أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - داليا سعدالدين - نبذة عن -الأورومو وأوجادين- فى إثيوبيا















المزيد.....

نبذة عن -الأورومو وأوجادين- فى إثيوبيا


داليا سعدالدين
باحثة فى التاريخ

(Dahlia M. Saad El-din)


الحوار المتمدن-العدد: 6955 - 2021 / 7 / 11 - 02:39
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ليس من السهل الحديث عن القوميات الإثيوبية وجمعها فى مقال قصير، فلكل قومية رونقها المغرى للدراسة، لذلك ساكتفى بعرض نبذة مختصرة عن مجتمعى "الأورومو وأوجادين"، حيث يقع إقليم "أوروميا" فى جنوب وجنوب شرق الهضبة الإثيوبية، بينما يحتل إقليم "أوجادين" شرقى الهضبة.
أما قومية الأورومو فتكمن تفردها فى أن لها وجود مستقل بصفتهم سادة مصيرهم وصناع تاريخهم خلال فترات تاريخية قديمة ووسيطة ما قبل الاستعمار الإثيوبى للإقليم، وحتى خلال التوسع الإثيوبى فى إقليم أوروميا خلال القرن السادس عشر الميلادى، كان بعض القادة من الأورومو يفرضون سيطرتهم السياسية على البلاط الملكى الإثيوبى فى مقاطعة شوا – Showa. وعن الأورومو يعد الراهب الإثيوبى الراهب أبا بحيرى - Abba Bahrey صاحب كتاب "تاريخ الجالا" الذى ألفه أواخر القرن السادس عش الميلادى، حيث كان بيته فى إقليم "جامو - Gamo" جنوب الهضبة إثيوبيا، واحد من المصادر التاريخية لأصل الأورومو؛ إذ يشير إلى أنهم جاءوا من الغرب الأفريقى، وعبروا نهر بلادهم "جالانا" إلى حدود إقليم "بالى"، وكلمة "جالانا" فى لغة "الأورومو" تعنى "نهر" وهى تطلق على نهرين أساسيين يعبران جنوب إثيوبيا وكلاهما يتفرع من بحيرة "ستيفانى"، أولهما نهر "جالانا ساجان" المتجه نحو الشرق، والثانى "جالانا دولى" المتجه نحو الغرب، وكلاهما جنوب منطقة "جامو"، ألا أنه لا يستطيع أحد الجزم بأى النهرين عبره مواطنو "إقليم أوروميا" الأول. بينما تشير الدراسات المدققة إلى أن شعب الأورومو كان يعيش فى الشمال الشرقى قبل وصل الإثيوبيين أنفسهم إلى المنطقة، أى قبل كلا من التيجراى والأمهرا، والذين كان يطلق عليهم الأحباش حتى بدايات القرن العشرين.
أما فيما يتعلق ببعض التاريخ الشفاهى فى تقاليد شعب الأورومو، فإنها تعود بأصول هذا الشعب إلى منطقة تسمى "هوراوللاابو"، وهذه المنطقة تقع فى الجزء الجنوبى من إقليم "أوروميا" بين بحيرتى "رودلف وأبايا" حيث توجد منطقة "جالانا". والأورومو فى رواياتهم الشفاهية لا يدعون كونهم عاشوا فى منطقة قبائل أوجادين الصومالية المتاخمة لإقليم أوروميا فى الدولة الإثيوبية، ولا يتكلمون أبدا عن وطن لهم غير جنوبى ووسط إقليم "أوروميا"؛ إذ انها أرض "الأورومو" ويقع على مساحة أكثر من 600 ألف كم2 جنوب الهضبة الإثيوبية، إلا أنه خلال الفترة من تسعينات القرن الـ 19 وحتى تسعينات القرن الـعشرين تقلصت هذه المساحة لتصل إلى حوالى 360 ألف كم2، بسبب ضم بعض مناطق الإقليم إلى إقليم التيجراى من ناحية، وضم مناطق أخرى لدول متاخمة.
والأورومو أنفسهم يطلقون على أرضهم اسم "أوروم – بيا" أى "تربة الأورومو" ، أما تسمية "أوروميا" فقد شاعت لاستخدام المبشر الألمانى كرابف – Krapf لها وقت تواجده بين الأوروميين خلال سنة 1860، وعن المسميات الأخرى، فيطلق عليه أيضًا مسميات "كالجالا والصومال أبو"، إلا أن مسمى "الأورومو" هو المفضل لديهم، ذلك أن روايتهم الشفاهية تعزى هذا المسمى لجد مشترك لهم، إذ يقال إن اسم "أورومو" مشتق من كلمة "آلم أرما" وهى تعنى فى لغتهم "شعب الأورومو"، وتقول الأسطورة الشعبية أن "أرروم" هذا هو اسم رجل عاش فى العصور السحيقة فى مكان ما فى القرن الأفريقى.
