أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد البدري - حرب الرموز بين أبناء العم















المزيد.....

حرب الرموز بين أبناء العم


محمد البدري

الحوار المتمدن-العدد: 1645 - 2006 / 8 / 17 - 07:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أيديولوجيا الرمز وفلسفة المرايا

بين السطو علي المقدس والسطو علي الأرض والعقل

لم نعرف نحن شعوب الشرق الأوسط الكبير أن للعرب أبناء عمومة ومفضلين علي العالمين وعليهم إلا بصلة القرابة المدونة في اللوح المحفوظ، رغم أن تاريخ الشعوب وصلاتها القرابية من المدونات الاثارية والتاريخية التي علي الأرض وليست في السماء. فالحقيقة هي ما نملكه وليس ما نؤمن به غيبا.



ما نملكه هي حروب ووقائع ملطخة بالدماء وارض يسعى كل طرف للسيطرة عليها. ولتبرير عدم الحسم وحتى تجري الأمور إلي مالا نهاية في هذه المذبحة فان العقل المنتج لها يلبسها ثوبا من القداسة والديمومة لا نهاية لها أيضا. ولننظر إلي أسماء المتحاربين " حزب الله " و " إسرائيل ". الاسم الأخير هو هبة ليعقوب بعد ان تغير اسمه بنــــــــــــاء علي توجيه مباشر من الله حسب ما جاء في سفر التكوين اصحاح 35. بقوله " وظهر الله ليعقوب ... وقال له ... لا يدعي اسمك فيما بعد يعقوب بل يكون اسمك اسرائيل". ويبدو ان يعقوب كان من القوة حيث تغلب علي الاله الذي ظهر له. وبعد ان صرعه واسره ثم اطلقه قبل طلوع الشمس بعد وعد بالبركة وتغيير الاسم الي اسرائيل. أي الذي اسر او صرع الاله ايل كما جاء بنفس السفر الاصحاح 32.



ثم مضي الرجل بعد تغيير الاسم ليدق عمودا في الارض ويدعوه بيت ايل كما جاء في سياق نفس السفر التوراتي. أي لتسجيله في الشهر العقاري والسجل الارضي، باعتبار ان ما يقوله الناس ليس بكاف لصدقيته بل الاثر والمدونات. فتاريخ الكلمة ونشاتها خضعت في الماضي الاسطوري لنفس العقل الذي يحمله كثير من سكان المنطقة.



منذ تلك التسمية سالت الدماء وبدات في الانتثار حربا اينما رحلت القبيلة الاسرائيلية سابقا او العربية لاحقا. كلها بعون الذين زيلت اسمائهم باسم ذلك الاله التوراتي المأسور. منذ ذلك الوقت وجميعهم اصبحوا ذو مهام وظيفية علي طريقة المصريين في انشاء الهتهم طبقا لما تحدده الوظيفة المرجوه منهم في عالم الحقيقة. عند المصريين، الكتابة والتدوين لها تحوتي والعدل والحق له اوزير وعليه فان جنود والهة العبرانيين باتت علي ذات الوزن كما في عزرائيل واسرافيل و ميكايل وجبرائيل.



العرب هم الوارثين لهذا التراث العبراني، وصاغوه ليكون علي مقاس أهل مكة. ثم علي مقاس اهل يثرب. القارئ للتراث العبراني يملا وجهه رشاش الدماء وريح اللحم المحترق. فالحروب وشريعة القتل انتقلت الينا عبر قريش. وحتي يكون النصر من حظهم فان الاسماء تلحق نفسها باسم الراعي للحروب والضامن لنصرتهم ثم بالجزاء وجنات النعيم. هنا في زمن الديموقراطية والاحزاب قام حزب الله علي طريقة العبرانيين عملا بقول المصريين في مدوناتهم " ان تورد كلام شخص ما معناه انك تبعثه". وعليه فالحرب الحالية لها رمزيتها في اسماء المتحاربين. وإنا لمنتظرون.



