أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبدالله تركماني - تساؤلات الحداثة لمستقبل سورية














المزيد.....

تساؤلات الحداثة لمستقبل سورية


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 6939 - 2021 / 6 / 25 - 20:40
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


شغلت تساؤلات الحداثة حيّزاً مهماً في الخطاب السوري المعاصر، وتتجدد هذه التساؤلات الآن مع الأمل بالانتقال السياسي من الاستبداد إلى الديمقراطية. ولعلَّ الأمر الأكثر إثارة للقلق هو الارتكاس بالوعي السوري إلى مقولات قرون سابقة، تدور حول الغرب وحضارته وثقافته وفكره وموقعنا من هذه الحضارة والثقافة والفكر، حيث يستعاد الموقف القائل بـ " عدوانية الغرب " و " بربرية حضارته "، إلى جانب مقولة التفوق الروحي والإنساني الذي اختصت به حضارتنا وفاقت فيه مادية الغرب ووحشيته. هكذا يتم التخلّي عن مقولات النهضة العربية الحديثة لا بالتقدم إلى ما بعدها بل بالارتكاس إلى ما قبلها.
وأمام هذا الارتكاس إلى عصور التأخر نتساءل: إذا كان المشروع التحديثي قد تعثَّر ولم يتمكن من بلوغ أهدافه، فهل لا تزال الحاجة قائمة إليه، في سيرورة ربيع الثورات العربية، حيث تجاوز العالم حقبة الحداثة ذاتها، ودخل إلى أفق جديد مختلف السمات والقسمات؟ وهل يتسنى لنا ولوج العصر الجديد، عصر العولمة وما بعد الحداثة، دون المرور بمرحلة الحداثة التي فشلنا في الوصول إليها؟
لقد تعثرت محاولات التحديث المتكررة في العالم العربي منذ القرن التاسع عشر، ويعود ذلك التعثر إلى جملة عوامل بنيوية تاريخية واقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية، ولكنّ العامل الأهم تمثل – على الخصوص – في اعتقاد من تنطحوا لقيادة عملية التحديث أنها مجرد توطين المنتجات والمنجزات المادية للحداثة في البيئة العربية، دون الاهتمام الكافي بإعادة بناء المجتمعات بالاستفادة من معطيات الحداثة ومكوناتها العقلانية، التي تضمن توطين قيم الحداثة في التربة العربية.
وإزاء ذلك يبدو أنّ القضايا التي ينبغي أن تكون محور تفكيرنا اليوم كثيرة جداً، وتكاد تحتل جميعها مرتبة الأولوية: هل تتوافر شروط حقيقية لصياغة مشاريع حداثية للتغيير، تحول دون احتمال قيام مشاريع شعبوية ظلامية تغرق بلداننا في المزيد من التأخر والمزيد من الأزمات؟
يبدو لنا أنّ المنهج العقلاني النقدي، المستوعِب لحصاد التجربة العالمية، والمنفتح على كل التيارات الفكرية والسياسية، بما فيها الإسلام السياسي المعتدل الذي يقبل التعددية الفكرية والسياسية ويحتكم إلى صناديق الانتخاب وتداول السلطة، وينبذ الإرهاب والتطرف، يمكنه أن يتجاوز الصعوبات التي يمكن أن تعترض إمكانية التعاطي المجدي مع الأسئلة المصيرية التي تطرحها الحياة علينا.
لقد باتت مؤشرات المأزق العربي جلية وواضحة اليوم، فوفقا لتقارير برنامج الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، فإنّ العالم العربي مشلول بسبب عجز ثلاثي: عجز عن تحقيق الحرية، وعجز في المعرفة، وعجز في تمكين المرأة. والمشهد السياسي في أغلبية الدول العربية ليس أفضل مما سبق: أنظمة انتخابية ملتبسة وغير عادلة، سيطرة الأجهزة الأمنية وتدخلها في الشؤون الحياتية اليومية وفي الحياة المدنية، جهل بأحكام القانون، قضاء غير مستقل تتحكم فيه السلطة التنفيذية لأغراض فئوية، غياب حرية التعبير والتجمع السلمي، انعدام الشفافية في الإدارة والاقتصاد.
