أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - حول منظومة الولاء لسلطة آل الأسد















المزيد.....

حول منظومة الولاء لسلطة آل الأسد


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 6980 - 2021 / 8 / 6 - 12:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أسست سلطة آل الأسد، إضافة إلى أدوات العنف المتعددة وآليات التفكيك المجتمعي، منظومة الولاء على آليات فساد تديرها الأجهزة الأمنية وتعيد من خلالها توليد منظومة الولاء. كما تأسست على قاعدة القوانين الناظمة التالية للأداء السلطوي: أولاً، أحادية السلطة واختزال مؤسسات الحكم برمتها بشخص وقرارات ورغبات رأس النظام. ثانياً، اشتراط الولاء المطلق والطاعة العمياء لكل أوامر الرأس الحاكم الأوحد ورغباته ورؤاه. ثالثاً، ضمان ولاء الأتباع بإشراكهم بالفوائد والمكاسب، بصفتها مغانم معارك ومكاسب هيمنة النظام، بحيث يصبح مقياس الولاء مدى رضوخ الأتباع للحصة المعطاة لهم من المغانم.
وكان هناك ثلاثة أركان تقوم عليها الدولة الأمنية التسلطية، وتمكّنها من إنتاج مجتمعها الجماهيري، هي: الإرهاب والأيديولوجية والإعلام الموجّه. وثمة عدة مبادئ تضمن هذه الأركان وتعززها، هي: مبدأ الاحتكار الفعّال للسلطة والثروة والقوة، واحتكار الحقيقة، واحتكار الوطنية، ومبدأ الغلبة والقهر، ومبدأ شخصنة السلطة. وفي هذه الحال تحل الأوامر محل القوانين، والامتيازات محل الحقوق، والولاء والمحسوبية محل الكفاءة والجدارة والاستحقاق.
ويمكن تمييز أربعة مستويات في هرم سلطة الأسد: أولها، أساسي ويتعلق بالمسائل الحاسمة بالنسبة إلى نظامها – كالأمن والشؤون الخارجية – تتركز الخيوط المهمة كلها في يدي رأس النظام، لا ينازعه فيها أحد. وثانيها، رؤساء شبكات الاستخبارات والأمن المتعددة، التي تعمل باستقلال بعضها عن بعض، وتتمتع بحرية واسعة، وهي تشكل عيون الأسد وأذنيه. وهناك قادة التشكيلات المسلحة النخبوية الحامية للنظام (الحرس الجمهوري، والقوات الخاصة، والفرقة الثالثة المدرعة، وسرايا الدفاع قبل عام 1984)، وهي مسؤولة أمام الأسد مباشرة. وثالثها، قيادة حزب البعث، التي تعمل كهيئة استشارية للأسد، تراقب – عبر الآلة الحزبية – تنفيذ سياساته. ورابعها، الوزراء وكبار موظفي الدولة والمحافظين وقادة المنظمات الشعبية.
مع العلم أنّ دولتين تمايزتا منذ وقت مبكر من حكم سلطة آل الأسد: دولة ظاهرة عامة، لكن لا سلطة حقيقية لها (مجلس الشعب، مجلس الوزراء ...). ودولة باطنة خاصة، حائزة على سلطة القرار فيما يخص مصائر السوريين والعلاقات بين السكان وتحريك الموارد العامة، فضلاً عن العلاقات الإقليمية والدولية. وتتكون الدولة الباطنة من الرئيس والأسرة الحاكمة، بما فيها السيدة الأولى أسماء الأسد، ومن الأجهزة الأمنية والتشكيلات العسكرية ذات الوظيفة الأمنية، ومن أثرياء السلطة الكبار. وهي ليست مرئية من قبل عموم السوريين، ولا نفاذ لهم إلى آليات القرار فيها.
