أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان عبد الرزاق - السودان من الثورة، إلى الانقلاب العسكري















المزيد.....

السودان من الثورة، إلى الانقلاب العسكري


مروان عبد الرزاق
كاتب

(Marwan)


الحوار المتمدن-العدد: 7061 - 2021 / 10 / 29 - 22:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



الثورة الشعبية في السودان التي بدأت في "٢٠١٨" على الطاغية التاريخي، الذي حكم السودان منذ ثلاثين عاماً، تكللت بالنجاح، حيث جرى الانقلاب العسكري على البشير، في "ابريل ٢٠١٩" وأزاحت الطاغية، وأصبحت السودان أمام مرحلة جديدة، هي مرحلة الانتقال نحو الديمقراطية وحقوق الإنسان، بعد اسقاط رمز الاستبداد الأول. وتشكلت الحكومة البديلة بالمشاركة بين الجانب العسكري والمدني. فكان القسم العسكري بقيادة "البرهان"، الذين نفذوا الانقلاب من جهة، ومن جهة ثانية الجانب المدني، بقيادة "قوى الحرية والتغيير" والتي شكلها مجموعة كبيرة من الأحزاب السياسية، والتي كان لها دور كبير في المظاهرات الشعبية ضد النظام البائد، والتي شكلت الحكومة بقيادة "حمدوك"، وفق الوثيقة الدستورية" التي فصلت العلاقة بين القسم المدني والعسكري، على أن يحكم العسكريين لمدة سنة ونصف، ثم يتلو ذلك الحكم للمدنيين عبر مرحلة الانتقال نحو الديمقراطية وحقوق الإنسان. وكان الامل كبيراً باتفاق العسكريين والمدنيين على قيادة الانتقال الديمقراطي، وهي تجربة فريدة في ثورات الربيع العربي، في تصفية بقايا الاستبداد، والتأسيس لحقبة ديمقراطية حديثة.
وبالرغم من توتر العلاقة بين الجانب العسكري المسيطر، والجانب المدني، إلا ان الجانب العسكري والمدني استطاعا أن يفككوا جزءاً من تركة الاستبداد القديم، منها: رفع السودان من تهمة رعايته للإرهاب، والتصالح مع الحركات المسلحة، دون أن يقدموا أي برنامج اقتصادي وسياسي، بحيث يشعر الشعب انه يعيش المرحلة الانتقالية الأولى نحو الديمقراطية، مثل: مجلس للشعب، والتحضير لبرنامج انتخابي الخ. حيث بقي الشعب يعاني من الازمات التاريخية، مثل الجوع، حيث في " بداية عام 2020، قدرت الأمم المتحدة أن 9,3 مليون سوداني، أي 23% من السكان، سيكونون في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية" أي تحت خط الفقر وعدم الرعاية الصحية والتعليمية، مع ازدياد البطالة في أرجاء البلاد. بحيث أن المشكلات الاقتصادية مثل التضخم والديون، والبطالة استمرت كما هي في العصر السابق. وأثبت التاريخ أن الديمقراطية لا تبنى مع الجوع والتدهور الصحي، والأزمات المستفحلة للمجتمع.
وكان مصدر التوتر بين الجانب العسكري والمدني يتلخص بسيطرة العسكر على المدنيين وقراراتهم، من جهة، وكذلك تعرض "قوى إعلان الحرية والتغيير" للانقسامات بحيث أصبحت ضعيفة أمام العسكر. وكذلك من جهة ثانية، ضرورة تسليم القيادة للمدنيين وفق الوِثيقة الدستورية، بعد انتهاء قيادة العسكر لمجلس السيادة، وتلك كانت الاشكالية الكبرى أمام العسكر الذين يحكمون. وهذه هي الاشكالية التي فجرت الشراكة بين "مجلس السيادة"، أي العسكر، وقوى الحرية والتغيير. إذ كيف يسلم العسكر السلطة للمدنيين بكل بساطة!

