أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - التجاني بولعوالي - -ميثاق مباديء- وجدل تدبير الشأن الديني في فرنسا















المزيد.....

-ميثاق مباديء- وجدل تدبير الشأن الديني في فرنسا


التجاني بولعوالي
مفكر وباحث

(Tijani Boulaouali)


الحوار المتمدن-العدد: 6793 - 2021 / 1 / 20 - 11:12
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


يواجه المسلمون اليوم في الغرب عامة وفي أوروبا خاصة ثلاثة تحديات سياسية جوهرية فيما يتعلق بتنظيم الشأن الديني في بلدان الإقامة، وتتحدد في الشعبوية السياسية والتطرف الديني والتدخل الأجنبي.
لم تعد النزعة الشعبوية تقتصر على أحزاب اليمين المتطرف التي يتسم خطابها الإيديولوجي برفض المكون الإسلامي، والعمل الحثيث على إجلائه من المجتمعات الغربية. وتعتمد في ذلك مختلف الآليات القانونية والسياسية والإعلامية، حيث تضيق على الشريحة المسلمة عبر استحداث قوانين ضد الحرية الدينية والخصوصية الثقافية، وتوظف نفوذها السياسي لتهميش الحضور الأجنبي واعتباره دخيلا على الهوية الغربية ذات المشارب اليهودية والمسيحية والعلمانية، ويؤدي الإعلام دورا مفصليا في هذه المعادلة، حيث يقدم الإسلام بكونه خطرا وتهديدا وفوبيا. وما يسترعي النظر، أن بعض الأحزاب اليمينية التقليدية بدأت في العقدين الأخيرين تتبنى جوانب من رؤية اليمين المتطرف مغلفة إياها بخطابها الليبرالي، حتى توهم المجتمع بأن شغلها الشاغل هو الحفاظ على تماسك المجتمع وتلاحمه وتعدديته.
ولا يمكن أن نستوعب الصعود الملحوظ للحركة الشعبوية كما تمثلها أحزاب اليمين المتطرف بشكل علني، ويبطنها شق من اليمين المحافظ، إلا باستحضار العامل الذاتي الذي يتعلق بالمسلمين أنفسهم في السياق الغربي، وبطبيعة أدائهم في المجتمع والعمل والتعليم، وبكيفية تعاطيهم مع ثقافة بلدان الإقامة التي صاروا يشكلون جزءا لا يتجزأ منها. وتسهم طائفة من المسلمين في تقديم صورة خاطئة حول الإسلام جراء تأويلها المنحرف لمجموعة من النصوص الدينية، ما يترتب عنه القيام بممارسات متطرفة وعنيفة تتلقفها وسائل الإعلام، ويوظفها السياسيون الشعبويون للإساءة إلى المسلمين، وزرع الرهاب مما هو إسلامي.
ثم إن تدخل بعض الدول المسلمة لاسيما في تسيير الشأن الديني المتعلق بالمسلمين في أوروبا والغرب بدأ يعمق مخاوف الحكومات الغربية من تنفيذ أجندات سياسية أجنبية عبر أراضيها من جهة، ويؤثر بشكل سلبي على طبيعة التدين لدى بعض المسلمين من جهة أخرى، الذين يظلون منفصلين عن السياق الذي يعيشون فيه، ولا يراعون الشروط الجديدة التي تقتضي فقها مقاصديا واقعيا لاستيعاب شتى النوازل والمستجدات.
ولعل تضافر هذه التحديات السياسية وغيرها أفضى إلى ظهور مواقف جديدة سواء على المستوى الداخلي لدى المسلمين أنفسهم، أو على المستوى الخارجي لدى الجهات الرسمية والتيارات الشعبوية. ولا يمكن تفكيك بعض المبادرات الأوروبية الرسمية بخصوص تنظيم الشأن الديني للمسلمين إلا في خضم هذا المخاض المعقد، حيث المسلمون يشعرون بممارسة التضييق القانوني والواقعي عليهم من قبل بعض السياسات الغربية، والشعبويون يزعمون أن مجتمعهاتهم باتت مهددة بصعود المد الإسلامي؛ ديمغرافيا وإيديولوجيا، وبعض الجهات الرسمية تروج أن الأنموذج العلماني والليبرالي أصبح معرضا للتفكك والتسيب والترهل أما التلون العرقي والعقدي والإثني الذي يشهده المجتمع الغربي، وخير دليل على ذلك الحالة الفرنسية، حيث رأى الرئيس ماكرون في "الإسلام" عامل تشطير لتماسك المجتمع الفرنسي العلماني. لذلك، سارع إلى تقنين المجال الإسلامي وضبطه ومراقبته داخليا وفي علاقته مع الخارج. ولعل ميثاق مباديء يندرج في هذه العملية، التي تسعى إلى إعادة ترتيب الشأن الديني للمسلمين وفق الأنموذج العلماني الفرنسي، ليس عبر تأكيد المسلمين على علمانية الجمهورية الفرنسية فقط، بل على تبني جملة من مبادئها، كالمساواة بين الرجل والمرأة، وعدم توظيف الدين لأهداف سياسية، والقطع مع ما هو أجنبي.
ويبدو من القراءة الأولى لبعض مباديء الميثاق، كما تناقلها الإعلام، أنه لا يمكن أن ينطبق إلا على شريحة جد صغيرة من المسلمين، لأن الدين الإسلامي لا يقر في الأصل بـ "لامساواة" الرجل والمرأة، بل العكس جاء ليحرر المرأة من العبودية التي كانت عليها، واستمرت في المجتمعات الغربية إلى زمن غير بعيد. وما يسود بين أوساط بعض المسلمين إنما هو نتيجة ما هو ثقافي أو مترتب عن التأويل المسف للنصوص الدينية. ثم إن الحدود بين الدين والسياسة واضحة في القرآن والتشريع الإسلامي، وتوظيف الدين لما يفسد المجتمع ويهدد الاستقرار يتعارض مع روح الإسلام، الذي جاء بمقصد الإعمار والتعايش والتعاون. وأغلب المسلمين في فرنسا وخارجها يدركون أن الأزمة التي تحدث عنها الرئيس ماكرون لا تتعلق بالإسلام نفسه، بل ببعض المسلمين الذين يعيشون خارج السياق.
ولعل مجلس الديانة الإسلامية لم يجد من حيث المبدأ في هذا الميثاق ما يتعارض مع الإسلام، الذي يقر بمساواة الرجل والمرأة، ويحظر استغلال الدين، ويرفض الإرهاب، لذلك فإنه استجاب لهذه المبادرة بعد مدارسة لها في ضوء المنظور الإسلامي. ثم إن هذا التبني لـ "ميثاق مباديء" لا يجب تأويله من خارج السياق الفرنسي والأوروبي، وقراءته في انفصال عن المنظومة العلمانية التعددية الفرنسية، التي تتعاطى مع التنوع الثقافي والديني في ظل شروطها التاريخية والقانونية والسياسية. وهذا لا يعني إنكار الضغط الإيديولوجي على الشريحة المسلمة، الذي يحضر بشكل أو بآخر في مختلف البلدان الأوروبية والغربية، بل أيضا في بعض البلدان العربية والمسلمة التي تتبنى النهج العلماني.
في المحصلة، إن النظام العلماني الذي تتبناه معظم البلدان الغربية، بشكل يتفاوت من سياق إلى آخر، هو بمثابة المرجعية القانونية التي تخضع لها كل مكونات المجتمع، فهي لا تتعلق بشريحة دون أخرى، بقدرما تغطي الجميع. وهذا ما ينطبق على مسلمي فرنسا الذين يعتبرون فرنسيين يتمتعون بمواطنة كاملة، تضمنها لهم العلمانية نفسها، وهذا في الحقيقة مكسب إيجابي يطمئن له الجميع. غير أن العلمانية قد توظف أحيانا بشكل سلبي ضد المكون الإسلامي، عبر سن قوانين حظر الحجاب في التعليم، ومنع الذبيحة الشرعية، ومحاصرة بناء المساجد، وغيرها. ويبدو أن المخاض الذي تشهده فرنسا منذ مدة لا يشكل إلا سحابة صيف عابرة، ساهمت وسائل الإعلام في إبرازه بشكل مضخم وأحيانا مبالغ فيه، خصوصا وأن هناك بلدانا، مثل بلجيكا على سبيل المثال لا الحصر، يشهد فيها تدبير الشأن الديني الإسلامي نقاشا سياسيا حادا وعجعجة إعلامية مثيرة، إلا أنها لم تستقطب متابعة إعلامية هائلة كما يحصل في الجارة فرنسا.



