أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - ماجد رشيد العويد - حوار مع الأديب والناقد الدكتور نضال الصالح















المزيد.....

حوار مع الأديب والناقد الدكتور نضال الصالح


ماجد رشيد العويد

الحوار المتمدن-العدد: 1647 - 2006 / 8 / 19 - 10:36
المحور: مقابلات و حوارات
    



القاص، والروائي، والناقد السوري الدكتور نضال الصالح صوت إبداعي ونقدي لافت للنظر في المشهد الثقافي العربي المعاصر. صدر له أكثر من مجموعة قصصية، ورواية، وأكثر من كتاب نقدي، وحاز عدداً من الجوائز الأدبية على المستوى العربي، كما حاز عدداً من شهادات التقدير من مؤسسات ثقافية مرموقة تثميناً لجهوده المتميزة في الإبداع والنقد، كما تم تحويل نصوص مجموعته: " مكابدات يقظان البوصيري " إلى سباعية درامية في إذاعة صوت العرب. عمل مدرساً في جامعة قطر، ويعمل الآن مدرساً في جامعة حلب. وهو عضو اتحاد الكتاب العرب، جمعية النقد الأدبي، كما هو عضو هيئة تحرير مجلة "الموقف الأدبي".
تألفه إذ تلقاه، وتسأله فتنهمر الإجابة منه صافية وعميقة، ويتأكد لديك بأن ما أنجزه من إبداع ونقد مؤسس على رصيد معرفي عال. التقيته في مدينته الأثيرة إليه، حلب، وكان لي معه هذا الحوار:
س1 ـ يُلاحظ في أعمالك الإبداعية، قصة ورواية، ولا سيما في مجموعتك " طائر الجهات المخاتلة "، ولعك المحمود باللغة، مفردات وتراكيب وأسلوباً. كيف تنظر إلى اللغة في الإبداع؟ وما هي مناهلك؟ وما موقفك من لغة القص العربي المعاصر؟
ج1 ـ كما أن لكل فن من الفنون أداته الأساسية التي تمنحه هويته الخاصة به، وتؤكد انتماءه إلى هذا الفن وليس إلى شيء آخر سواه، فإن أداة الإبداع الأدبي الأساسية هي اللغة، وهي التي تمنحه ما أستطيع أن أسميه مستعاراً من " تودوروف": " حق المثول في تاريخ الأدب". إنني أفهم الإبداع بوصفه اشتغالاً على اللغة وبها، بل وبوصفه استعمالاً خاصاً للغة كما أكد على ذلك مختلف العاملين في حقل السرديات. وبمنأى عن هذا الاستعمال الخاص يبدو النص الأدبي، قصة ورواية، أقرب إلى الحكاية منه إلى الفن. وبمنأى عنه، أيضاً، يظل هذا النص مروية شفاهية وليس أدباً. إنني أتفق معك على أن ثمة ولعاً لدي باللغة، من دون أن يعني ذلك أن اللغة هي الهاجس الذي يشغلني عن عوامل أدبية النص الأخرى، عن بنائه الجمالي الذي أرى أنه هو ما يمكّن هذا النص من امتلاك "الحق" خاصاً باللغة الذي أشار "تودوروف" إليه، والذي أعده الفيصل بين انتماء الكتابة إلى حقل الحكاية وانتمائها إلى حقل الإبداع، بين كونها مروية وكونها أدباً. أما فيما يتصل بمناهلي في مجال اللغة فهي كثيرة، أولها وأهمها القرآن الكريم، ليس بوصفه نصاً دينياً فحسب، بل بوصفه نصاً إعجازياً من الناحية الأسلوبية أيضاً، ثم موروثنا السردي العربي الذي يتوافر على خصائص جمالية مدهشة لم يقيض لنا الغوص على كنوزها بعد، فمنجز المتصوفة الممتلئ بما هو استعاري يُعنى بجواهر الأشياء وليس بالأشياء نفسها، وأخيراً تجارب عدد غير قليل من المبدعين العرب الذين حاولوا، وما يزالون يحاولون، التأصيل لسرد عربيّ له هويته الخاصة به والمميزة له من سواه من منجزات السرد لدى الشعوب الأخرى. وتأسيساً على ذلك أجيز لنفسي القول إن الكثير من لغة القص العربي المعاصر يعاني نوعاً من القطيعة مع موروثه، مع ما يفيض به هذا الموروث من طاقات جمالية خلاقة تستطيع أن تجذّر هذا القص في بيئته التي يصدر عنها، كما تستطيع أن ترقى به إلى المكانة التي حققها منجز الآخر، غير العربي، لنفسه.
