أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - التجاني بولعوالي - درس في الوطنية.. إلى من يريد أن يجردنا من الوطنية!














المزيد.....

درس في الوطنية.. إلى من يريد أن يجردنا من الوطنية!


التجاني بولعوالي
مفكر وباحث

(Tijani Boulaouali)


الحوار المتمدن-العدد: 6930 - 2021 / 6 / 16 - 14:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هناك من يوزع صكوك الوطنية ليس على من هو "وطني حقيقي"، بل على من يلائم هواه، ويستجيب لأناه الشخصي أو الإيديولوجي. فالوطني، في زعمه، هو كل من يصفق له، وإن كان كلامه لا يستحق التصفيق، وهو كل من يعجب لما يصدر منه من سلوك، وإن كان لا يستحق الإعجاب. أما من يختلف معه فإلى الجحيم!
نحن لا ننتظر من أحد أن يعطينا دروسا في الوطنية، بل نحن من يعطي دوما الدروس في "الوطنية المغربية" دون أي مقابل مادي أو معنوي، ليس لأبنائنا فقط، بل لأبناء المغاربة أجمعين، في المساجد والجمعيات والمدارس والجامعات والإعلام وغير ذلك. ونرفض أي دعم مالي أو امتيازات شخصية، لأننا نؤمن بأن الوطنية؛ إيمانًا وتعاطٍ وتنزيلاً لا ينبغي على الإطلاق أن تخضع للمزاد العلني والمادي، وإلا صارت تجارة أو سمسرة أو جسرا إلى الاغتناء. ولن ننتظر أبدا ممن يتاجر في قضايا الوطن أن يكون وطنيا أو ناطقا صادقا باسم الوطن.
عندما وجه أجدادنا في الريف والأطلس وسوس والصحراء مناجلهم وبنادقهم تجاه الاستعمارين الإسباني والفرنسي، قاموا بذلك من عمق حبهم للوطن وتفانيهم من أجل حمايته من الغزاة الشماليين، لم ينتظروا دعما ماديا أو معنويا من أحد، ولم يخذلوا السلطان والدولة والمخزن، وإن اختلفت وجهات نظرهم، كان همهم الحفاظ على بيضة الوطن والذود عن حياضه؛ هذه هي الوطنية الحقيقية التي ينبغي أن نربي عليها أبناءنا سواء في المغرب أو خارجه، وهذا ما نسعى إليه في صمت، بعيدا عن أضواء الإعلام والسياسة والبروباغاندا والدعم، إنها "الدبلوماسية الفردية" التي هي عين فرض على كل مواطن وطني، وأعتقد أن مغاربة الداخل والخارج كافة يحملون الغيرة التامة لوطنهم المغرب، حتى أبناؤنا الذين ولدوا في الغرب، ويعتبرون غربيين بالولادة والأرومة والتجنيس واللغة، تراهم يهتمون بكل ما يمت بصلة إلى وطن آبائهم وأجدادهم (أعلام، شعارات، مأكولات، عادات وتقاليد...)، وعندما تسألهم عن هويتهم، يجيبون بعفوية تامة وفطرة عجيبة: نحن مغاربة! هذا يدل على أن الشغل الشاغل لكل أب وأم مغربية هو أن يرسخوا هوية أبنائهم المغربية. من هنا تبدأ "الدبلوماسية الفردية"، من البيت الذي يعبق بما هو مغربي؛ تأثيثا وطعاما ولسانا وتاريخا، رغم أنه يبعد آلاف الكيلومترات عن خارطة الوطن.
أختم بلحظة تتجذر في ذاكرتي وذاتي وهويتي رغم مرور عقود من الزمن عنها، وهي أن جدي امحند بولعوالي رحمه الله تعالى خُيّر بين أن ينضم إلى صف جيش التحرير الوطني المغربي وأن يحارب مع فرانكو، فاختار الوطن وهو يرفض بشكل قاطع أن ينضوي تحت "أرومي" غير المسلم، وكانت النتيجة أنه أثناء تقاعده كان يتقاضى أقل من 200 درهم مغربية شهريا، بينما كان يتقاضى أقرانه من قبيلتنا وغيرها من القبائل الذين اختاروا "أرومي" ما يربو على 3000 درهم في الشهر، ولا قياس مع وجود الفارق!
ومع ذلك، لم يندم جدي على ذلك الاختيار، ولم يذكر الدولة المغربية يوما بعيب، ولم يعاتب أحدا على ذلك الإجحاف، بل ظل قنوعا رغم أنه عاش محتاجا، وظل يعتبره الجميع غنيا رغم أنه بقي عفيفا لا يملك إلا قوت يومه. وأكثر من ذلك، لم يربنا على معاداة الوطن، وقد كان الريف في عز المخاض والحصار والتهميش، بل علمنا كيف نحب الأرض والوطن حتى النخاع، وكان يرفض الهجرة بكونها خيانة للأرض وتبخيسا للوطن، ولقننا كيف نميز بين الوطنية الحقيقية التي تعني الوفاء للوطن في السراء والضراء بدون أي مقابل، والوطنية المزيفة التي تتعامل مع الوطن بمنطق الحساب والربح والخسارة والاغتناء، وتختزله في حفنة مشاريع ربحية. رغم أميته اللسانية كان فقيها في الدين ومثقفا في الحياة وفيلسوفا في الاستشراف.
هذا درسي الأول في الوطنية التي يحاول البعض أن يجردنا منها، لا لشيء إلا لأنه يزعم أنه وحده (وطائفته) هو المؤهل لأن يكون وطنيا، وأن غيره لا يمكن لهم أن يكونوا بتاتا وطنيين، ما داموا أنهم يفكرون بشكل مختلف، ويعتقدون أنه لولا الاختلاف لما كان الوجود، وأن الوطن من رحم التنوع في المجال والثقافة واللغة والفكر يولد قويا وصلدا وشامخا.



