أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - التجاني بولعوالي - الحكومة.. بْغَاتْ اَتْكَحّلْهَا عْمَاتْهَا















المزيد.....

الحكومة.. بْغَاتْ اَتْكَحّلْهَا عْمَاتْهَا


التجاني بولعوالي
مفكر وباحث

(Tijani Boulaouali)


الحوار المتمدن-العدد: 6926 - 2021 / 6 / 12 - 23:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الصيف على الأبواب.. الملايين من مغاربة أوروبا والعالم انتظروا منذ شهور طويلة فتح الحدود لزيارة الأقارب وتسوية أمورهم الإدارية والتجارية. ظلت الحكومة في صمت مطبق، وكأن الأمر لا يهمها على الإطلاق، وكأنها لا شأن لها بمغاربة الخارج ومشاكلهم ومعاناتهم. وعندما خرجت بالبلاغ الأخير خلقت وأضافت أزمة جديدة إلى الأزمات السابقة، وعقّدت الأمور أيما تعقيد، يا ليتها لم تصدر هذا البلاغ الملغز؛ يا ليتها بقيت صامتة! وأنا أقرأ نص البلاغ خطر ببالي المثل الشعبي: "بْغَى يْكَحّلْهَا عْمَاهَا"، وهو أقل ما يمكن أن يوصف به الموقف الحكومي الأخير.
إن هذا ليس غريبا كما علّمتنا تجارب الماضي مع الحكومات السابقة، وهذا ما ينطبق أيضا على الحكومة الحالية، حيث إذا عدنا وراجعنا مواقفها تجاه مغاربة أوروبا والعالم منذ بداية أزمة كورونا، سوف نعرف السبب فيبطل العجب! تُرك مغاربة الخارج لمصيرهم المجهول، في الوقت الذي كانوا فيه في أمس الحاجة إلى من يواسيهم ويزرع الاطمئنان في نفوسهم، وتمّ تعليق عشرات الآلاف من المواطنين سواء في الداخل أو في الخارج دون رحمة ولا شفقة، بل وحتى حُرمة الموتى لم تُحترم، فمنهم من تركت جثامينهم تتحلل في المستودعات، ومنهم من دفن في أرض الغربة في انتهاك سافر لما هو قانوني وأخلاقي وديني، بينما تركت معظم البلدان، ومنها الأفريقية الفقيرة، أجواءها مفتوحة لنقل الأموات.
تقبّل مغاربة أوروبا تبريرات الحكومة ولو على مضض، وآثروا مصلحة الوطن فوق كل شيء في زمن الجائحة، لكن أثناء الصيف الماضي بدأت الألاعيب تنكشف وسوء التدبير والإهمال والتهميش يطال قضايا مغاربة أوروبا والخارج، عندما حُرموا السنة الماضية من زيارة ذويهم وتسوية أمورهم في الوطن، جراء الغموض الدبلوماسي في التعاطي مع الجارة الشمالية، واعتماد حلول ترقيعية لاستقبال المغاربة عبر مناءين بعيدين (سيت وجنوة) عن بلدان أوروبا الغربية التي يستقر فيها أكبر عدد من المغاربة، الذين اعتادوا منذ عقود طويلة العبور عبر الموانيء الإسبانية المتنوعة والسلسة والمعقولة الثمن. ما زاد الطين بلة، هو الغموض الذي ساد آنذاك مواقف الحكومة ومؤسسات الهجرة كما العادة، فلم يعرف مغاربة أوروبا ماذا يصنعون؛ منهم من قطع الألفي كيلومترا نحو الموانيء الإسبانية، فظل هنالك عالقا ينتظر الذي يأتي ولم يأت، وهناك من صار ضحية وكالات الأسفار سواء في الداخل أو الخارج، وهلم جرا. كل من زار الوطن السنة الماضية (وهي قلة قليلة) يسرد لك قصته المؤلمة والمأساوية التي لا تخلو من المعاناة والضياع والغياب المطلق للجهات المعنية بمغاربة الخارج، سواء الرسمية أو الحكومية أو السياسية أو غيرها.
