|
كردستان العراق : من القومية الى الثنائية الوطنية
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 7044 - 2021 / 10 / 11 - 14:27
المحور:
القضية الكردية
ليس بخاف على أحد ، تلك المكانة المرموقة لإقليم كردستان العراق ، لدى الرأي العام الكردي في كل مكان ، واعتباره موقعا قوميا متقدما لماقدم شعبه من تضحيات منذ عقود، وحقق إنجازات تاريخية ، وبشكل خاص في حقبة الزعيم القومي الراحل مصطفى بارزاني ، الذي جسد صورة القضية الكردية امام الداخل والخارج ، و اشعل الانتفاضة الثورية ضد النظم والحكومات العراقية ، والاستعمار البريطاني ، وهب لنجدة جمهورية مهاباد ، ووصل الاتحاد السوفييتي – السابق - مع صحبه بمسيرة طويلة ، ولاقوا جميعا صنوف العذاب ، والمعاناة ، الا ان وصل البارزاني الى موسكو ، والتقى بالرئيس السوفيتي الراحل – نيكيتا خروشوف – ثم غادر الى العراق بعد ثورة تموز ١٩٥٨ ،حيث مر بمصر للقاء الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر . تجربة الحركة القومية في كردستان العراق الطويلة ، والغنية ، جديرة بالمتابعة ، والبحث ، والتمحيص ، يمكن للحركة السياسية الكردية في الأجزاء الاخرى الاستفادة من دروسها ، في الكثير من الجوانب ، والمفاصل ، خصوصا في المجال النظري ،والتطبيقي ، فنحن امام تطور هائل للحركة القومية هناك ، اجتازت مراحل عديدة ، وسبقت بذلك باقي الحركات الكردية خارج العراق ، مااريد توضيحه هو قراءة تلك التجربة كما حصلت وبصورة نقدية ، وليس بنظرة – تصوفية - واستخلاص العبر المفيدة ، وليس بنقلها حرفيا ، او تقمصها ، لسبب بسيبط هو اختلاف المكان ، والزمان ، وتباين الخصوصيات ، والبيئات الاجتماعية . من القومية الى الوطنية الكردستانية ، والعراقية قبل نحو قرن ، وفي بدايات ظهور الحركة في كردستان العراق ، كان طابعها العام يرمز الى الكرد ، والقضية القومية ، وبعودة بارزاني ، وماجمع من خبرات خلال وجوده ببلد كان يشكل مركز الحركات الثورية العالمية في ذلك الزمان ، وتعرفه على قضايا القوميات والشعوب وتطبيقاتها الاشتراكية بمزاياها ، وعيوبها ، لاحظنا أن خطاب ثورة أيلول بكردستان ( ١٩٦١ ) التي قادها بارزاني ، لم يقتصر على الجانب القومي الكردي فقط ، بل جمع بين القومية الكردية ،والوطنية العراقية حيث كان شعارها الرئيسي – الديموقراطية للعراق ، والحكم الذاتي لكردستان – وفي الوقت ذاته التحقت قوى وفصائل عربية وعراقية بالثورة ، وشاركت مع البيشمةركة في حرب الأنصار . وفي مرحلة لاحقة مع بدايات الانتفاضة الأخيرة خلال التسعينات ، وقيام البرلمان الكردستاني ، انتقل المفهوم القومي الكردي الى طور جديد متقدم ، عندما تضمن مشروع دستور الإقليم بندا أساسيا في تعريف شعب كردستان با ( الكرد ، والتركمان، والكلدو آشور ، والارمن ، والعرب ) أي تغير الخطاب السياسي من الشعب الكردي كصفة قومية ، الىى الشعب الكردستاني كصفة وطنية ، ومنذ ذلك الحين نجد هذا المصطلح يسود المعاملات الرسمية ، ويرد في خطابات المسؤولين الحكوميين ، والحزبيين ، وفي الجانب التطبيقي العملي ، تحققت المشاركة بالسلطتين التنفيذية، والتشريعية ، من جانب ممثلي مكونات شعب كردستان . وهنا وبحكم اطلاعي وتعايشي مع الاحداث بالاقليم نحو عقدين واكثر ، وتواصلي مع أصدقائي باالطيف المسيحي ، لابد من التنويه بموقف غالبية المكون الكلداني الكردستاني وهو الأكثر عددا على الصعيد المسيحي ، وظهور جيل جديد من الكلدان، والاشوريين ، والسريان وهم جميعا من السكان الأصليين بكردستان ، اكثر انفتاحا ، وتقبلا للعيش المشترك بسلام ، مما اد ى ذلك الى تقليص نفوذ ودور بعض المتزمتين الذين كان همهم الأول والأخير دب الانقسام ، واستحضار اقاويل عفا عليها الزمن لتعميق الشرخ ،واثارة الفتن العنصرية ، ولاننسىى أيضا بالمقابل من كان يشبههم بالجانب الكردي . هذا مايجعلنا تلمس تطور كبير ، في الخطاب السياسي القومي لكرد العراق ، والانتقال الى المجال الوطني من الباب الواسع وبثنائية فريدة من نوعها بالمنطقة ، أولا نحو الوطنية الكردستانية ، وثانييا باتجاه الوطنية العراقية ، هذا الانتقال السلس الناضج ، على الصعيد السياسي النظري ، والعملي ، يقابله تمسك كرد العراق وحركتهم بمبدأ حق تقرير المصير وعدم التخلي عنه ، ثم ان ذلك لم ولن يؤدي الى خروج كرد العراق من قوميتهم الكردية ، بل بالعكس من ذلك يرسخ اصالتهم ، ويعزز مكانتهم ، ويضمن وجودهم ، وحقوقهم ، ويرمز الى استكمال شروط ، وعوامل نشوئهم كشعب وقومية ، تلك العوامل التي تتكامل مع الانتمائين الوطنيين الكردستاني ، والوطني ، ولا تتعارض معها . ولابد هنا من التميز بين ما اشرنا اليه أعلاه بخصوص التجربة الناجحة والسليمة والطبيعية للاشقاء بكردستان العراق ، بخصوص التطور الوطني الثنائي ، وبين بياعي الوطنيات الخالية من المضمون ، على شكل التخلي عن الانتماء القومي ، والارتماء باحضان الاخرين من أنظمة استبدادية ، وجماعات طائفية مارقة عنصرية ، باسم الوطنية والمرونة، والأمة الديموقراطية . مشاركة كردستان الواسعة بانتخابات البرلمان العراقي المشاركة الكردستانية الواسعة الان بالانتخابات العراقية ، تجسد النهج الوطني المشار اليه وتعزيزه خصوصا بعد تجربة استفتاء تقرير المصير في أيلول ٢٠١٧ ، وقيام الكابينة الجديدة ، وانتخاب رئيس جديد لإقليم كردستان ، وبحسب معرفتي هناك اتفاق بالاقليم من جانب جميع المؤسسات الحاكمة ، وخصوصا الحزب الديموقراطي الكردستاني على المضي قدما بذلك النهج الانفتاحي ، المعتدل ، وعلى الاغلب سيحوز هذا الحزب على اكثر المقاعد مما يؤهله تعزيز تحالف كردستاني موحد للقيام بالدور المطلوب لمصلحة العراق ، وشعب كردستان . لاشك ان الهدف الرئيسي هو إيجاد حلول للقضايا الشائكة المعلقة ، مثل النفط والغاز ، ومسألة الرواتب ومخصصات البيشمةركة الدفاعية ، والاقتصاد من تجارة داخلية ، ومشاريع تنموية ، وتوزيع المساعدات بالعدل ، والمناطق المتنازع عليها من كركوك الى مناطق بمحافظات ديالي ، واربيل ، والموصل ، ومسالة الشراكة بين الإقليم والعراق الاتحادي ، وكذلك الارهاب ، والميليشيات المسلحة وهجماتها الصاروخية وبالدرون ، وأخيرا وليس آخيرا المزيد من التطوير لفيدرالية الإقليم . النهج الوطني لقيادة الإقليم ، والعمل على التقارب مع بغداد ، ومحاولة توفير شروط الشراكة الحقيقية ، سيصب جميعها لمصلحة العراق الفيدرالي الموحد بما في ذلك الإقليم ، وتعزيز السلم والاستقرار ، وسيبقى ذلك اختبارا للقوى السياسية في العراق العربي ، هل ستتجاوب مع تطلعات الإقليم هذه ، وتقطع الطرييق على الميليشيات الطائفية والولائية من اجل عراق حر مستقل ،عراق العرب والكرد وسائر المكونات .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل بقي مايجمع بين عامة الناس والنخب الحزبية
-
القضية السورية في ذروة التجاذبات الخارجية
-
نيجيرفان بارزاني من البحث عن الهوية الى تجسيدها
-
قراءة في ظاهرة التجارب الفاشلة
-
- اللاثابت - في المتحول الأمريكي ( كرديا )
-
محاولة في فهم مجريات ومآلات الحدث الافغاني
-
حراك - بزاف - ماله وما عليه
-
مبادرة حراك - بزاف - لترتيب البيت الكردي السوري
-
الحدث التونسي اختبار اضافي لطبيعة الفئات المثقفة
-
نصف قرن ونيف على كونفراس الخامس من آب
-
إشكالية الدعم الخارجي للحركات التغييرية - بزاف - نموذجا
-
- سلطات الامر الواقع - صناعة - أسدية -
-
تعقيبا على - هاشتاك - مظلوم عبدي من يعتر
...
-
الامازيغ في صراع نظامي المغرب والجزائر
-
خيارات الكرد السوريين بعد مؤتمر روما
-
الأردن والكرد على ضوء زيارة رئيس الإقليم لعمان
-
نقاش هادئ في مسألة ساخنة
-
من شروط الحوار المثمر داخل الحركة الكردية السورية
-
مناقشة الخيار الديموقراطي البديل في اعادة بناء الحركة الكردي
...
-
معرفة الماضي ، تنير الحاضر ، وتحصن المستقبل
المزيد.....
-
اليونسكو تمنح جائزتها لحرية الصحافة للصحفيين الفلسطينيين في
...
-
اليونسكو تمنح جائزتها لحرية الصحافة للصحفيين الفلسطينيين في
...
-
لاوغاي.. معسكرات الاعتقال في الصين (الجزء الثاني)
-
قانون تجريم المثلية الجنسية.. التمييز ومطالبات الإلغاء
-
اليونيسكو تمنح جائزة حرية الصحافة للصحافيين الفلسطينيين في غ
...
-
حرب غزة: قصف متواصل على القطاع واعتقال مشتبه به حاول مهاجمة
...
-
-اليونيسكو- تمنح جائزتها لحرية الصحافة للصحفيين الفلسطينيين
...
-
لاوغاي.. معسكرات الاعتقال في الصين (الجزء الأول)
-
برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: الدمار في غزة هو الأسوأ منذ ا
...
-
اليونيسكو تمنح جائزتها لحرية الصحافة للصحفيين الفلسطينيين في
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|