أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اشواق سلمان حسين - كلنا في الحياة مجانين















المزيد.....

كلنا في الحياة مجانين


اشواق سلمان حسين
(Ashwaq Salman)


الحوار المتمدن-العدد: 6982 - 2021 / 8 / 8 - 17:14
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هناك قول مأثور يقول :
" اذا اردت ان ترى مجنوناً ، فما عليك إلا النظر الى نفسك في المرآة " .
فكم منا حاول ان يبحث في مرآته عن الجنون وكيف وجده ؟
هل نجد الجنون في تصرفاتنا ، قراراتنا ، تفكيرنا ؟
هناك الكثير من القرارات التي نتخذها يراها البعض مجنونة ، والبعض الآخر يراها حكيمة ، وهذا ربما يقودنا الى التفكير في أن هناك جنون سلبي وآخر ايجابي ، لكن هل هناك حقاً مثل هذا التصنيف للجنون؟
ولو تجاوزنا الحديث عن سلبيات الجنون فهي معروفة و واضحة في كثير من النواحي، وتحدثنا عن ايجابياته فما هي؟
الفيلسوف ارسطو يقول "لا يوجد اي عقل كبير دون مسحة من الجنون".
فهل هذا يعني ان ذوو العقول الكبيرة خارقة الذكاء مجانين؟
هل كان لأنشتاين بذكاءه المدهش ان يصل لتلك المرتبة المرموقة في العلم دون ان يكون لديه تلك الرغبة الجامحة لأكتشاف المعرفة والميل للغوص اكثر في مجال العلم؟

اذن ماذا نسمي الرغبة الجامحة لمعرفة الشئ واكتشافه وذلك التأثير القوي الذي ينعكس على اصحاب من تتملكهم تلك الرغبة؟
من المؤكد ان من يمتلك ذلك التأثير والميل والرغبة في اي مجال من مجالات الحياة ، قد وصل الى مرحلة الشغف ، والشغف حين يكون قد وصل الى مرحلة متأججة لن ينتهي سوى بالجنون ، ولكن ان كان على شاكلة جنون انشتاين فهذا هو الجنون الايجابي الذي يؤدي الى الابداع لا محالة.
هكذا ومن نفس المنطلق ينضم الى قائمة الجنون الأيجابي كل العظماء والعباقرة الذين قدموا منجزات لا يستهان بها كلٌ في مجاله.
يقول الكاتب والشاعر والرسام جبران خليل جبران: " بين الجنون والعبقرية خيط أرفع من نسيج العنكبوت"
اذن هناك علاقة بين العبقرية والجنون.
إن الربط بين العبقرية والجنون يمكن ان يتم بأشكال متعددة فقد يربط العلماء بينهما على اساس ان بعض جوانب الجنون او الاضطراب النفسي بوجه عام يسبب العبقرية ، ويربط البعض الآخر بينهما على اساس ان مظاهر الأضطراب العقلي والنفسي انما تنتج عن العبقرية وليس العكس ، وذلك نتيجة احتدام الصراع بين العبقري وبين البيئة التي لا ترحم وربما كان هذا الرأي الأخير اقرب لدى عدد كبير من علماء النفس في الوقت الحاضر، ولعل افلاطون اول من ربط بين العبقرية والمرض العقلي فيقول:
إن كلاً من العبقرية والجنون نوع من الأضطراب العقلي" "
وبعد كل ما ذكرناه ربما سيكون وضع تعريف محدد للجنون هو امر متشعب ، إذ انه يترنح في اتجاهات عديدة منها الطبي والفلسفي واللغوي والفقهي وحتى القانوني ، لكن دعونا على الأقل نتعرف على ماهيته من الناحية الطبية ، فالإتجاه الطبي يعرف الجنون على إنه ( مرض عقلي يصيب الشخص فيفقده الإدراك والتمييز، يرافقه اختلال في الوظائف الذهنية للدماغ ، مما يجعل الشخص لا يميز بين الخير والشر وقد يشكل في حالات معينة خطراً على المجتمع ) ، ويقسم الطب الجنون الى نوعين:

(جنون مطبق) اي ان الشخص مصاب به منذ الولادة ، نتيجة عدم اكتمال تكوين دماغه او جهازه العصبي.
(جنون غير مطبق) اي ان الشخص اصيب بالجنون نتيجة حادث او عارض معين سبب اتلاف لخلايا الدماغ مما يفقده القدرة على الربط المنطقي في العمليات العقلية.

هناك ايضا انواع من الجنون تتعلق بالامراض العصبية يفقد فيها الشخص القدرة على التحكم بتصرفاته وسلب الارادة منه إلا انها تكون وقتية ربما تستمر لساعات او دقائق او ايام مثل حالات ( الصرع ، الوسواس الجنوني ، الشيزوفرينيا ، الهستيريا والذهان)
هذا ما يخص الجانب الطبي ولن نخوض في تفاصيله كثيرا لأنه سيحتاج لذوي الأختصاص في هذا المجال.