س2 ـ إلى أي حد يمكننا اعتبار القصة القصيرة جداً فناً قائماً بذاته؟ وإن كانت كذلك، فما هي شروط هذا الفن برأيك في ظل اندفاع الكثير نحو هذا النوع من الكتابة القصصية؟
ج2 ـ لقد قدمت في مجموعتيّ: "الأفعال الناقصة" 1990 ، و" طائر الجهات المخاتلة " 1998 ، ما ينتمي إلى هذا النوع من الكتابة القصصيـة، وقد عد الدكتور أحمد جاسم الحسين، في كتابه: " القصة القصيرة جداً " الذي صدر قبل نحو ثلاث سنوات، نتاجي، في هذا المجال، واحداً من الجهود اللاحقة لجيل الرواد في سورية، الذين مثلوا، في رأيه، طلائع كتاب القصة القصيرة جداً. ولا أكتمك أن هذا الوصف لم يضف ميزة ما إلي، كما لم يشعرني بأي درجة من السعادة، لأنني لم أكن، حين كتبت ذلك ونشرته منذ مطلع الثمانينات، أقصد سوى التجريب، سوى الخروج من إهاب التجارب التي سبقتني، وسوى البحث عن صيغ تعبيرية- بنائية جدية تغاير ما سبقها لتضيف جديداً إليه، ولتقوض القار والساكن من أبنية القص التقليدية. القصة القصيرة جداً فن ليس جديداً، ففي موروثنا السردي الكثير من النماذج التي تنتمي إلى مجاله، والتي تبدو متقدمة جمالياً على الكثير من نماذجه المعاصرة. وهو لا يعدو كونه فناً ملحقاً بجنس القصة القصيرة، وليس جنساً قائماً بذاته. ولعل ذلك ما يعلل إقبال الكتاب الشباب عليه، وإلى الحد الذي بدا أشبه ما يكون بالجائحة، كما أطلقت على ذلك في إحدى المقالات التي كتبتها، التي استسهلها الكثيرون، وتسابق إلى إنتاجها الكثيرون، وتهافت عليها الكثيرون أيضاً من دون أن يكونوا مزودين برصيد معرفي وإبداعي حول الجنس الجذر، ومن دون أن يكون لهم رصيدهم المعرفي أيضاً بذلك الموروث السردي العظيم حقاً. واسمح لي أن أستفيض قليلاً لأشير إلى أن ما قدمت ليس حكم قيمة على هذا الشكل من أشكال الكتابة القصصية، بقدر ما هو توصيف للاختلاطات الكثيرة التي حفّت به، وما تزال والتي لم تتمكن محاولات التأصيل له من الكشف عن أية حوامل تمنحه استقلالية عن ذلك الجذر المنبثق عنه.
س3 ـ توحي بعض قصص مجموعتك " الأفعال الناقصة "، قصة " الشيخ عبو" مثلاً، بأجواء نجيب محفوظ القصصية، من دون أن ينسى القارئ بأن لك بصمتك التعبيرية في مجال اللغة. إلى أي حد ترى أن الحكاية هي العمود الفقري للنص القصصي؟
ج3 ـ إنك تمنحني شرفاً، آمل أن أكون جديراً به، حين ترى في قصص مجموعتي "الأفعال الناقصة" اقتراباً من أجواء نجيب محفوظ، وأعد ذلك، حتى على مستوى الأجواء، إشارة من نوع ما إلى تأثير التجربة المحفوظية في أكثر من جيل تال لهذه التجربة. وأنت تمنحني شرفاً آمل أن أكون جديراً به أيضاً، حين ترى أن لي بصمتي المغايرة في مجال اللغة التي تمثل إحدى هواجس الكتابة لدي. أما فيما يتصل بالحكاية التي تعد شرطاً أساسياً في انتماء النص إلى جنس القصة- الرواية، فإنني أرى أن غياب هذا الشرط لا ينفي النص خارج فردوس الأدب، بل ينفيه خارج الفن القصصي أو الروائي ويبقيه نصاً غير مجنّس فحسب. وهو ليس الحامل الوحيد الذي ينهض به وعليه هذا الفن، إذ ثمة حوامل أخرى تتكامل معه في إنجاز فعالية التجنيس، يضيق المجال للحديث حولها. ويمكنني أن أوجز ذلك قائلاً إن الحكاية عمود فقري للنص القصصي، ولكن لا قيمة لهذا العمود بمعزل عن مكونات "الهيكل العظمي" الأخرى لهذا النص، عما يستكمل به النص قوامه، ورشاقته، وأسباب نهوضه. وتأسيساً على ذلك، فأنا أميز، دائماً، بين الحكواتية وكتاب القصة، وبين الرواة وكتاب الرواية، أي بين من يُعنى بالحكاية ومن يُعنى ببناء هذه الحكاية.
