أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم نزال - فلسطينى كحد السيف! فى ذكرى استشهاده .عن زمن الشاعر على فودة















المزيد.....

فلسطينى كحد السيف! فى ذكرى استشهاده .عن زمن الشاعر على فودة


سليم نزال

الحوار المتمدن-العدد: 6946 - 2021 / 7 / 2 - 20:50
المحور: الادب والفن
    


فلسطينى كحد السيف!
فى ذكرى استشهاده .عن زمن الشاعر على فودة

سليم نزال
ذكرى الراحلين من الاصدقاء المبدعين ممن تركوا بصمات قبل رحيلهم تبقى نوع من امانة و نوع من مسوؤلية و ايضا جزء من التاريخ الشخصى.و بهذا المعنى الكتابة عن الرجل كتابة جزء من مرحلة تاريخية كانت تتميز بالغليان ؟
و اختيارى لعنوان ديوان للشاعر على فوده ليس صدفه .اشهد ان على فودة كان ثوريا كحد السيف
.اتذكر جيدا مرة عندما كان يقرا قصائده .كان يلوح بيديه فى كل الاتجاهات. كان يبدو لى مثل قائد اوركسترا منفعل اشد الانفعال.كان يعيش كلماته و هو يقرا قصائد من ديوانه فلسطينى كحد السيف.
التقيته اول مرة فى بغداد و كنا نسير على شاطىء نهر دجلة مع الغروب برفقه صديق عراقى من الحزب الشيوعى؟قلت له يا على انت شاعر و انصحك ان تذهب الى بيروت لان مساحة الحرية فيها اكثر اتساعا من بغداد.لا اذكر بالضبط ماذا اجابنى لكنى اعتقد انه بات يفكر فى الامر.
كان شعر على ابيضا رغم صغر سنه .و رغم وجهه الطفولى الذى كان من سمات ملامحه .
.كان صدام حسين فى تلك الاثناء يقوم بمشروع تحديثي فى العراق . فقد حصل تحسن كبير فى الخدمات الصحيه و التعليم الخ .كان يبدو للمراقب من الخارج انه مشروع طموح يهدف جعل العراق قو ة اقليمية هامة.لكن هذا المشروع كان مرتبطا بافاق حكم الرجل الواحد.و ازداد الوضع سوءا فى ظل توسع انشطة المخابرات و تقييد عام الحريات الامر الذى حد من اثر التحديث بل بدات مرحلة هجرة المبدعين العراقيين الذين كانوا الاكثر عرضه لللاضطهاد.و فى الوقت الذى بدات تبرز فيه ملامح طبقه متوسطه على مستوى الاقتصاد و التعليم بقيت هذه الطبقة غير قادرة بحكم قيود النظام السياسى على تحقيق قفزات اكبر فى التطور المجتمعى فى حين ظلت الارياف تعيش انماط التفكير التقليدى العشائرى السائد كما كان الامر من ايام الملك فيصل.
فى اوقات لاحقا استمر الغليان و حصلت تطورات لم يكن اى منها متوقعا .نجح رجال الدين فى ايران فى اسقاط الشاه و تشكيل حكم اسلامى.و قد كنت فرحا بهذا التغيير الذى رايناها انه سيضعف من اسرائيل .لكن صديقا من الحزب الشيوعى اللبنانى قال لى الذى يخشاه ان تنشر هذه الثوره الفكر الدينى فى المنطقة.كانت خشيته فى مكانها كما اكدت الاحداث لاحقا. و فى ظل هذه الفوضى امر صدام حسين الجيش العراقى باجتياح ايران الخارجة حديثا من ثورتها .و دخلت المنطقة فى اطول حرب فى تاريخ الشرق الاوسط االتى كان لها تداعيات مدمرة.و الحدث الكارثى الاخر كان قرار السادات اجراء حوار مع اسرائيل كاسرا بذلك طابو مقاطعة اسرائيل الذى ادى الى اخراج مصر من معادلة الصراع .
انقطع الاتصال مع على فوده لفترة معه .و كنت اعرف اخباره من خلال اصدقاء هنا و هناك.
بعد بضعة اعوام عدت فالتقيت بعلى فودة صدفه . اتذكر الامر جيدا كما كان اليوم .كنت اسير برفقة صديقة لبنانية كانت تدرس فى كلية التربية فى منطقة الانيسكو .كانت شابه جميلة و من عائلة بورجوازية و لم تكن تهتم بمظهرها .
