أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إقبال الغربي - عندما يهدد طغيان الأغلبية و توحشها الديمقراطية التونسية !














المزيد.....

عندما يهدد طغيان الأغلبية و توحشها الديمقراطية التونسية !


إقبال الغربي

الحوار المتمدن-العدد: 6960 - 2021 / 7 / 16 - 22:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


- هل يسمح للأغلبية أن تفعل ما تشاء ؟
- هل يمكن للأغلبية أن تستخدم الشرعية الانتخابية لخدمة مصالحها على حساب الأقلية ؟
- هل يمكن للأغلبية التي تملك "الشرعية الانتخابية " محو تاريخ البلاد وحداثتها ومنجزاتها و تخريب مجلة الأحوال الشخصية و العودة إلى تعدد الزوجات و زواج الأطفال و أسواق النخاسة مثلا ؟
- هل يمكن منع أغلبية ، جاءت للسلطة عبر وسائل مشروعة من انتهاك حقوق الآخرين من دون أن نتنكر للديمقراطية ؟
تعني الديمقراطية أن يحكم الشعب نفسه بنفسه، وهي نظام سياسي يكون للشعب فيه حق المشاركة في إصدار القوانين والأحكام في ما يتعلق بالأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمس حياتهم. ويمكن تقسيمها عموما إلى نوعين:
- الديمقراطية المباشرة
- الديمقراطية التمثيلية/النيابية
تبين بعد الانتخابات الأخيرة في تونس أن الأغلبية البرلمانية الشرعية همها الوحيد اليوم ،في ضل الأزمات الصحية و الاقتصادية و الاجتماعية التي تمر بها البلاد ،هو المحافظة على مكاسبها و ومواقعها و الحماية المتبادلة بين مختلف أطرافها و مكوناتها .
كما تبين أيضا أن البرلمان التونسي بأغلبيته الحالية و الشرعية بات فضاءا متوحشا غير امن للأقليات و للمرأة خصوصا استشرى فيه العنف و تنتهك فيه الحقوق الأساسية و الحرمات الجسدية إذ تتعمد الكتل النيابية الحاكمة و المتغولة توفير الحماية السياسية و الحصانة القانونية للمعتدين و للجلادين .
.
و ينتج هذا المشهد البرلماني السريالي و المشين شعورًا بهشاشة الديمقراطية الناشئة في أوطاننا، وبإمكانية تَحوُّلها إلى استبداد ناعم قائم على الوصم والإقصاء، خاصة في مجتمعات لا تزال غير مستوعِبة للفرْدَنة والتفرد، وغير قادرة على القطع مع ثقافة تمييزية نشأت عليها واستبطنَتها.
إن الهدف من النظام الديمقراطي هو حل النزاعات وإدارة المصالح توافُقيًّا، والتداول على السلطة سلميًّا، عبْر الانتخابات التي تُفرز أغلبية وأقلية، مع العلم أن أقلية اليوم يجب توفر لها كل الإمكانيات لتكون يوما ما أغلبية . وتجدر الملاحظة هنا أن الانتخابات هي مجرد إجراء تِقْني، وليست قيمة في حد ذاتها. لماذا؟ لأن التاريخ علَّمَنا أن الانتخابات بوصفها إجراءً ديمقراطيًّا، قد أفرزَت نقيض الديمقراطية، وخيْر دليل على ذلك صعود هتلر إلى السلطة. ولذلك، لا بد من إيجاد حدود و محاذير للديمقراطية حتى لا تتحول إلى فاشية، أو تنزلق إلى ما سمَّاه "توكفيل" و"جون لوك" و"جون ستيوارت ميل": "طغيان الأغلبية" وهو أهم تهديد يواجه الديمقراطية.
وهذا يعني أن الديمقراطية لا يمكن أن تكون مجرد وسيلة أو أداة للوصول إلى الحكم، فالسلطة لا تعني
التمدد وتوسيع دوائر الولاء والسيطرة بإفراغ الدساتير من محتواها وفلسفتها وتوظيف إمكانيات الدولة ووضع شبكة من الموالين في مختلف أجهزتها و مفاصلها لا لتحقيق الصالح العام بل لتوسيع دائم و مستمر لإخطبوط التسلط و النفوذ.
وفي هذا السياق لا يمكن للديمقراطية أن تكون شكلية. فمضمونها الفلسفي والأخلاقي تَحرُّري بامتياز، وهو قائم على معيارية الإنسان وسلطان العقل والحقوق الطبيعية للفرد. ومِن ثَمّ، فالانخراط في المنطق الديمقراطي يترتب عليه العديد من الالتزامات القانونية والأخلاقية ، إذ الديمقراطية تُجسِّد قيمًا إنسانية راقية، مثل: قبول وجود الآخر المختلف‏،‏ ونسبية الحقيقة،‏ واحترام الأغلبية للأقلية، والسماح بحريات الاعتقاد والتعبير والاختلاف‏.‏
في عالمنا هذا، لا يمكن مثلًا للفريق الغالب أن يستعمل نفوذه لانتهاك حقوق المواطنين/ات، أو أن يتخذ قرارًا يُلغي الانتخابات، أو أن يُحرِّم الإضرابات العمالية، أو أن يَسنّ قوانين شاذة تَقهر الأقليات الإثنية أو الدينية. لماذا؟ لأن لِسيادة الإرادة العامة حدودًا وخطوطًا حُمْرًا، تتمثل بحقوق الإنسان المؤسَّسة أخلاقيًّا. وهنا، يكمن التناغم و التماسك الداخلي بين السيادة الشعبية من جهة، وحقوق الإنسان من جهة أخرى، لأن ذلك هو الأمر الذي سيَنتج منه بِناء العَقد الاجتماعي السليم والدائم.
إذًا، الديمقراطية وحقوق الإنسان، هما متلازمتان كوجه الورقة وقفاها، بل إن احترام هذه المبادئ والأخلاقيات والحقوق هو الذي يعطي الديمقراطية شرعيتها النهائية، ويحمي في نفس الوقت سيادة الشعب من الانزلاق في طغيان الأغلبية. وبتعبير آخر: إن حقوق الإنسان يُفترض فيها أن تكون بمنزلة سدٍّ شرعي، يحُول دون دَوس الإرادة العامة ذات السيادة لفضاء الحريات الفردية -على حد تعبير الفيلسوف الألماني "هابرماس"-.
فالديمقراطية هي أساسًا ضمان حقوق الأقليات العِرقية والدينية والسياسية، التي من حقها تجسيد قناعاتها حتى في الفضاء العام ، الذي يجب أن يكون محايدا ،والمجاهَرة بها بكل حرية واستقلالية دون أن تخدش مشاعر الأغلبية، ودون أن تكون عُرضة لأيِّ حساب أو عقاب أو إقصاء.



