أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - زيد ميشو - كورونا الموت، الحكيم البابلي (طلعت ميشو) خسارة كبيرة















المزيد.....

كورونا الموت، الحكيم البابلي (طلعت ميشو) خسارة كبيرة


زيد ميشو

الحوار المتمدن-العدد: 6987 - 2021 / 8 / 13 - 09:58
المحور: المجتمع المدني
    


كورونا الموت وسحق النفوس، ورسائل تخص البشريين

قليل من السياسة
غيب الموت إبن عمي الكاتب المعروف طلعت بديع ميشو، والذي عرف في موقع الحوار المتمدن بالحكيم البابلي.
وفي كانون الأول 2020 سبقه ولنفس السبب، أي جائحة كورونا، غادرنا والدي المهندس غازي حنا ميشو.
فمن هما بأختصار؟
المهندس غازي حنا ميشو، شخص خدم العراق أينما كان بكل أخلاص وشرف، ويشهد على نزاهته كل من عرفه، ولا أقول ذلك كونه والدي، فمن لا يستحق لا ينفعه في مماته مديح العالم.
بأختصار، اعطى للعراق والعراق لم يعطه شيئاً، بل آذاه، فذهب بخفي حنين، إذ بعد سقوط العهد الملك،ي لا خير يجني من بلدي بهمة الفاسدين المتعاقبين.
طلعت ميشو، كتب المسرحيات منذ نعومة أظفاره، وعرف ككاتب من الصعب أن نجد له منافس بين كل الكتّاب الذين يكتبون في اللغة العربية، ومن ينافسه فقد يكون بمستواه لا افضل.
عرف ومنذ البداية بأن لا خير يجنى في عراق البعثيين، لذا هاجر أميركا منذ 1971.
فكم خسرت يا عراق وكم ستخسر؟

على الصعيد الأنساني
من اقسى أنواع الموت هو موت من يصاب مع عائلته بفايروس كورونا، ليس بسبب الألم، او ضيق النفس وما شابه، فهذه كلها اعراض قد عاشها الكثير ممن رحلوا عنا، وقد يكون لها ابعاد أنسانية أكثر مما نتصور، من حيث طقوس الدفن، ومشاركة الأحبة، واحساس الآخرين بمن فقدوا عزيزاً، لكم العائلة التي اصيبت بالكورونا وخسرت احدا منهم، فبالإضافةً لمصابهم الأليم، حكم عليهم كما يحكم على من أصيب بداء البرص أيام المسيح.
وهذا ما شعرت به حقيقة في اصعب فترة قضيتها في عموم حياتي، حيث كنّا نعاني أنا وزوجتي بقسوى منها أي الكورونا، وإبنتي اخف وطأة.
والدتي في المستشفى، طلبوا ان يأتي أحداً ليخرجها أو سيتصلوا بالشرطة لأخراجها، ولم تكن نتيجة الفحص قد عرفت، ولا نعرف من الذي يتجرأ على اخراجها، أنا وزوجتي المصابين او إبنها البكر الغير مصاب.
ومع شدة آلالم، وفي منصف الليل، ذهبت زوجتي في يوم بارد والثلج على ارتفاع، وبدأنا مشوار أخر مع الكورونا، أنا اهتم بزوجتي وأمي، وزوجتي تهتم بكلانا، والمرض يشتد.
وفي الوقت ذاته، كان أبي في المستشفى يعاني الوحدة، حيث لا زيارات ولا مواساة، حتى رحل عنّا في الرابع من شهر كانون الأول والذي صادف ذكرى ميلاد إبنتي الصغرى الثامن عشر، والتي كانت قد هيأت له قبل حين، فهل نهني مبتسمين، ام نندب حضنا والدموع تغمرنا، لا عنين أبو الحياة التي جارت علينا بكل ساديتها.