#التجاني_بولعوالي (هاشتاغ)       Tijani_Boulaouali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكومة.. بْغَاتْ اَتْكَحّلْهَا عْمَاتْهَا
- هكذا احتفت المستشرقة الإيطالية لورا فاليري بتسامح الإسلام
- -ميثاق مباديء- وجدل تدبير الشأن الديني في فرنسا
- خذ الكتاب بقوة.. كتب أهديت لي!
- الربيع العربي بين الأعلمة والأسلمة
- الكفاءة السياسية وراء تعيين وزراء من أصل أجنبي في الحكومة ال ...
- الحقيقة الغائبة في قضية -آيا صوفيا-
- ظهور المسيح.. قصة لاهوتية بطعم الفنتازيا
- هكذا أنصف تودوروف الإسلام والمسلمين!
- أي تفسير هو الأنسب لوباء كورونا؟
- أيها المسؤولون.. رفقا بإعلامنا المحلي؟
- درس -داعشي- عارم يبعثر أوراق الغرب بخصوص ظاهرة الإرهاب
- نحو مقاربة أخلاقية لظاهرة إهدار الغذاء
- مغاربة هولندا يعززون حضورهم في البرلمان الهولندي
- الحكومة المغربية بين غموض الأداء ومنطق الإرضاء
- حلقة دراسية حول سبل معالجة الصور النمطية
- السيناريو السوسيو – اقتصادي هو الحل
- الدسترة الجزئية والمشروطة للغة الأمازيغية
- الحركة الاحتجاجية بالمغرب ورهانات التعديل الدستوري
- إطلاق الجائزة الأدبية في صنفي الشعر العربي الفصيح والأمازيغي ...


المزيد.....




- أضاءت عتمة الليل.. لحظة تفجير جسر لاستبداله بآخر في أمريكا
- إطلاق سراح محسن مهداوي.. كل ما قد تود معرفته عن قضية الناشط ...
- بسبب جملة -دمروا أرض المسلمين- والدعوة لـ-جحيم مستعر-.. القب ...
- من النكبة ثم الولاء للدولة إلى الاختبار -الأكبر-... ماذا نعر ...
- كلمة محمد نبيل بنعبد الله خلال اللقاء الوطني تحت عنوان: “ال ...
- سلطات تركيا تنفى صحة التقارير عن عمليات تنصت على أعضاء البرل ...
- بلدان الشرق الأوسط بحاجة إلى حلول
- تزايد معاناة عمال فلسطين بعد 7 أكتوبر
- إسرائيل تطلب مساعدة دولية جراء حرائق ضخمة قرب القدس وبن غفير ...
- المرصد السوري: 73 قتيلا غالبيتهم دروز في اشتباكات طائفية وار ...


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - التجاني بولعوالي - درس في الوطنية.. إلى من يريد أن يجردنا من الوطنية!