أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سنية الحسيني - معادة السامية: الإدعاء الذي فقد صداه















المزيد.....

معادة السامية: الإدعاء الذي فقد صداه


سنية الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 6973 - 2021 / 7 / 29 - 15:06
المحور: القضية الفلسطينية
    


رغم الزلزال الذي ضرب إسرائيل بقرار شركة «بن آند جيري» الأمريكية لمنتجات الألبان والآيس كريم، بوقف التعامل مع المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلا أنه مجرد بداية لقرارات مشابهة قد تتبع، ليس فقط في الولايات المتحدة بل أيضاً في أوروبا. إن قرار هذه الشركة وشركات أخرى لاحقة ما هي الا انعكاس لتطور مهم يحدث في الولايات المتحدة، يفسره التحول في مواقف جهات مركزية أمريكية فاعلة ومؤثرة على الساحة السياسية، على رأسها الكنائس، والتي باتت لا تتحمل عبء دعم الاحتلال الصهيوني وممارساته. وبات الفصل واضحاً اليوم ما بين انتقاد الاحتلال وما بين مساندة اليهود، فانتقاد إسرائيل لم يعد يمثل تهمة معاداة السامية التي طالما روجت لها إسرائيل واستخدمتها لردع أي انتقاد لها كدولة احتلال. في عالم الانترنت والتواصل عبر الأقمار الصناعية، وفي عالم بات ينتقل فيه الخبر والصورة عبر العالم في أقل من الثانية، وفي عالم لم تعد اللغة عائقاً للتواصل ما بين شعوب الأرض، لم تعد جرائم إسرائيل خفية أو متوارية عن عيون الآخرين.

في تطور لافت جاء خلال الأحداث الأخيرة التي شهدتها الأراضي الفلسطينية المحتلة ما بين القدس وغزة، عمت جميع أرجاء الولايات المتحدة، كما عمت أنحاء أخرى عديدة من العالم، احتجاجات واسعة مناهضة لإسرائيل في شهر آيار الماضي. لحق ذلك التقرير واسع الصيت الذي صدر عن منظمة “هيومن رايتس ووتش”، المنظمة الأمريكية شبه الحكومية، والذي وجه إدانة صريحة لدولة إسرائيل بوصفها نظام الفصل العنصري. جاء ذلك في إطار تحرك واسع لهيئات ومنظمات أهلية أمريكية وأوروبية أيضاً، ضد ممارسات الاحتلال الصهيوني وسياساته عموماً ضد الفلسطينيين. إلا أن التطور الملفت جاء من قبل مؤسسات ولجان الكنائس المسيحية الأمريكية، إذ دعا مجلس الكنائس العالمي الحكومة الإسرائيلية لتجميد البناء في المستوطنات في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة كخطوة باتجاه تفكيكها، مؤكداً أن وجود نحو 200 مستوطنة إسرائيلية، تضم أكثر من 450 ألف مستوطن في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يتعارض مع السلام.

إن ما يحدث في الولايات المتحدة من تحولات يثير الفضول بشكل كبير، خصوصاً عندما نتحدث عن الافنجليكلز، أو أتباع الكنيسة الإنجيلية الصهيونية، أكثر التيارات البروتوستانية تطرفاً في دعمها لإسرائيل وأكثر التيارات الدينية تنظيماً على المستوى السياسي في الولايات المتحدة، والذين يشكلون ما بين 25-30٪ من سكانها. ويؤثر الافنجليكلز بشكل كبير على صانع القرار الأمريكي في البيت الأبيض وفي الكونجرس فيما يتعلق بدعم إسرائيل، فقد أيد على سبيل المثال الرئيس الأمريكي ويلسون وعد بلفور بضغط منهم، كما أقر الكونجرس قانون عام 1933يمنع الولايات المتحدة من استقبال اليهود المهاجرين من أوروبا في خلفية اضطهادهم، حتى تصوب هجراتهم إلى فلسطين. ونجح هؤلاء ومنذ عقد الثمانينات بضمان دعم الإدارة الامريكية بشكل كامل ومنتظم ومبرمج لصالح إسرائيل.