التجرد الأنساني، لا ذنب لأحد به
يوم الدفن، كان قد مضى على الحظر خمسة أيام، وبحسب الدراسات، فمن اصيب يكون أكثر سلاما من حيث نقل المرض بعد مرور 14 يوماً، والكل يعرف ذلك، لكن لا احد يعترف به.
مسرح الدفن في المقبرة كان مربع ناقص ضلع، الكهنة مشكورين على يمين التابوت، وانا لوحدي على اليسار، والجميع على غربه بمسافة لا تقل عن مترين خوفا من ان أنقل العدوى لهم.
بعد المراسيم، لم يشبكني صديقاً او قريباً، ولم يقبّلني أحداً، ولم ابكي على صدر أحد، لا بل ....لم يصافحني أيً كان، ويدي لم تلامس يد بشر، ولغاية الآن لا أملك مفردات تفي بشرح مشاعري.
من بعد ذلك لم يعد للموت من معنى، حتى غاب طلعت ميشو.

الكورنا تحصد النفوس وتقتل المشاعر
جيلي هو من الأجيال التي ظلمت في العراق، بدأت مراهقتنا مع الموت في حرب إيران، خسارات متلاحقة، اخوين شهيدين لطلعت، أصدقاء خرجنا سوية وجمعنا الكأس معاً في أخر أجازة لهم، ولم نكن نعلم بأنها دعوات توديع، حتى أصبح معنى الحياة لنا هو الموت، ومن شعاراتنا: (نحن الأموات الأحياء)، بدل أن نقول الحاضر الغائب، شبح الموت اختبرناه في أكثر من مناسبة، فراق بعد فراق حتى جفت العيون من الدموع، ومع ذلك كان هناك معزين، كان هناك من يشارك الأحزان بقلب كبير ومشاعر عميقة، مع الكورونا فقدناها.
اليوم أنا لا اشعر بمن رحل بالقدر الذي أشعر به مع ذويه
عواطف إبنة عمتي العزيزة وزوجة إبن عمي الراحل طلعت وبناتها الأربعة، منعوا من رؤية طلعت في المستشفى، وسيمتنع الأغلب إن لم يكن الجميع من الأخذ بيدهم والطبطبطة على ظهورهم كون الكورونا اللعينة وقفت مانعاً أمام المشاعر الأنسانية، وسيقى ألمهم أكبر مما نتصور، حيث سيتجنبهم الجميع، ولن يشعر أحدا بعمق ألمهم، حيث لا مجال للمشاعر الحقيقية أن تختبر إلا مع احضان المحبين، والممحبين حتماً خائفين.

"فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، يَهَبُ خَيْرَاتٍ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ متى 7: 11
سؤال طرح:
ما هو مصير طلعت ميشو الذي كان يجاهر بعدم إيمانه؟
في إحدى نقاشاتنا أنا وطلعت قلت له: لو الله منع الحياة الأبدية عن من لا يؤمن به، فحقيقة هذا ليس بإله، فأما أن يكون إله حب، او من نسيج خيالنا المريض.
كان يكتب ليثقف غيره، وهو من خيرة الأقلام التي عرفناها، في الوقت الذي به نجد الكثير من المؤمنين لا يقدمون خدمة إلا وهناك مقابل ومنهم رجال دين، فهل يعقل ان يكون المؤمن المغرور والمتعجرف والأناني في مثوى الخلود، ومن لا يؤمن رغم عطاءه في الجحيم إن وجد؟ وهل هذا ما يسمى بالعدالة الإلهية حاشا لإلهنا؟
الهنا محبة وليس بقاتل
الهنا طيبة وليس قسوى
الهنا متواضع وليس متعجرف
الهنا حليم وليس بجاني
وإن كانت الأبدية حكراً على المؤمنين، فليس لي بها أي طموح

لِأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ ٱلْجَمِيعُ، هَكَذَا فِي ٱلْمَسِيحِ سَيُحْيَا ٱلْجَمِيعُ 1كور 15: 22
عندما كنت في لبنان، وأثناء محاضرة عميقة وحامية عن محبة الله الأبدية لأحد الأباء اللاهوتيين من الذين أكن له كل الحب والأحترام، سألته بغضب: هل يعقل أن يكون فلان (وهم مجرم معروف) في الحياة الأبدية؟
أجاب بكل ثقة: ومن أنت لتحكم عليه بالعدم؟ هذا عمل الله وليس شغلك
جوابه حقيقة اتى صاعقة غيرت حينها كل مفاهيمي وغروري في الأيمان الذي يجعلني اترفع عن خليقة الله ألمختلفين.
اليوم إيماني الكامل وثقتي بمحبة الله الآب لأبناءه، ارى نفسي متأكدا من إنتقال أبي غازي حنا ميشو إلى الحياة الأبدية حيث الأبرار والصديقين
واليوم تبعه طلعت بديع ميشو

رسائل مهمة في أسئلة

فماذا ينفع الأنسان لو ربح العالم وخسر نفسه؟
وماهي الحياة غير أن نحب ونسعى لخير الآخرين؟
إلى متى يبقى الطماع على طمعه؟
إلى متى سيبقى الأناني على أنانيته؟
إلى متى سيبقى الجشع أهم من الأب والأم والعائلة؟
إلى متى ستبقى المادة أهم من المشاعر
إلى متى وإلى متى؟
رحل الشريف ورحل المعطاء، فهل سيخلد الأناني والطماع؟

عزائي بوالدي في ثقتي بخلوده في الحياة الأبدية
وليس لي من عزاء إلى عائلة طلعت ومحبيه غير هذه الثقة التي لا اقبل بغيرها أطلاقاً



#زيد_ميشو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- برنامج عائلتي تربح يساهم بتهميش الكلدان
- مصر بلد: من يبنيها وليس من يسحقها
- سباق ماراثون يتحول إلى ماراثون إنقاذ للجرحى
- من يمثل مسيحيي العراق؟ ... شليلة وضايع راسها
- إخوتي الرجال في المهجر... Wake up
- لا يا سادة ~ إختلاف الرأي يفسد الود ويزيد الطين بلة
- مايحدث في سوريا هل هو حلم الشعب؟
- لنسحب الثقة من وكلاء الله على الأرض
- حملة زي زيك في الأردن ... جمل قصيرة لمعانٍ عميقة
- رسالة منّي إلى الأحزاب المسيحية في العراق مثل رسالة رزكار عق ...
- من هو العنصري ... الشرقي أم الغربي ؟
- للبغل أبناء !!
- خبرتي مع النفاق ، هل أنهت المشكلة ؟
- حزب علماني ديمقراطي في العراق – مشروع يقلقني
- جولة حول مانشر بخصوص ماتعرض له أخيراً المسيحيين في شمال العر ...
- مثقفون في خدمة التخلف
- فضفضة مغترب - الشرق للغربي وطن والشرقي في الغرب يعاني الغربت ...
- ارفضْ يالنجيفي ولاتأبه بمن يعارضك
- العلم العراقي والحل المؤقت الطويل الأمد ... وامتداد حكم البع ...
- إلعب وأطرد الكبر عنك


المزيد.....




- آلاف يتظاهرون في عدة محافظات بالأردن تضامنا مع غزة
- شيكاغو تخطط لنقل المهاجرين إلى ملاجئ أخرى وإعادة فتح مباني ا ...
- طاجيكستان.. اعتقال 9 مشبوهين في قضية هجوم -كروكوس- الإرهابي ...
- الأمم المتحدة تطالب بإيصال المساعدات برّاً لأكثر من مليون شخ ...
- -الأونروا- تعلن عن استشهاد 13750 طفلا في العدوان الصهيوني عل ...
- اليابان تعلن اعتزامها استئناف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئي ...
- الأمم المتحدة: أكثر من 1.1 مليون شخص في غزة يواجهون انعدام ا ...
- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - زيد ميشو - كورونا الموت، الحكيم البابلي (طلعت ميشو) خسارة كبيرة