أما فيما يخص تسمية "الجالا"، نجد الراهب الإثيوبى "بحيرى" كا هو لسان السلطة الأمهرية الذى ساهم فى ترويج هذه التسمية أواخر القرن السادس عشر الميلادى، ومع الأسف فقد نهج نهجه فى ذلك الكثير من الرحالة والكتاب من الأوروبيين والعرب. من ناحية أخرى فقد تعمدت السجلات الحكومية الإثيوبية حتى خمسينيات القرن العشرين إلى إطلاق هذه التسمية على شعب "الأورومو"، ولنا فى خطابى "منليك الثانى" ملك مقاطعة "شوا" إلى خديوى مصر المحروسة خير مثال على ذلك، إذ أنه ذكر "الأورومو" بنعته لهم بقبائل "الجالا" باعتبارهم إحد الشعوب الخاضعة لحكم مملكته "شوا" فى ذلك الوقت، وعلى الرغم من أن تسمية "الجالا- Galla" موجودة أصلاً فإن أفراد شعب "الأورومو" لا يحبوا أن يلقبوا بها، إذ يقال أن هذه التسمية جاءت بواسطة الشعوب المجاورة لهم، خاصة قومية الأمهرا، وذلك للتقليل من شأنهم، وعلى ذلك لا يقبل أى فرد من أفراد الشعب هذه التسمية، حيث يعدها إهانة كبيرة بالنسبة له يجب أن يردها فى الحال، فأقرب معنى لها هو "العبد" أو "العبيد".
وقومية الأورومو هى أكبر القوميات الإثيوبية تعدادا؛ إذ تبلغ نسبتهم أكثر من 34% - وذلك فى حال ما إذا لم نضم لهم مجتمع سيدامو – Sidamo المتاخم لإقليم الأوجادين، والبلغ نسبته أكثر من 4% فى التعداد الإثيوبى - ويبلغ تعداد الأورومو حوالى 38 مليون نسمة وفقا لأخر إحصاء فى 2015، تشكل المرأة نصف هذا التعداد تقريبا. ومجتمع الأورومو يضم تنوعا كبيرا من النظم الاجتماعية والاقتصادية المترابطة، إلا أن أيًا من تلك النظم لم يصل لحد التقسيم الطبقى الذى كان يميز شمال ووسط الهضبة الإثيوبية منذ أواخر القرن الـ19، بل إننا نجد على العكس تمامًا من ذلك؛ إذ أن الأورومو يتصفوا بالوحدة الاجتماعية والقومية المتماسكة المتسمة بنوع من المساواة، فكان المجتمع الأورومو ينقسم إلى طبقات اجتماعية تعتمد على المكانة الوظيفية، فنجده قديما يقسم المجتمع إلى مجموعتين متساويتين فى المكانة:المجموعة الأولى هى الرعاة ومربى الماشية، أما المجموعة الثانية فكان نصفها يربون الماشية مع اشتغالهم بالزراعة، والنصف الآخر كانوا يشتغبون بالزراعة فقط. وحديثا لم يختلف التقسيم الإجتماعى إلا من حيث المسمى الوظيفى كالأطباء والمهندسون والمدرسون وما إلى ذلك من الوظائف الاجتماعية المعاصرة.
من التقاليد الاجتماعية العتيقة للأورومو نظام الـ "جادا"، وهو نظام حكم اجتماعى تقليدى يعتمد فى أساسه على مجلس من المستشارين يبلع عددهم 8 أشخاص ناضجين، ويمكن للشخص أن يصل برئاسة المجلس حين يتم الأربعين من عمره، ويكون بذلك "أبا جادا" أى زعيم أو رئيس للمجتمع. أما الحياة الأسرية فللمرأة الأورومية الحق فى اختيار تسمية مولودتها، فى حين أن اختيار تسمية المولود الذكر يرجع للأب، وغالبا ما تكون أسماء الأورومو لها معانى الحب والنور والجمال.
ورغم وجود المسيحية والإسلام، إلا أن الأسطورة الدينية التقليدية السائدة عبر الوعى الجمعى للأورومو، لا يمكن تجاهلها، إذ تقول بأن "واقا -Waaqa" – وهو الله فى فلسفة العقيدة – أصبح الآن فى السماء بعد أن كان يحيى بين الناس ويسير أمورهم، إلا أن بعض الحيوانات كانت اظهرت عدم رضها عن أفعال الـ "واقا" مثل "الماعز" الذى استهزأ بقدراته الطبيعة، وكذا "البغل" الذى ركله، ومن ثم أصبح الماعز ملعونا، كما أصبح "البغل" عاقر لا يتناسل، كما أن السائد فى العقيدة هو حماية ورعاية شجرة الـ "كوولو" لإعتقادهم بأن بقرة ما سوف تلد تحتها "عجلا مقدس"، وهو مايومى بظلال ما عن التأثر بالأسطورة المصرية القديمة فيما تعلق بشجرة "الجميز" المقدسة، وأيضا العجل المقدس "أبيس".