#إقبال_الغربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شبكات الكراهية : بحث في عداء المرأة الهاذي في أوطاننا
- سيكولوجيا الجموع و الطبائع الشعبوية
- الشعبوية اليوم - العوامل و النتائج
- التقنيات النفسية لصناعة الارهاب مدرسة الرقاب أنموذجا
- أزمات التعليم في تونس و إدارة التوحش
- رمضان و حرية الضمير في تونس الثورة
- الارهاب يفجر المواخير في تونس ، من الضحية و من الجلاد
- لماذا تنتج الكليات العلمية في عالمنا العربي الإرهابيين? مقار ...
- مقاربة نفسية و اجتماعية لظاهرة الجهاد في تونس
- الشرعية -السحرية- أو اختطاف الديمقراطية.
- التحرش الجنسي ليس قضية جنسية بل هو مسالة سلطة و نفوذ
- الثورة التونسية بين الجهويات و العروشية
- الحقائق الخفية عن ثورة الحرية
- من يكترث لدم مسيحيي العراق و دموعهم في ارض الإسلام
- الاسلاموفوبيا :محنة و فرص
- التحرش الجنسي ضد المرأة :الإرهاب المخفي
- بشرى البشير و ردود الفعل السيكوباتية
- غزة ׃المأساة و اللعنة
- من روزا لكسمبورغ إلى نهلة حسين شالي مسلسل قتل النساء
- الاختلاف في الثقافة العربية الإسلامية: دراسة جندرية


المزيد.....




- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إقبال الغربي - عندما يهدد طغيان الأغلبية و توحشها الديمقراطية التونسية !