أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد البدري - النووي الإيراني ومساومة التاريخ















المزيد.....

النووي الإيراني ومساومة التاريخ


محمد البدري

الحوار المتمدن-العدد: 1588 - 2006 / 6 / 21 - 09:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الخبرة المصرية مع إسرائيل تقول بان الاسرائيلين لن يتهاونوا للحظة واحدة لو أن هناك خطر ما يحيق بهم. فهم ليسوا من نوع البشر الذي ينتظر للقيام برد الفعل لكنهم دوما مبادرين للأخذ بزمام الأمر وعدم تركه يفلت من أيديهم. فجميع الحروب التي خاضوها دفاعا عن أنفسهم خضعت لذلك المبدأ بما فيها حرب 73 لو أننا دققنا في المعلومات والبيانات المتاحة. فما بالنا لو اطلعنا لما خفي من وثائق. كان ضرب المفاعل النووي العراقي تطبيقا للمبدأ الأمني الإسرائيلي وحصار واقتحام بيروت تطبيقا عمليا آخر.

لهذا تبدوا قضية الصمت واللكاعة وعدم اتخاذ موقف مشابه من قضية تخصيب اليورانيوم الإيراني مربكة خاصة إذا ما تابعنا المماطلة الأمريكية المماثلة وإطالة أمد المباحثات والتصريحات المتضاربة والتنويهات مع التهديد أحيانا بقرب وقوع الواقعة إلي نقيضها من قبول المباحثات والجلوس لبحث الأمر سلميا. فإيران رغم أنها تحمل فكرا أصوليا إسلاميا شيعي الهوى والمذهب إلا انه ليس علي نفس الدرجة من الهوس السني الأصولي. فالأخير لا تؤمن عقباه مهما كانت الوعود والضمانات، لا لسبب سوي انه لم يرتكز يوما إلي أيا من الفلسفات العاقلة الإنسانية بعكس الفكر الشيعي الذي تعرف وامتص الكثير من انسانيات الفكر اليوناني والأوروبي. تبدو المشابهة واختلاف الفصيلين في مسالة الرهائن ثم إطلاق سراحهم في عهد الخميني المتشدد مقارنة بضرب برجي التجارة من قبل أهل السنة ومن يقال عنهم في حضن الامريكيين. المقارنة تقول بمدي ما يذهب إليه فكر الشيعة وفكر السنة من تخريب إسلامي.



فالمتابع للازمة النووية الإيرانية عليه بملاحظة البوصلة الإسرائيلية قبل أن يندمج إلي حد التوهان في تلك الأمواج المتلاطمة من تصريحات نجاد وملل الله المرتبطين به من جهة وأمريكا من جهة والاتحاد الأوروبي بزعامة ألمانيا من جهة أخري. فالمعني بالأمر واقصد إسرائيل، صامتة تماما رغم كونها أول من سيتعرض للخطر بينما الأطراف الأوروبية والأمريكية والروسية والصينية تعيش في ضجيج التصريحات كما لو كانوا في مولد صاحبه غايب.



فالقضايا والملفات الساخنة بين الولايات المتحدة وايران كثيرة ولن ترضي امريكا بحل ما مالم ترضي به اسرائيل. أي ان الحل مرهون بالاثنين. اما اشعال الحرب في المنطقة فهو مرهون بفرد واحد متهور كعادة العالم العربي الارعن او الاسلامي المتهور. فهل الحرب المشتعلة الان في العراق هي ضمن التسوية النووية ام ان الملف النووي ليس سوي ورقة تلعب بها ايران وستلقيها ان عاجلا او آجلا لصالح الارض والهوية والمستقبل في العراق وفي الشرق الاوسط عامة؟



فعلي من ترتكن ايران لو اننا اخذنا تصريحات نجاد النارية موقف الجد وخاصة ان آخر المتهوريين في اقصي الشرق ومن يعتقدون في الايديولوجيا الشمولية ويعتبرون الظهير النووي لكل فقراء العالم وياخذون علي عاتقهم العمل بالمنافستو النووي " يا نوويوا العالم الثالث اتحدوا " قد اسلم نفسه للمراقبة النووية وصمت صمت القبور رغم ان عدائه للوحش الراسمالي الامريكي اكثر من عداء ايران له. فكوريا الشمالية، المقصود عنها الحديث، وافقت بعد مماطلة اختها الجنوبية في شبة القارة الكورية علي كل الشروط التي في حقيبة البرادعي. فهل كانت كوريا الشمولية من البلاهة بتسليم كل الاوراق مجانا ام انها ادركت ان النووي لا فائدة منه في زمن يتقارب فيه العالم علي اسس من التعاون الراسمالي وتفكيك فكرة الصراع لصالح بناء فكرة التكامل والمشاركة وتعطيل فكرة الحرب لصالح فكرة الديموقراطية والسلام



