أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - حكايات جنون اعتيادي1981(ماركو فيريري):أجمل نساء المدينة















المزيد.....

حكايات جنون اعتيادي1981(ماركو فيريري):أجمل نساء المدينة


بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 7009 - 2021 / 9 / 4 - 13:19
المحور: الادب والفن
    


ربما قد تكون استهلالية الفيلم هي اهم ما في الفيلم...أن نطالع بعضا من صفات شخصية مجنونة عبثية تشبه في بعض المقاييس شخصية المخرج نفسه،أذ يختار ماركو فيريري هذه المرة بيلوغرافيا شخصية الكاتب الأمريكي تشارلز بوكوفسكي في اقتباس من كتاب:
انتصاب- قذف- معارض،وحكايات جنون اعتيادي،والجزء الفيلمي المقتبس من الكتاب هو سردية متعلقة بالسيرة الذاتية خاصة بالكاتب المدعو في الفيلم تشارلز سيركينغ،ومن الوضح تماما انه تشارلز بوكوفسكي.
ولكن قبل ان نبدأ بالاقتباس،دعونانتحدث شيئا عن الجنون الاعتيادي...ما المقصود بالجنون الاعتيادي.

الجنون الاعتيادي هي الشخصية ذات الطابع العبثي،او الشخصية التي تفكر بطريقة أخرى وتنظر الى الحياة بطريقة مختلفة،أي هي الشخصية ذات الطابع الوجودي المختلف.
مثل شخصية هنري ميلر،أو شخصيات ميلان كونديرا او شخصية روبرت موزيل في رواية رجل بلا صفات،وايضا بعض الشخصيات الوجودية مثل ميرسول في الغريب وروكانتان في الغثيان،وليس من الضروري ان تتقابل هذه الصفات أو تتشابه،بل هي تتقابل في المنحى العام للشخصية التي ترفض ان تعيش الحياة بالطريقة الاعتتيادية المألوفة.
ليس من المبكران نتنبا ان الشخصية التي تصعد على المسرح مع بداية الفيلم هي شخصية الكاتب تشارلز بوكوفسكي،وهنا نبدأ بالاقتباس من شخصية مطالب منها النزول عن خشبة المسرح:
....حسنا لننسى هذا الهراء والبدء بما يسمى الفن
أسلوب الحياة...
أسلوب الحياة هو الجواب لكل شيء،طريقة جديدة للقيام بشيء ممل او خطير
القيام بشيء ممل باسلوب معين هو افضل بكثير من فعل شيء خطير دون اسلوب
القيام بشيء خطير باسلوب معين هذا هو ما اسميه :الفن
الثور المقاتل يمكن ان يكون فن
الملاكمة يمكن ان تكون فن
المحبة يمكن ان تكون فن
فتح علبة سردين يمكن ان تكون فن
لكن ليس الكثير لديهم اسلوب في الحياة...والكثير لا يمكنهم الحفاظ على نمط اسلوبهم في الحياة
لقد رأيت كلابا يتبعون اسلوبا في الحياة أكثر من الرجال،بالرغم من ان العديد من الكلاب لديهم اسلوب في الحياة...القطط تملك ذلك بشكل كبير...عندما فجر همنغواي رأسه في البندقية على الجدار فهذا اسلوب في الحياة
جان دارك كان لها اسلوب في الحياة...يوحنا المعمدان،يسوع،سقراط،قيصر،غارسيا لوركا
لقد التقيت رجالا في السجن ذو اسلوب في الحياة
لقد التقيت رجالا في السجن ذو اسلوب في الحياة أكثر من الرجال خارج السجن
اسلوب الحياة هو الاختلاف،طريقة العيش في الحياة،وطريقة القيام بها
حتى طيور مالك الحزين يقفون بهدوء في بركة ماء...أو انت...تمشي عاريا خارجا من الحمام دون اعطائي اي اهمية لوجودي....
هذه الخطبة عن فن ممارسة الحياة قيلت من قبل شخص سكير حاد ومنبوذ يقضي جل اوقاته في الخمارات والمواخير وبين احضان العاهرات
هذه الخطبة بليغة جدا،بليغة من ناحية اختصارها لشخصية كاملة فليس من الداعي بعد هذه المقدمة الواضحة أن نتبع خيوطا أهرى بقصد فهم الشخصية،فهذه الشخصية أصبحت واضحة وحياتها باتت متوقعة اكثر...ولو تابعنا الاختلاف أكثر،فنحن لن نجد أبدا شيئا مخالفا لتوقعاتنا:
....ما استنتجته مفاده هو ان التجول وتقديم الشعر كان خطأ
ولكن،بعد ذلك مرة أخرى كانت حياتي مجرد حياة واحدة كبيرة كما قيل لي
أنا كنت مجرد (أخ) من الضائعين في المكان الذين ينتمون اليه
بالعودة الى لوس انجلوس كان يمكنني تقبيل الأرض لكني قد قاومت هذه الرغبة
وهو ينعت هوليوود بمكانه المفضل:عصبة من المتشردين،القوادين،عاهرات،فلا يوجد فنانين مرموقين أو غيرهم من الأنواع المزيفة المسلية البائسة جدا،لاداعي لتذكرهم...
مجرد عراة 24 ساعة في اليوم...لقد كنت دائما على علاقة حب مع الشوارع
ثم يبدأ مخرجنا بألقاء صدى واسع مختصر ذا شذرات عن هذا الكاتب معتمدا على مونولوج داخلي واقتباسات من الكاتب نفسه،وكل ما سنراه هو نتيجة طبيعية للمحيط المفضل الذي يعيش فيه تشارلز بوكوفسكي...علاقات مضطربة مع آخرين مسحوقين يتمتعون هم ايضا بجنون واكتئاب طبيعي،وحالة طبيعية عامة من القرف من الحياة،فالعهر لايشكل اي حاجز بالنسبة للشخصية التي تعامل الحياة بكل هذا الاستسلام البارد.
فمع القاء نظرة لعلاقة مضطربة عصبية مع عاهرة أو زوجة سابقة،فهذه العلاقة لايحكم عليها بالاختلاف بقدر ما يحكم عليها بالانتماء الطبيعي للمكان الذي تعيش فيه....
