرف لبناني بما يعرض عليه من قبل الاطراف الدولية لانهاء تلك الازمة بدء من الصفقات السرية التي سيعلن عنها فيما بعد ، أو المشروعات الدولية التي لا تعطي الحد الادني من الحقوق للبنان " المشروع الفرنسي، المشروع
الفرنسي – الامريكي المعدل، بل ظلوا ملتفين حول الشروط والمعايير التي عرضتها الحكومة اللبنانية في روما بالاتفاق مع الاطياف اللبنانية لحل تلك الازمة.

هل يعيد التاريخ نفسه!

" لا يمكن النزول للنهر مرتين " ففي طيلة عملية التسوية، تعاملت إسرائيل في المنطقة علي فصل تلك المسارات وتجزئتها، فقد فصلت المسار الفلسطيني منذ نهاية عقد الثمانينيات عن المسار الاردني، وتعاملت مع المسار اللبناني والسوري كل علي حدا، بل وجزأت بين القضايا في كل مسار، وهاهي تنجح للمرة الثانية، خاصة بعد إصدار القرار الدولي 1701، ففي الاتفاقيات التي اجراها الطرفان الفلسطيني والاسرائيلي، قد استطاعت دولة الاحتلال تجزئة القضايا والتنصل منها، فاعلان المبادئ( أوسلوا) 1993 لم تتطرق فيه إسرائيل إلي قضية الاسرى، وتعاملت مع قضية الافراج عن الاسرى من منطلقات ما يسمى ( مبادرات حسن النية ) ووفق مقاييس إسرائيل الداخلية، أما في اتفاقية القاهرة (غزة-أريحا ) عام 1994، تعاملت أسرائيل في موضوع الأسري وفق ما سمي( تدابير تعزيز الثقة)؛ فقد افرجت عمليا عن 4450 معتقل من أصل 10500 أسير، ولم تلتزم بالافراج عن العدد المتفق عليه وهو 5000 أسير، واشترطت كذلك التوقيع علي وثيقة الامتناع عن كافة الاعمال الارهابية، أن يكون الاسري المفرج عنهم ملزمين بالبقاء في قطاع غزة أو منطقة أريحا طيلة المدة المتبقية من مدة عقوبتهم.
ورغم أن اتفاقية طابا (اوسلو2) في 1995 جاءت ببنود مفصلة حول عملية اطلاق الاسري الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال، إلا أن إسرائيل عملت علي تجزئية تلك العملية، فقد حددت الفئات التي سيفرج عنها، منهم الاشخاص الذين قضو أكثر من ثلثي المدة، والموقوفين من السجناء المتهمين أو المدانين بتهم إجرامية لا علاقة لها بالامن، و مواطنو الدول العربية الذين احتجزوا في اسرائيل بانتظار تنفيذ أوامر إبعادهم. و حددت ثلاث مراحل لتنفيذ ذلك، يتم في المرحلة الاولى الافراج عن 1500 أسير عند التوقيع، لكنها لم تفرج سوى عن 882 أسير وسجين، من بينهم أسيرة واحدة، ومنهم أيضا 375 سجين مدني تم اعتقالهم على خلفيات جنائية. أما المرحلة الثانية فتمت قبيل يوم الانتخابات الفلسطينية في 1996، وقد أفرج فيها عن 782 أسير من أصل 1200 نصت عليهم تلك المرحلة، ثم أفرج عن 260 في وقت لاحق، فضلا عن تلاعب اسرائيل بقوائم الاسري التي تم الاتفاق عليها، فيما أرجأت المرحلة الثالثة من الافراج إلي مفاوضات الوضع النهائي.
ولم تتضمن مذكرة واي ريفر الموقعة 1998 في واشنطن اي نص خطي يتعلق بقضية الافراج عن الاسرى الفلسطينيين، وإنما كان الحديث حول تعهد اسرائيلي بضمان أمريكي للعمل على إطلاق سراح750 أسيراً فلسطينياً على ثلاث دفعات بواقع 250 في كل دفعة، وقامت السلطات الاسرائيلية باطلاق سراح 250 أسيراً فلسطينياً بينهم 94 معتقلاً سياسياً و 156 معتقلاً من الجنائيين.
رغم الافراج عن العديد من الاسرى الفلسطينيين منذ اتفاقيات التسوية، إلا أن سلطات الاحتلال لم تتوقف عن سياسة الاعتقال طوال هذه الفترة، وذلك عن طريق اعتقال المواطنين من مناطق "ب، ج" أو عبر المعابر الحدودية ونقاط التفتيش بين المدن، فقد تبقي في سجون الاحتلال ما يقرب من 1150 أسير، ومع سنوات الانتفاضة الثانية بلغ اجمالي عدد المعتقلين ما يقرب من 9800 الف أسير فلسطيني، حتي بعد عملية الاختطاف الجندي الاسرائيلي، اعتقلت إسرائيل مئات من الفلسطينيين في الضفة والقطاع.