كان على المغرب أن يحافظ على المنافذ البحرية الإسبانية مفتوحة من أجل "مواطنيه المقيمين في أوروبا" دون خلط الأوراق السياسية والدبلوماسية بعضها ببعض على حساب الشعب ومصالحه الحقيقية. لو أن المعنيين بالأمر تعاطوا مع هذه المشكلة في إبانها بحنكة وذكاء وتعاون لنجحوا بشكل أو بآخر في التفاهم مع إسبانيا على الأقل على تمكين مغاربة أوروبا من استعمال موانئها، وكان من المتوقع أن يتعامل الإسبان مع هذه المسألة بنوع من الليونة لأهميتها الاقتصادية والسياحية من جهة، ولكون أكثر من نصف مغاربة أوروبا أوروبيين بالجنسية والولادة من جهة ثانية، ما يمنحهم حق التنقل عبر بلدان الاتحاد الأوروبي، ومنها إسبانيا، بلا قيود.
لا أعرف كيف تروج الحكومة الآن لعملية "مرحبا 2021"، في الوقت الذي سوف يُحرم فيه معظم مغاربة أوروبا للمرة الثانية على التوالي من زيارة أهاليهم، وحتى الذين عقدوا العزم على زيارة الوطن لصلة الرحم مع ذويهم خصوصا المرضى أو لتسوية بعض الأمور الإدارية المهمة، أصبحوا الآن أكثر تخوفا بعد صدور البيان الحكومي الذي جعل الأمور أكثر تعقيدا وإبهاما واستغلاقا. كان على المسؤولين مواجهة المغاربة بالحقيقة، وتوضيح أن عملية مرحبا سوف تعلق هذه السنة بسبب الأزمة السياسية مع إسبانيا، وأن التنقل عبر المطارات (العربية والخطوط الملكية فقط!) وفرنسا (سيت ومارسيليا) وإيطاليا (جنوة) سوف يغطي نسبة ضئيلة من العملية التي قد لا تتجاوز 20% بالمقارنة مع السابق، ليس بسبب أزمة كورونا كما يروج دوما، حتى أصبحت بمثابة ذلك المشجب الذي يعلق عليه كل مشكل اجتماعي أو فشل سياسي، بل بسبب الأزمة السياسية مع إسبانيا بالدرجة الأولى، وهذا ما نفتقده في بيان الحكومة!
ثم إنه لابد من الإشارة إلى أن مغاربة أوروبا يستغربون أيضا أمرا آخر، وهو أن المؤسسات المعنية بمغاربة أوروبا (الوزارة المعنية، المجالس، المؤسسات، السفارات والقنصليات، الجمعيات والمنظمات الممولة...) لم تتعاط مع هذه الإشكالية كما كان يجب عليها، سواء من خلال المتابعة الإعلامية أمام تدفق المعلومات المزيفة عبر مواقع اليوتيوب التجارية والشبكات الاجتماعية، أو من خلال توضيح آخر الإجراءات والقوانين للمواطنين العاديين باللغة التي يفهمونها، لا عقد ندوات ومؤتمرات غارقة في التجريد والتفلسف بعيدا عن واقع الجالية ومعاناتها، ولا تتابعها إلا حفنة من النخبة التي لا تتعدى بضعة آلاف، بينما مغاربة الخارج يعدون بالملايين! أو من خلال الطمأنة وزرع الأمل والتفاؤل، لاسيما في ظروف الجائحة العصيبة التي أودت بمئات مغاربة العالم، وأصابت عشرات الآلاف، وفقد جراءها العديد من العمال والتجار المغاربة موارد رزقهم، كان من الأجدى والأولى أن يساهم كل مسؤول من خلال مؤسسته في تقديم الدعم النفسي، وهذا أضعف الإيمان، لأنه لا يتطلب ميزانيات مالية ولا يقتضي مشاريع سوسيولوجية أو إبستيمولوجية أو استراتيجية أو أكاديمية، أو من خلال التشاور الجاد مع الحكومة والبرلمان، لا الاكتفاء بالتصريحات والفقاعات الإعلامية.
في الختام، وباختصار تام، لم يعد مغاربة أوروبا يُعوّلون على الحكومة الحالية بعد سلسلة من المواقف السلبية (أزمة كورونا، منع نقل الجثامين، تعليق المغاربة في الداخل والخارج، اتفاقية التبادل الآلي للمعلومات، استثناء الموانيء الإسبانية من عملية مرحبا...)، لكن يتساءلون باستغراب وحسرة كما العادة: لماذا تتحدث مؤسسات مغاربة العالم في كل صغيرة وكبيرة وتناقش كل شاذة وفاذة، لكن عندما يتعلق الأمر بحقوق مغاربة الخارج ومشاكلهم فلا يُسمع لها رِكْزًا، رغم أنها في الأصل أُسِّست لهذا الهدف؟!