س4 ـ يؤخذ على مجموعتيك: "مكابدات يقظان البوصيري"و"الأفعال الناقصة" تركيز مجمل نصوصهما على الناس الهامشيين في المجتمع، كيف ترد على ذلك؟
ج4 ـ إذا كان التركيز مأخذاً على فعالية الإبداع فأنا أعتز بذلك، وأعده امتيازاً وليس مثلبة في هذه الفعالية. واسمح لي أن أصوب قائلاً إنني لم أعن بالهامشيين من الناس في المجتمع، بل بالمهمشين من هؤلاء الناس، وثمة فرق، كما ترى يا عزيزي بين النوعين، الأول يعني الذين لا ينهضون بأداء أي دور في الواقع، والذين يعيشون على حافة هذا الواقع وليس فيه، أما النوع الثاني، والذي أبديت حفاوة بالمنتمين إليه، فيعني المكتوين بأوار الواقع، والذين يتم تهميشهم عن سابق إصرار وترصد من القوى صاحبة الامتيازات فيه. إنني أفهم الإبداع بوصفه فعالية احتجاج ضد المسكوت عنه، ضد حالات الاستلاب التي تمارسها هذه القوى بحق الآخر، والتي لا تكف عن ابتكار الوسائل المدمرة للإنساني في الإنسان. أفهمه فعالية تعرية لمصادرات هذه القوى لحق الآخر في حياة كريمة، ولحقه في التعبير عن آرائه، ولحقه في المشاركة في بناء المجتمع والمؤسسات التي ينتمي إليها أو يعمل فيها. وحين لا يكون الإبداع كذلك يكون شاهد زور على مرحلته التاريخية، كما يكون جزءاً من الخراب القيمي الذي تصبح الحياة معه غابة لا موقع فيها سوى للأقوياء، بالمعنى المبتذل للقوة وليس بمنعاه الممجد لما سميته الإنساني في الإنسان. لقد كتبت عن المهمشين، وسأظل أكتب عنهم، ما دام ثمة صراع بين من يحبون الحياة ومن يسعون إلى امتلاكها فحسب، وأسارع فأقول إن هذا الخيار الذي ارتضيته لكتابتي الإبداعية ليس محكوماً لدي بأية أيديولوجية من نوعٍ ما بقدر ما هو محكوم بقناعتي أن الإحساس بمعنى الحياة ليس وقفاً على أحد، وليس حكراً لأحد.
س5 ـ في إجابة للروائي عبد الرحمن منيف عن السبب الذي ينفي القول بوجود رواية علل ذلك بعدم وجود مدينة عربية. إلى أي حد تتفق مع هذا القول؟ وهل تمثل مدن المؤسسات ضرورة لولادة الرواية؟ أو لم يولد شعر المعري في الزمان والمكان المجردين من الروح الصانعة للمؤسسات؟ أم أن الشعر شيء والرواية شيء آخر؟
ج5 ـ إذا سلم المرء بأطروحة منيف هذه، فهذا يعني أن ينفي عن منيف نفسه صفة الروائي، كما ينفي عن آلاف الأعمال التي كُتب على غلافها الأول كلمة "رواية" انتماءها إلى هذا الفن، والتي دُرست بوصفها كذلك. وهي أطروحة ليست لمنيف، كما تعرف، بل للناقد "جورج لوكاتش" الذي عرّف الرواية بأنها " النوع الأدبي للمجتمع البرجوازي"، وغير خاف أن هذا التعريف يتضمن، في أحد وجوهه، أن الرواية فن مديني، بمعنى أنه ينشأ في المدن ويزدهر فيها، وغير خافٍ أيضاً أنه تعريف ينطلق من رؤية أيديولوجية- جمالية ترى في الفنون بعامة انعكاساً للشرط الاقتصادي الذي يحدد البنية المادية للمجتمع. وعلى الرغم من صواب هذا التعريف، فإن هذا الصواب جزئي وليس كلياً كما أرى، أي أنه صحيح في بعض المجتمعات وليس صحيحاً في بعضها الآخر، وقرينة ذلك ما تم إبداعه من أعمال روائية في أمريكا اللاتينية، وفي بعض دول أفريقية، التي ما تزال توصف بفتوتها الاقتصادية. لقد كتب منيف، وسواه من الروائيين العرب، أعمالاً روائية بالمعنى الدقيق لمفهوم الجنس الروائي، على الرغم من أن المدن التي ينتمي إليها هؤلاء مدن من ملح، بتعبير منيف نفسه. الفن الروائي فن البحث عن مجتمع مؤسسات، عن مجتمع مدني، وهو شيء آخر غير فن الشعر الذي يُعرّف بأنه فن البحث عن المثال، عن المطلق.