ماذا بعد 14 آب؟
" تغيير التكتيك مقابل الحقوق " كان هذا شعار حزب الله الذي لم يعلن عنه، طيلة أيام الحرب علي لبنان، فبدأ من " تبادل الأسري اللبنانيين والعرب عبر مفاوضات غير المباشرة" كما حدث عدة مرات سابقة أخرها الوساطة الألمانية لتبادل الأسري بين حزب الله وإسرائيل في 2004، ثم " وقف إطلاق النار قبل تبادل الأسري اللبنانيين" من خلال الحكومة اللبنانية، ثم موافقته علي نقاط السنيورة السبع في مؤتمر روما التي لاقت تأييد كافة التيارات اللبنانية، ولعدم كسره الإجماع اللبناني وافق علي القرار الدولي 1701، علي الرغم كونه كما قال حسن نصر الله «غير عادل وغير منصف... واننا لن نكون عائقاً أمام الحكومة، لكن وزراءنا سيسجلون تحفظاتنا عن القرار وبعض بنوده" ، مشدداً على ان " أولوياتنا وقف العدوان واستعادة أرضنا وعودة النازحين". كانت تحفظات حزب الله تستند خصوصاً الى ذكر القرار الدولي الجديد، القرار الدولي الصادر في أيلول (سبتمبر) 2004، الرقم 1559 كمرجعية، ولكنه أشار رغم ذلك أنه لا يعني مقاتلة القرار الجديد، لكنه حدد منهج تعاطي المقاومة في الأيام المقبلة قائلاً: «في حال تم التوصل الى توقيت لوقف ما سمي الأعمال الحربية أو العدوانية، بمسعى من الأمين العام للأمم المتحدة، فأي وقت يعلن، المقاومة ستلتزم به من دون أي تردد».
بالفعل هناك تحفظات كثيرة علي القرار الدولي، لعدم تعرضه بشكل دقيق للأسباب التي نشبت علي أرضيتها الحرب ( الأسري – ومزارع شبعا المحتلة )، إلا أنه راعي مصالح لبنان كدولة، حيث أن وحدة اللبنانيين حكومة وأحزاب وقيادات وشعب، والتفافهم حول النقاط السبع التي اقترحها السنيورة وإصر اللبنانيون عليها في مواجهة التواطؤ الدولي الذي يطلق عنان إسرائيل في هجومها العسكري علي لبنان وتدميره، الأمر الذي أجبر الولايات المتحدة والأسرة الدولية، علي تعديل مشروعها السابق، وتضمين المقترحات اللبنانية ضمن القرار الجديد، حتى بعض البنود الذي يكتنفها الغموض تتيح للبنان بطريقة أو بأخرى تحميل إسرائيل مسؤولية خرقه عندما تحصل عرقلة في تطبيقه، وما يمكنها الاستفادة من غموضها أكثر من الإسرائيليين، كما جعل موافقة الحكومتين الاسرائيلية واللبنانية على قرار 1701 سيتيح بدء المفاوضات لإصدار قرار ثان يعالج كافة المسائل المعلقة بين الطرفين لجهة تحقيق سلام دائم.
فيما المشهد في غزة يتسم بشعار " تغيير المفاهيم مقابل لا شئ " ربما تكون المقاومة الفلسطينية قد وعت الدرس جيدا في موضوع الأسري، لذا قررت إتباع استراتيجية حزب الله في عملية خطف جنود مقابل تبادل الاسري، نظرا لاستراتيجية التجزئة والتسويف والتنصل التي اتبعتها اسرائيل، واعلانها موت عملية التسوية مرات عدة، إلا أن القيادات الفلسطينية علي اختلافها لم تع الدرس، بل فضلت التعامل مع اسرائيل عبر صفقات سرية ومبادرات براجماتية لإضعاف المقاومة الفلسطينية، وعدم تحقيق الحد الادني من مطالبها في الداخل، لا من حيث وقف العنف الاسرائيلي تجاه غزة والضفة، وكسر الحصار الدولي علي الشعب الفلسطيني، ولا من حيث إطلاق صراح الأسري الفلسطينيين.
وبعد انقضاء أكثر من خمسين يوما علي اسر شاليت، وبعدما وضعت الحرب اوزارها، عاد الرئيس عباس للبحث مع حكومة حماس والفصائل الفلسطينية سبل حل قضية الجندي الاسير، عبر تشكيل حكومة الوحدة اولا، خاصة بعدما تبين أن الامر المتعلق بالجندي ليس بيد قادة حماس السياسيين في الداخل او في الخارج، وتبين –ايضا- لحماس انهم لن يستطيعوا التصرف كما أدعو، وادعت قبلهم إسرائيل في ذلك الموضوع من دون موافقة المقاومة التي قامت بتلك العملية والتمسك بشروطهم ومعاييرهم التي حددوها سلفا، خاصة بعد الهزيمة العسكرية لاسرائيل.
كان تشابك المسارين اللبناني والفلسطيني في موضوع تبادل الاسري علي الأقل من حيث وحدة المطالب والإصرار عليها، أمرا ضروريا، فقبول الطرف الفلسطيني باجراء تبادل الاسري في غزة دون أن تكون هناك صفقة مشرفة ومضمونة مع اسرائيل، ينقلب سلباً على آلاف السجناء الفلسطينيين، وينعكس بدوره علي قدرة كل من الطرفين اللبناني والفلسطيني للتفاوض والمناورة في كافة القضايا العالقة بين الاطراف المتصارعة، ولعل القرار الدولي الصادر عن مجلس الأمن 1701 الخاص بوقف القتال وتوسيع قوات اليونيفيل في الجنوب اللبناني، دليلا علي الأثر للصفقات والمبادرات الفلسطيينية ، وبقراءة أخري للقرار الدولي، ففي تنفيذه تأكيدا علي الفصل بين الوضع الفلسطيني وبين حزب الله، بحيث لن يعد هناك من ارتباط بين الوضع العسكري والأمني القائم في الداخل الفلسطيني، وبين الوضع العسكري والأمني في جنوب لبنان، والأكثر أنه لن يكون هناك ارتباط في القضايا وشرعيتها، حتي وإن كان في موضوع كالأسري في سجون الاحتلال.
فهل يمكن بالفعل أن نغير المفاهيم مقابل الحقوق مرة واحدة في التاريخ الفلسطيني لمصلحة الفلسطينيين؟



