أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد المحسن - هل بإمكاننا القطع مع النمطية و»إعلام الزعيم» والتأسيس لإعلام الرأي العام؟















المزيد.....

هل بإمكاننا القطع مع النمطية و»إعلام الزعيم» والتأسيس لإعلام الرأي العام؟


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 6907 - 2021 / 5 / 23 - 14:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


على هامش المشهد الإعلامي التونسي :

قد لا أجانب الصواب إذا قلت إنّ الشرط الأساسي للعملية الديمقراطية يقتضي وجوبا استثمار الواقع الجديد الذي أنتجته الثورة التونسية المجيدة في الرابع عشر من يناير 2011،ومن ثم الشروع في بناء مقومات الدولة الديمقراطية وتوفير شروط الإرادة السياسية،بما يجعلنا نقطع مع الماضي ونؤسّس لتطوير مبادئ ثورتنا بدون السقوط في اختلالات التطبيق.
ولعلّ ما دفعني لإثارة هذا الموضوع هو ما في المشهد الإعلامي التونسي من تجاذبات عنيفة بين العديد من الصحافيين ووسائل الإعلام والحكومة، صبغت المنتوج الإعلامي بصبغة سلبية، وأثرت سلبا على مردود الرسالة الإعلامية.
كلنا يعرف جسامة المسؤولية المناطة بعاتق الصحافي،باعتباره مؤتمنا على نقل الأحداث والوقائع وتقديم مادة إعلامية تنير الرأي العام وترقى إلى مستوى المسؤولية الضميرية، بدون زيادة ولا نقصان،تكريسا لنهج الشفافية والوضوح الذي جاءت به ثورة الكرامة المجيدة.
وكلنا يعرف كذلك أنّ سقف الحريات بعد ثورة الرابع عشر من يناير لا يزال دون استحقاقات الثورة. فالصحافي يلهث بدون كلل أو ملل خلف الخبر اليقين، متحديا جدار التابوهات والممنوعات الذي شيّد صرحه «البوليس الإعلامي»عبر عقدين ونيف من الزمن،واجتثته من أسسه الهشّة ثورة الكرامة.
هذا الصحافي كما أسلفت،يؤسس لنهج إعلامي جديد يقطع مع الإسفاف والرداءة وينأى عن كل أشكال المحاباة والمجاملة. هذا النهج هو الحرية الإعلامية لرجال الإعلام وهو (نهج الحرية) الذي سيفضي حتما إلى مرحلة من الاستقرار السياسي، تضع الأسس الصلبة للديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتنمية العادلة.
ومن هنا فإننا مطالبون جميعا بالانخراط في المشهد الديمقراطي تناغما مع إيقاع الثورة التونسية الذي أطرب سكان المعمورة من فنزويلا إلى طنجة بدون الوقوع في مطب الإسفاف، ذلك أننا في طور بناء صرح ديمقراطي متين يستدعي منا التأسيس للتعددية الفكرية وحرية التعبير بمنأى عن مقص الرقابة وأسلوب تكميم الأفواه.
هذا المشهد الديمقراطي الذي نرومه جميعا، نفيا لعهد الفساد والاستبداد،يستوجب تقبّل الرأي والرأي الآخر، خاصة النقد البناء، باعتباره (النقد الوجيه) ظاهرة صحية في مجتمع تتبلور آفاقه ويصبو إلى أن يكون قي مصاف الشعوب المتحضرة، منتجا وخلاّقا.
وبما أنّ الصحافي عنصر فاعل في العملية الديمقراطية،فإنّ واجب حمايته وتسهيل مهمته من الضروريات، حتى يتعافى الجسم الصحافي من كل الأمراض والآفات التي نخرته طويلا زمن الفساد والاستبداد.
لكن إن كانت الثورة التونسية قد أحدثت «ثورة فعلية»على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي،فإنّ المؤسسات الإعلامية حافظت على مضمون إعلامي يمكن القول بأنّه مازال بعيدا عن الموضوعية والمهنية،في وقت تحتاج فيه تونس إلى إعلام صادق يراعي إرهاصات الثورة وارتداداتها،في ظل مرحلة انتقال سياسي، ووسط تجاذبات بين الفرقاء السياسيين. فغياب الشفافية والحيادية وظهور الاصطفاف العلني والمفضوح، بمعنى غياب المقاربات المهنية التي تنضبط تحت لواء قواعد ممارسة المهنة الصحافية،كلها عوامل ساعدت على إخراج المهمة الإعلامية عن سياقها ودورها الرئيسي.