كان ذلك حديث مختصر عن أكبر قوميات إثيوبيا، الأورومو، والتى يليها فى مساحة الأرض إقليم "أوجادين" الذى تبلغ مساحته حوالى 279,252 كم2، وتعدات سكانه حوالى 4 مليون و400 ألف نسمة وفقا لإحصاء 2007، وتبلغ نسبته فى المجتمع الإثيوبى 2.7%، إلا أن نسبة سكان الإقليم أخذة فى تناقص مستمر بسبب الأوضاع الاقتصادية فى الإقليم، وأيضا ما يلقيه عدم الاستقرار السياسى فى دولة الصومال من ظلال قلق مستمر على الاقليم.
وشعب أوجادين هو أحد فروع قبيلة الدارود التى هى واحدة من أكبر ثلاث قبائل فى الصومال، وعلى ذلك فالأوجادين يعتمدون فى تنظيمهم الاجتماعى على الهيكل القبلى الذى ينقسم إلى عشائر ثم أفخاذ، وعلى الرغم من كونها ضمان اجتماعى كبير، إلا أنها معرضة فى نفس الوقت إلى الانقسام بسبب الصراعات على مصادر المياه بشكل خاص. ويشكل حيوان "الجمل" أحد أهم الحيوانات فى حياة شعب إقليم "أوجادين"؛ إذ يشكل عصب الحياة الاجتماعية والاقتصادية للأهالى نظرا لقدرة هذا الحيوان على التأقلم مع الطبيعة الصحراوية القاسية التى يتسم بها الإقليم، وتسود بينهم اللغة الصومالية أكثر من غيرها، وتشير الورايات الشفاهية أن كلا من قبائل أوجادين وقومية الأورومو قد عاشوا خلال الفترة من 1500 إلى 1600 فى حالة من السلام والتعاون، وحتى النصف الثانى من القرن الثامن عشر.
تلك الروايات الشفاهية التى تسكن فى وعى كلا الشعبين، وأظن الكاتب الصومالى الكبير "نورالدين فرح" قد استند عليها فى ثلاثيته الهامة "دم فى الشمس: الخرائط (1986)، الهدايا (1993)، والأسرار(1998)"، تلك الثلاتية التى هى سردا أدبيا لأحداث تاريخية عن مرحلة الصراع الحدودى بين إثيوبيا والصومال خلال عام 1976 فى إقليم "أوجادين"؛ حيث تدور الأحداث الرئيسية فى رواية "الخرئط، 1986"، عن الطفل اليتيم "عسكر" من قبيلة "أوجادين" والذى تتبناه الأم "ميسرا" من الأورومو، التى تقع رهن الاعتقال فى العاصمة الصومالية "مقديشو" لإتهامها بخيانة حركة "تحرير الصومال الغربى"، أى حركة تحرير إقليم أوجادين من الحكم الإثيوبى.
قد يكون هناك إسقاط أعمق خلال رواية "الخرائط"؛ إذ قد يشير كلا الاسميين "عسكر وميسرا" عن جوانب أعمق فى التاريخ الحديث لمنطقة القرن الأفريقى حيث كانت مدينة "هرر" الواقعة شمال شرقى الهضبة الإثيوبية والمتاخمة لإقليم "أوجادين" خلال سبعينات القرن الـ18 تحت سيادة الدولة المصرية، مثلها فى ذلك مثل جميع الساحل الصومالى؛ وحيث تزوج الكثير من الجنود المصريين ببنات من المناطق الصومالية والعفارية؛ ومن ذلك قد يكون اسم "عسكر"، وأيضا تجدر الإشارة إلى أن المصريين كانوا قد تزوجوا من الإثيوبيات خلال مراحل زمنية أسبق. أما "ميسرا" الأورومية، فقد يحتمل أيضا تأثيرات ما من الأساطير المصرية القديمة، كتأثير أسطورة العجل "أبيس" والذى تحول ليكون هو "العجل المقدس" الوريث الملكى فى الأرض للإله الواحد "واقا - Waaqa" فى الفلسفة العقائدية للأورومو. إلا أن تقديس "العجل الوريث" لا يعنى مطلقا عبادة العجل، أو أن معتنقى كريم الديانات من شعب الأورومو يعبدون الأبقار والعجول؛ إذ لا ترقى القداسة لمرتبة العبادة.
تلك كانت نبذة عن قوميتين فى دولة إثيوبيا؛ إذ لا يتسع الوقت للحديث عن كافة القوميات الإثيوبية الأخرى كالعفار والتيجراى والأمهرا والقوميات الإثيوبية الجنوبية، وأيضا القبائل السودانية فى إقليم بنى شنقول-جوموز، حيث يجدر بنا أن نفرد لكل منهم مقالا خاصا فيما بعد.