#بيسان_عدوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطة الانطوار.. غور الاردن وترسيم نهائي للحدود
- الحكومة الاسرائيلية الجديدة
- صعود اليهود الشرقيين في المشهد الاسرائيلي
- المشهد الاسرائيلي بعد غياب شارون -قاديما وحماس
- خيار الوطن البديل - دولة فلسطين القادمة في الاردن
- أمريكا الدينية وإسرائيل3-3
- المشهد الديني السياسي الأمريكي 2-3
- أمريكا الدينية واسرائيل 1-3
- التحديات الفلسطينية فيما بعد الانسحاب من غزة
- مخططات توطين اللاجئين الفلسطينيين
- الدعم الامريكي للاستيطان ثقافة دينية ام سياسة
- الاستيطان الإسرائيلي في ضوء القانون الدولي
- هل بدأ العد التنازلي لدمشق؟
- الوضع الاقليمي الدولي بعد رحيل عرفات
- ايران النووية في مؤتمر هرتسليا الخامس
- الفلسطينيون 2004 عام الحزن
- الانتخابات الفلسطينية هل تحقق الاصلاح والديمقراطية
- الفلسطينيون في مصر بين السياسات التمييزية و الإقصاء من الجنس ...
- القضية الفلسطينية ما بين الإرهاب والكفاح المسلح جدلية الشرعي ...
- القنبلة الديمغرافية في إسرائيل وخداع النفس


المزيد.....




- مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة القانونية عن أحد نوابه تمهيدا ...
- تحذير عسكري إسرائيلي: إذا لم ينضم الحريديم للجيش فإن إسرائيل ...
- السفير الروسي ردا على بايدن: بوتين لم يطلق أي تصريحات مهينة ...
- بالفيديو.. صواريخ -حزب الله- اللبناني تضرب قوة عسكرية إسرائي ...
- وزير الدفاع الكندي يشكو من نفاد مخزون بلاده من الذخيرة بسبب ...
- مصر.. خطاب هام للرئيس السيسي بخصوص الفترة المقبلة يوم الثلاث ...
- -أضاف ابناً وهميا سعوديا-.. القضاء الكويتي يحكم بحبس مواطن 3 ...
- -تلغراف- تكشف وجود متطرفين يقاتلون إلى جانب قوات كييف وتفاصي ...
- إعلام سوري: سماع دوي انفجارات في سماء مدينة حلب
- البنتاغون: لم نقدم لإسرائيل جميع الأسلحة التي طلبتها


المزيد.....

- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ
- أهم الأحداث في تاريخ البشرية عموماً والأحداث التي تخص فلسطين ... / غازي الصوراني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - بيسان عدوان - تغيير المفاهيم مقابل الحقوق