عندما جاء دور المدنيين باستلام السلطة في المجلس السيادي، قام العسكر أي مجلس السيادة العسكري بإحداث انقلاب عسكري وسيطر على السلطة، بحجة عجز الحكومة عن الانتقال الديمقراطي، وانهم يبحثون عن السلطة والمحاصصة، وأنه يقوم "بحركة تصحيح لمسار" الانتقال الديمقراطي، ولتفادي "الخطر الداهم" و"الحرب الاهلية" التي يسعى اليها المدنيون، وتعهد البرهان رئيس مجلس السيادة العسكري، بالتزام القوات المسلحة نحو الديمقراطية.
هل هذا انقلاب عسكري ام لا؟ او هل يمكن تسميتها بحركة تصحيحية، أم أنها محاولة لمنع "الحرب الاهلية" كما يسميها الانقلابين؟
إنه انقلاب عسكري واضح. والتصحيح الذي طرحه البرهان، يشبه "الحركة التصحيحية" للطاغية السوري في "١٩٧٠"، حيث قال انه يصحح مسار الثورة، واعتقل الحكومة السابقة لعشرات السنين، وأسس دستوراً جديداً، وحكومة جديدة، ونقل السلطة الى ابنه الطاغية الجديد، الذي قتل مئات الآلاف من الشعب السوري في ثورته المستمرة حتى الآن.
وقد استفاد من الانقلاب العسكري بقيادة السيسي في مصر على الرئيس المنتخب، وهي حركة "تصحيحية" للمسار الانتقالي، حيث عمل على تقسيم المجتمع ضد الاخوان والرئيس، وأحدث مجازر واعدامات لا تعد ولا تحصى، وهو مستمر في طغيانه، وانقلب. على. الاخوان المسلمين، وعلى الشعب عموماً بمن فيهم الجماهير والشباب المناهضين للإخوان.
والذي عمله "البرهان" لا يختلف في الجوهر عما جرى في سوريا ومصر. حيث تم إسقاط الحكومة، ومجلس السيادة، وإلغاء العديد من بنود "الوثيقة الدستورية"، وإلغاء كافة الحكام المدنيين، وتم اعتقال رئيس الوزراء والوزراء، والعديد من قادة الأحزاب السياسية لقوى الحرية والتغيير، وتم تجميد "لجنة التمكين" اي كتلة تفكيك النظام. القديم، والنقابات المهنية الأخرى، وأعفي العديد من المدنيين من وظائفهم الذين وقفوا ضد الانقلاب ولم يجدوا فيه حركة تصحيح، بمن فيهم بعض السفراء، وقطع خط الهاتف والخليوي، وسيطر على الإذاعة، واوقف العمل بالمطار الخ. وأعلن قانون الطوارئ ضد الملايين من البشر الذين تظاهروا وأعلنوا العصيان المدني ضد الانقلاب العسكري، لأنهم يريدون حكومة مدنية تنقلهم الى الديمقراطية وحقوق الإنسان.
يبدو أن "البرهان" تعلم من "السيسي" في تقسيم المجتمع ايضاً. حيث عمل السيسي على قسم من المجتمع ضد "الإخوان المسلمين"، وأقاموا مظاهرات لإسقاط الرئيس، وعمل المجازر ضد المؤيدين. كذلك البرهان وجد قسم من المجتمع ضد الحكومة المدنية، والذين دعوا في مظاهراتهم لإسقاطها وهل من المعقول ان ينادي قسم من الشعب بحكومة عسكرية للانتقال الديمقراطي. مثل: حركة "تحرير السودان؛ جناح "مناوي"، و"حركة العدل والمساواة" التي ووقفت مع الانقلاب، وطالبت بإسقاط الحكومة.
تلك مأساة عمل عليها الجيش السوداني! ومن الأرجح انه سيعيد. الإسلاميين الذين كنوا متحالفين مع الطاغية السابق للحكم من جديد وههنا نجد أنفسنا وجهه لوجه، أمام الدولة العميقة التي لم يتم تفكيكها. وبالتالي نحن أمام فترة طويلة للانتقال الديمقراطي في السودان. حيث سيتم قمع العصيان المدني، مع كافة المعارضين للانقلاب وسيشهد السودان مظاهرات كبرى لإسقاط الانقلاب ورموزه، حتى تبدأ فترة انتقال جديدة نحو الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وقد سيطر العسكر على كل مفاصل الدولة، ووعد بحكومة مدنية متوافقة معه، وألغى بذلك الوثيقة الدستورية التي تنقل الوطن الي الديمقراطية، وانه سيتم الانتقال الى حكومة منتخبة بعد عام او عامين في "٢٠٢٣".
ألا يشكل ذلك انقلاباً عسكرياً واضح المعالم. وهذا كله بسبب عدم تسليم السلطة للمدنيين. إنهم العسكر الذين لا يؤمنون إلا بالعصا والسجن والتعذيب، وسيظلون يحكمون بالقوة العارية رغم أنف الشعب الذي يناضل ويضحي بأرواحه في سبيل الحرية والديمقراطية. إنهم العسكر في السودان والعالم العربي والبلدان المتخلفة عموما وفي بلاد الربيع العربي، حيث سيطر العسكر المعارضين للنظام بحثاً عن السلطة، كما هو حاصل في سوريا والعراق، ولبنان، وليبيا، وتونس، واليمن، ومصر، وفي كل البلدان العربية التي لم ينفجر فيها الصراع، أو الذي تم قمعه واضطهاده.
فهل ينضم "البرهان" ومجلس السيادة إلى القوى المضادة للثورة السودانية؟ نعم وبكل وضوح لأنه يعمل على قطع الطريق أمام الانتقال الديمقراطي. فالعسكر في كل التاريخ كانوا ضد الديمقراطية وحقوق الإنسان. والمجتمع الدولي الذي وقف مع الشعب ضد الانقلاب العسكري، ومجلس الامن الذي طالب بإعادة "الحكومة الانتقالية" المدنية، هو حديث غير مجدي، بحيث أنه لا يهمهم الانتقال الديمقراطي، وحقوق الإنسان، وخاصة الانقلاب حصل بعد أيام من زيارة المبعوث الأمريكي "جيفري فيلتمان" للسودان، طالما الانقلاب مدبر، ومدروس، بتوافق مع مصر بشكل خاص وربما السعودية ودول الخليج أيضاً، وربما يكون الانقلاب وإسقاط الحكومة متوافقا مع إسرائيل، حيث رفضت الحكومة انضمام إسرائيل كمراقب الى الاتحاد الافريقي وإدانة الجامعة العربية للانقلاب بلا معنى طالما اغلب الدول العربية متوافقة مع الانقلاب.
فإن قدر المنطقة والسودان من ضمنه، أن تتقلب على جمر النار، بين أيدي العسكر المسيطرين والمغامرين، ووكلاء الغرب النهابين للسلطة والثروة. وأمام الشعب السوداني مرحلة جديدة، ومظاهرات مليونيه لإسقاط العسكر والانتقال نحو الديمقراطية وحقوق الإنسان.



