أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد ارجدال - مسرحية وينسن المجنون الباحث عن الحقيقة لزهرة ديكر















المزيد.....

مسرحية وينسن المجنون الباحث عن الحقيقة لزهرة ديكر


محمد ارجدال

الحوار المتمدن-العدد: 6961 - 2021 / 7 / 17 - 00:38
المحور: الادب والفن
    


مسرحية "وينسن" تضم بين ثناياها 74 صفحة مكتوبة بالحرف اللاتيني و هي من إصدارات تيرا رابطة الكتاب بالأمازيغية لسنة 2016، بمطبعة سونتر أمبريموري أيت ملول / أكادير.
من خلال أول نظرة على الغلاف نلاحظ رسم لحرف من حروف تيفيناغ "ياز" يحمله وجه امرأة باسم و قد تزينت بحلي فضية أمازيغية جميلة، في أعلى الحرف وجه آخر حزين يغلب عليه الهدوء يبكي و قطرات من دموعه تسقي وردة "فليلو" - شقائق النعمان-، في أقصى اليمين في الجانب السفلي شجرة مثمرة بحروف تيفيناغ، و الملاحظ سيرى أن الشجرة مكونة من كلمات و ليس حروف فقط: "أكال- افكان- تيفوكنا /الأرض – الإنسان - الإنسانية.... " ، بالنسبة لألوان الغلاف نجد في الأسفل ألوان قوية: بني و حمرة فاتحة -لون الأرض- و في النصف الأعلى ألوان هادئة مزيج بين ألوان السماء و الشمس، من كل هذا يمكن أن نستخلص موضوع المسرحية الذي يمكن أن تكون تيمته الإنسان، الأرض ، الهوية ، الجذور .... ، يمكن للقارئ من أول وهلة أن يطرح عدة أسئلة ليفهم غور و ماهية العنوان فيتساءل هل "وينسن" اسم علم؟ هل يحمل رمزية لشيء أو شخص معين ؟ و ماذا يقصد به؟ و ما العلاقة التي تربطه بصورة الغلاف؟ أسئلة كثيرة ستجيب عنها فصول و مشاهد المسرحية.
"وينسن" بطل هذه المسرحية و الذي اختار الجنون في انتظار ظهور حقيقة قاتلي والده أمغار القبيلة. تتكون هذه المسرحية من فصلين : الفصل الأول : يتكون من أربعة مشاهد ، الفصل الثاني من مشهدين اثنين، بالنسبة للشخصيات هناك شخصيات رئيسية : تزرزيت ، وينسن ، بالنسبة للشخصيات الثانوية نجد : تاماكيت ، بابا ماسين ، أمغار و أسافو و هو ابن أمغار الجديد-بابا ماسين- و يده اليمنى. نجد أيضا شخصيات ذات ظهور بسيط : توسمان، تالاسين ، اغوليد، ءيتري، أمالو ، شخصية "تودرت" مثلتها عجوز في ظهور وحيد .
ولتحليل مضمون المسرحية، سنبدأ بالفصل الأول : المشهد الأول:حيث نكتشف وجود مؤامرة خفية طرفها الأول أسافو، وهنا نلاحظ رمزية الاسم أسافو المشعل/النار، شخصية أسافو في هذه المسرحية كاسمه يتسم بالحقد ، الكراهية، يحيك الدسائس .... ، بعد ذلك تتضح مؤامرة أكبر أدت لقتل –باديس-أمغار القبيلة السابق الغني جدا ، فيتزوج أمغار الجديد-بابا ماسين- بابنة باديس "تيدت" التي ستموت أثناء المخاض قبل أن تلد، و هذا ما يُرَوجُ له في القرية ، لكن الحقيقية أن "تيدت" توفيت بعد أن ولدت توأمين في يوم يغيب فيه بابا ماسين -عن القرية- ليتدخل ابنه الشاب "أسافو" ليضع حدا لحياة أخويه التوأمين عبر دسهما في كيس زبالة و يطلب من "وينسن " مجنون القرية أن يرميهما بعيدا ، "وينسن" هو الابن البكر لباديس أمغار المقتول غدرا و هو نفسه شقيق "تيدت" الأكبر.
"وينسن" بطل المسرحية يمثل شخصية معقدة جدا ،تصرفاته متشابكة و أقواله غير مفهومة، وجوده يؤثر بشكل كبير على تطور أحداث المسرحية، تعرض لصدمة أفقدته عقله و بات مجنونا هائما يجوب القرية كحال المجانين، لكن الحقيقة عكس ذلك فوينسن فضل الجنون على العقل تحسبا للقادم من الأيام، فقد علم بفطنته أن قاتل أبيه لا بد و أن يقتله هو الآخر ليستولي على أملاكه و منصبه.
