هل سيتشكل حلف ناتو اسرائيلي امريكي عربي ..؟

آدم الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 7016 - 2021 / 9 / 11 - 19:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت الى الولايات المتحدة الأمريكية في شهر أب الماضي و لقائه بالرئيس الأمريكي بايدن , طرح رئيس الوزراء الإسرائيلي مقترح لتشكيل حلف عسكري جديد يضم بالإضافة الى الولايات المتحدة الأمريكية اسرائيل و دول عربية خليجية على غرار حلف الناتو و الهدف من هذا الحلف العسكري كما قال عنه رئيس وزراء إسرائيل هو التصدي لإيران ...!
بالتأكيد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي كان يقصد بالدول العربية الخليجية هي تلك الدول التي وقعت مع اسرائيل اتفاقيات التطبيع و هي دولة الإمارات العربية المتحدة و مملكة البحرين و أن اسرائيل تسعى مستقبلا ليشمل هذا الحلف دولا عربية أخرى .
لا شك أن اسرائيل قد سبق و ناقشت هذا المقترح في جلسات غير معلنة مع قادة دول عربية منها هاتين الدولتين العربيتين من دول الخليج , الأمارات و البحرين , و حصلت على موافقتهما الأولية , اذا لا معنى لطرح مثل هذا المشروع من قبل رئيس وزراء اسرائيل على الرئيس الأمريكي و إدارته إن لم تكن هنالك موافقة أولية من بعض الأطراف العربية المعنية بهذا الحلف .
لم يصدر توضيح من قبل الرئيس الأمريكي بايدن و لا من أركان إدارته يبين الموقف الأمريكي من هذه الدعوة الإسرائيلية .
قد يكون سبب التكتم الأمريكي على موقفها من إنشاء حلف جديد على غرار الناتو يضم اسرائيل و دول عربية تقوده الولايات المتحدة الأمريكية هو الظروف المعقدة التي تحيط بمفاوضات العودة للاتفاق النووي مع ايران و عدم استعداد امريكا للاندفاع بسرعة و اتخاذ خطوات منفردة جديدة دون استشارة حلفائها في الناتو و بالأخص دول الاتحاد الأوربي بعد ما شهدته المنطقة من هزات ارتدادية لتسونامي هروب أمريكا و حلفائها من افغانستان , هذه الارتدادات التي لازال وقعها على الجو السياسي العام في العالم شديد و كذلك من اجل اعطاء فرصة اكبر لجعل مشروع الناتو الجديد اكثر نضجا و قابلا للتطبيق دون مزيد من الإرباك للمعادلات السياسية التي تتحكم بشؤون منطقة الشرق الأوسط , هذه المعادلات التي هي أصلا قلقة .

لقد حفز الانسحاب الأمريكي المهين من افغانستان و استلام حركة طالبان للسلطة فيه كلْ دول الجوار الأفغاني و معهم روسيا و الهند للتحرك من أجل تشكيل معادلات جديدة لمنطقة شاسعة تمتد من الصين شرقا حتى منطقة الخليج غربا , هذا التحرك الذي اصبح واضحا انه يتم بمعزل عن ما تخطط له أمريكا .
فبعد أن خذلت امريكا جميع حلفائها عند أتخاذها قرار الانسحاب من افغانستان و إعادة تسليم السلطة لحركة طالبان الأسلاموية للسلطة في افغانستان من جديد قرارا أمريكيا منفردا بعكس قرار الحرب و احتلال افغانستان الذي كان قرارا جماعيا لدول حلف الناتو اصبحت قدرة امريكا على جر حلفائها ورائها أمرا صعبا و معقدا للغاية أن لم يكن مستحيلا .
و من المحتمل ايضا , أن يكون سبب عدم صدور توضيح من قبل الرئيس الأمريكي بايدن و من أركان إدارته حول المقترح الإسرائيلي هو أن موقف بايدن و إدارته حول هذا المقترح لا يتطابق مع اسلوب اسرائيل في التصدي لإيران .
و بالرغم من ما يحتويه المقترح الإسرائيلي من خطورة على استقرار و مستقبل منطقة الشرق الأوسط بشكل عام و منطقة الخليج بشكل خاص لم يكن لهذا المشروع صدى في الأوساط الإعلامية الأمريكية المعنية بشؤون منطقة الشرق الأوسط , صدى يتناسب و مستوى أهمية خطورة إنشاء حلف ناتو جديد تقوده امريكا .
لا شك أن هذا الخفوت في الصدى الإعلامي الأمريكي للمشروع الإسرائيلي سببه الأساسي هو العاصفة الإعلامية التي رافقت الانسحاب الأمريكي الغير منظم و المرتبك من افغانستان , هذه العاصفة التي شملت ليس فقط الأعلام الأمريكي بل عموم وسائل الأعلام في العالم و المستمرة لحد الآن .
مقابل هذا الخفوت الإعلامي هنالك مؤشرات مهمة تدل على تحرك فعلي لأمريكا و اسرائيل للإعداد و التهيئة الصامتة للحلف العسكري الجديد و اهمها :
اولا : باتفاق امريكي إسرائيلي انتقلت المشاركة العسكرية الإسرائيلية من القيادة الأمريكية للمنطقة الأوربية الى القيادة الأمريكية للمنطقة الوسطى و التي تشمل البحر الأحمر نزولا الى المحيط الهندي .
ثانيا : أجراء مناورات بحرية امريكية اسرائيلية مشتركة ضمن المنطقة الوسطى شملت بالإضافة الى البحر الأحمر منطقة العقبة .

في الجانب الآخر من المشهد , هنالك الصين التي تراقب ما يجري من أحداث نتيجة الفشل الأمريكي في أفغانستان لمعرفة أن كانت امريكا باقية على نواياها في نقل مركز ثقل تدخلاتها في الشأن الداخلي للدول الأخرى الى بحر الصين الجنوبي أم إن وضعها اصبح لا يسمح بذلك .... !

#آدم_الحسن (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل