أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - صباح كنجي - المرأة التي انقذتني من موت محقق..














المزيد.....

المرأة التي انقذتني من موت محقق..


صباح كنجي

الحوار المتمدن-العدد: 7001 - 2021 / 8 / 27 - 22:58
المحور: سيرة ذاتية
    


حكايتي مع الموت.. الذي نفذت من براثنه عدة مرات.. في أزمنة وأوقات مختلفة.. مازلت لا اصدق كيف فلت من بعضها.. تتجدد مع رحيل (كُرْجيْ خلف قاسو) هذه المرأة الطيبة والشجاعة من قرية ملا جبرا.. التي ودعتنا في أجواء المانيا بتاريخ 24 آب 2021..
قد لا يكون الاسم شائعاً.. وقد يكون رحيلها للبعض غير مهماً.. بحكم عدم معرفتهم بها.. كأي عراقية ـ أو عراقي ـ أكملت فصول حياتها ورحلت مع دورة الزمن.. خاصة وإنها تجاوزت العقد الثامن من عمرها.. وهو لا يختلف عن عمر الكثير ممن ولدوا في العراق ونشأوا في أجواء محنه.. وكابدوا كغيرهم من خسارات مؤلمة وقاسية تتالت مع الزمن.. وليست الراحلة كُرْجيْ استثناءً..
هكذا كانت صفحات حياتها تحمل بين طياتها الكثير من التفاصيل والفواجع.. منذ ان كانت طفلة تشارك ابيها وامها جانباً من نشاطاتهم الفلاحية في أطراف قرية ملا جبرا.. الملاصقة لـ باعذرة في سهل نينوى الذي يعانق شعاب الجبل.. ليذكرها بشقيقها الصغير (خيري خلف قاسو) الذي تطوع مع المقاومة الفلسطينية بعد منتصف الستينات.. وانضم لصفوف الفدائيين.. فانقطعت اخباره.. ولم يعرف شيئاً عن مصيره وبقيت تحلم بلقائه وهي في الغربة بين المانيا وبلجيكا والسويد حيث يتوزع أولادها واحفادها..
وكانت ثاني خسارة تتعرض له العائلة.. بعد ان استشهد شقيق زوجها (حجي خرمه) في معركة بطولية للأنصار.. اثناء محاولة اقتحام مركز شرطة القوش.. وبقيت تربي أولاده مع أولادها وهي في مقتبل العمر.. وتكثف من عملها في الزراعة لغاية اعتقال زوجها عام 1974 داخل مدينة القوش.. ومصادرة سيارته بحجة التعاون مع الثورة الكردية..
تلاها فقدانها لأبنها البكر (أمين) في الحرب العراقية الإيرانية عام 1988.. الذي ترك من بعده زوجة واطفالاً في عمر الزهور.. لتحتضنهم الجدة الطيبة (كُرْجيْ) التي واصلت كفاحها وهي تكدح بنشاط وحيوية مشفوعة بالصبر.. دون ان تتوجع او تشكو من تعب او تعبس بوجه قريب او بعيد..
كانت مثالاً للمرأة العراقية التي تدوس على جراحها.. وتكتم آلامها.. وتسعى لنشر الأمان في محيطها رغم حجم المخاطر التي كانت تحيط بها.. وبغيرها في فترة الحرب.. بحكم وجودها في منطقة ينشط فيها الأنصار الشيوعيين والبيشمركة..
وكنت من بين الذين يترددون على قرى سهل نينوى.. التي شهدت مواجهات مستمرة مع الجيش وعناصر الأمن والمخابرات وتشكيلات المرتزقة الجحوش.. من منظومة استخبارات المنطقة الشمالية التي كان يقودها المجرم رائد أحمد التكريتي في حينها..
وابتدع أسلوباً جباناً في التخفي بين الأهالي.. ليقنص عدداً من الأنصار.. بعد ان يوقعهم في شبكة كمائنه داخل القرى والبيوت.. ليفتح عليهم النار من بعد أمتار قليلة.. يصعب معها المواجهة بعد أن تيقنوا من دخول القرى واعتبروا وجودهم في ازقتها آمناً ليتفاجؤوا.. بمن يطلق عليهم النار بغزارة لا تسمح لهم حتى بسحب اقسام او اي شكل من استخدام بنادقهم في المواجهة القاتلة..
وكاد هذا ان يحصل معي برفقة النصير (يوسف صليوه ـ الدكتور أبو ناتشا) وانا أتوجه نحو قرية ملا جبرا.. قبل ان يحل الظلام.. حينما توجهت عبر طريق كابارا.. رغم حذري شيئاً فشيئاً نحو الوادي في أسفل القرية.. لموعد مع عدد من المناضلين الشباب في التنظيم السري.. كان من المؤمل تحقيقه في تلك الليلة.. وجميعهم طلبة في مدارس ومعاهد الموصل وكلياتها..
لكن المفاجأة حدثت.. ونحن نقترب من البيوت.. حينما لمعت مرآة عاكسة من شباك صغير في علية سطح.. انتبهت لها.. واعتبرتها تحذيراً.. من احتمال وجود كمين سينهي حياتنا لا محالة.. خاصة وان اية إمكانية للتراجع غير متوفرة وممكنة.. بعد ان أصبحنا تحت حكم نيرانهم.. ونبهت أبو ناتاشا وكان يبعد عني مسافة مترين فقط.. لكي يتحكم بأعصابه.. ولا يتراجع.. ونبقى نستمر في التقدم نحوهم لحين وصولنا الى اخدود بيننا وبينهم بعد عدة أمتار.. سنقفز اليه كالكنغر لنحتمي من رصاصهم.. وهو الحل الوحيد الذي امامنا.. وكنت في كل خطوة أتقدم نحوهم.. اشعر بأن إطلاق الرصاص علينا سيتم بين لحظة وأخرى.. وانا اترقب المشهد وحركة المرآة التي تعكس ضوء الشمس.. وزاد من قناعتي بأنه كمين محكم لا محالة.. حينما اقتربنا بضع خطوات أخرى نحو الهدف والكمين المتربص بنا..
وحسم المشهد بحركة امرأة لمآزرها تلوح به نحونا.. كأنها تولول وتستنجد بالسماء.. ان نتوقف ولا نتقدم خطوة نحو حتفنا.. فتيقنت اننا أصبحنا في دائرة الموت.. وما هي الا خطوة او خطوتين وسنكون في الأخدود الذي يمكن ان نحتمي به..
وقفزنا في ثواني نحوه فأمنا المواجهة.. وبقي خطر التقدم نحونا لتطويقنا.. ولكي احسم هذا الاحتمال بادرت لإطلاق النار على الكمين المختبئ بين الناس.. وانسحبنا عبر الأخدود المائي نحو مقدمة الجبل ننتظر حلول الظلام.. كي نبتعد وننجو من طوق الموت.. بمساعدة الراحلة (داي كُرجي ـ الأم كُرجي).. هذه المرأة الشجاعة.. التي ذكرتنا بالكثير من الأحداث التي مرت على العراق وعاصرها العراقيون..
سلام للراحلة داي كُرجي
سلام لمن يرحل ويترك للآخرين ذكرى طيبة وشعاع من محبة ووفاء
ـــــــــــــــــــــــ

27/8/2021
المانيا ـ هامبورغ
ـ مقتطف من حكايا الأنصار والجبل



#صباح_كنجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة الى.. الرئيس الأمريكي جو بايدن
- رسالة الى الرائد صباح الحمداني..
- كتاب كنت أتمنى ان لا اقرأه..
- اسطورة ( مير مح ) وفلسفة الموت عند الإيزيدية ..
- أبو تحسين وتلك الصور التي اعلنت نهاية الدكتاتور ونظامه الدمو ...
- برنامج القيثارة يُهين الفن والفنانين..
- رسالة خاصة الى الشيوعيين في العراق..
- وقفة مع الشاعر هوشنك بروكا بحضور إبراهيم محمود
- لإيزيدية.. محاولة للبحث عن الجذور رحلة في أعماق التاريخ
- لا لحكومة تشغل نفسها ببطل العرق!
- عن غير المؤهلين في هذا العصر
- حكاية ليست للأطفال بمناسبة العام الجديد..
- مع الاحتجاجات الثورية في كردستان
- ليكن يوماً فاصلا ًفي تاريخ العراق..
- المقدمة.. هذه اليوميات وما فيها..
- رواية الهجرة غرباً
- تعالوا نتوقف لحظة امام هذا الكم الهائل من العنف في العراق!
- حكاية الآغا مصطفى ..
- هذا بعض الوفاء لك يا حسون ..
- عراقيون في المانيا 2.. الشاعر مؤيد الراوي .. (2)


المزيد.....




- من الحرب العالمية الثانية.. العثور على بقايا 7 من المحاربين ...
- ظهور الرهينة الإسرائيلي-الأمريكي غولدبرغ بولين في فيديو جديد ...
- بايدن بوقع قانون المساعدة العسكرية لأوكرانيا وإسرائيل ويتعهد ...
- -قبل عملية رفح-.. موقع عبري يتحدث عن سماح إسرائيل لوفدين دول ...
- إسرائيل تعلن تصفية -نصف- قادة حزب الله وتشن عملية هجومية في ...
- ماذا يدخن سوناك؟.. مجلة بريطانية تهاجم رئيس الوزراء وسط فوضى ...
- وزير الخارجية الأوكراني يقارن بين إنجازات روسيا والغرب في مج ...
- الحوثيون يؤكدون فشل تحالف البحر الأحمر
- النيجر تعرب عن رغبتها في شراء أسلحة من روسيا
- كيف يؤثر فقدان الوزن على الشعر والبشرة؟


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - صباح كنجي - المرأة التي انقذتني من موت محقق..