خلال المشهد الثاني يجد أهل القرية العائدين من الرعي و سط الطريق مهدا لرضيعين يتمتعان بصحة جيدة، و بسبب غياب أمغار عن القرية تلك الليلة، لم يستطيعوا أن يجدوا حلا للمشكلة خوفا من تبعاتها.
شخصية" تماكيت" في المسرحية متشبعة بحب الأرض و الناس و هي والدة "تزرزيت" -بطلة المسرحية - التي ورثث عن والدتها هدوءها و رزانتها، و تشبعت منها بالكثير من القيم و ظلت متشبتة بها رغم الظروف و الصعاب، نراها تختار أن تتبنى التوأمين و تعتني بهما حينما استغربت مغادرة أهالي القرية من الرعاة كل صوب بيته و قد تركوا الصغيرين وحيدين للعراء عرضة لوحوش الليل دونما أدنى رحمة، "تزرزيت" تعلم جيدا ما ينتظرها من سوء تفكير أهالي القرية، و كلامهم الجارح ، ستتعرض للكثير من التوبيخ و يُساء بِسمعتها و سينعتها الجميع ب "إليس ن تسوكت" –عاهرة-. الأم "تماكيت" لم تُثنِ ابنتها عن قرارها و كانت بجانبها دائما بالنصح و الارشاد ، و أحيانا بالتوبيخ و كثيرا ما تنصحها بالتسلح بالمزيد من الصبر.
المشهد الثالث: في حوار يضم "تزرزيت" و صديقتيها توسمان و تالاسين، نجد حديثها يحمل كمية كبيرة من المنطق و العقل، و هي لا تتوانى بتشبتها بأخلاق عالية و هي على دراية تامة بكل ما يحدث من حولها ، لكنها غير مبالية، لأنها على يقين أن ما فعلته من مصلحة الجميع، و تدري جيدا أنها ستعاني لكنها ستظل قوية متشبة بقناعاتها و ستتغلب على كل الصعاب.
شخصية "وينسن" شخصية عاقلة جدا عكس ما يظهر سلوكه و أفعاله من جنون، فأقواله تنم عن عقل كبير و شخصية قوية عالمة باستحالة بقاء الأمور على ما هي عليه فبمرور الزمن يتغير الكثير و تَظهر حقائق و تُطمس أخرى ، و هو بانتظار ظهور حقيقة قاتلي والده أمغار و كثيرا ما نجده يردد عبارة: "تيدت ءور تموت ... تيدت راد تمغي..." أو " ءيزيماز ءار تكريويلن ..ءازكا راد ءيلال ف تيلّي ن ءيمضل وول....ءازكا راد مّغينت توفراوين ءي تيدت ...ءيكتي تن د ءوفكان..."
أسافو ابن أمغار و يده اليمنى يحاول جاهدا أن يخفي حقيقة التوأم عبر بث كلام يشين بعفة تزرزيت، و هو بهذا يضرب عصفورين بحجر واحد فبابا ماسين بعد وفاة زوجته الثانية"تيدت"، يرغب ب "تزرزيت" زوجة له ، و "أسافو" رافض لزواج أبيه مجددا.
يشهد المشهد الرابع : ثورة بعض أهالي القرية على ما قامت به تزرزيت -حين تبنت التوأم – فالجميع ظن أنها أم الرضيعين مطالبين باعترافها عن حقيقة الأب فما قامت به يعتبر غير مقبول به في مجتمع محافظ يحكمه الدين و الأعراف، في حين نرى أن أغلبية الأهالي كان حاضرا و رفض تحمل مسؤولية الصغيرين المنبوذين وسط الطريق ،دون أن ننسى أن الجميع يعلم بأخلاق تزرزيت العالية، هنا يتضح نوعية المجتمع الذي تحاول الكاتبة زهرة ديكر تقريبه للقارئ.في هذا المشهد نرى أن "تماكيت" حذت حذو أهل القرية و تنكرت لابنتها و باتت تستفسرها أو بالأحرى تستفزها أن تخبر الجميع عن أب الرضيعين ، رغم كل شيء تبقى تزرزيت قوية و متشبتة باختياراتها .
يستمر "وينسن" بجنونه الذي يحمل كلام العقلاء أو الحكماء إن أمكننا القول ،كثيرا ما ينادي باقتراب ظهور الحقيقة، و أحيانا يخبر تزرزيت بضرورة التسلح بالصبر و التحلي بالايمان ، و ينادي و يطلب من الجميع برغبته بإحداث تغيير في محيطه و يقول :
- imal ann ad righ …. Gwmrgh t id… tiwwurga nu s uzkka .. igh trit ndru tnt … mad iran ad nssghus iswak nngh nklu tn s tiddukkwla d tgwmat? .. s tayri d ufra … awd yan is iri … awd yan is sul ira !

تزداد الوضعية سوءا و تتحطم معنويات" تزرزيت" بعد زيارة أمغار رفقة ابنه "أسافو" لمنزلها و استفسارها عن الحقيقة الضائعة.
في الفصل الثاني : المشهد الأول: تنجح "تزرزيت" بمساعدة "وينسن" في وضع خطة محكمة تغير تفكير القرويين جذريا ، فيرغب جميع رجال القرية شبابا و شيوخا بالزواج منها و إعطاء اسمه للرضيعين.
و في المشهد الثاني و الأخير: تظهر الحقيقة التي طالما انتظرها "وينسن" و "تزرزيت" ، بعد أن دخل "أسافو" في صراع مع والده بعد أن تأكد هذا الأخير أن ابنه البكر أراد طمس حقيقة ولادة ابنيه التوأمين من زوجته "تيدت" حَيَّيْن يُرزقان ، و قد علم من "وينسن" أنه من تدخل و أنقذهما في الوقت المناسب.
مسرحية "وينسن" مسرحية اجتماعية جميلة جدا بكمية الأفكار و الرسائل المبثوتة بين مشاهدها و فصولها، تناولت حب الأرض و الناس ، الهوية ، الأخلاق ، الصراع الطبقي ، مكانة المرأة في المجتمع في ظل ظروف صعبة تحكمها، العلاقت الانسانية ، تدني الأخلاق ..... ، لغة الكتاب معيارية بمعجم غني بديع ، احترمت الكاتبة مقومات الكتابة المسرحية، بناء درامي ممتاز ،ربط أجزاء المسرحية ببعضها البعض وصولا لتحقيق تأثيرات انفعالية مثيرة ،حيث نشاهد حدث ينطلق و يتصاعد لبلوغ قمة التأزم ثم بلوغ الحل في النهاية .فجاء أسلوب المسرحية محترما لكل مقومات المسرحية بحوار شيق يؤدي إلى تطوير الحدث و يعبر عن ما يميز الشخصية، ثم تصوير لمحنة الإنسان في أبعاد مختلفة ،كُتبت المسرحية بأسلوب شاعري جميل نختار منه هذا المقطع :
TaZRZit : uhmgh i yan yugwin tidt ad tt yasi ….uhmgh i yan isiggiln gar ifl afulki … mqqar nit d isqurri alln ar isghuyyu … max … max a ayt tmazirt inu trwlm tflm tarwa n wakal nngh gh iswak? … is kwn tffgh tmlla .. is d is kwn tffgh tayri d ufra …. Mad iz tsiggilm gh wul n TZRZit igh ar sul allan …. ar nTTRrn s wafulki.