س6 ـ التجريب في الأدب، متى يكون أصيلاً ويؤَسس عليه لإبداع أدب يقول الواقع بغير لغته المعيشة؟
ج6 ـ حين يستقر الأدب، والفن بعامة، ويتقونن، ويتم تنميطه، تُسلب صفة الإبداع عنه، والتجريب هو الذي يجعله في حركة مستمرة لا تعرف الثبات أو الاستقرار، بل التطور والنماء. أما متى يكون التجريب أصيلاً ومؤسساً، فإن ذلك منوط بمنتج هذا الأدب، بالمجرب نفسه، بمخزونه المعرفي بتراثه، وبالمنجز الإبداعي السابق على المرحلة التاريخية- الجمالية التي ينتمي إليها، وبالمنجز الإبداعي الإنساني. وسوى ذلك سيكون فعالية مجانية معلقة في الفراغ، فعالية تجريب من أجل التجريب وحده فحسب. ولعل قناعتي بذلك هو ما دفعني إلى التوقف عن الكتابة الإبداعية منذ ما يقرب من ثلاث سنوات والتفرغ لكتابة النقد، إلى منح نفسي مخزوناً معرفياً إضافياً يمكّنني من تطوير أدائي القصصي والروائي، ومن تلمس الطريق إلى الصوت الذي يخصني والذي يجعلني فرداً في جوقة، بل قاصاً وروائياً له صوته الخاص به، والمميز له من أصوات جيله السابقة عليه. إنني أبحث، الآن، عن الإيقاع الذي يخصني، وإن لم أكتشف هذا الإيقاع، أو إن لم أتمكن من الوصول إليه، أو من الوصول إلى بعض ملامحه، أو علاماته، فسأظل متوقفاً عن الكتابة الإبداعية، وسأتابع البحث والتجريب.
س7 ـ يُمثّل اشتغالك النقدي في كتابك الصادر مؤخراً: "المغامرة الثانية، دراسات في الرواية العربية" استفادة واضحة من منجزات النقد في الغرب. ألا ترى أن للكثير من هذه المنجزات جذوراً في نقدنا العربي القديم؟ ثم إلى أي مدى يمكننا الاستفادة من هذا النقد، أي نقدنا القديم، ليس بوصفه بديلاً لتلك المنجزات، بل بوصفه محاولة لتجذير خطابنا النقدي في التربة التي تنتمي إليها مصادره الإبداعية؟
ج7 ـ أولاً أنا لا أومن بأن ثمة ثقافة أنتجها، أو ينتجها شعب ما هي حكر على هذا الشعب وحده، وثانياً أنا لست مع القائلين إن الانفتاح على ثقافة الآخر تسلب المنفتح هويته أو تنفي عنه انتماءه إلى ثقافة أمته. إنني أرى أن المبدع والناقد بآن مستودع ثقافات إذا جاز التعبير، وآمل أن يكون كتابي الذي أشرت إليه نموذجاً لهذا المستودع، كما آمل أن تكون اشتغالاتي القادمة في النقد نموذجاً له أيضاً. نحن أمة لها تراثها النقدي؟ نعم، وثمة جذور للمنجز النقدي الغربي في هذا التراث؟ نعم، أيضاً. ولكن هذه الجذور، كما في نظرية "النظم" للجرجاني، لا تعدو كونها إرهاصات لم يتم تقعيدها على النحو الذي بدت عليه في هذا المنجز، وعلينا، كما أرى، أن نتحرر من تلك "النوستالجيا" التي تفتك بنا أحياناً، وأن نتزود من ثقافة الآخر بكل ما يدفع بإبداعنا ونقدنا إلى التطور من دون أن نذوب فيها أو نتماهى بها، ليس لكي لا نفقد خصوصيتنا فحسب، بل لكي ننتج ما يُسمى بالمثاقفة مع ذلك الآخر ولا نكون أتباعاً له أو مجرّد متلقين لكل ما يصدره إلينا. الممارسة النقدية لدي فعالية استدعاء لمختلف منجزات النقد، أياً كانت مصادر هذه المنجزات، ولكن على نحو يغني قراءة النقد لمنقوده، وعلى نحو يمكّن هذا النقد من اكتشاف آليات الأداء الجمالي لهذا المنقود، ومن الغوص عليها، ومن سبر المزيد منها، من أجل إعادة إنتاج هذا المنقود، من أجل كتابة ثانية له، لا تكون وسيطاً بينه وبين متلقيه، بقدر ما تكون مغامرة ثانية على مغامرتها الأصل، أي على الإبداع. إنني متحرر، يا عزيزي، من أوهام الأصالة والمعاصرة، والتراث والحداثة، ومؤمن، مطلق الإيمان، بأن تلك الثقافة ملك الإنسانية جمعاء، مهما كانت المرحلة التاريخية التي تنتمي إليها، ومهما كان مصدرها، من غير أن يعني هذا انقطاعاً عن الهوية، ومن غير أن يعني ذوباناً في الآخر وتلقياً آلياً لمختلف منجزاته الفكرية والجمالية، بل استجابة لحراك الثقافة نفسها، ومن قبلها لحراك الواقع نفسه.