وبالعودة للحديث عن الأعمال الأدبية والفنية والفلسفية التي اشرنا انها لن تخلو طبعا من ومضات الجنون ، فسنذكر من بينها كتاب ( سفينة الحمقى ) لسيباستيان برانت الذي صدر سنة ( 1494) و تتحدث قصته عن مجموعة من المجانين يذهبون في رحلة بحرية الى ارض ( ناراغونيا ) يقودهم شخص مجنون يسمى ( القارئ الأحمق ) وهو شخص مقتنع بسعة علمه المزيف والذي لم يكن يفعل شيئا سوى الجري وراء طنين الذباب في مكتبته المليئة بالكتب والتي لم يقرأ اياً منها ، في تلك القصة ينتقد (برانت) اولئك الحمقى الذين يسلمون امورهم بيد حمقى مثلهم وكل ما يستطيعون فعله هو هش الذباب ، وما اقرب قصته للواقع الذي نعيشه اليوم بوجود الكثير من الحمقى المنقادين وراء هشاشي الذباب الحمقى.
تحدث ميشيل فوكو عن تلك القصة في كتابه ( تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي ) تحت عنوان ( سفينة الحمقى ) في الفصل الأول من الكتاب.

لن ننسى اعمال شكسبير التي تحول فيها ابطاله الى مجانين من بينها رواية ( هاملت ) التي ادعى فيها هاملت الجنون وأصيبت حبيبته ( اوفيليا ) بالجنون ايضا.

وإن تحدثنا عن الفلاسفة الذين تعرضوا للجنون :
( نيتشه ) حيث يقال انه اصيب بانهيار عصبي حين سمع صهيل حصان يجلد بالسوط في احد الشوارع ، فأسرع وركض نحو الحصان فأحتضنه من رقبته ليحميه ، وكان ضرب السياط يطال رأسه حتى انهال على الأرض ، ومن حينها بدأت تظهر على نيتشه تصرفات غريبة ، قرر المقربون منه على إثرها عرضه على طبيب نفسي ومن ثم تم نقله الى مستشفى ، ومابين سنة ( 1898 و 1899 ) تعرض نيتشه مرتين لسكتة دماغية افقدته القدرة على النطق او المشي وبعدها ادت به الى الوفاة.

( ميشيل فوكو ) حيث عانى في بداية شبابه من مرض نفسي حاول بسببه الأنتحار، وكان يتعالج لدى العديد من الأطباء النفسيين وقد استدعت حالته الى ان يوضع في احدى المصحات النفسية ، إلا انه تجاوز محنته وتغلب على المرض ليؤلف بعدها اروع الكتب التي خلدت اسمه في مجال الفكر والفلسفة.

( فان كوخ ) الرسام الهولندي الشهير كان يعاني من مشاكل في المخ بسبب ادمانه البالغ للمشروبات الكحولية والمخدرات وبلغ به الجنون انه قام بقطع اذنيه بنفسه ، وحاول الإنتحار عدة مرات الى ان مات منتحرا بالفعل.

ان الجنون عالم غريب ربما يحمل الكثير منا بعضاً من صفاته على اختلاف انواعه دون ان ندري ، جنون الحب او جنون العظمة او جنون الفن اوجنون المعرفة ، او اي نوع من الجنون ، ومهما اختلفت انواعه ، ربما يكون هناك من الجنون ما يشعرنا بالسعادة حين نعيش في عالمه الخاص الذي يرسمه اصحابه تاركين ذلك العالم الملئ بالخذلان.



#اشواق_سلمان_حسين (هاشتاغ)       Ashwaq_Salman#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأرملة بين اضراس التخاريف ومخالب العادات الأجتماعية.
- المتعصبون_جنون الإيمان
- الدين في حدود مجرد العقل
- هذا هو الإنسان
- لماذا النشوء والتطور حقيقة؟
- هل الحب فن؟
- كانديد ، مراجعة ورؤية فلسفية


المزيد.....




- -قلبي موجوع أوي-.. عبدالرحمن يوجه رسالة مؤثرة لوالده سليمان ...
- زامير يتحدث عن تفكك سوريا ودلالات سيطرة الجيش الإسرائيلي على ...
- سياسيون عراقيون بارزون موالون لإيران ينددون باحتمال زيارة ال ...
- تونس: ما الذي تعنيه أحكام السجن المشددة بحق عشرات المعارضين؟ ...
- من اليونان إلى العراق: كيف بدت الاحتفالات بعيد الفصح - صور
- شاهد: الألغام الأرضية في سوريا تحصد مزيدًا من الأرواح رغم ان ...
- أوكرانيون يحتفلون بعيد الفصح وسط أنقاض كنيسة متضررة جراء الح ...
- طعنتها حتى الموت... شجار بين ممثلتين ينتهي بجريمة تهز إسطنبو ...
- مقاتلات بريطانية تعترض طائرتين روسيتين فوق بحر البلطيق
- تحقيق إسرائيلي يكشف -إخفاقات مهنية- في مقتل مسعفين فلسطينيين ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اشواق سلمان حسين - كلنا في الحياة مجانين