ومن بين العوامل التي زادت من حالة الغموض والإرباك،ما يعانيه المشهد الإعلامي بشكل عام من تسيب واختلاط في الأوراق، وعودة للأساليب القديمة، في ثلب الأعراض وهتك أخلاقيات المهنة بعيدا عن أي هيئة حيادية يمكنها أن تتدخل بقوة القانون لوضع حد لتشوه كهذا تتعرض له المهنة الصحافية في مرحلة ما بعد الثورة.
وبقطع النظر عن كل هذا الجدل، يبدو مؤكدا أن الإعلام التونسي يعيش حركية جديدة مختلفة عن – صمت المقابر- الذي كان يُهيمن على البلاد في عهد الرئيس المخلوع. لكن مع أهمية هذا السقف العالي لحرية التعبير، إلا أن ذلك لا يعني أن الجسم الإعلامي خال من الأمراض والعوائق، التي لا تزال تفعل فعلها للحد من إمكانية تطوره في أجواء صحية. وعلى هذا الأساس بات لزاما على الإعلاميين ممارسة نقدهم الذاتي، والعمل على تخليص مهنتهم من العاهات القاتلة للصحافة.
وهنا أؤكّد على ضرورة تطبيق المبادئ،التي قامت عليها الثورة في تونس بمعنى التعجيل بالمحاسبة، لاسيما أنّ كل الحكومات المتعاقبة بعد هروب المخلوع، وحتى الشرعية منها- في تقديري- تبدو شريكة في ما يحصل اليوم بعد الثورة على مستوى الإعلام بعيدا عن قراءة النوايا، لأن هناك نظرة مكيافيلية للإعلام بنوايا ثورية، علما بأنّ المال السياسي يتمترس دوما خلال الثورات وراء وسائل الإعلام. فاليوم تقوم رؤوس الأموال الفاسدة، من أجل الدفاع عن نفسها من أي محاسبة،بضخ الأموال سواء ببعث صحف وقنوات تلفزيونية وإذاعية،أو بمحاولة شراء بعض الضمائر وتوظيفها لصالح أهدافها الضيقة ونواياها السيئة. ولذلك ولبلوغ مرحلة اللاعودة مع ممارسات التضييق وكل أشكال الوصاية على الإعلام ولتحقيق إصلاح شامل وجذري للمنظومة الإعلامية لتتماشى ومتطلبات الثورة وطموحات المواطن، يجب اتخاذ جملة من الاجراءات والخطوات الفعالة،لعل من أهمها إدخال تعديلات على المنظومة التشريعية الإعلامية، بما يتماشى مع المعايير الدولية، وتشكيل مجالس إدارية مستقلة بكل المؤسسات الإعلامية باعتبارها الضامن لقيادة عملية الإصلاح، بدون تدخل الحكومة،بالإضافة إلى توفير ضمانات قانونية تحمي الصحافيين والمؤسسات الإعلامية عموما من الجانب الزجري،وبالتالي إعادة بناء العلاقة بين الإعلام ومختلف السلط وفتح حوار واسع بين أهل المهنة والقطاعات الاخرى. كما لا ننسى ضرورة الاستفادة من خبرات الكوادر الإعلامية والأكاديمية،التي يمكن أن تساهم في انضاج الرؤى واستراتيجيات الإعلام في تونس، وبالتالي بناء مجتمع ديمقراطي مدني منفتح، من أجل محاسبة السلطة وضمان القطع مع الاستبداد مهما كانت طبيعته.
ما أريد أن أقول ؟
إنّ الإعلام التونسي في مختلف أجهزته وآلياته مدعوّ إلى التوسّل بأدوات حرفية عالية،وإلى الإنخراط العميق في المشهد الثوري الذي تعيشه بلادنا على إيقاع ثورة الكرامة،التي انبلج صبحها في 2011،لما له من دور مهم في تفعيل المشهد الديمقراطي والارتقاء به إلى مستوى أفضل، من خلال معالجته لجملة من القضايا والمسائل ذات الارتباط الحميم بهموم المواطن التونسي وشواغله بمنأى عن الرداءة والإسفاف والمزايدات،التي يراد بها إقصاء الآخر وتهميشه، على غرار ما يحصل-بين الحين ولآخر-من تراشق بالاتهامات بين عدد من الإعلاميين، بدون إيلاء الميثاق الأخلاقي لمهنة الصحافة أدنى اهتمام.
وهنا أختم : ستظل الرسالة الإعلامية في تجلياتها الخلاقة من الأهمية بمكان من حيث كونها ترمي إلى مؤازرة الجهود التي يبذلها الشعب التونسي في سبيل تجاوز ترسبات «سنوات الجمر»، ومن ثم الارتقاء بطموحاته نحو الأفضل، إيمانا منّا -جميعا- بأنّ البناء الديمقراطي في تونس التحرير يستوجب توفير جملة من الشروط والضمانات،لعلّ من أهمها الشفافية والوضوح والنزاهة في الخطاب الإعلامي،بما من شأنه أن يقطع مع النمطية و»إعلام الزعيم»، علنا ننجح في إفراز إعلام الرأي العام، الذي طالما كان حلما يراودنا على امتداد نحو ستة عقود.