زهرة ديكر كاتبة قصصية بالأمازيغية كتبت للطفل و الكبار، نالت جوائز مهمة عن أعمالها الأدبية، نخص بالذكر هنا حصولها على جائزة رابطة تيرا للكتاب بالأمازيغية لسنتين: الأولى سنة 2012 عن قصتها للطفل "يوفتن غ تاكانت ن ءيسافارن"yuftn gh tagant n isafaran, ،و الثانية سنة 2015 عن مجموعتها القصصية للكبار "كيي د نتات د ءودفاس" kiyyi d nttat d udffas، لها اصدارات أخرى: قصة للطفل بعنوان azmumg imicki"" و قصة مطولة تناولت أدب الخيال العلمي تحمل عنوان "adrghal n tagut" ، كما فازت بجائزة دعم السيناريو عن السينايو المعنون ب" تيتريت ن تودرت" بمهرجان ءيسني ن وورغ السينمائي الدولي ، و كما تكتب زهرة ديكر بالأمازيغية ، تكتب أيضا بالعربية و قد سبق و فازت بالجائزة الأولى لقصص على الهواء مجلة العربي الكويتية.
مسرحية "وينسن" تستحق القراءة والتشخيص على الخشبة.



#محمد_ارجدال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -طلع الفجر- ديوان شعري امازيغي لمحمد الغزولي
- الشاعر الامازيغي محمد الغازولي و همّ الأغلبية
- شدو العصافير مجموعة اناشيد للشاعر عبد السلام خلفي
- عبادة على مرفأ العشق قصص ومضية للكاتبة المغربية فاطمة فائز
- في ذكرى رحيل حمدي أنوش (29 مارس 1997 / 29 مارس 2020)
- مجموعة القصائد التي غناها الفنان عموري مبارك
- أشعار عرس انتظار لعميد الأدب الامازيغي محمد اكوناض
- حسن اد بلقاسم وسؤال الهوية
- محمد اكوناض اعلاميا
- القاصة بشرى الادوزي بين الروح والمستقبل
- الندوة العلمية حول تاريخ فبيلة ايت الرخا
- الترجمة العربية لكتاب هربرت بريكل المعنون - علم الدلالة-
- شذرات الوجود ومضات للقاص صالح أيت صالح
- أحلام الشاعرة الامازيغية فاطمة بوزهار
- نبذة تاريخية عن قرية تيمولاي افلا
- الكاتب المغربي الحسن زهور والكتابة الروائية
- باقة شعرية أمازيغية لأكسيل ابركوش
- محمد وافي يكتب بالخناجر شعرا
- نماذج من شعر الحكمة والفكاهة في سوس للكاتب رشيد الحسين
- ديدان في الملح قصص للكاتب محمد العقيلي


المزيد.....




- الحضارة المفقودة.. هل حقا بنيت الأهرامات والمعابد القديمة بت ...
- مصر.. القبض على مغني المهرجانات -مجدي شطة- وبحوزته مخدرات
- أجمل مغامرات القط والفار.. نزل تردد توم وجيري الجديد TOM and ...
- “سلي طفلك الان” نزل تردد طيور الجنة بيبي الجديد 2024 وشاهد أ ...
- فرانسوا بورغا للجزيرة نت: الصهيونية حاليا أيديولوجية طائفية ...
- الحضارة المفقودة.. هل حقا بنيت الأهرامات والمعابد القديمة بت ...
- المؤسس عثمان الموسم الخامس الحلقة 159 على ATV التركية بعد 24 ...
- وفاة الممثل البريطاني برنارد هيل، المعروف بدور القبطان في في ...
- -زرقاء اليمامة-.. أول أوبرا سعودية والأكبر في الشرق الأوسط
- نصائح لممثلة إسرائيل في مسابقة يوروفيجن بالبقاء في غرفتها با ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد ارجدال - مسرحية وينسن المجنون الباحث عن الحقيقة لزهرة ديكر