كانت من مجموعة تروتسكى الشيوعية .و هى مجموعة شيوعية صغيره لا تتعدى كما اظن عشرين شخصا فى تلك الايام لكن حين كنت تسمعهم كنت تظن انهم على وشك تغيير العالم.لم اكن قد قرات اى شىء لتروتسكى فى ذلك الوقت .و كل ما عرفته كان من احاديثها الساخطة على الاتحاد السوفياتى .و تحت الحاحها قرات كتاب الثورة الدائمة لتروتسكى.فقد كان يعتقد ان الثورة يجب ان تتواصل لحتى تصفية المجتمع الطبقى من الاساس.و لذا فقد اعتبر ان ما حصل فى الاتحاد السوفياتى هو التوقف فى منتصف الطريق .
شربنا القهوة عند ابو جورج .كان ابو جورج السورى رجلا لطيفا يدير مقهى صغير بجانب كلية الاداب .كان فى بداية حياته فى الحزب الشيوعى السورى و لذا فقد كان متعاطفا من الفكر اليسارى.
.كنت حقا سعيد برؤية على فى بيروت .و دار حديث طويل عن كل شىء.
كان على ثوريا بطبيعته كما اعتقد.اما انا فقد كنت اميل الى ما يمكن تسميته الواقعية الثورية و احيانا اخرى الفكر الاصلاحى .لقد تعرفت على كتابات ميخائيل نعيمة قبل ان اتعرف على كتابات ماركس و لينين .و قد كان ميخائييل نعيمة من من يدعون الى ثقافة تحريك الضمير.فقد كان يرى انه عندما يتحرر الانسان من الانانية يؤدى هذا الى استيقاظ الضمير .لكن المشكلة ان نعيمة لم يضع لنا خارطة طريق حول هذا الامرلانه اعتبر انها عملية فردية و مسوؤلية كل انسان.
كانت نقاشاتنا احيانا تتسم ببعض الحدة خاصة انه كان فى صراع مع منظمة التحرير الفلسطينية ناقدا للفساد و المحاباة.هناك اشخاص يعتقدون ان الفساد بدا بعد الانتقال الى تونس و الى فلسطين لاحقا.انا اعتقد ان الفسادا كان قد بدا فى مراحل اسبق.لست مؤهلا الحديث عن هذا الموضوع لانى لا اعرف عنه الكثير.لكنى اعتقد انه كان موجودا .
كان على من النوع الذى يشن حربه و سخطه على الجميع .و قد
طلبت منه اكثر من مره من على ان لا يذهب الى الحد الاقصى فى النقد لانى كنت اعرف انه هذا سيؤدى الى حرمانه فى العمل فى مؤسسات ثقافيه فلسطينية و معنى هذا ان يحرم من اى دخل .و هذا ما حصل لاحقا .و كان رد على ان اسس مجلة رصيف 81 و صار يوزعها مجانا على الناس.
كنت بالطبع متعاطفا معه ليس لانه صديق فحسب بل لانى اعرف ان كل ما كان يقوله كان صحيحا .
كانت تلك المرحلة مرحلة غليان بالفعل . فقد بدات تعلو الاصوات التى تدعو الى التغيير و هناك من ذهب الى الحد الاقصى فى المطالبة فى التغيير.و اتذكر ما قاه لى احد الاشخاص القيادات الفلسطينية فشلت و لا بد من تغييرها .قلت له حسنا لكن كيف .قال من خلال الثورة عليها .
و اتذكر احد اللقاءات التى شاركت فيها و كان هناك حوالى عشرين شخصا من ضمنهم تلك المراة التروتسكية التى دعتنى الى اللقاء.و اتذكر منهم المرحوم الاستاذ احمد طيبا شقيق الفنان اللبنانى موسى طيبا و هو فلسطينى منح الجنسية اللبنانىة كونه من القرى السبع الذين منحوا الجنسية اللبناني
كان اللقاء فى احدى القرى اللبنانية الجميلة حيث كنا فى بيت واسع تحيط به الاشجار .تناولنا الغداء ثم حملت فنجان قهوة و خرجت الى ساحة البيت اتامل الاشجار و السماء الزرقاء.بعد وقت قصير جاءت الصديقة التروتسكية و قالت الى اين انت هارب سيبدا اللقاء الان .قلت لها اتامل المكان الجميل .و اضفت يا للعنة جيلنا تخيلى ما اجمل هذه الامكنة لو لم يكن هناك حروب و صراعات .الحقيقة انى كنت دوما افكر بهذا الامر كلما غرقت فى التامل .