وفي تشخيص هذه السلطة يخطئ من يعتقد أنها تمثل نظام طائفي خاص بطائفة ما، فهو ليس نظام الطائفة العلوية، أو نظام حكم الطائفة العلوية، لأنه ببساطة لم يكن في خدمتها، ويمكن اكتشاف ذلك من الدراسات الاقتصادية والاجتماعية التي تظهر أحوال السوريين من أبناء هذه الطائفة. بل على العكس، كانت الطائفة العلوية، ولا تزال، في الأسر، وكان السوريون " العلويون "، ولا يزالون، محتجزين رهائن بيد آل الأسد.
لقد أشاعت هذه السلطة حالة من السلبية والعزوف عن الشأن العام، فغابت لدى غالبية السوريين المبادرة الذاتية والتفكير المستقل، وحصلت حالة من القطيعة بين عموم أفراد المجتمع والنخبة السياسية، في السلطة والمعارضة معًا، بعدما بطشت السلطة بقوى المعارضة وأنهت أي تعبير عن حياة سياسية طبيعية، من دون أن يعفي هذا أحزاب المعارضة من مسؤولياتها وأخطائها. وأفضت حالة الانفصال والقطيعة إلى إنتاج التكلّس ومراكمته في مفاصل المجتمع والسياسة، وإيجاد بنية مجتمعية راكدة فارغة من أيِّ حافز للاجتهاد والإبداع، وأعادت إحياء روابطها الفرعية، ما قبل الوطنية، من عشائرية وقومية وطائفية وغيرها.
ترافق ذلك مع نزع السياسة من المجتمع، باعتبارها فاعلية مجتمعية حرة ومجالاً عمومياً للمجتمع، وهي أحد أرقى الأشكال التنظيمية لوحدة المجتمع، الأمر الذي أدى إلى تغييب قسري كامل لدور المجتمع في السلطة. إنّ الدولة الأســـدية لم تستولِ على الدولة، أو نظام الحكم فقط، على ما تفعل النظم الديكتاتورية عادة، بل استولت أيضاً على الفضاء العام المجتمعي، أو بالأصح همّشته أو محته، إلى حــد كبير، حتى لم يعد يظهر منه إلا ما تريده وتبيحه، أو ما يخدم شرعيتها واستمرار وجودها.
المشكلة في هذا الوضع الشاذ أنه أبقى السوريين في حيّز الهويات الفرعية المغلقة، الإثنية والطائفية والمذهبية والعشائرية، ولم يسمح لهم، في الوقت ذاته، بالتبلور والتعبير عن ذاتهم، أي أنه أبقى السوريين مجالاً لتلاعبات وتوظيفات السلطة، وضمن ذلك وضعهم في مواجهة بعضهم.
وفي سياق كل ذلك، عززت التماهي بين السلطة والدولة، فمع تدهور وضع الدولة، وسيطرة النزاعات المتعددة على النفوذ والسلطة، اخترقت السلطة الدولة ووجهتها، وصارت إرادة السيد الأوحد الذي يتحكم بالنظام هي القانون الذي يحكم الدولة نفسها، وصار الرئيس " سيد الوطن "، أي صاحبه ومالكه والمتصرف به.
لقد سجلت الممارسات الطائفية حضوراً علنياً متزايداً في سنوات بشار أكثر من أبيه، بفعل تدهور أجهزة التعبئة الاجتماعية البعثية. ومن العوامل المعزّزة لصعود الطائفية واقعة التوريث نفسها، كتأسيس لسلالة وكارتسام لدستور باطن يقضي بأنّ الحكم وراثي في البلد، وأنّ بشار كوريث لأبيه لا يمكن أن يكون رئيساً منتخباً، وأنّ واجبه كوريث هو أن يورّث الحكم لابنه من بعده. ومع تراجع وظائف الدولة الاجتماعية (وليس سلطتها القمعية) وصعود دور الثروة بفعل لبرلة الاقتصاد، صعدت القرابة والطائفية أيضاً.