#التجاني_بولعوالي (هاشتاغ)       Tijani_Boulaouali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خذ الكتاب بقوة.. كتب أهديت لي!
- الربيع العربي بين الأعلمة والأسلمة
- الكفاءة السياسية وراء تعيين وزراء من أصل أجنبي في الحكومة ال ...
- الحقيقة الغائبة في قضية -آيا صوفيا-
- ظهور المسيح.. قصة لاهوتية بطعم الفنتازيا
- هكذا أنصف تودوروف الإسلام والمسلمين!
- أي تفسير هو الأنسب لوباء كورونا؟
- أيها المسؤولون.. رفقا بإعلامنا المحلي؟
- درس -داعشي- عارم يبعثر أوراق الغرب بخصوص ظاهرة الإرهاب
- نحو مقاربة أخلاقية لظاهرة إهدار الغذاء
- مغاربة هولندا يعززون حضورهم في البرلمان الهولندي
- الحكومة المغربية بين غموض الأداء ومنطق الإرضاء
- حلقة دراسية حول سبل معالجة الصور النمطية
- السيناريو السوسيو – اقتصادي هو الحل
- الدسترة الجزئية والمشروطة للغة الأمازيغية
- الحركة الاحتجاجية بالمغرب ورهانات التعديل الدستوري
- إطلاق الجائزة الأدبية في صنفي الشعر العربي الفصيح والأمازيغي ...
- أي موقع للمهاجر المغربي في مشروع الجهوية الموسعة؟
- سقوط آل القذافي.. واسترداد الحلم الليبي المغتال
- خيوط لفهم معادلة الثورة المصرية وسيناريو المرحلة القادمة


المزيد.....




- من أثينا إلى بيروت.. عمال خرجوا في مسيرات في عيدهم فصدحت حنا ...
- بيربوك: توسيع الاتحاد الأوروبي قبل 20 عاما جلب فوائد مهمة لل ...
- نتنياهو: سندخل رفح إن تمسكت حماس بمطلبها
- القاهرة وباريس تدعوان إلى التوصل لاتفاق
- -حاقد ومعاد للسامية-.. رئيس الوزراء الإسرائيلي يهاجم الرئيس ...
- بالفيديو.. رصد وتدمير منظومتين من صواريخ -هيمارس- الأمريكية ...
- مسيرة حاشدة بلندن في يوم العمال
- محكمة العدل الدولية ترد دعوى نيكاراغوا
- خردة الناتو تعرض في حديقة النصر بموسكو
- رحيل الناشر والمترجم السعودي يوسف الصمعان


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - التجاني بولعوالي - -ميثاق مباديء- وجدل تدبير الشأن الديني في فرنسا