أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - الإقتصاد والقيم الأخلاقية بقلم وليم هاتشر 1-4















المزيد.....

الإقتصاد والقيم الأخلاقية بقلم وليم هاتشر 1-4


راندا شوقى الحمامصى

الحوار المتمدن-العدد: 7066 - 2021 / 11 / 3 - 17:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هنالك شعور طاغي بأن الاقتصاد والأخلاقيات شيئان لا يتواءمان. فالأخلاقيات تتعامل مع القيم المعنوية غير الحسّية وتعالج ماهو إنساني شخصي وما هو عاطفي أو انفعالي لدي الإنسان، بينما الإقتصاد بطبيعته ليس إنساناً وليس له كيان ذاتي، فهو يضع سعراً (قيمة مادية) علي كل شئ. ويعتبر الإنسان وحدة إنتاجية استهلاكية في نظام واسع ليس له كيان ذاتي.
قد زعمت المبادئ الأخلاقية للأعمال التجارية الحديثة أن السمة غير الذاتية (غير الإنسانية) للإقتصاد الحديث لا يمكن تفاديها، إذ يقال لإنتاج ما يكفينا لابد من زيادة معدل الإنتاج باستمرار، وكل ما لا يساعد علي الزيادة المستمرة في الإنتاج يعتبر معوقا ويضر بالإقتصاد وبالتالي يضر بخير ورفاهية العموم. فمثلا ما هو مفيد لجنرال موتورز مفيد لكل واحد منا وهكذا يظهر التناقض بين الإقتصاد والأخلاقيات. بين ما هو معنوي وما هو حسّي. وكان كل من ساند هذا التناقض بين الإقتصاد والأخلاقيات يهدف إلي تحرير النظام الإقتصادي كُلية من أي تحكم خارجي لا صلة له بالأمور الإقتصادية البحتة. ولم يعتريهم أدني شك في قبول عامة الناس بعدم ربط الإقتصاد بالأخلاقيات لأنه وحسب إعقادهم أن الطبيعة البشرية دائما تميل إلي الحسّيات وليس المعنويات.
ولكن أصبح واضحاً الآن أن الغالبية العظمي من الناس خاصة الأجيال الشابة الحالية تميل إلي المعنويات وليس الحسّيات. عموما هنالك شك في سلامة الرأي المساند للتناقض بين الأخلاقيات والإقتصاد. لأنه من الممكن أن تكون القيم غير الإنسانية المتعلقة بالنظام الإقتصادي الحديث قد سبقت هذا النظام الإقتصادي وليست وليدة منه.
لأن المال ليس مفسدة ولكن الأشخاص الفاسدون هم الذين يستعملون المال (الثروة) بطرق فاسدة لغايات فاسدة. إن نظامنا الإقتصادي هو إنعكاس خارجي لما في داخل نفوسنا ويؤكد ذلك إقتناع وإعتراف الإقتصاديين مؤخراً بأن المعنويات يمكنها أن تؤثر سلباً في الإنتاجية.
لا يمكن تغيير النظام الإقتصادي بأي حال من الأحوال إلا إذا غيرنا أخلاقياتنا.
بادئ ذي بدئ، فلنتخيل بداية التاريخ عندما كان هنالك أفراد ولم يكن هنالك أي نظام إجتماعي. حينذاك كان الفرد حراً من أي قيود إجتماعية وكان علي الفرد أن ينتج ما يستهلك أي هو المستهلك الوحيد لإنتاجه. وكانت الدائرة الإقتصادية متمركزة في الفرد. ولكن الفرد في المجتمع عليه نوعان من القيود، أولا: إحتياجاته الخاصة التي لا بد من الإيفاء بها كالطعام والمأوي … الخ، وهي معنوية وحسيّـة أيضا. ثانيا: قيود إجتماعية وهي متطلبات خارجية تفرض عليه بواسطة المجتمع في محاولة لإجباره علي أن يلعب دوراً معيناً في حياة المجتمع. ومن وجهة نظر الفرد فإن أي نظام إجتماعي لابد من أن يُنظر إليه علي أنه حالة توافقية بين هذه القيود. أي إحتياجات الفرد من جهة واحتياجات المجتمع لضبط النظام والسيطرة علي أوضاع المجتمع.
في تلك الأزمنة كان الفرد حراً تماماً من أي قيود إجتماعية وذلك لعدم وجود مجتمع، ولكنه كان واقعاً تحت قيود احتياجاته المادية من مأكل وملبس ووقاية فإذا وقع فريسة للمرض أو العجز الذي يعوقه عن النشاط لفترة طويلة فإنه سيموت.
و بعد أن كونا فكرة عن الوضع الإقتصادي للفرد بدون مجتمع فلننظر الآن إلي كيف يساهم النظام الإجتماعي في تغيير هذا الوضع، أي وضع الفرد بدون مجتمع، وهو الذي ينتج كل ما يستهلك وهو المستهلك الوحيد لما ينتج، والشئ الوحيد الذي يغير هذا الوضع هو أن ينتج الآخرون شيئاً يستهلكه الفرد أو أن يستهلك الآخرون شيئاً ينتجه الفرد: أي أن تبدأ عملية ما يسمي بإقتسام العمل Division of Labor .
إن إقتسام العمل هو الخطوة الأولي المنطقية نحو تكوين المجتمع، علي الأقل من وجهة نظر إقتصادية بحتة. إن إقتسام العمل يعتبر أداة للنظام الإجتماعي لا تفترض الإستعانة بأي نوع من التكنلوجيا رغم أنها تتأثر بوجود التكنلوجيا، ولكنها تستلزم أنواعاً معينة من العلاقات الإجتماعية. فعلي سبيل المثال من أجل أن يقبل الفرد ألا ينتج بعض الأشياء التي يحتاجها لا بد أن تكون لديه ثقة في أن الآخرين سينتجونها.. والآخرون يجب أن تكون لديهم ثقة بأن هذا الفرد سينتج ما يحتاجونه.
إذن لابد من وجود نوع من الثقة المتبادلة. وهذه الثقة المتبادلة هي حجر الزاوية في اقتسام العمل وفي بناء المجتمع، فهي قيمة معنوية (أخلاقية) لإنتاج أشياء حسيّـة. وهذه الثقة المتبادلة لها شقان: فهي أولا ثقة في الفرد بأنه سيسعي بأمانة لأداء واجبه في إنتاج الجزء المُلقي علي عاتقه والذي يحتاجه الآخرون ولكنهم لا ينتجونه. ثانيا إنها ثقة في النظام الإجتماعي بأن يفرض علي الأفراد الآخرين القيام بواجباتهم حتي يتحصل الفرد علي الأشياء التي يحتاجها ولكنه الآن لا ينتجها.
وعليه فإننا نري أن المعالم الأساسية الأخلاقية موجودة ضمناً منذ البداية وتتمثل في إنضباط الفرد، الطاعة، الثقة، خُلق الفرد، المسئولية الإجتماعية وغيرها. وهنا يبدأ نوع من الشد والجذب. فالفرد قد أصبح الآن بين تيارين: تيار داخلي يتمثل في إحتياجاته ورغباته، وتيار خارجي من المجتمع الذي يفرض عليه أداء مهام معينة تجاه مجتمعه.
وبما أن الفرد قد أُعفي من إنتاج بعض الأشياء التي يحتاجها لأن الآخرين سينتجوها، فقد إزدادت حريته تلقاء نفسه ولكن قلت (تقلصت) حريته تجاه المجتمع.
في البداية لم يكن تحقيق الفرد لذاته بأكثر من جهده للبقاء علي قيد الحياة لأن معركته للبقاء علي قيد الحياة أخذت منه كل وقته واستنفذت كل طاقاته فلم يكن هنالك أي تطور فكري، وروحي أو معنوي. لأن المتطلبات المادية أجبرت الفرد علي أن يعيش في مستوي الحيوان. ولم يكن هنالك أي تقدم من جيل إلي آخر، لأن كل جيل كان يبدأ من نفس المستوي أي من نقطة الصفر. وهذا يوضح كم هي إجتماعية أفكارنا وأحاسيسنا الخاصة. وكل ما يرفعنا أو يسمو بنا فوق المستوي الحيواني أصبح ممكنا بفضل وجود نوع من النظام الإجتماعي الذي بدوره يعتمد علي وجود مستوي معين من الأداء الأخلاقي والمعنوي. لذا يمكننا القول بأن الأنظمة الإجتماعية بما في ذلك النظام الإقتصادي لأي مجتمع في أي زمان ومكان هو تعبير عما يتمتع به المجتمع من أخلاقيات وعليه فإن الإقتصاد يعتمد علي الأخلاقيات.
يمكننا الآن معرفة أن الإتجاه الأساسي للتطور والنماء الإجتماعي هو الزيادة المطردة في حرية الفرد تجاه ذاته (أي الحرية الداخلية). يصاحبها مستوي من التوازن الدقيق والمنضبط في النظام الإجتماعي. لا يهدف المجتمع إلي توفير إحتياجات الفرد المادية فقط، لأنها توفرت له من غير مجتمع ومن الواضح أن المجتمع ليس فقط مجموع الأفراد الذين يكونونه، ولكنه مجموع الأفراد زائدا الخواص التي تتميز بها العلاقات بين هؤلاء الأفراد. أما إذا غابت العلاقات المتبادلة في أي تجمع للأفراد فإنه يكون أقـرب إلي الحالة البدائية التي بدأنا بها أي حالة الفرد. وبما أن طبيعة هذه العلاقات أساساً أخلاقية فإن عدمها (غيابها) في تجمعات للأفراد مهما كبرت هذه التجمعات فإنها تكون أقـرب إلي المستوي الحيواني من الوجود، يسعي كل فرد فيه من أجل نفسه فقط وتقل فيه درجة الحرية نحو الذات (الحرية الداخلية) إلي الصفر.