كان نقاشا طويلا و حادا و قد شعرت ان هناك من يريد ان يقود اللقاء باتجاه افكار قصووية.كنت لم ازل ماركسيا فى تلك الاوقات .و لكنى كنت اعتقد ان التطرف الماركسى او اليسارى امر خطر .و حين جاء دورى فى الكلام قلت كلاما فى اطار الواقعيه و هو لم يعجب الكثيرين .
.خرجت لكى ارتاح قليلا من الصخب فلحق بى المرحوم الاستاذ طيبا و كان يثق بى ثقة الاستاذ بتلميذه . قال بعد ان لف سيجارة عربى الان لا يوجد احد ما رايك فى اللقاء.قلت له استاذ طيبا راى بصراحة ان هؤلاء مجموعة ثورية طوباوية لا يعرفون ماذا يريدون سوى تكرار الجمل الثورية الكبيرة .قال لى الاستاذ طيبا رحمه الله و انا اتفق معك .قال ما رايك ان ننسحب .قلت اعتقد من الافضل ان نبقى لكن بدون ان نشارك.
لكن ثورة على فودة كانت مختلفه كون العامل الثقافى كان مادة ثورته .
كان على معجبا بعزرا باوند و بجماعة ما يسمى فى الادب الامريكى بالجيل الضائع !و اعتقد انه كان يوجد شلة من الشعراء فى بيرون حينها ممن يتماهون مع جماعة الجيل الضائع الامريكيه منهم على فودة و منهم خليل حاوى الشاعر اللبنانى الذى انتحر غداء احتلال الاسرائليين لبيروت. ترجم المرحوم حاوى قصيدة الارض اليباب ل ت س اليوت .و كان اليوت ايضا مم ما يسمى الجيل الضائع .كانت حقا من القصائد التى كان لها وقع على جيلى فى تلك الاوقات.
اظن ان اخر مرة التقيت معه كان فى مقهى ام نبيل قبل الاجتياح الاسرائيلى ببضعة اشهر.كان كعادته ناقما على كل شىء.لم يتغير على.ولد ثوريا و مات كما اراد.
كان على مثقفا يساريا انسانيا بامتياز.كانت كل اعماله الشعريه رفضا للظلم و دعوة للمقهورين على التمرد.كان فلسطينيا كبيرا و عربيا كبيرا و امميا كبيرا .
بعد هذا بوقت بدا الاجتياح الاسرائيلى للبنان.كان على يتنقل من بناية لاخرى يقرا اشعاره .عندما اصيب بصاروح .و الطريف انه عندما كان جريحا اعلنت اذاعة فلسطين عن استشهاده .سمع الخبر و قال مبتسما بهذ المعنى كما نقل لى انهم الان يعترفون بى ويقولون عنى الشاعر الفلسطينى الكبير ثم لفظ انفاسه!!
ليس لى فى النهاية سوى ان انهى بمقاطع من قصيدة لعلى فوده غناها مارسيل خليفه
إني اخترُتك يا وطني
حُبّا وطواعية
إني اخترتك يا وطني
سِراً وعلانية
إني اخترتك يا وطني
فليتنكّر لي زمني
ما دُمْتَ ستذكُرني
يا وطني الرائع يا وطن



#سليم_نزال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كرازاى العراقى الكردى نادل فى مقهى فى اوسلو!
- مقهى فى الامازون!
- صراع الخير و الشر
- عن الربيع عن روما و عن الحياة ! احاديث عن الحياة!
- اتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا!.
- اشكاليات ثقافيه. حول الرمز الثقافى
- السبيل الى التقدم
- فلننتهى من ثقافه البطل الفرد المخلص!
- * فصائل السلام* الفلسطينيه صفحات مغموره من التاريخ الفلسطينى
- عن الشبح الذى كان يتنقل فى اوروبا!
- طيور ايلول
- شموع وسط الظلام
- مجتمعات تحت التمرين!
- هذا الصحن السحرى!
- بعيدا عن الضجيج!
- اشكالية التفاهم اللسانى بين المشرق و المغرب
- علة بلادنا هم الكتاب الفاقدى الهويه !
- يوم مشرق !
- فى نقد فلسفة التشاؤم!
- تغير العدان!


المزيد.....




- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم نزال - فلسطينى كحد السيف! فى ذكرى استشهاده .عن زمن الشاعر على فودة