أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - روز اليوسف شعبان - قراءة في سماء الفينيق لمفلح العدوان














المزيد.....

قراءة في سماء الفينيق لمفلح العدوان


روز اليوسف شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 7058 - 2021 / 10 / 26 - 21:25
المحور: الادب والفن
    


سماء الفينيق لمفلح العدوان
سماء الفينيق للأديب مفلح العدوان الصادر عام 2014. يقع الكتاب في 126 صفحة.
في هذا الكتاب يصف مفلح العدوان رحلته القصيرة إلى فلسطين(الضفة الغربيّة)، يرافقه طائر الفينيق. وطائر الفينيق طائر أسطوريّ، يرمز إلى التجدد والخلود والانبعاث والتصدي، وهذا هو حال الشعب الفلسطيني في صموده وتجددّه وانبعاثه.
محمّلا بالحنين والشوق يصل مفلح العدوان إلى جسر الملك حسين ويتذكر مقهى حنا السرياني فيقول:" الآن.. ها أنا أتأمل بقايا أطلال «قهوة حنا»، وأختار حجرا لأجلس عليه، وأصمت في حضرة أطياف بشر أتخليها تحوم بذاكرتها في المكان، أحدق أكثر في اللامرئي، لأعيد تأثيث المقهى كما كان قبل أكثر من ثلاثين عاما،
وكأن تلك الملامح والتفاصيل تنمو معيدة تشكيله مرة أخرى، لدقائق قبل أن أغادر.. أغمض عيني، فتنفتح شاشة معتقة بالأبيض والأسود لـ«قهوة حنا»: الجدران
الأشجار، الطاولات، الكراسي، ثرثرة المسافرين، رائحة النعناع في كاسات الشاي، فناجين القهوة تدور على الناس، وزجاجات خضراء يلقونها في مجرى السيل؛ لتبرد قبل أن يطفئ بها المسافرون حرارة الغور.(ص 16).
هذا الوصف الدقيق المحمّل بالذاكرة والحنين، يأخذ القارئ في رحلة العدوان إلى فلسطين، فيمتطي معه طائر الفينيق، محمّلًا بالحنين وروعة الاستكشاف والتاريخ بتفاصيله الصغيرة والكبيرة.
يسقلّ مفلح العدوان الحافلة متوجها إلى فلسطين:" من على ضفة النهر تسير بي الحافلة، وأنا روحي، في حقيقة توثبها، التي لا يحسها أحد سواي، تمتطي صهوة الفينيق"(ص 22).
ينتقل مفلح العدوان الى أريحا ثم رام الله، فيزور ضريح الشهيد ياسر عرفات ومتحف محمود درويش ودوار المنارة، ثم نابلس فيزور سوق الخان، مسجد الحنبلي، حارة الياسمينة جامع الساطون، قصر عبد الهادي، حارة السمراء. كما يزور بيت لحم، والخليل وبيت تعمر، ثم زيارة افتراضية الى القدس، حيث منعته قوات الاحتلال من دخولها، لكنه يدخلها افتراضيًّا مع طائر الفينيق:" أمتطي صهوة الفينيق الذي أخذ عهدا على نفسه، بأن يكون قريبا مني، لأرى بأم عيني ما أريد أن أرى، حتى إذا ضاقت بي الأمكنة والحواجز ونقاط التفتيش وإشارات المنع، جاءني طائري، فإما أن أمتطيه لأصل ما انفصل، أو يتجلى لي سر الفينيق بمنحه لي عينا ثالثة، يسكنني بها مفتاح كينونته، لتنبعث الأمكنة التي منعوني عنها والأحداث التي حجبوها عني ويعاد فعل تشكيل الأشياء والتفاصيل، كنعانية الجوهر، كما كانت قبل فيض من الزمان، وكما ستكون عليه حالها بعد الآن، متجددة كما هو الفينيق في انبعاثه، وتساميه، ودورته حياة، وراء حياة.(ص 22).
يتمكّن مفلح العدوان من استحضار تاريخ القدس وعبق أسواقها وبواباتها وكنيسة القيامة والمسجد الأقصى وينتشي قلبه بالإيمان. وكأني به ينطق باسم المنفيين الممنوعين من الدخول الى وطنهم، فيقدّم لهم البديل: رحلة افتراضية مع طائر الفينيق.
يعرّف الباحث ادوارد سعيد المنفى بقوله:" إنّ المنفى حالة دائمة من الغربة والابتعاد والإقامة في الهامش، هو هجرة مستمرّة لا يمكن عكسها، ومن ثمّ هو صيغة من صيغ الوجود، تولّد شعورا متواصلًا بالانشقاق عن السياق والحنين الدائم إلى ماضٍ وأرض وثقافة، لم تعد كلّها موجودة في المنفى، فهو الصدع الذي يصعب شفاؤه، ويفصل بصورة قسريّة بين المرء ومسقط رأسه؛ بين الذات وبيتها الحقيقيّ: إنّ الحزن الجوهريّ الذي يولّده لا يمكن التغلّب عليه. فالمنفى انقطاع عن الأرض الصلبة التي كانت توفّر للمرء الهويّة وصلابة الإحساس بالأمن والطمأنينة؛ ذلك أنّ المنفيّين "مقطوعون عن جذورهم، وعن أرضهم وماضيهم. إنّهم في العادة بلا جيوش أو دوَل، لكنّهم في حالة بحث عنها. لذلك يشعر المنفيّون بالحاجة الملحّة ليعيدوا تشكيل حياتهم المدمَّرة من خلال رؤية أنفسهم كجزء من أيديولوجيا ظافرة أو أمّة حيّة". (سعيد، 2004، ص177).
وهنا يحضرني تساؤل جال في خاطري وأنا أكتب هذه السطور، لو كان ادوارد سعيد لا زال على قيد الحياة، هل سيغيّر من تعريفه للمنفى؟ وهل سيضيف أن المنفيّ قد يعود إلى وطنه على جناحيّ طائر الفينيق؟ وأنه بإمكانه زيارة الوطن افتراضيّا مستحضرا كل ما يعرفه من تاريخه العريق وحضارته وتراثه وأغانيه؟
إن سماء الفينيق رحلة إلى فلسطين صيغت كلوحة فسيفساء تجمع مدن فلسطين بجميع أطيافها ودياناتها المتآخية، وأماكنها وأحيائها ومبانيها وتراثها وأغانيها، هذه اللوحة ازدانت بالتناص والأغاني والأناشيد الدينية والصلوات والأماني، تكللت بالحنين والعشق والتصوف الذي زادها هالة وجمالا، فبدت وكأنّ طائر الفينيق يحرسها ويبعث فيها الحياة والأمل بالولادة من جديد.