فعندما نلاحظ لاحقا أن تشارلز يصادف فقط خطا معينا من النساء اللواتي يواجهن العقدة النفسية الجنسية أولهم كاس،فهذه البيلوغرافية ليست نفسية على الاطلاق،بل هي خاضعة تماما للمكان الذي تعيش فيه والظروف المحيطة بها.
لنتابع المونولوج الداخلي في محاولة منا لأقتناص المشاعر الداخلية لمغامرة نسائية عرضية كثيرة التكرار على مايبدو:
في انتظار حجر النرد الذي رميته في ذلك الشاطئ،لقد اصبت الجائزة الكبرى عندما رصدت رقم(تلك الشقراء)...لقد كانت من تلك النواع النادرة التي تصيبك بانتصاب مفاجئ،وتقوم بكل الأفعال الجنسية بتلك المؤخرة مثل الحيوانات البرية.
إذا،كما قلنا،هو نمط طبيعي تكراري من المغامرات كان يعيشها بوكوفسكي في كل يوم،والذي يضفي على هذه المغامرة عنصر التميز هو الاختلاف،لأن هذه المرأة-على ما يبدو-مصابة بشيء من شبقية ومازوشية ليس من الداعي الخوض في تفاصيلها في هذه السردية ذات الشذرات عن حياة الكاتب نفسه...
علاقات نسائية ليست من الخيال على الاطلاق،وليست اغرب من الخيال،علاقات على نمط الانسان الكامل بالنسبة لنيتشة.
من الأفضل متابعة المونولوج الداخلي،أي الشعور....كيف يرى الكاتب الحياة من حوله وكيف يشعر بها...أي باختصار نقطة تماسه مع الحياة...
يسألونه في السجن:لماذا قبضوا عليك
العنف...العنف الشهواني
مونولج:العنف الشهواني...لقد أكلتني مثل قطعة لحم وبصقتني في سيارة الشرطة
متابعة المونولوج:في اليوم التالي ألغت فيرا التهمة،نوع من الدراما النفسية المجنونة،يمكن ان تجعل الرجل يشعر بالشك قليلا،فدائما ما آخذ بعين الاعتبار بقدر ما يمضي ذلك...
الرجل ذو المعرفة بكل الحقائق...الى جانب ذلك كان عندي طموج للحصول على الراحة
هذه الرغبة تكون مجهولة ...غير مرغوب بها...وغير ملاحظة
لم اكن ارغب في مطاردة الحلم الرطب الامريكي الكبير
افضل ان اشرب حتى الثمالة
ما الذي سوف تفعله الأقدار سوى ان يلاحق تشارلز رغبته الجنسية الجامحة ويتعرف على انماط اخرى من النساء،على جيل كامل من النساء في عالمه التحت ارضي...
يبدو ان الموضوع غير متعلق بالتكرار،لأن النمط المختلف هو الشخصية نفسها وليس الظروف،فهذا ما ستفعله الأقدار عندما يتعرف تشارلز على عاهرة هادئة تعاني من مازوشية واكتئاب مع قرف واضح من الحياة.
تبدو هذه الصفات اعادة،صفات مركبة متناسقة لكل هذا العالم،على ان هذا التنسيق لن يغني بان تكون كاس قصة الحب الاساسية في حياة الكاتب،ليخلدها لاحقا في اهم واجمل قصصه:أجمل نساء المدينة
أجمل نساء المدينة،أدب مرتبط تماما بهذه الجملة التعارفية....
في اللقاء الأول بين كاس وزوجة تشارلز سيركينغ السابقة:
تقول الزوجة:أنا مجرد عجوز شبقة جنسيا....ترد كاس:وأنا عاهرة
الكتاب من نمط تشارلز بوكوفسكي لايخفون حقيقتهم أبدا...أولئك الكتاب الذ ينتمي اليهم هنري ميلر في بصقاته المتتالية عن الأدب،أن كان هذا الشخص ينتمي الى الأدب اصلا
لنتابع المونولوج:كاس تملك نظرة مميزة قد امتلكتني بها....كأنها سحبت بعيدا برياح الخلود،وكانت تسبح عائدة عكس التيار...كان هناك شيء غامض يجري وانا غرقت فيه تماما...كنت دائم التفكير وعقلي يستمر في القول بأن علي الخروج لأستنشاق بعض الهواء،لكن كاس كانت مثل المياه النارية وجسدها سحبني الى داخله واضطررت الى الابتعاد عنها قبل ان احترق...لكن ذلك كان مثل محاولة الخروج من قلب الدوامة...
ومن ثم يتحدث عن علاقته بالواقع:....لم اكن اربد العودة الى المنزل...لم اكن اريد ان ارى أي احد،أنا فقط بحاجة الى ان اكون غير مرئي لبضعة ايام،للتخلص من الأوساخ والثمل مع الآخرين،المهزومين،المقهورين، الملعونين....فهم الناس الحقيقيين في هذا العالم وكنت فخور بصحبتهم...
بدأ تشارلز بالخروج على قواعد الفن الذي وضعها هو نفسه،مخالف لقواعد الفن عندما يطلب من كاس الزواج ولكن كاس تعاجله بالانتحار...ذبحت رقبتها...عاجلته بالأمل المفعم للحياة...الآن قدر رحلت كاس..رحلت الأجمل في المدينة.
لم تصدر اي صوت،ولكني شعرت بدموعها...كانت رطبة وحادة وتنهمر من بعض الجراح المميتة في روحها،شعرها الطويل ينسكب عبر الرمال مثل علم الموت...
هذا النوع من الناس لو اتتهم الحياة يرفضونها من شدة ما رفضتهم،وهكذا يطرد تشارلز من عوالم الراحة عندما يحصل على الراحة لأنهه بحاجة الى طبيب وهذه هي مرثية النهاية:
عندما تقدم لك الحياة كل شيء ولكنك ترفضها...وعندما تطلب منها شيئا ترفضك هي الأخرى
قصة تشارلز قصة جميلة لشخصية لكاتب اراد ان يعيش الحياة كما هي
19/6/2021



