أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الشخصية العراقية في نظرية الوردي النقدية














المزيد.....

الشخصية العراقية في نظرية الوردي النقدية


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7014 - 2021 / 9 / 9 - 23:49
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الشخصية العراقية
أسباب وظواهر.
من أكثر ما يثير في الذاكرة العقلية عند عامة الناس ويتذكروا فورا شخصية الدكتور علي الوردي ومنهجه ونظريته في علم الأجتماع كلمة أو مفهوم الإنفصام الأجتماعي في الشخصية العراقية، فقد أرتبط هذا المفهوم بالدكتور الوردي وصار دالا ودليل يرشد الذهن فورا إلى صورة العلامة الوردي ذي الشخصية العلمية المثيرة والمبدعة والمجادلة والتي أنقسم فيها الناس بين مؤيد لطروحاتها وبين معارض يصل لحد التكفير والتسقيط .
هذا المأتى النفسي بالأكثر سببه أن الدكتور الوردي قد ظهر في وقت وزمان كان المجتمع العراقي ينسلخ شيئا فشيئا من ظلامية العصور التاريخية الممتدة منذ سقوط بغداد على يد هولاكو وأنتهاء بسقوطها مرة أخرى على يد الجنرال مود قائد الحملة البريطانية على العراق، فما بين السقوطين غابت شمس الفكر والمعرفة وتقوقع العلم الأجتماعي كباقي العلوم في حضيرة النسخ والمسخ دون أن يبدع العقل العراقي الجمعي شيئا يذكر .
فبدأ عصر ما بعد العثمانية الأستعمارية العنصرية الفجة، عصر يحاول أن يفك عن العراق عزلته ويقود إلى تلمس ملامح رؤية كونية تحاول اللحاق والتعويض عما فات، والواقع يقول أن الجهود التي بذلها رموز النخب العراقية أتت ثمارها أخيرا ولكن غير ناضجة بما فيها الكفاية لأن تنتج مزيجا أخر أكثر قدرة على التحريك والتسريع في خطوات التجديد المعرفي والفكري، لأن عوامل ومعطيات التخلف الأجتماعي في الفترة العثمانية ما زالت قادرة على المعارضة وبقوة، تتقدمها المؤسسة الدينية المتحجرة والمؤسسة الأجتماعية القروية التي ترى في علم الأجتماع تهديد لها ولمستقبل الثقافة القروية الأستبدادية .
في ظل هذا التعارض الفكري والعقائدي وفي ظل أضطراب أجتماعي طبيعي ناتج عن الحلحلة المجتمعية ظهر الوردي حاملا راية علمية تقود لتنوير جانب مهم وأساسي من جوانب العلم، وهو الجانب الأخطر فيه أجتماعيا وهو علم الأجتماع، ومع علم النفس والفلسفة يمكن أن تكون هذه العلاقة المشتركة هي الأساس الأهم في انطلاق حملة التنوير والتجديد الفكري والبناء الطبيعي لمنطلقات التحديث والمعاصرة، قاد الدكتور الوردي حملة تفكيكية للمفاهيم الأجتماعية كما للواقع العراقي من خلال دراسة عميقة نقدية وتشخيصية أثارت زوبعة من المواجهات الفكرية، قاومها بشدة وأنتصر في البعض وأحبطته الظروف في بعض وقد أتعبه المشوار الطويل من النقد والنقد المقابل، لكنه بقى وفيا لمبادئه ولعلمه ولرؤيته للحياة.
ليس فقط على مستوى الشارع العراقي الأجتماعي الشعبي المرتبط (بلا وعي وإرادة علمية أو إيمانية حقيقية) دوما بالمؤسسة الدينية والأجتماعية كما يرتبط الذيل بجسد الحيوان ويتحرك لمصلحة الأخير، كانت المؤسسة الثقافية والفكرية بما فيها الأكاديمية في الكثير من عناصرها ورموزها تتناوب الصراع والجدال مع الدكتور الوردي، وتحاول إحباط مشروعه التنويري فما كان منه إلا أن يواجه هذه الحملات التشكيكية بالمزيد من السخرية العلمية من عقول هذه الرموز والعناصر، مستغلا سعة أفقه العلمي والفكري ومعريا ضحالة المنطلقات التي ينطلقون منها .
فيما الطبقة الثقافية الناشئة والتي شكلت فيما بعد الغالبية الفكرية اليسارية العراقية وقفت مع الوردي بكل قوة لأنها ترى أن معطيات الفكر الأجتماعي الذي ينادي به الدكتور غالبا ما تكون حقائق معاشة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أتهامها بما يخالف القواعد العلمية البحثية، لذا أضيف عبء أخر على لدكتور الوردي بسبب هذا التأكيد من أنه كان ماركسيا أو ماديا وحتى ملحدا في نهجه الخفي وتحريضه المستمر ضد أركان ورؤى الرجعية الدينية والفكرية والأجتماعية.