#روز_اليوسف_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنفى والاغتراب في قصيدة - أضاعوني - للشاعر الفلسطيني بروفي ...
- انا والمدى
- توقيعات
- جاهلية هذا الزمان !!
- أنا وأنتَ!!
- - سيزيف وبحار - لأسيد عيساوي
- انتظار !!!
- تَرحال !!!
- تَرحال!!!
- خلف الظلال
- سكنتني عيناك ..!!
- وحدها المعابد !!!
- طيفُ الأقحوان
- بين زخات المطر !!
- لأجلكِ جفرا!!!
- سرير الموجات
- -في حضرة- التوليب
- عاذلتي السمراء !!
- ليلاي جرحٌ وقصيدة!!
- صمتك قاتلي!!


المزيد.....




- السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين ...
- الخارجية الروسية: القوات المسلحة الأوكرانية تستخدم المنشآت ا ...
- تولى التأليف والإخراج والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر ...
- كيف تحمي أعمالك الفنية من الذكاء الاصطناعي
- المخرج الأمريكي كوبولا يطمح إلى الظفر بسعفة ذهبية ثالثة عبر ...
- دور النشر العربية بالمهجر.. حضور ثقافي وحضاري في العالم
- شاومينج بيغشش .. تسريب امتحان اللغة العربية الصف الثالث الاع ...
- مترو موسكو يقيم حفل باليه بمناسبة الذكرى الـ89 لتأسيسه (فيدي ...
- وفاة المخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد عن 70 عاما
- بسررعة.. شاومينج ينشر إجابة امتحان اللغة العربية الشهادة الا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - روز اليوسف شعبان - قراءة في سماء الفينيق لمفلح العدوان