أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد البدري - الديموقراطية والخيانة الزوجية















المزيد.....

الديموقراطية والخيانة الزوجية


محمد البدري

الحوار المتمدن-العدد: 1589 - 2006 / 6 / 22 - 09:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



منذ سنوات كتب د. فوزي منصور بعنوان " خروج العرب من التاريخ" يرصد فيه أحوال العرب المتحكمون بثقافتهم في منطقة الشرق الأوسط. وخرج بفكرة الخروج. لم يكن الرجل بعيدا عن الحقيقة بل أصاب كبدها. ولان فكر وإيديولوجية وثقافة الكاتب تعتمد علي التفسير المادي للتاريخ فقد كان مصيبا ثانية في رصده للسياق العربي وطبيعة حركته التي هي مادية أساسا. كان الالتحاف بالمقدسات والادعاء بأنهم يحكمون لصالح رب السماوات والأرض بينما المكاسب كلها كانت تصب في قصور الحكام. فبرغم زعمهم الدائم والمستمر بأنهم يتحركون طبقا لنصوص قرآنية أوحي بها من السماء، فالعرب منذ ظهورهم علي صفحة الشرق الأوسط قديما رافعين راية الإسلام إلا أنهم لم يقدموا نصا واحدا لإبراء ذمتهم من كل الأفعال التي علي أساسها اخذوا زمام الحكم والسياسة علي كل الشعوب المتعددة اللغات والثقافة من المحيط إلي الخليج. فاستخدموا كل الطرق والأساليب للبقاء في الحكم أو علي الأقل بقاء فكرهم الإسلامي حاضرا حتى ولو كان سلوكهم في الواقع يتفق وكل ما هو ليس بإسلامي ومناقضا لنصوص القرآن. ولن نتعرض ثانية لسلوك المسلمين الأوائل منذ حادثة الثقيفة مرورا بمذبحة عثمان وما تلاها فيما سمي بالفتنة الكبري لكننا امام مشهد آني واقع في لحظتنا الراهنة وتحت أيدينا ويجري علي الأرض التي هي عربية او افريقية طبقت الشريعة يوما ما.

ففي قضية البهائية الجارية في المحاكم المصرية وحرمانهم من ممارسة دينهم فان النص القائل بان لكم دينكم ولي دين او من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر لا نجد لها تطبيقا في الحالة البهائية. انما عسف وجور بالبشر وضرب للنصوص بعرض الحائط، مع الجور علي الحياة المدنية التي هي اصل الوجود. فهل استلاب الوجود المدني بات حقا لصالح ثقافة عربية لا موضع لها في النصوص القرآنية عند رجال الدين الاسلامي ويتخفي ورائها اناس يحاجون كذبا للبقاء في سدة السلطة الفكرية والثقافية وربما السياسية أيضا؟ والتي هي نفسها التي استلب العرب الحكم من شعوب الشرق. فما شرعية الثقافة العربية الاسلامية إذن؟ وما الداعي لان نتحدث بالعربية طالما ان تموضعها الاول كنص مقدس بعد ان كانت جاهلية، لا يعيره الاسلامييون التفتا؟

ولان الخلل الحقيقي في تطور الحكم والسلطة والدولة في الاسلام مرده ان اسلام النص لم يكن حاضرا ابدا بينما عربنة السياسة تضع نفسها علي نفس منوال العالم شرقا وغربا بقوانين ذلك الزمان، حيث تتاح كل الوسائل الاخلاقية وغير الاخلاقية، ثم يتم التبرير فيما بعد بالاستغفار او طلب المغفرة او الاستبراء مما حدث، مع البقاء في السلطة دون خجل او تانيب ضمير. اما في ظل الحكام الغير عرب وهي الاطول بكثير في ظل اسلمة المنطقة فان نفس المنهج السابق تبناه رجال الدين منذ ابن تيمية حتي وقتنا الراهن.

الحالة البهائية ليست الأخيرة كاشفة لما قدمناه، و لكنها حلقة من مسلسل طويل يمر أمامنا ولا نتوقف عنده لاننا في توهان بين نصوص غير فاعلة وبين سلوكيات واعراف ضاغطة باستبداد لكل ما هو مناقض للنصوص. ففي مصر، ما الذي يدفع برجل مثل مهدي عاكف لان يسب المصريين ووطنهم الذي هو منه الا اذا كان ملتاثا بالسلوك التاريخي في احتقار للشعوب وتحطيم لمنجزاتها الحضارية والفنية ومتناسيا النصوص التي يوهمنا بتطبيقها لو تولي الحكم ويبث الرعب في قلوب من يسعي لحكمهم. وما الذي يدفع برجل كالطبطبائي، في الكويت، وهو يشغل منصب عميد كلية الشريعة الإسلامية وعضو بالبرلمان ليفتي في الانتخاب وفي مجال لا يعرف المسلمين ولا تاريخ العرب له أمرا؟