#التجاني_بولعوالي (هاشتاغ)       Tijani_Boulaouali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هكذا احتفت المستشرقة الإيطالية لورا فاليري بتسامح الإسلام
- -ميثاق مباديء- وجدل تدبير الشأن الديني في فرنسا
- خذ الكتاب بقوة.. كتب أهديت لي!
- الربيع العربي بين الأعلمة والأسلمة
- الكفاءة السياسية وراء تعيين وزراء من أصل أجنبي في الحكومة ال ...
- الحقيقة الغائبة في قضية -آيا صوفيا-
- ظهور المسيح.. قصة لاهوتية بطعم الفنتازيا
- هكذا أنصف تودوروف الإسلام والمسلمين!
- أي تفسير هو الأنسب لوباء كورونا؟
- أيها المسؤولون.. رفقا بإعلامنا المحلي؟
- درس -داعشي- عارم يبعثر أوراق الغرب بخصوص ظاهرة الإرهاب
- نحو مقاربة أخلاقية لظاهرة إهدار الغذاء
- مغاربة هولندا يعززون حضورهم في البرلمان الهولندي
- الحكومة المغربية بين غموض الأداء ومنطق الإرضاء
- حلقة دراسية حول سبل معالجة الصور النمطية
- السيناريو السوسيو – اقتصادي هو الحل
- الدسترة الجزئية والمشروطة للغة الأمازيغية
- الحركة الاحتجاجية بالمغرب ورهانات التعديل الدستوري
- إطلاق الجائزة الأدبية في صنفي الشعر العربي الفصيح والأمازيغي ...
- أي موقع للمهاجر المغربي في مشروع الجهوية الموسعة؟


المزيد.....




- سعودي يوثق مشهد التهام -عصابة- من الأسماك لقنديل بحر -غير مح ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل ضرباته ضد أهداف تابعة لحماس في غزة
- نشطاء: -الكنوز- التي تملأ منازلنا في تزايد
- برلين تدعو إسرائيل للتخلي عن السيطرة على غزة بعد الحرب
- مصر تعلن عن هزة أرضية قوية في البلاد
- روسيا تحضر لإطلاق أحدث أقمارها لاستشعار الأرض عن بعد (صور)
- -حزب الله- يعلن استهداف ثكنة إسرائيلية في مزارع شبعا
- كييف: مستعدون لبحث مقترح ترامب تقديم المساعدات لأوكرانيا على ...
- وسائل إعلام: صواريخ -تسيركون- قد تظهر على منظومات -باستيون- ...
- رئيس الوزراء البولندي: أوروبا تمر بمرحلة ما قبل الحرب وجميع ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - التجاني بولعوالي - الحكومة.. بْغَاتْ اَتْكَحّلْهَا عْمَاتْهَا