أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - لبنان : الارتطام الكبير














المزيد.....

لبنان : الارتطام الكبير


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 6952 - 2021 / 7 / 8 - 12:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لبنان: الارتطام الكبير
منذ أواسط العام 2019 يتدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي اللبناني على نحو مريع، وإذا ما استمر الحال على ما هو عليه فستكون النتيجة الحتميّة لمثل هذا الانحدار هي الارتطام بالقاع، حيث كان سعر صرف الدولار الواحد رسميّاً يساوي 1500 ليرة لبنانية، ووصل اليوم إلى 18 ألف ليرة. ومن يدري فقد يستمر الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار، فتصبح العملة اللبنانية بلا قيمة في ظل أزمة اقتصادية خانقة أوصلت ما يزيد على 50% من اللبنانيين إلى حافّة الفقر، وكل ذلك يجري دون أن يرّف جفن للمسؤولين والمتحكّمين في مصير البلد. فهل سيسقط هذا البلد الجميل- الذي تغنّى به الشعراء والفنانون والأدباء والكتاب والعشاق والحالمون والمجانين- في الهاوية أم ثمة من سيبحث عن حبل نجاة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟
الأزمة تكبر والشق يتّسع، فالكهرباء تطلّ على الناس كهلال العيد، والمازوت والبنزين والمحروقات حديث الجميع، حيث الطوابير أمام محطات الوقود لأكثر من كيلومترين، وأحياناً يتم الانتظار على أمل الحصول على بضعة ليترات، لكن دون جدوى، والمخالفات والحوادث المرورية في ذروتها، حيث يستمر عدم تشغيل الإشارات الضوئية بحجة الاقتصاد في الكهرباء، والأوساخ تملأ الشوارع، ودوائر البلدية تكاد تكون عاجزة، لأن أجر العاملين انخفض إلى درجة غير معقولة، بحيث أصبح من يتسلّم راتباً شهرياً بحدود 800 ألف ليرة، لا يساوي أكثر من 50 دولاراً لشهر كامل، وإذا ما عرفنا الارتفاع الصاروخي لأسعار المواد الغذائية وجميع السلع والبضائع، فهذا يعني أن سُبل العيش أصبحت ضيقة، بل تكاد تكون مستحيلة، وطريق الحصول على لقمة عيش شريفة عسير وغير سالك.
وإذا ما رُفع الدعم الحكومي عن بعض السلع والبضائع، فإن الأسعار ستحلّق بطريقة "سوبرمانية"، وهي الآن بعيدة عن الواقع المَعِيشْ، وخصوصاً في مجاليّ الأدوية والأغذية بتآكل رواتب الموظفين جرّاء التضخّم في الأسعار، وباستمرار الفرق بين السعر الخاص للصرف(3900) للدولار والسعر الحقيقي غير الثابت والمتصاعد.
ويقول خبراء مطلّعون إن المصارف هي المستفيد الأول من هذا الفارق، إضافة إلى كبار التجار، فالمعاملات مع مصرف لبنان المركزي تتم على السعر الرسميّ بما فيها رساميلها وشراؤها للدولار وتسديد القروض المتوّجبة عليها والتلاعب بحسابات المودعين بالدولار. وإذا ما تم إقرار البطاقة التمويلية التي يُتوّقع أن يُقرها مجلس النواب فإن الأسعار سترتفع على نحو غير مسبوق، الأمر الذي سيؤدي إلى إلحاق أفدح الأضرار بالناس وحقوقهم ومستقبلهم.
وإذا كان هناك من يعتقد أن العلاج هو بتثبيت سعر الصرف الذي يمكن أن يخفف من غلواء الأزمة، فالأمر أعمق وأعقد من ذلك، لأنه يتعلّق بالإصلاح الشامل، السياسي والاقتصادي والقانوني والتربوي وبنظام الحكم والانتخابات، وكل ما يتعلّق بالرسوم والضرائب، حيث لا توجد خطة حكوميّة، ناهيك عن عدم وجود حكومة أصلاً تستطيع اتخاذ قرارات جريئة بكسب ثقة المجتمع الدولي واسترداد مكانة لبنان المالية والمصرفية.