الموقف اختلف عندما انتقل التراث العبراني الي اوروبا فلم يكن حظها بافضل منا قتلا وتنكيلا. حاولوا هم اصلاح النصوص ليجدوا فيها ملاذا واطمئنانا فخانتهم الكتب وشرائعها. ظلت الكتب وذهب الناس وانتثرت الدماء وتقطعت الاوصال وارتكبت المجازر. فقالوا بان عقولهم مظلمة وعلينا اصلاحها. لم يكن الاصلاح كاف فقاموا بانارتها. منذ ذلك الوقت اختلفت الامور وتقدمت البشرية بخطوات تفوق سرعة البراق. ورغم ذلك لم تتوقف التوظيفات اللاهوتية، فاحزاب كثيرة تحمل الصفة المسيحية وتخسر في الانتخابات. بل وتفشل في احراز النصر. فلم يخجل احد ولم يغير رايه لا في الدين ولا الايمان، لانهم عرفوا وادركوا ان الاسم لا يقوم بالفعل انما الفعل هو الموكل اليه النتائج. الاسم عند البدائيين كفيل باتمام الامور وتحقق المراد بمجرد نطقه او ذكره في نظام السحر والطوطم. كان الساحر هو الوحيد صاحب الحق في ذكر اسم الاله والا وقعت الواقعة لو ان الدهماء والسوقة دنسوه بذكرهم اياه. فحق الملكية والاستخدام قديم قدم البشرية لاصحاب الصفوة او النخبة او مثقفي القبيلة.



وعندما تنحل الروابط الاجتماعية تنحل معها الروابط الفكرية الضامة للجماعة. هكذا انحلت قريش وقبلها بنو إسرائيل. فرغم تشابه مصيرهما فالفارق بين الاثنين عظيم. ذلك لان التاريخ وحده هو الذي في استطاعته ان يخلصنا من التاريخ. والمقصود هو هيمنة ماض جسده الواقع يوما في الماضي لكنه يعيش في الحاضر ومهيمنا عليه وعلينا وعلي كل من آمن او صدق به. بمعني ان الفكر الذي يرسم الحدود والنهايات لن يفضي باصحابه الي فكر لا يعرف الحدود او النهاية. وهو ذاته ما قاله ديكارت " لا اسمح مطلقا بان يسعي الفرد نحو الخطأ فيلجأ الي الاوهام والخيال. لذا فان معرفة الحقيقة قمينة بان نرتقي الي اقصي الكمال حتي ولو كانت في غير صالحنا. لهذا فعلينا ان نكون اقل مرحا لكن اكثر معرفة". أما عندنا ظلت بقايا ومخلفات قريش مع الاسم والاية والترنيمة، تلاوة بالصوت مع تضييع للوقت والزمن والتاريخ.



فالخداع الذي يرعاه و يمارسه الجميع في منطقتنا الموبوءة وتضييعهم للوقت والتاريخ يجعلنا في لحظة اكثر بؤسا واقل معرفة فنخسر كل شئ في آن واحد. وهو ما يذكرني بقول وزير خارجية قطر في الامم المتحدة مؤخرا محاولا تعديل قرارها بنشر قوات لبنانية بدلا من حزب الله " إذا اتخذت قرارات دون فهم الواقع اللبناني فسنجد انفسنا امام حرب اهلية"

ونسي السيد وزير الخارجية ان يسأل نفسه: وهل كان الواقع اللبناني بعيدا عنكم ايها السادة، الم تكونوا صانعية اصلا؟

وهو ما يذكرني بقصة الولد الشقي الذي ظل يكذب بانه يغرق ساخرا ممن علي الشاطئ. وفي لحظة الحقيقة لم يجد من ينقذه لانه لم يصدق مرة في حياته. فلماذا يسعفه من علي الشاطئ هذه المرة؟ فالنظم التي ظلت تصدعنا بعروبتنا لغويا، بالزن علي الودان، دون أي فعل لم تدرك ان العالم يعرف كم سكتت هذه النظم علي هذه الاحزاب الشقية وتماروا طويلا في غزلها وفي نفس الوقت يكذبون بان هناك دولة اسمها لبنان. كل مطالبهم منها صوتا لتاكيد التضامن العربي الكاذب في مجلس الجامعة. فهل يجرؤ كبيرهم عمرو بالاعتراف بانه كان يجلس في مقر جامعته ويعلم ان لبنان ليست ذات سياده علي الواقع وان حزب الله وآخرين كانت لهم الكلمة. فمن المسئول إذن عن ذلك الغريق الذي كذب باكثر مما ينبغي حتي كذبه الجميع عندما صدق بعد تاريخ طويل من الاكاذيب. هكذا اصبح الحال ليس فقط اقل مرحا بل اكثر بؤسا واعظم جهلا.