هذا التيار الديني الذي طالما دعم إسرائيل سياسياً وضغط على الحكومة الأمريكية لاتخاذ مواقف داعمة لإسرائيل، يشهد تحولات جذرية. في عام 2018، وصل دعم الافنجليكلز لإسرائيل من شريحة الشباب التي تتراوح أعمارهم ما بين 18 – 29 عاما إلى 75%، بينما لم تصل نسبة دعمها للفلسطينيين إلى 3٪. اليوم نشهد تغير الحال، اذ أشار استطلاع للرأي أجرى مؤخراً أن حوالي نصف هؤلاء يدعمون اقامة دولة فلسطينية، وصوتوا لصالح الرئيس الأميركي جو بايدن على حساب الرئيس السابق دونالد ترامب، وبات24٪ منهم يدعم الفلسطينيين مقابل احتفاظ إسرائيل بدعم 33٪ منهم فقط. ويشكل هذا التحول المهم في موقف الافنجليلكز، خصوصاً شريحة الشباب منهم، تجاه فهم طبيعة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مدخلاً ومقدمة مهمة لتحولات مستقبلية ممكنة من قبل صانع القرار الأميركي لصالح القضية الفلسطينية.

هذا التحول المهم والخطير الذي جاء على مستوى أتباع الكنيسة الانجلية الصهيونية في الولايات المتحدة "الانفجليلكز" لم يكن منفرداً، فقد جاءت تحولات مشابهة في مواقف لكنائس أخرى في الولايات المتحدة. صوتت لجنة الاستثمار التابعة للكنيسة البروسبيتارية مؤخراً بالأغلبية على سحب استثماراتها من ثلاث شركات أميركية تتعامل مع الاحتلال. وسحبت الكنيسة الميثودية استثماراتها من المصارف الإسرائيلية. كما قاطعت كنيسة “اهرى” عدد من الشركات الأمريكية التي تقدم خدمات للمستوطنين وجيش الاحتلال. واعتبرت كنيسة المسيح المتحدة مؤخراً إسرائيل دولة فصل عنصري وطالبت بالمساواة الكاملة في التعامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مشيرة إلى ضرورة ضمان حقّ العودة للاجئين الفلسطينيين الذين هجروا من مدنهم وقراهم داخل الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1948. كما بدأت لجنة الكنيسة المشيخية تطالب بسحب الاستثمارات من الشركات المؤيدة للاحتلال الإسرائيلي. ورغم هذا التحول المهم والجريء في مواقف الكنائس الأمريكية، إلا انه ليس جديداً، لكنه أكثر جرأة من ذي قبل، فقد نددت عشرات الكنائس في الولايات المتحدة الأميركيّة عام 2018 بسياسة الاحتلال لسن قوانين تستهدف الكنائس الفلسطينية وتُشرعن الاستيلاء على أملاكها، لكن ما يحدث الآن في الولايات المتحدة تعدى بكثير حدود التنديد. هذا التحول الجرئ في مواقف الكنائس الأمريكية ليس مستغرباً على الإطلاق إذا علمنا أن ربع اليهود الأمريكيين عموماً وثلثهم ممن هم تحت سن الأربعين يعتبرون إسرائيل دولة فصل عنصري ترتكب جرائم بحق الفلسطينيين.

إن ممارسات دولة الاحتلال الإسرائيلي الهمجية اللاأخلاقية واللاإنسانية بحق الفلسطينيين لم تعد تمس فقط بسمعة هذا الكيان، الذي بات يجتذب عداء شعوب العالم أجمع، بل أصبحت تؤثر على أمن وسلامة اليهود في العالم. وقد تصاعدت حدة حوادث الاعتداء على اليهود في الولايات المتحدة في أعقاب حرب غزة الأخيرة، إلى جانب الاعتداء عليها في أماكن متفرقة من العالم، فقد طعن على سبيل المثال حاخام يهودي في بوسطن وتعرض عدد من اليهود للضرب في لوس أنجلوس وفي منطقة دايموند في وسط مانهاتن. ولم يتوقف الأمر فقط حد الاعتداء على اليهود في قلب الدولة الأميركية التي تتبنى إسرائيل، وأنما امتد ذلك الأثر السلبي لممارسات الاحتلال حد عدم التعاطف مع تلك الاعتداءات على اليهود في الولايات المتحدة. اذ لم تنجح عشرات من المنظمات اليهودية الأمريكية في الحشد لمسيرة باتجاه مبنى البرلمان في واشنطن خلال الشهر الجاري، سعياً لاستدرار التعاطف والتضامن مع اليهود، الا ببضع مئات من المتعاطفين على حد وصف جريدة واشنطن بوست الأميركية، اذ خشيت بعض المنظمات اليهودية مثل "أمريكيون من أجل السلام الآن" و"جي ستريت" من المشاركة، خشية الخلط في فهم مواقفها واعتبارها أنها تدعم ممارسات إسرائيل.