ويليام س. هاتشر (1935-2005) عالم رياضيات وفيلسوفًا ومربيًا وعضوًا في الديانة البهائية.
من اصدارات الجامعة البهائية العالمية. ترجمة حامد عبدالله



#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النبؤات ومعانيها في الكتب السماوية
- موازين الإدراك
- أسس المدنيّة الإلهيّة
- الحاجة إلى التعليم الإلهي
- العقل مصطلح يدل على مَلكتين إثنين للإنسان (4-4)
- العقل مصطلح يدل على مَلكتين إثنين للإنسان (3-4)
- حوكمة تليق بالإنسانيّة والطريّق نحو نظام عالميّ عادل
- الرّوح (10-10)
- العقل مصطلح يدل على مَلكتين إثنين للإنسان (2-4)
- العقل مصطلح يدل على مَلكتين إثنين للإنسان (1-4)
- الرّوح (9-10) - تناسخ الأرواح
- الرّوح (8-10)
- الحاجة إلى التعليم الإلهي THE NEED OF DIVINE EDCATION
- نداء.... إلى مدّعي التجديد في الدين
- الروح – (7-10)
- الرّوح (6-10)
- يا أمة الإسلام... عفواً... قد انتهى حكم ما بينكم وجاء خبر ما ...
- الرّوح (5-10)
- (12-13) يا أمة الإسلام... عفواً... قد انتهى حكم ما بينكم وجا ...
- الروح (4-10)


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - الإقتصاد والقيم الأخلاقية بقلم وليم هاتشر 1-4