وبالرغم من أنّ المجال السياسي بقي مقيّداً تقييداً شديداً عبر أجهزة أمنية قمعية، فإنّ المشهد الاجتماعي السوري كان أمام ولادة جيل جديد، أخذ يتمتع بأدوات عولمية باتت مدهشة لذهنية التواصل، وبدأ يبدي تململاً واسعاً من الآفاق القائمة في سوق العمل التي لم تعد قادرة على استيعابه، حيث الثروة والفساد تدار من قبل شبكات المحسوبية. وعلى الرغم من الترميمات التي انتهجتها السلطة لإعادة إحياء القطاع الخاص، فإنها برأي هذا الجيل لم تكن تعني استرجاع شبكات رأسمالية مستقلة وبالتالي انفتاح آفاق اقتصادية – اجتماعية بديلة، بل غالباً ما نظر إلى هذه السياسات من زاوية أنّ جوهرها قائم على خلق طبقات تجارية جديدة طفيلية مافيوزية، وبصفتها هذه تكون تابعة لها في علاقات غالباً ما تكون متكافلة مع قيام كوادر الدولة من ذوي السطوة بدور الرعاة إن لم يكن الشركاء.
على هذه الأرضية، وفي غياب أية قيادة سياسية وثقافية قادرة انفجر المجتمع في ثورة من القعر، فاجأت الجميع، ببطولتها وعزمها، بل وفاجأتهم بعفويتها وعاميّتها. فاستكملت الثورة الإطاحة بالقديم لكن ولادة الجديد لا تزال متعثرة بشكل مقلق.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللامركزية الإدارية الجغرافية الموسّعة في سورية المستقبل
- مكانة سورية في الاستراتيجية الروسية للشرق الأوسط (2 - 2)
- مكانة سورية في الاستراتيجية الروسية في الشرق الأوسط (1 - 3) ...
- مفهوم وكيفيات التربية على المواطنة المتساوية
- كيفيات بناء الوطنية السورية الجامعة
- تساؤلات الحداثة لمستقبل سورية
- مخاطر البعد الديني في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي
- تحديات الحوار بين الإسلاميين والعلمانيين وسبل تجاوزها
- حديث هشام جعيّط عن الأمة الثقافية
- أربع وخمسون عاماً على هزيمة العرب الكبرى
- ثلاث وسبعون عاماً على النكبة الفلسطينية
- مخاطر الطائفية السياسية على مستقبل الدولة السورية
- الخلفية الثقافية للكارثة السورية
- مخاطر التغيير الديمغرافي في سورية (2)
- مخاطر التغيير الديمغرافي في سورية (1)
- جمال الأتاسي وتحديث الفكر القومي
- في ضرورة تحديد الأولويات ومراجعة الأهداف
- مضامين الانتقال السياسي في سورية
- آفاق الثورة السورية
- الثورة السورية المغدورة


المزيد.....




- الحكومة الأردنية تعلن توقّف استيراد النفط من العراق مؤقتا وت ...
- كيف تتعامل مصر مع أي مخالفات لاتفاقية السلام مع إسرائيل؟ سام ...
- معظمهم من الطلاب.. مقتل وإصابة العشرات في حادث سير مروّع في ...
- نقطة حوار - حل مجلس الأمة الكويتي: إنقاذ للبلاد أم ارتداد عن ...
- مناورة عسكرية دولية بالأردن بمشاركة 33 دولة من ضمنها ألمانيا ...
- محللان إسرائيليان: رفض مناقشة -اليوم التالي- يدفع الجيش للعو ...
- بالكوفية وعلم فلسطين.. خريجو كلية بيتزر يردون على رئيسها الر ...
- مصر تعتزم التدخل لدعم دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل
- روسيا تسيطر على 4 قرى بخاركيف وكييف تقر بصعوبة القتال
- المقاومة تقصف عسقلان من جباليا وتبث مشاهد لعملية نوعية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - حول منظومة الولاء لسلطة آل الأسد