وهكذا، يبدو واضحاً أننا نعيش حالة من التأخر الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي، وتختلف الآراء حول أسباب هذا التأخر: فهل العرب مسؤولون عنه أم أنّ أعداءهم في إسرائيل والغرب يتحملون مسؤوليته؟
وفي هذا السياق، نطرح الأسئلة الآتية أيضاً: هل تطور أي مجتمع من المجتمعات يمكن أن يحصل من دون تأثيرات خارجية؟ وبين عجز العديد من الحكومات العربية والحلول الغربية الفوقية هل من طريق ثالثة؟ هل من طريق سورية للحداثة؟
في كل الأحوال، يجب أن نعترف بأنّ دول المنطقة العربية بحاجة ماسة إلى التطور في اتجاه حداثي حقيقي. لكن لابدَّ من التأكيد، في الوقت نفسه، على أنّ الحداثة لا يمكن أن تكون مجرد وصفة مستوردة من الخارج طبقاً للمواصفات الغربية، وإنما هي – أساساً - فعل محلي داخلي وطني، متناغم مع المعايير الإنسانية العامة للحداثة.
باختصار يدور الأمر في سورية المستقبل حول وحدة معركة الحرية: استقلال الوطن من الاحتلالات، الروسية والأميركية والتركية والإيرانية، وحرية المواطن والإنسان، التحرر من السيطرة الخارجية لا كبديل عن الحرية السياسية والثقافية وحقوق الإنسان، بل كأفضل شرط لتحقيقها.
فلنجرؤ على توكيد وجود أخلاقية كونية، هي تلك التي ألهمت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العام 1948. فعلى العكس من مزاعم أعداء الحرية والأصوليين من كل حدب وصوب، ليست هذه الأخلاقية نموذجاً غربياً، بل إنها ميزة إنسانية. وهي ميزة كل الشعوب، وكل الأمم، وكل الديانات. لذا يجب علينا، أكثر من أي وقت مضى، أن نعمل على حمايتها وإحيائها وأن نكون على مستوى قيمتها الكونية.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مخاطر البعد الديني في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي
- تحديات الحوار بين الإسلاميين والعلمانيين وسبل تجاوزها
- حديث هشام جعيّط عن الأمة الثقافية
- أربع وخمسون عاماً على هزيمة العرب الكبرى
- ثلاث وسبعون عاماً على النكبة الفلسطينية
- مخاطر الطائفية السياسية على مستقبل الدولة السورية
- الخلفية الثقافية للكارثة السورية
- مخاطر التغيير الديمغرافي في سورية (2)
- مخاطر التغيير الديمغرافي في سورية (1)
- جمال الأتاسي وتحديث الفكر القومي
- في ضرورة تحديد الأولويات ومراجعة الأهداف
- مضامين الانتقال السياسي في سورية
- آفاق الثورة السورية
- الثورة السورية المغدورة
- أسباب تعثّر الاتحاد المغاربي
- مقاربة الاتجاه الماركسي القومي لبناء الدولة القومية
- مقاربة الاتجاه البلشفي لبناء الدولة القومية (5)
- مقاربة الاتجاه البلشفي لبناء الدولة القومية (4)
- مقاربة الاتجاه البلشفي لبناء الدولة القومية (3
- أهم دروس الثورة التونسية في ذكراها العاشرة


المزيد.....




- اندلاع اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل أبيب ...
- الولايات المتحدة: اعتقال مئة من المتظاهرين المؤيدين للفلسطين ...
- اعتقال الشرطة الأمريكية متظاهرين في جامعة كولومبيا يؤجج الاح ...
- الحزب الشيوعي العراقي: معا لتمكين الطبقة العاملة من أداء دو ...
- -إكس- تعلّق حساب حفيد مانديلا بعد تصريحات مؤيدة لأسطول الحري ...
- انتشار التعبئة الطلابية ضد الإبادة الجماعية الإسرائيلية
- بيلوسي للطلبة المتظاهرين: انتقدوا إسرائيل كما شئتم لكن لا تن ...
- فرنسا: القضاء يوجه اتهامات لسبعة أكراد للاشتباه بتمويلهم حزب ...
- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبدالله تركماني - تساؤلات الحداثة لمستقبل سورية