عناصر ألازمة الطبطبائية يمكن حصرها في الآتي: رجل، وزوجته، وصندوق انتخاب، وأعضاء مرشحين، وعملية بها ممارسة حرة أو اختيار ديموقراطي، ومناخ عام مكشوف لا عورات فيه، مع خصوصيات وراء ستار تتساوي فيه المرأة والرجل أثناء الاقتراع. فهل هناك تشابه ما أو علي الأقل شبه ممارسة للجنس؟

فالعقل العربي المشغول ومتوهما علاقات الشرف والجنس والجماع والخيانة جعلت الطبطبائي العارف بالشريعة باكثر مني يفتي قائلا " لا مانع شرعا من مشاركة المرأة في الانتخابات لان الانتخاب عملية توكيل والمرأة في الإسلام ليست ممنوعة من توكيل إنسان للتعبير عن إرادتها"! فهو يرى ان مشاركة المرأة رغم انها "منكر" ولكن يجب القيام به لرد منكر اكبر منه! وهو يعتبر الامر واقع في خانة " درء المفاسد مقدم على جلب المنافع"
هذا الطرح ليس غريبا بل ويتفق مع تاريخ الاسلام المناقض لكل النصوص.
وبتحليل كلام الطبطبائي سيتضح نوع المفاسد المطلوب درئها. فعدم مشاركة المراة سينتج عنه مفسدة. أي ان احتكار عمليات الاقتراع للرجال فقط هي مفاسد ستنجلي وستدرأ لو شاركت المراة. فهل الحكم الاسلامي الذكوري طوال الحكم بالاسلام كان مفسده؟ لكنه سرعان ما يستدرك الامر ويعيدنا الي مربع المفاسد الاول كما سنري لاحقا.

صوت الزوجة بيد الزوج شرعاً

أفتى عميد كلية الشريعة د. الطبطبائي ان صوت الناخبة المتزوجة سيكون مسيرا وفقا لاختيار زوجها حتى وان رغبت بالتصويت لمرشح لا يرغب هو به. وأكد الطبطبائي ان الزوج إذا ما رهن طلاق زوجته بالتصويت لمرشح محدد من المرشحين فان الطلاق يكون واقعا في حال عدم التزامها بالمرشح الذي يطلب منها هو التصويت له حتى وان خالفت سراً ولم تخبر الزوج. ورغم ذلك فقد أكد الطبطبائي أن ذلك لا يعد ملزما للزوجة بالتصويت لمن يطلب منها الزوج التصويت له شرعا إلا أن الطلاق بذلك يكون واقعا اذا ما علقه الزوج بالتصويت لمرشح محدد. بهذا اعاد رجل الشريعة الاول في الكويت مناخ المفاسد التي ربما في حاجة لما اكثر من صوت المراة لدرئها. فلماذا يدور العقل العربي حول نفسه ليعود دوما الي الحالة الصفرية التي بدأ منها؟

المسكوت عنه في عقل الطبطبائي ومن يجري علي شاكلته من المتاسلمين ان العصمة، كما انها في يد الزوج اسلاميا، فان عقل المراة السياسي هي ملك يمينه. واي استخدام له في غير موافقة منه، لصالح ذكر ليس علي هواه السياسي، يخرجها من املاكه للسوق بحثا عن عائل آخر او الاعتماد علي مؤهلاتها التي كانت في عصمته او ملكيته من قبل..
هنا وبقليل من التفكيك لوضعية العلاقة التاريخية بين الذكر والانثي عند العرب وبين علاقات الملكية في تطورها الحضاري عبر انماط حضارية فان مفهوم ملكية العقل والصوت الانتخابي والاختيار الحر الديموقراطي يهبط بالسياسة الي مفهوم الجنس والخيانة والزنا بملكية الجسد قديما مضافا اليه العقل والصوت الانتخابي حديثا عند العقل العربي. ويتم الترميز لها في العقل البدوي بفكر الاختلاء والحجاب واستحضار الذكر والخوف من اعلان الامر.