#داليا_سعدالدين (هاشتاغ)       Dahlia_M._Saad_El-din#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسيحية الإثيوبية
- إياح حتب – الملكة المحاربة
- -ثيودور الثانى- مأساة إمبراطور أراد ردم النيل الأزرق
- الإرهاصات الأولى للحضارة المصرية القديمة
- إثيوبيا وعصر الفوضى
- مصر فى الميراث الإثيوبى


المزيد.....




- -نيويورك تايمز-: عائلات العسكريين الأوكرانيين القتلى تفشل من ...
- مدفيديف يتحدث عن العلاقات بين روسيا ولاوس
- وسائل إعلام: بولندا تفتح قضية تجسس ضد القاضي شميدت الهارب إل ...
- البرلماني الجزائري كمال بن خلوف: بوتين أعاد لروسيا هيبتها ال ...
- مصر تحذر من -تصعيد خطير- إثر استمرار سيطرة إسرائيل على معبر ...
- النازحون بالقضارف السودانية.. لا غذاء ولا دواء والمساعدات قل ...
- الأسد وانتخابات -البعث-.. -رسائل للعرب-
- الشرطة تفكك مخيم اعتصام موالٍ للفلسطينيين بجامعة جورج واشنطن ...
- بيان إماراتي بعد سيطرة القوات الإسرائيلية على معبر رفح
- -طلائع التحرير- المجهولة تتبنى قتل إسرائيلي في مصر.. ومصادر ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - داليا سعدالدين - نبذة عن -الأورومو وأوجادين- فى إثيوبيا