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف يمكن مواجهة الإختراق الثقافي الكوني في ظل راهن يتعولم إق ...
- حين تكتب المقاومة الفلسطينة الباسلة..تاريخ المجد والإنعتاق و ...
- البندقية سيدة الموقف..أما المصالحة الوطنية،فهي مجرد فكرة جمي ...
- تموقعات النص الشعري..في أدب المقاومة
- حين تحاربنا-إسرائيل-بجيش إعلامي يستهدف اقتلاع جذور الهوية ال ...
- حين ينحت الشاعر التونسي القدير د-طاهر مشي لوحاته الشعرية بحب ...
- على هامش الذكرى الثالثة والسبعين للنكبة *: ثلاثة وسبعون نكبة ...
- إسرائيل..إحتلال توسعي..وهي «دولة» لا عمل لها غير ميدان القتا ...
- سلام..هي فلسطين
- لماذا يخافون على إسرائيل ولا ينادون بتصفية الإستعمار في فلسط ...
- حين يسقط القناع...عن «قتلة» تل أبيب
- رسالة مفتوحة إلى فلسطيني شامخ
- حين ترقص فلسطين على ايقاع المواجع عارية..ليس في قدَمَيها حذا ...
- حين يلامس رذاذ الدم الفلسطيني..وجوهنا السافرة
- حتى نحقّق انتصارا..يكون نفياً لعصر الركود والانحطاط..والتعثّ ...
- حين يرسم الدم الفلسطيني..طريقَ التحرر والإنعتاق
- آراء بعض مثقفي تونس إزاء أزمة المثقف العربي..في ظل رأسمالية ...
- أفرغوا غدرَهم..ومضَوا ..إلى موضع في الجحيم
- ليس أفق الحرية وحده هو الذي يضيق بالحصار..فللحرية معنى يسبقه ...
- حين تقيم إسرائبا.. نظاما عسكريا أسوأ من نظام الفصل العنصري ا ...


المزيد.....




- ارتطمت ثم انفجرت.. لحظة اصطدام طائرة روسية بدون طيار بمبنى س ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لقصفه أهدافا إيرانية
- مصدر في قوات الأمن الإيرانية: إسرائيل سترى قريبا ورقة طهران ...
- ترامب: -على الجميع إخلاء طهران-
- ما الذي يجعل منشأة فوردو النووية في إيران عصية على الهجمات ا ...
- حرب إسرائيل وإيران.. هل أسقطت إيران طائرات -إف 35- إسرائيلية ...
- هل تشي تغريدات ترامب وتصريحاته بهجوم أمريكي وشيك على إيران؟ ...
- شركة -رافائيل- الإسرائيلية تهدد برفع دعوى ضد فرنسا بعد إغلاق ...
- قمعٌ وضربٌ واعتقالاتٌ وترحيل: الأمن المصري يحتجز نشطاء في -ا ...
- تقرير: مستوى مقلق جديد للحوادث المعادية للمسلمين في ألمانيا ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد المحسن - هل بإمكاننا القطع مع النمطية و»إعلام الزعيم» والتأسيس لإعلام الرأي العام؟