س8 ـ أقمت في قطر لنحو أربع سنوات مدرساً في جامعتها، ويؤكد كتابك الفائز بجائزة الشارقة للنقد: "تحولات الرمل، الحكائي والجمالي في القصة القصيرة في قطر" اطلاعك الدقيق على مشهدها القصصي. كيف بدا لك هذا المشهد في قطر بخاصة، وفي أقطار الخليج بعامة؟
ج8 ـ لا يمكن لي أن أختزل في إجابة موجزة السمات المميزة لهذا المشهد، لكنه يمكنني أن أقول، بكثير من الاطمئنان، أن الوهم الذي كان مستقراً لدي، ولدى الكثيرين ممن لم يطلعوا على هذا المشهد عن كثب، قد تلاشى تماماً حين اطّلعت على المنجز الإبداعي لأبناء الخليج العربي، الوهم بأن الإبداع في الخليج ما يزال وليداً يحبو، وأنه يحتاج إلى سنوات طويلة لكي يشب عن الطوق. لقد بدا لي المشهد القصصي في الخليج، بل المشهد الثقافي بعامة، موّاراً بالحركة، ودفاقاً، وأن ثمة علامات فارقة فيه لا تقل قيمة إبداعية عن كثير من العلامات التي صنعت، والتي ما تزال تصنع، مجد الثقافة العربية المعاصرة. في الكويت، والسعودية، والبحرين، والإمارات، و… وهي علامات دالة على خصوبة تلك الحركة وغناها بآن، وقادرة على إزاحة ذلك الوهم الذي ما يزال يمارس نفوذاً غاشماً في وعي الكثير من المثقفين العرب. لقد قرأت أدب سليمان الشطي ووليد الرجيب وليلى العثمان ومنى الشافعي وعالية شعيب وثريا البقصمي وناصر الظفيري وسواهم في الكويت، وأدب أمين صالح وعلي عبد الله خليفة وعبد القادر عقيل ومحمد الماجد وسواهم في البحرين، وأدب عبد العزيز المشري ومريم الغامدي وعبد الله الجفري وعلي الدميني وسواهم في السعودية، وأدب محمد الحربي وناصر جبران وسلمى مطر سيف وسعاد العريمي ومريم جمعة فرج وشيخة الناجي وسواهم في الإمارات، بالإضافة إلى مجمل نتاج القاصين والروائيين في قطر، وأستطيع أن أقول إن بعضاً من نتاج هؤلاء يضارع نتاج، بل يتفوق أحياناً على نتاج الكثيرين ممن يشكلون علامات مضيئة في المشهد السردي العربي المعاصر، والمسألة تتعلق بطبائع السياسات الإعلامية العربية التي تصدّر إلى المتلقي ما تريده هي فحسب، وتحجب عنه ما تريده هي فحسب أيضاً.



#ماجد_رشيد_العويد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع القاص والروائي المصري سمير الفيل
- لبنان بين فتاوى بائسة وحزب ظنّ أنه الدولة
- مدن الطلل
- السور
- اعتذار
- رائحة في الذاكرة
- كلمة في وداع الرجل الكبير
- تحية إلى سمر يزبك
- هل يجبّ انشقاق عبد الحليم خدام ما قبله؟
- المطلوب محاكمة حزب البعث قبل خدام
- الوهق
- بانتظارهم
- هل كانت الرقة رافداً من روافد العجيلي
- ثقة مستعادة
- صمت المثّال
- حجر على صراط
- طيبة
- الموت الأصغر
- السادن
- على جناحي ذبابة


المزيد.....




- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟
- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - ماجد رشيد العويد - حوار مع الأديب والناقد الدكتور نضال الصالح