أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى الفاز - معذرة.. يجب أن نفترق.














المزيد.....

معذرة.. يجب أن نفترق.


مصطفى الفاز

الحوار المتمدن-العدد: 7056 - 2021 / 10 / 24 - 15:11
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
معذرة.. يجب أن نفترق
" ..إنك تعرفه جيدا عزيزي القارئ !
تعرف هذا البطل المغوار الذي أصبح نجما استثنائيا..
في لحظة استثنائية ..
في بلد استثنائي..
صاحب المهمة الاستثنائية.."
هذه الفقرة تقض مضجعه، تسبب له وجعا كبيرا وتعبث بتوازنه إلى درجة ارتفاع حرارة جبينه.
مترنحا يزاوج الخطوات بدون اتجاه وكأنه أصيب بالخبال. عوامل التعرية بادية على ملامحه حتى انه انزعج من تعاظم التهدل على مستوى خديه فانبلج منهما ثقبان سحيقان ساهما في تخزين قطرات العرق المنسابة جداول منحدرة من منبع الرأس والجبين. ورغم محاولاته إعادة استعمال ما جمع من ماء وتدويره على كامل فروه الجمجمة والعنق وأطراف حساسة من جسمه طمعا في تكسير شدة الحر واسترجاع القدرة على التفكير.
رفيق الآن في حالة انزواء ، ولج عتمة الصمت المفتعل، تراه تارة يكلم نفسه وأخرى يفرغ العرق من خزان الخدين ، وأحيانا يهرول بين متاهات الأزقة.
الواحدة والنصف بعد منتصف الليل، ثلاث ساعات مرت بعد مغادرته مقهى النجوم حيث وقع لأحد القراء إصداره المسرحي الأخير وأثناء التوقيع اصطاد بصره هذه الفقرة محفورة وبارزة على غلاف الكتاب..
" ..انك تعرفه جيدا عزيزي القارئ !
تعرف هذا البطل المغوار الذي أصبح نجما استثنائيا..
في لحظة استثنائية ..
في بلد استثنائي..
صاحب المهمة الاستثنائية.."
بسرعة اخذ في ترديد هذه الفقرة الغريبة. حفظها عن ظهر قلب وحال لسانه يقول :
- الكتاب لي.. نعم لي وهذه الكلمات ليست لي.. أيكون هو من فعل هذا ؟
رفيق يثقن دور الحطاب الذي لا يفرق بين أنواع الخشب مادامت النار ستلتهمها عن آخرها. في مهاتفة وجيزة مع الناشر أنكر هذا الأخير أية صلة له بالفقرة المضافة على الغلاف وانه حرص على طبع ونشر الإنتاج المسرحي كما هو.
إذا لم يكن الناشر فالفاعل حتما هو ذلك المعتوه حسب ظنه.
كثيرة هي الأسئلة التي تحفر ذاكرته ، أيمكن أن يعود بعد طردي له ؟ يسأل نفسه .
لقد احكم إغلاق باب الشقة وأطفأ الأضواء ومارس كل طقوس المغادرة كعادته. وعندما وصل باب العمارة صوب عدسة عينيه نحو النوافذ في الطابق الأول. إنها موصدة ومظلمة. بأرجل متثاقلة، خائرة صعد الدرج وكأنه مرغم على الصعود. أسنانه تصطك وأطراف أصابعه ممسكة بقوة بمفتاح الشقة الوحيد رغم غمزات الرعشة التي تدب الحياة في عروقه بين الحين والآخر والتي تحتاج لوقت اكبر حتى تضع المفتاح في مستقر القفل.
وهو على عتبة الباب بعد أن واربه. عليه أن يحترم قواعد الدخول ، أولها تشغيل زر الإنارة المثبت على حاشية الجدار الأيمن للباب لأن هذه الحركة تؤكد أن الشقة كانت بالفعل مظلمة، ثم توجيه النظر مباشرة في وضع أفقي نحو قلب الشقة حيث علقت صورة رالف والدو امرسن وتحتها وضع مؤلفه الشهير " الاعتماد على الذات " فوق منضدة من خشب العرعار، وهذه الحركة أيضا ضرورية ليتبث إيمانه بنقاء وقوة الفرد. أما الحركة الثالثة فقد اجلها هذه الليلة بسبب حملة التفتيش داخل الشقة بحثا عن رفيقه المعتوه. ربما يكون هنا.. في مكان ما، بحث كل أركان الشقة.. الغرف والمطبخ والحمام، تحت السرير وفوقه وفي جوف الدولاب، تحت المنضدة وفوقها وفي كل مكان لا أثر له، لكن السؤال ظل مطروحا: من صاحب تلك الإضافة السخيفة ؟
في الركن الأيسر من شرفة غرفة النوم حيث تعود القيام بآخر حركة تضفي عليه ميزة النقاء الفرداني استأنف ممارسة طقسه اليومي بالتأكد من عملية الإغلاق ثم إبعاد توأمي الباب عن بعضهما في حركة واحدة وأخيرا الجلوس في ركن الشرفة الأيسر، عيناه شبه نائمتين، عقب السجارة بإحدى اليدين والأخرى تأبطت حزمة أوراق عذراء من الحجم الكبير. في أسفل الشرفة حديقة عند مدخل العمارة، تتوسطها نافورة أندلسية، مياهها تتراقص وتتصاعد بقوة وكأنها تنجذب إلى حضن البدر المكتمل.
من الأعلى تتأتى رؤية الحقيقة الخالصة من شرفة الفردانية الخالية من كل الشوائب. علاقة رفيق برفيقه المعتوه متجذرة وقديمة، اتحدت عزيمتهما برباط المبدأ والكفاح. كان الواحد للآخر صاحبا ورفيقا ومؤنسا في الدراسة وفي المعتقل. اشتغلا معا بحس جماعي في إطار تقسيم العمل واحد يفكر والآخر يكتب، فالمفكر أطلق العنان لتفكيره والكاتب سال الكثير من مداده.
..يمكن رؤية العالم بأسره من خلال الشرفة ،منها تسود الحقيقة المتعالية وترفرف أجنحة الإنصاف، نحن فعلا استثناء في بحر هائج وهذه حقيقية مستعصية على المعتوه لم يدرك خباياها.. هكذا أخذت أفكار العهد الجديد تنهال على رفيق الذي جرى مسرعا يبحث عن رفيق بديل، عن قلم، عن كاتب يوثق للمرحلة الجديدة عله يملئ بعضا من حزمة الأوراق الفارغة.



#مصطفى_الفاز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أي دور للمعارضة البرلمانية المغربية؟
- بؤس فلسفة التطبيع
- جبل الحياة أو أنشودة الصدى
- في ذكرى اليوم العالمي للمسرح
- تدبير الصندوق الخاص بجائحة كورونا
- الاشتراكية لازالت الخيار الأنسب للشعوب
- الثورة والثورة الشعبية في ايران
- الديمقراطية بالمغرب........متى!؟


المزيد.....




- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى الفاز - معذرة.. يجب أن نفترق.