إن استمرار الحال على ما هو عليه يعني التوّغل في المجهول، لاسيّما في غياب إرادة سياسيّة موّحدة، وهذه للأسف الشديد ما تزال مُعطلة وغائبة وتتجاذبها أهواء ومصالح شتى: إقليميّة ودوليّة، طائفيّة وحزبيّة، في ظل استشراء الفساد المالي والإداري ونظام المحاصصة والتستّر على الأتباع والمريدين، طالما أن النظام يقوم على "الزبائنية" السياسيّة المرتكزة على المغانم والامتيازات.
ومع استمرار خطر جائحة "كورونا" وترديّ الحالة المعيشية وغياب خطة للإصلاح، تلوح في الأفق مخاطر تفكك وتفتت وسيناريوهات أقلها مُخيفاً بشأن مستقبل لبنان، خصوصاً بتعويم سلطة الدولة وازدياد حدة التوتر المجتمعي وارتفاع منسوب الجريمة المُنظمة وعمليات التهريب والاتجار بالبشر ومظاهر التعصّب والتطرّف وحالات العنف والإرهاب المنظّم وغير المنظم، حيث هوجم العديد من المصارف وخرّبت واجهاتها كما حصل مؤخراً مع البنك اللبناني- السويسري، مما أُضطر المصارف لإغلاق أبوابها احتجاجاً على ذلك.
وتستمر التظاهرات والاحتجاجات وقطع الطرقات وإحراق الدواليب إلى درجة أن بيروت تبدو خارجة لتوّها من الحرب، وما يزال مشهد انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب/أغسطس الفائت 2020، يقضّ مضاجع الجميع وهو شاهد على ما وصل إليه سوء الإدارة والفساد وغياب الشفافية والانغلاق السياسي حدّ الاستعصاء.
الفساد هو الوجه الآخر للإرهاب، وهما وجهان لعملة واحدة، وإن لم تتم معالجة أسبابه وجذوره، فإن الارتطام الكبير سيحصل -لا سمح الله-، وعندها سوف لا يكون أحدٌ بمأمن من الكارثة، ومثل هذه النتيجة عرفها اللبنانيون بعد حرب طاحنة استمرت 15 عاماً، انتهت باتفاق الطائف العام 1989. فهل سيقرأ السياسيون والمتنّفذون الدرس الجديد أم سيتركون الحبل على الغارب؟، و"لاتَ ساعة مندم".
ولا بد من القول إن هذه الرؤية مهما بدت متشائمة إلا أنها ليست يائسة، وبقدر تقديمها صورة واقعية دون تجنٍ أو مبالغة، فهي في الوقت نفسه تقطر ألماً على هذا البلد العربي الفريد الذي يتمتع بحيوية ونشاط وإبداع لا حدود له، ومثلما كان واحة حرّية لا بد أن يستمر ليصبح مشروع ازدهار، وهي مسؤولية جسيمة.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شغفي بالمرأة ينبع من رائحتها وابتسامتها وغنجها
- صداقة (الزمان) من لندن إلى بغداد
- لانتخابات.. الزائر الثقيل
- تهذيب السياسة
- بايدن - بوتين وألغام الحرب الباردة
- التنمية وفايروس التمييز
- العروبة والقومية
- تقارير التنمية الثقافيّة: وقفةُ مُراجَعة
- عن الإرهاب كظاهرة
- القدس قضية -القضية-
- حوار مع د. شعبان إعادة قراءة فكرية للربيع العربي بعد عشر سنو ...
- الحزبية والحزبوية
- دكتاتورية السوق
- كوبا أمام مفترق طرق
- مع د. شعبان في خصوصياته
- القدس في اليونسكو
- رسالة إلى شهيد/وريقات من غصن الذاكرة
- الصحة والأمان
- روسيا والسيناريو الجورجي في أوكرانيا
- القطبية ومنظومة ويستفاليا


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - لبنان : الارتطام الكبير