#مروان_عبد_الرزاق (هاشتاغ)       Marwan#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القوقعة.. والرحيل إلى المجهول: وثيقتان أدبيتان في زمن التوحّ ...
- طالبان من الإرهاب، إلى السلطة
- الانتفاضة في الثورة التونسية
- ردّاً على - قُحولة الرأي- لدى كاتب شيوعي ومعتقل سياسي!
- الذكرى العاشرة للثورة السورية مازلنا -محكومون بالأمل- من جدي ...
- رواية عزازيل: ثورة على الجهل المقدس ومفهوم الموروث الديني
- رواية تَرمي بِشرَرِ: عالم من اللذة والخوف والممنوع
- قابيل: والحديث مع الله.. بداية الخلق بين الثواب والعقاب!
- رواية «دروز بلغراد»: سرد ممتع يفتقر إلى الإنصاف التاريخي وال ...
- رواية «الطلياني»: شخوص عبثية بين السياسة وإفرازاتها
- رواية «واحة الغروب» أظافر طويلة تنحت في جسد «اللامعقول» والت ...
- رواية آيات شيطانية: بين إشكالية المحتوى والموضوع.. والنقد -ب ...
- «مصائر- كونشرتو الهولوكوست والنكبة: فلسطين في حقائب المنافي ...
- رواية «طوق الحمام»: صرخة ضد الموروث الاجتماعي
- رواية «موت صغير»: ابن عربي بين ترحال الحبّ والعقاب وغياب الت ...
- الثورة اللبنانية المجيدة
- -نبع السلام- أو -نبع الدم- في الجزيرة السورية
- رواية «حرب الكلب الثانية»: «فانتازيا واقعية» ومرايا ضريرة لو ...
- رواية «بريد الليل»: رسائل لم تصل للقارئ عبر ساعي البريد التا ...
- انكسار المقاومة وتوحّش الواقع في رواية «القوس والفراشة»


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان عبد الرزاق - السودان من الثورة، إلى الانقلاب العسكري