وعلي نفس المنوال تشكلت دول الشرق الاوسط القديم من جراء اتفاق سايكس بيكو. وصدق الحكام والامراء انهم باتوا في قامة تشمبرلن وكليمنصو وجورج واشنطن الملتزمون بمبدأ الواقع والارتباط بالحقيقة. وظللنا في الشرق نستدعي الاسماء باعتبارها كفيله بتحقق الرغبات. بل وتركت النظم من هم تحت امرتهم يرتعون طالما هم تحت نفس سقف الاسماء وافعالها السحرية. وقامت مؤسسات دولهم بمارسة ذات الطقوس السحرية التي مارسها البشر منذ الاف السنين. فالصورة الاجتماعية طالما رسمت عندهم بخلفية دينية او اسطورية. فلا مكتب مهني او حكومي الا واللوحة الجدارية بها ذات الاسم ونفس الترنيمة كذلك الاعلام. باعتبارها كفيلة بالقيام بوظيفتها علي اكمل وجه. متناسين ان العكس هو الحادث لان تاريخنا لم يخلصنا من ذات التاريخ. بهذا اصبح الموظف والرئيس والقائد العوبة في يد اللوحة والرسم والصورة والترنيمة والاية. يرددها قبل فعل أي شئ ويرددها بعد فشله فيما وجب عليه عمله. ارغمه الماضي الميت لان يصبح علي ما هو عليه الان. يقال في الاحصائيات ان الزمن الانتاجي للمصري لا يتعدي النصف ساعة يوميا. فهو يلعب لعبة الوهم والوظيفة في آن واحد. كونفوشيوس قالها باحكام مبررا مبدأ تبرير الاسماء ومطالبا الا يحيد احد عن وظيفته باعتبارنا سجناء اسمائنا ومهامنا ووظائفنا. فطالب الاب بان يكون ابا والابن ابنا والملك ملكا. كان بالفعل معبرا عن حقيقة الدخول الي المؤسسة عبر طقوس الاسم وحدود المعني. بهذا فهو يساهم في الابقاء علي الوظيفة والموقع بالابقاء علي الاسم وسحره في الجماعة. فهناك اذن ارتباط شرطي انعكاسي علي طريقة بافلوف بين الاسم والفعل لو تمت تلاوة الاسماء ونطقت الالسن بالتعاويز.



ما يحدث في لبنان هو فعل بعد ان تضخمت الغدد الاسمية ووصلت الي حد التسمية بحزب للذات العلية. والنتيجة لم ترقي حتي بقدر اماني وآمال البدائي في هبوط مطر او واثمار شجرة. فهل كل هذا التدمير هو انعكاس طردي لمدي ايمان اعضاء الحزب بالاسم ام انه متناسب فقط في الكم حتي ولو اختلف بالكامل في نوع النتائج.



حزب الله خطف الجنديين ليتحقق اسمه كمقاوم عند القوميين او مجاهدا عند الاسلاميين حتي ولو ذهب الواقع الي الجحيم. فهو هنا مهموم بالاسم فقط. فهو لا يريد خرق غلاف الايمان الذي يغلف المؤسسة. سلطة الرمز عنده اقوي من سلطته هو علي الارض. فسلطته علي الارض تحكمها قدرته الحقيقة فقط عندما تختبر مع العدو وليس قبل ذلك وليس بقدر قدسية الغلاف او عذوبة الاسم وجلاء الترنيمة. وهو ذاته ما ذهبت معه قريش قديما وبنو اسرائيل قبلها. في زمن العودة الامور اختلفت كثيرا بين ابناء ذات العمومة. فهل تنوير اوروبا ونتائجه حاضرة في هذا الصراع ام انها نبوة جديدة ينتظرها من يعتقد بان المخلص قادم لينقذ الجهلاء ومن لا يعرفون من الواقع الارضي او السماوي الا الاسم وفقط.



#محمد_البدري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في البدء كانت العلمانية
- الديموقراطية والخيانة الزوجية
- النووي الإيراني ومساومة التاريخ
- الإسلام والعلم نقيضان لا يلتقيان
- تحطيم الأصنام وطمس العقول
- مفاوضات المسلمين ومفاوضات العرب
- الإسلاميون في سدة الحكم
- رأسماليتنا بين ثقافة مشلولة ومركزية عرجاء وسلطة من خارج التا ...


المزيد.....




- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن
- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...
- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد البدري - حرب الرموز بين أبناء العم