وهل نفع السلاح النووي اصحابه؟

إلا فيما سلف



بالقطع كانت لدي اسرائيل الكثير من الرؤوس النووية وقت عبور المصريين قناه السويس في العام 73. لم يضع المصريون الحساب النووي في اعتبارهم وعبروا. وهو ذاته ما تم بعد ذلك علي الجانب الاخر. فلم يشجع السلاح النووي اسرائيل علي البقاء والاحتفاظ بسيناء لكنها انسحبت وهي تملك اكبر قوة تدمير نووي تقدرها الاحصاءات بانها السادسة في العالم. ولا يعقل ان تكون الاسلحة التقليدية اكثر ردعا من النووي لانها في حاجة الي كثافة بشرية لا يمكن ان تفيرها اسرائيل. لقد انسحبت اسرائيل من اكبر مساحة ارض استولت بعد درئها لخطر اكبر قوة ضاربة في الشرق الاوسط، دفاعا عن نفسها، ولم يضعها النووي في موقف الصلف والاحتفاظ بالارض باعتبار ان من تفاوضهم لن يقدروا عليها باعتبارها قوة نووية. وهنا علينا التدبر في مدي صدق عقيدة من النيل الي الفرات التي يمكن ان تتحقق بالردع والتهديد النووي، ام عقيدة السلام والتعاون القائم علي القدرات التي يمكن تنميتها لو اننا جادون في اقوالنا.



فإذا كان الردع النووي لكلا من السوفييت والامريكين اوصل كلاهما الي موقف متوازن بعد الحرب العالمية الثانية وطوال الحرب الباردة، ومنعهما من شن الحرب، واستبدل بالاذاعات الموجهة والدعاية وتسريب السلع كاللبان الشيكلتس والبنطلونات الجينز الي آخر المشهيات الاستهلاكية الامريكية فان تلك السلع باتت اقوي من النووي الف مرة. فانهارت امبراطوريات وتفككت احلاف وارتدت ايديلوجيات وفتحت اسواق وانقلب مفكرين دون قنبلة نووية واحدة، بعد استخدامها ضد اليابان فقط. فالعمل والانتاج والاستهلاك وزغللة الابصار بما لا عين رات ولا أذن سمعت قلب كل شيء فكفر اصحاب الاخدود الماركسي بما كانوا به فرحين. وانضموا الي اصحاب الفكر الحر النقدي المتجدد وحرية التعبير وحق العمل والتظاهر لو ان الشروط اختلفت عما يرضي الطرفين. فالنووي لم يهدم حائط برلين بل هدمه البشر بنفس المعول الذي بناه.



واسرائيل التي تحوز القدرة النووية السادسة في العالم من حيث التدمير مستعدة وجاهزة للانسحاب وترسيم الحدود الان ولو بمفردها لعدم وجود شريك فلسطيني لها . بل وتقلص حجم الصراع بينها وبين سوريا الي حدود امتار عدة علي بحيرة طبرية باعتراف المسؤولين من الطرفين. وانسحبت من جنوب لبنان طبقا لما يردده القومجية واحزاب الله وملائكته ومعهم المتاسلمين بفعل المقاومة رغم ان النووي الاسرائيلي يسمح لها بمسح جنوب لبنان وابادته، وهو ما لم يحدث. فاسرائيل، طبقا لآخر الاحصائيات المنشورة في العام الحالي هي السادسة في نسبة الانفاق من الدخل القومي العام علي الدفاع. ولم يسبقها من دول المنطقة سوي عمان وقطر وتليها في الموقع السابع الكويت بينما تقع كوريا الشمالية في اول القائمة سابقة لكل دول العالم. فاذا كان النووي له فعل السحر والردع فلماذا سلكت كوريا الشمالية مسلكها الاخير؟ وما حاجتها إذن لاضاعة الاموال في التسليح التقليدي لتكون الاولي في العالم حسب احصاء مجلة الايكونوميست للعام 2006. فلا النووي يضمن الاستحواز علي الارض بالقوة ولا يردع من تسول له نفسه اطلاق الصواريخ. ولا يحافظ علي الايديولوجيات داخل اسوار برلين والاسوار الحديدية. فلماذا تصمم ايران علي النووي إذن؟ في زمن ما زال السلاح التقليدي له نفس الدرجة من الاعتبار وان مشهيات الانتاج والاستهلاك وبرامج السوق والانفتاح اقوي واكثر ردعا والحاقا بالهزائم بل واكثر شهية للانضمام الي اصحابها بدلا من التصارع معهم؟



الجغرافيا هي الاصل.