لقد كان الطرح الأجتماعي المبني على دراسات أستقصائية وتحليلية أعتمدت التفكيك والتجريح وأعادة رسم العلاقة الأجتماعية والنظرة الذاتية لها مقارنة بواقع أجتماعي أكثر تطورا وحداثة وأوسع نظرة، مع تجربة معايشة حقيقية لتلك الشخصية الخارجية، فقد أوضحت للباحث بما لا يقبل الشك أن هناك خلل مزدوج بالبنية التقليدية للفكر العراقي (المعرفة الأجتماعية) أنعكس سلبا على صورة وتكوين الشخصية العراقية قديما وحديثا، مما جعلها تتصرف بنوع من عدم التوافق والجدية أحيانا والصدق والإخلاص في أحيانا أخرى، لتضفي عليه ما يشبه الإنفصام السلوكي الأجتماعي، فكانت هذه الإنطلاقة الأولى لنظريته المركبة .
يبقى السؤال الأهم من هذه المقدمة البسيطة لماذا أنفعل المجتمع العراقي وتفاعل مع نظرية الدكتور علي الوردي بهذا التأثير البالغ؟ والذي حصد أعجاب دارسي التاريخ الثقافي العراقي الحديث، هل لأن الدكتور الوردي قد جاء بمفاهيم جديدة لم يطرقها الفكر العربي عام والعراقي بالخصوص؟ أم لأنه أستند وأستقى من جذور غربية أساسها نظرة غير كاملة ولا حقيقية لكل المجتمعات، وخاصة مثل مجتمع مركب ومعقد وغير متجانس بالكلية مثل المجتمع العراقي، والحقيقية العلمية التي يثبتها التأريخ ليس كل هذا هو ما كان أصلا لهذه القضية بقدر جرأة الدكتور الوردي في مس ونقد التابو الأجتماعي المحصن بالحرام والعيب والقداسة .
الظاهر من خلال قراءتي المعمقة للحدث كله من ظهور الدكتور والوردي وحتى رحيله وما تركه خلفه من إرث فكري عميق وغزيز، أظن بل وأجزم أحيانا أن السبب يعود إلى نوعية وجوهر الصراع الذي قاده الوردي في قبال وبمواجهة عناصر السلفية الفكرية ونظرتها التقليدية للمجتمع، ومحاولة خصومه الفكريون التستر على عيوبه الخلقية والأخلاقية، لأن هذه العيوب بتأثيراتها المديدة لا بد أن تنعكس على مجمل الفكر المجتمعي وتعطي صورة مطابقة له، أي أن الفكر الأجتماعي التقليدي الذي واجهه الوردي كان مصابا أيضا بنفس العيوب الأجتماعية للشخصية الأجتماعية العامة والتي هاجمها ومتأثرة به بشكل عميق جدا للحد الذي أعتبر تهديدا وجوديا له، الفكر العراقي كان أيضا مصاب بالفصام والإنفصام عن الواقع وعن حركة الزمن .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشخصية العراقية في نظرية الوردي النقدية ج2
- الإيمان بين الاصل والصورة
- حروب العقيدة
- السيادينية الإسلامية السلفية تشويه للدين وأعتداء على الإنسان
- إسلام سلام وإسلام حرب
- الأسس الفكرية لثقافة التطرف والأصولية التكفيرية
- الإرهاب الديني والإرهاب الأجتماعي
- الإرهاب وجذره الديني
- ظاهرة الإرهاب بين الحلول والرؤى
- ما لا تعرفه عن واقعة كربلاء أو نهضة الإمام الحسين تاريخيا... ...
- داعش ووهم الخلافة المتستجدة
- إشكالية العنف الديني والتطرف من وجهة نظر أجتماعية
- نحن وطالبان والمستقبل المجهول
- جذور الفكر السياديني نشأة وتأسيس وعلاقته بتطور التطرف
- ظاهرة العنف الديني ومتلازمة الحاضنة الأجتماعية
- لماذا هجرت الواقع؟
- مطلقية الحق ومحاولات تأطيره شخصيا وزمنيا
- أفتراض تصور العالم الافتراضي
- الديمقراطية المشينة
- العقل المتجدد ودوره في صناعة مجتمع جديد


المزيد.....




- علماء يضعون كاميرات على أسماك قرش النمر في جزر البهاما.. شاه ...
- خريطة توضح ماذا فعلت روسيا بـ5 أشهر من -الجفاف المدفعي- لأوك ...
- الإمارات.. زعيم المعارضة الإسرائيلية يعلق على لقائه الشيخ عب ...
- السلطات السعودية والإماراتية تتخذ إجراءات عاجلة بسبب الأمطار ...
- هيئة حماية المستهلك: روسيا شهدت انخفاضا بمعدلات الإصابة بفير ...
- زهور برية شائعة لتر ميم الأعصاب التالفة
- صدامات وتفكيك مخيمات محتجين ضد حرب غزة في جامعات أمريكية
- خيام الاحتجاجات بين العراق وأمريكا
- الأردن.. الأميرة رجوة الحسين تتسوق في أحد محال مستلزمات الأط ...
- عرض الغنائم العسكرية الغربية في موسكو يثير ردود أفعال صاخبة ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الشخصية العراقية في نظرية الوردي النقدية