أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - طارق المهدوي - الفاشية الاستعمارية والفاشيات المضادة للاستعمار














المزيد.....

الفاشية الاستعمارية والفاشيات المضادة للاستعمار


طارق المهدوي

الحوار المتمدن-العدد: 6991 - 2021 / 8 / 17 - 12:19
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


إذا كانت الغرائز الأساسية للبشر كغيرهم من الكائنات الحية تتضمن شعوراً بالانتماء إلى مكان الميلاد والنشأة المعروف في علم السياسة باسم الوطن، مع شعور بالانتماء ليس فقط إلى الأسرة والعائلة لكن أيضاً إلى القبيلة بل وإلى كل الجماعة البشرية التي تعيش في مكان الميلاد والنشأة أو حوله والمعروفة في علم السياسة باسم الشعب، فإن هذا الشعور بالانتماء يخلق لدى المنتمي شعوراً فرعياً بتميز مكان ميلاده ونشأته عن غيره من الأماكن وبتميز الجماعة البشرية التي تعيش في مكان ميلاده ونشأته عن غيرها من الجماعات التي تعيش في أماكن أخرى، ويظل هذا المنتمي طبيعياً طالما ظل إدراكه بأن شعوره نسبي أي أن هذا المكان يتميز عن غيره بالنسبة له باعتباره مكانه وهذه الجماعة تتميز عن غيرها بالنسبة له باعتبارها جماعته، أما إذا انتقل إدراكه إلى مظنة أن مكانه وجماعته أي وطنه وشعبه هما الأميز عن غيرهما من الأماكن والجماعات أي الأوطان والشعوب على الإطلاق فقد أوشك أن يكون فاشياً، وفي علم السياسة تظهر الفاشية كفكرة ذات طابع شمولي تدعي أن ثناياها الوهمية المزعومة تختزل الحقائق المطلقة المتعلقة بالفضيلة والخير والمساواة وتحتكر الحلول الجذرية الكفيلة بالسلامة والعدالة والسعادة، ثم تظهر تجلياتها السياسية عند قيام أنصارها بتمجيد ذواتهم تأسيساً على تلك الفكرة الشمولية مع استنادهم لبعض ما بينهم من قواسم مشتركة قائمة أو افتراضية، الأمر الذي يواكبه تحقير للآخرين ممن لا يؤمنون بالفكرة المذكورة ولا يحوزون قواسم المجد المشار إليها سرعان ما تتم ترجمته في الحرمان التصاعدي لهؤلاء "الآخرين" من مصالحهم وحقوقهم وحرياتهم، صعوداً حتى درجة حرمانهم من الحياة ذاتها على أيدي التجليات التنظيمية المسلحة لتلك الجماعات والمتمثلة في خلاياها وميليشياتها الإجرامية القاتلة أو في جيوشها الاستعمارية الغازية، ورغم أن معظم الفاشيات التقليدية تحتاج فقط إلى أحد العناصر الثلاثة الصالحة لميلاد ونمو الأفكار الشمولية سواء كان عرقياً أو عقائدياً أو طبقياً فإن هناك فاشيات مزدوجة تجمع بين عنصرين اثنين وفاشيات مُرَكّبة تدمج العناصر الثلاثة كلياً أو جزئياً.
وإذا كان التاريخ الاقتصادي الاجتماعي للبشر قد بدأ بمرحلة المشاعية البدائية التي كان اقتصادها قائماً على الجمع والالتقاط، ثم انتقل إلى مرحلة الصيد والنار التي تجاهلها المؤرخون والتي كان اقتصادها قائماً على الصيد المنظم باستخدام الأدوات والأسلحة مع طهو ما تم صيده باستخدام النار ومستلزماتها، ثم انتقل إلى مرحلة العبودية التي كان اقتصادها قائماً على استغلال السادة لقوة عمل عبيد الجسد، ثم انتقل إلى مرحلة الإقطاع التي كان اقتصادها قائماً على استغلال ملاك الأراضي لقوة عمل عبيد الأرض، ثم انتقل إلى مرحلة الرأسمالية التي يقوم اقتصادها على استغلال أصحاب المال والأعمال لفائض القيمة الناتج عن قوة عمل العاملين بالأجر، وإذا كانت الرأسمالية قد طورت نفسها بانتقالها من استغلالها للعاملين المحليين إلى استغلالها للعاملين خارج حدودها فإن تمكين الرأسمالية من تحقيق هذا التطور وحمايته على أرض الواقع قد تطلب استخدام الجيوش الغازية للتوسع خارج الحدود، مع تغطية هذه الغزوات فاشياً بادعاء تميز الذي غزا عن الذي تم غزوه بما يمنحه هذا التميز للغازي من حقوق هي أصلاً غير مستحقة فيما هو معروف في علم السياسة باسم الاستعمار.
بناء على ما فات فإن الاستعمار في كل مراحله وبكل أشكاله وأدواته الظاهرة والمستترة يكون قائماً على شقين هما الفاشية والاستغلال، وإذا كان الشق الاستغلالي للاستعمار يخلق عنصراً موالياً يتمثل في بعض التوابع المحليين الذين يمثلون الرأسماليات المحلية الرثة والمشوهة والكومبرادورية التي تشارك الاستعمار بعض غنائم الاستغلال، فإن الشق الفاشي للاستعمار يخلق عنصراً مضاداً يتمثل في عدد من الفاشيات المحلية المقاومة للاستعمار سواء كانت فاشيات وطنية أو قومية أو عقائدية أو حتى طبقية، وإذا كانت الفاشيات المحلية المقاومة للاستعمار بكافة أنواعها تعمل ضد الاستعمار بالتشارك مع بعضها البعض إلا أن قيادة هذه المقاومة المشتركة تختلف من واقع محلي لغيره حسب اختلاف الظروف الموضوعية والظروف الذاتية لكل فاشية منها، وبالتالي فإن فرض أي فاشية محلية لنفسها على واقع المستعمرات في المرحلة أو المراحل التي تتلو التخلص من الاستعمار ما هو إلا رد فعل سلبي على فعل سلبي لا يتحمل المسؤولية عنه سوى الاستعمار ذاته!!.



#طارق_المهدوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرحلة الغائبة عن المادية التاريخية
- التوعية وتزييف الوعي
- شؤون مهنية
- هذا ماركسي منحرف وذاك غير ماركسي
- الحد الأمثل للحقوق
- مفاهيم متقاطعة حول التواصل الجنسي
- الولايات المتحدة الأمريكية ليست بلد الحريات
- كارثة الإخفاق المعلوماتي وجه آخر لكارثة الإخفاق الصحي
- تعدد الخطاب السياسي في مصر المعاصرة
- الخيط الحساس لإزالة الالتباس
- معاناة المدنيين داخل التحالف العسكري الحاكم
- ممارسة الجنس بين الحرية والتجارة والرشوة
- المجرم الذي يقدسه الإسلاميون
- حول عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن
- هل أتاكم نبأ الفتى إبراهيم فهمي؟
- أسرع هزائم العرب في أقصر حروبهم
- قاتل سميرة مليان...من وكيف ولماذا؟
- الرمال المتحركة من أفغانستان إلى السودان
- قرن من الثورات والثورات المضادة والثورات العائدة في فرنسا
- من الملفات المسمومة للعائلة الملكية المصرية


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - طارق المهدوي - الفاشية الاستعمارية والفاشيات المضادة للاستعمار