ولان الطلاق لا يقع الا لعلة الزنا كما في الاصولية المسيحية وان الاسلام يسر لا عسر فان الطبطبائي قد عسر ولم ييسر وبات مسيحيا ارثوذوكسيا. فجمع بين العقل والسياسة وبين الانتخاب والخيانه. واصبحت شبه التفكير السياسي في مرشح غير ما يرتضيه الزوج علة زنا تستوجب الطلاق.
كان الجاهلي إذا اعجبه رجل ذو فحولة او صفات قوية يبعث بامراته بعد ان يعتزلها لتاتي له بولد منه. كان الاختيار للفحل ضمن صلاحيات الزوج. وموافقته تنفي شبهة الزنا، ولن يحول دون رجمها بتهمة الزنا الا استخدام رغباته الخاصة في الاستبضاع علي هواه ومزاجه الشخصي أي باختياره الحر للفحل الذكري قديما والذي استبدل بالمرشح البرلماني حديثا. أما اختيارها الخاص فلا محل له الا بكونه زنا فاضح، يستوجب الطلاق. فلو اننا اسقطنا كل رموز العملية الانتخابية علي النمط الطبطبائي وزواج المباضعة فيالها من جاهلية يعيشها الاسلام السياسي.
فالاستبضاع البرلماني في العملية الانتخابية من مسببات الطلاق. هنا نجد احدي طرق الزواج الجاهلي حاضرة وتتماهي فيما هو سياسي بعد ان اسكتتها الممارسة الحضارية طويلا.

المشهد الثالث في السودان حيث افتي الترابي، وما ادراك ما الترابي، بانه لا مانع لديه في ان تؤول رئاسة السودان الي مسيحي او امرأة طالما كان من يتسلم المنصب عادلا ونزيها، معتبرا ان الشريعة حرفت عن معناها الحقيقي. او ان تؤم النساء الولاية والصلاة. وعليه فقد طالبه البعض بالعدول عن كلامه وان يستتاب والا اقاموا عليه الحد كمرتد. واضاف الترابي: انه لا ديانة ولا جنس الرئيس يمكن ان تطرحا اي مشكلة، ردا علي سؤال ان كان يمكن للسودان ان يختار رئيسا مسيحيا. ويقول اذا كان هناك مرشح مسيحي نزيه وقادر علي مقاومة التأثير الفاسد للمنصب الحكومي، وكان نزيها ولن يستخدم نفوذه ضد الاخرين، سانتخبه . ويضيف كما انه لا توجد لدي مشكلة في ان انتخب امرأة .
ويقول الترابي (74 عاما) ان الناس لا يفهمون ما هي الشريعة. انهم يعتقدون انها نظام قانوني، لكنها في الحقيقة نمط حياة .

هنا يشترك الترابي والطبطبائي في انهما رجحا انماط الحياه لبعض المجتمعات، قديما او حديثا علي ما يقولان بانه شريعة وان مجرد الجاهلية الاولي بنظم زواجها حتي ولو تلبست ثوبا سياسيا لها من القوة والاهلية للحضور القانوني والتشريعي بما يفوق لكونه شريعة اسلامية. وهذا يرجعنا الي القضية الاولي الا وهي البهائية التي هي جماع لكل ايجابيات الاخلاق في الاديان السماوية واعتراف بها ككل وتغاضي لما يفرقها. ففي حلقة نقاشية عنها علي الشاشة الصغيرة اكتشف المشاهد بان ما يقوله البهائيون ليس سوي جماع ما تقول به الاديان السماوية. ومع ذلك يقف منها الاسلاميون موقف التكفير والرفض و يفضلون الانماط الجاهلية وانماط اخري ثم يهددون بالكفر والخروج عن الملة والارتداد. فهل نحن نعيش صحوة اسلامية وتصحيح وتجديد ام اننا نستورد جاهليات عربية ونصف بها انفسنا رغم ان تاريخ شعوب الشرق الاوسط، عدا جزيرة العرب لم يكن لها في الجاهلية من شئ؟



#محمد_البدري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النووي الإيراني ومساومة التاريخ
- الإسلام والعلم نقيضان لا يلتقيان
- تحطيم الأصنام وطمس العقول
- مفاوضات المسلمين ومفاوضات العرب
- الإسلاميون في سدة الحكم
- رأسماليتنا بين ثقافة مشلولة ومركزية عرجاء وسلطة من خارج التا ...


المزيد.....




- قيادي بحماس لـCNN: وفد الحركة يتوجه إلى القاهرة الاثنين لهذا ...
- مصر.. النائب العام يأمر بالتحقيق العاجل في بلاغ ضد إحدى شركا ...
- زيارة متوقعة لبلينكن إلى غلاف غزة
- شاهد: -منازل سويت بالأرض-.. أعاصير تضرب الغرب الأوسط الأمريك ...
- الدوري الألماني ـ كين يتطلع لتحطيم الرقم القياسي لليفاندوفسك ...
- غرفة صلاة للمسلمين بمشفى ألماني ـ مكان للسَّكينة فما خصوصيته ...
- محور أفدييفكا.. تحرير المزيد من البلدات
- خبير ألماني: بوتين كان على حق
- فولودين: واشنطن تضحّي بالآخرين للحفاظ على القطب والواحد
- فرنسا تتهم زوجة -داعشي- سابقة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد البدري - الديموقراطية والخيانة الزوجية