#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة بييرا 1983 (ماركو فيريري):مسار تطوري غريب
- فيلم مارا 2015(يوميات الباصق في وجه الأدب)
- البحث عن ملجأ 1979: هدوء نسبي
- وداعا أيها القرد1978(ماركو فيريري):كل شيء ممكن حتى نحكي فيلم
- المنحى الكانيبالي عند ماركو فيريري
- المرأة الأخيرة 1976(ماركو فيري):هستيريا العلاقة
- لا تلمس المرأة البيضاء 1974(ماركو فيري):لمحة سوداء عن التاري ...
- الوليمة الكبيرة 1973(ماركو فيري):المحرك الديونيسي المعاكس
- ليزا 1972(ماركو فيري):من المرأة القردة الى المرأة الكلب
- الجمهور (المقابلة) 1971-ماركو فيري: الدلالة اللغوية والموقف ...
- (ماركو فيري):The Seed Man 1969 ما هو الممكن المختلف في هذه ا ...
- ديلنجر قد مات1969 (ماركو فيري):جلوكو وحديث الليلة الأخيرة
- حريمها 1967(ماركو فيري):نكوص الواقع القبلي
- زفة العرس 1965(ماركو فيري):نظريات في طبيعة العلاقة
- الانفصال 1969(ماركو فيري):الحقيقة المختفية خلف حقيقة مقتضبة
- اليوم،والغد،وبعد الغد 1965(ماركو فيري ومجموعة مخرجين):حفريات ...
- (ضد الجنس)-ماركو فيري:Counter Sex1964
- المرأة القردة 1964(ماركو فيري): ليس لأضفاء أي لمسة على نظرية ...
- العش الزوجي 1963(ماركو فيري):قصة ملكة النحل
- ماركو فيري:أفلام المرحلة الاسبانية الأولى


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - حكايات جنون اعتيادي1981(ماركو فيريري):أجمل نساء المدينة