لم يعد بإمكان إسرائيل اليوم خداع العالم، فانتقاده لها كقوة احتلال، لا يرتبط بالموقف من اليهود، بل يتعلق بشكل مباشر بهمجية الاحتلال وظلمه، ورفض وانتقاد العالم لذلك. الا أن ممارسات هذا الكيان المحتل اليوم باتت تشكل خطيراً مباشراً على يهود العالم، وعلى إسرائيل أن تقرر، أما الاستمرار في ممارساتها ككيان محتل يضطهد الفلسطينيين ويعرض أمن وسلامة اليهود المنتشرين في دول العالم للخطر، والذين يعاقبون بلا ذنب على جرائم إسرائيل، وإما إعطاء الفلسطينيين حقهم بالاستقلال والحرية، وضمان السلام والأمن ليهود العالم.



#سنية_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحكم بأموال المقاصة وبروتوكول باريس
- قانون المواطنة في إسرائيل: أول الغيث قطرة
- مفارقات العلاقة الأميركية الفلسطينية
- حكومات جديدة ومعطيات متجددة في المنطقة
- قمة بايدن – بوتين والسلام البارد
- تطور مجريات الانتخابات الرئاسية الإيرانية وتأثيراتها المحتمل ...
- القضية الفلسطينية: متغيرات جديدة قد تخلخل معادلة الصراع
- ما بعد حرب غزة لا يشبه ما قبلها
- غزة تنتصر ...
- حي الشيخ جراح: الصمود والتحدي خيارنا الوحيد
- 100 يوم تحت المجهر: سياسة بايدن الخارجية تجاه الشرق الأوسط
- الانتخابات الفلسطينية في القدس: ما قبل عهد ترامب لا يشبه ما ...
- انفجار نطنز: ضربة ثلاثية الأبعاد
- هل سينجح نتنياهو في الاحتفاظ بالسلطة هذه المرة؟
- التنين الصيني والأسد الإيراني: شراكة إستراتيجية مهددة لطموحا ...
- سد النهضة: مصر وأثيوبيا ما بين التصعيد والاحتواء
- العلاقات المصرية التركية إلى أين؟
- المحكمة الجنائية الدولية وقرار بدء التحقيق
- ايران والولايات المتحدة وإسرائيل: التطورات العسكرية الأخيرة
- مفاجآت نتنياهو قبل الانتخابات


المزيد.....




- إيلون ماسك ونجيب ساويرس يُعلقان على حديث وزير خارجية الإمارا ...
- قرقاش يمتدح -رؤية السعودية 2030- ويوجه -تحية للمملكة قيادة و ...
- السعودية.. انحراف طائرة عن مسارها أثناء الهبوط في الرياض وال ...
- 200 مليون مسلم في الهند، -أقلية غير مرئية- في عهد بهاراتيا ج ...
- شاهد: طقوس أحد الشعانين للروم الأرثودكس في القدس
- الحرب على غزة| قصف إسرائيلي مستمر وبلينكن يصل السعودية ضمن ج ...
- باكستان.. مسلحون يختطفون قاضيا بارزا ومسؤول أمني يكشف التفاص ...
- كلاب المستوطنين تهاجم جنودا إسرائيليين في الخليل
- بلينكن يصل إلى السعودية للاجتماع مع وزراء خارجية دول مجلس ال ...
- ما علاقة الحطام الغارق قبالة سواحل الأردن بالطائرة الماليزية ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سنية الحسيني - معادة السامية: الإدعاء الذي فقد صداه