فالشرق الاوسط الذي تحول الي اسطبل تم تفريغه من كل الحضارات المكونه له والتي تفاعلت علي ارضه لصالح التبديد العروبي والاسلامي واصبح بالفعل فراغا علي حسب قول ايزنهاور في مشروع ملئ الفراغ. لم يكن خروج الاستعمار التقليدي هو الذي خلق الفراغ طبقا لما اشعه القوميين في زمن التحرر القومي، إنما الفراغ كان موجودا قبل رسو سفن نابليون في خليج ابي قير بزمن طويل. وكانت المنطقة مفرغة من أي فكر او ثقافة يخرجها من ظلمات الجهل والتخلف او نظام سياسي يعرف اهدافة الداخلية بعيدا عن نظام الجباية والولاية والتسلط. وظل الامر علي ما هو عليه حتي بعد عصر الثورات الوطنية العربية. ومع فشل النظم الثورية خرج الجنين العجوز ممثلا في الاسلام السياسي ليفتي بان اسلام المنطقة، شعوبا ونظم، ليس بالقدر الكافي للقيام بالنهضة. وهو ذاته ما يردده الداعية عمر خالد بانه يريد عمل نهضة لمجرد الجلوس وحشو عقول الناس بنفس ما يملا الكتب الصفراء التي اخرجت ابن لادن وزمرته وحكمت المنطقة لقرون طويلة فحولتها الي فراغ. أي ان المنطقة لا زالت تدور في نفس فراغها القديم بشياكة الكرافته وعبق السفر الي كوبنهاجن للتسوية الفلسطينية المتعسرة بفضل حكام منطقة الفراغ مرة، او السفر لتسوية قضية افتعلتها مجموعة صور كاريكاتيرية مرة اخري. وعليه فما زالت الاساطيل التقليدية حاملة قوات الاستعمار القديم لها ذات الاسباب للرسو ثانية وهو ما حدث مؤخرا في العراق وافغانستان. فرغم ان المنطقة تعج باللبان الشيكلتس والجينز وكل اسلحة التدمير الشامل التي اسقطت الاتحاد السوفيتي وجعلت القيادة الصينية تستبدل زي ماوتسي تونج وترتدي البدلة والكرافته الا انها لم تفهم ما وراء الحداثة ولن نقول زمن الصناعة وشروط القرنين التاسع عشر والعشرين. فإذا كان التهديد النووي لدول المنطقة يهدف للاعتراف باسرائيل فالجميع يعترف بما فيهم الفلسطينيين. لكن ما لم يتغير هو التخلف المزمن الذي يحافظ عليه اصحابه.

قال شاعر الجاهلية " اليوم خمر وغدا امر ". اسلام ايران ارتكب جرائم التكفير والاستباحة، لكن اهلها قاموا بدور مختلف بعد الحادي عشر من سبتمبر بالمساهمة في اسقاط طالبان وصدام. وهي اوراق اعتماد اذا ما اعيد ترتيب المنطقة بعيدا عن فلسفات التطرف. بهذا فان طهران تقول بان الامس خمر واليوم امر. فجاءت بنجاد وعنتريته الهوجاء المشابهة لعبد الناصر، ليقول " اليوم تطرف وغدا عقلانية" وفي قول آخر " اليوم فوضي وغدا نظام" لتملا فراغا شاغرا في العراق الذي هو بالاساس ارض بابل القديمة وامتدادا الي الغرب من ارض فارس بوجه غير عربي ولها وجه إسلامي خاص بها ومن المحمول الفلسفي ما تضج منه مضاجع اهل السنة، الذين يملؤون المنطقة فحولوها الي فراغ. انه ذات الفراغ القديم الذي في حاجة الي تبديد اوهام اهل السنة وتهديدهم الدائم للحضارة.



#محمد_البدري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلام والعلم نقيضان لا يلتقيان
- تحطيم الأصنام وطمس العقول
- مفاوضات المسلمين ومفاوضات العرب
- الإسلاميون في سدة الحكم
- رأسماليتنا بين ثقافة مشلولة ومركزية عرجاء وسلطة من خارج التا ...


المزيد.....




- حادثة طعن دامية في حي سكني بأمريكا تسفر عن 4 قتلى و7 جرحى
- صواريخ -حزب الله- تضرب صباحا مستوطنتين إسرائيليتن وتسهتدف مس ...
- عباس يمنح الثقة للتشكيلة الجديدة للحكومة
- من شولا كوهين إلى إم كامل، كيف تجمع إسرائيل معلوماتها من لبن ...
- فيديو:البحرية الكولومبية تصادر 3 أطنان من الكوكايين في البحر ...
- شجار جماعي عنيف في مطار باريس إثر ترحيل ناشط كردي إلى تركيا ...
- شاهد: محققون على متن سفينة دالي التي أسقطت جسر بالتيمور
- لافروف: لن يكون من الضروري الاعتراف بشرعية زيلينسكي كرئيس بع ...
- القاهرة.. مائدة إفطار تضم آلاف المصريين
- زيلينسكي: قواتنا ليست جاهزة للدفاع عن نفسها ضد أي هجوم روسي ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد البدري - النووي الإيراني ومساومة التاريخ