تحليل لأسباب ونتائج الأوضاع الحالية في فلسطين الداخل

سامي الذيب
(Sami Aldeeb)

الحوار المتمدن-العدد: 6899 - 2021 / 5 / 15 - 15:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

أنشر هنا نصل وصلني هذا الصباح من فلسطيني من الداخل لن اذكر اسمه لأسباب أمنية.
يحمل النص العنوان التالي
-----------
لم يحدث قط ما نراه هذه الأيام في معظم المدن والقرى العربية في فلسطين الداخل وكأنها شبه انتفاضة شعبية مستمرة من أكثر من اسبوعين تقريبا..
ما هي الأسباب؟
1) راهنت الحكومة الاسرائيلية على انعدام الوعي السياسي لدى العرب في الداخل وبدأت تعاملهم بطريقة عنصرية لذلك تراكمت الضغوطات عليهم والتمييز معهم والاهمال لقضاياهم الأمنية مما زاد العنف في المجتمع العربي في السنوات الأخيرة دون رادع من الشرطة مما أدى الى ازدياد السلاح المرخص وغير المرخص، ولديَّ شعور بأنها سياسة مقصودة، بمعنى "فخار يطبش بعضه" ما دام العنف بينهم ولا يمس بأمن الدولة أو اليهود... أما الآن فقد انقلب السحر على الساحر..!
2) سياسة التحريض المنهجية من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وازدياد التطرف اليهودي بين جماعات واحزاب لها مقاعد في الكنيست تنادي بطرد العرب وتحريض الشرطة عليهم خاصة بعد ازدياد عددهم (حوالي مليونين) وحضورهم في الكنيست (حوالي 15 عضو كنيست) مما جعل من الصعب تشكيل أي حكومة بدونهم وهذا سبب رئيسي في تكرار الانتخابات للمرة الرابعة وأعتقد بأننهم متوجهون الى الخامسة خاصة وأن معظم الأحزاب اليمينية وحتى اليسارية ترفض ضمهم الى أي حكومة يشكلونها.
3) الاستفزازات المقصودة في القدس خلال شهر رمضان في المسجد الأقصى وباب العامود وسياسة الترحيل في حي الشيخ جراح أثارت حملة تضامن لدى العرب الفلسطينيين في الداخل وأحيت الروح المعنوية والوطنية والدينية خاصة اللعب على وتر الدين والقدس والأقصى الذي يعتبر خطا أحمرا لدي كافة المسلمين... وقد أشعل الفتيل بينهم عندما منعوا من الوصول الى القدس والمسجد الأقصى خلال شهر رمضان وخاصة في ليلة القدر مما أدى الى التحدي والسير على الأقدام وأحيانا الاشتباك مع الشرطة الاسرائيلية التي قمعتهتم بالقوة.
4) وكانت القمة لدى الاعتداء على غزة وبشاعة المناظر التي نشاهدها على الشاشات مما حرك الشارع في المدن والقرى العربية وخاصة في المدن المختلطة مما أدى الى مواجهات مع الشرطة والأمن الاسرائيليين.. ودخل على الخط أيضا اعتداءات بحماية الشرطة من قبل جماعات يهودية متطرفة (منظمات ارهابية مثل حركة لاهافا، لافاميليا، فتيان الجبال...وغيرهم.. ناهيك عن قطعان المستوطنين في الضفة والقدس) بدأت بالاعتداء على ممتلكات العرب من سيارات وبيوت ومحلات تجارية وحتى القتل ايضا كما حدث في اللد لشاب عربي وتم اطلاق المتهمين الاربعة بعد أيام بحجة أنهم كانوا يدافعون عن أنفسهم مما أثار موجات من الغضب.
5) ومما صاعد الامور أن قوى الأمن الاسرائيلية بدأت بحملة اعتقالات للمتظاهرين وبعض القيادات الدينية وصلت الى الآن لحوالي 600 شخص في الناصرة وحيفا وعكا ويافا والرملة واللد.. وأخيرا في الليلة الماضية اعتقال الشيخ كمال الخطيب أحد قيادات الحركة الاسلامية في الشمال ومن بلدة كفر كنا مما حولها الى ساحة معركة وقع خلالها الكثير من الجرحى والاضرار في الممتلكات...
6) أعتقد جازما بأن ما يحدث له أيضا دوافع سياسية من رئيس الوزراء نتنياهو الذي فشل في تشكيل الحكومة فهو يريد افشال فرصة خصومه من تشكيل الحكومة وبالتالي قيادة البلد لانتخابات خامسة وبذلك يكسب الوقت ليبقى على كرسي الحكم خوفا من محاكمته بالتهم المنسوبة اليه لدى القضاء خاصة وأن هذه كانت فرصته الأخيرة لتشكيل حكومة.. وبذلك قاد كل البلد الى الفوضى وزرع الفرقة بين العرب واليهود حتى في الداخل حيث كانوا يعيشون بسلام نوعا ما.
ما هي النتائج؟
أعتقد أن الجديد والغريب في ما يحدث الآن هو توحُّد الجميع تحت شعار الدفاع عن الأرض والدين في فلسطين التاريخية، ولأول مرة يدخل الفلسطينيون في الداخل في ساحة المواجهات المباشرة.. وأظهرت سياسة الدولة بأنهم يتعاملون مع الجميع كأعداء ويستعملون نفس طرق القمع والردع والتنكيل..
وأظهرت القوة في الشارع الفلسطيني من الأجيال الشابة الذين لا يهابون الاعتقال وحتى الموت في سبيل قضية عادلة.
وأظهرت فشل اسرائيل بالرغم من قوتها العسكرية في السيطرة على الأوضاع ليس فقط في غزة ولكن أيضا في القدس والضفة والداخل وبهذا فقد فتحت على نفسها "عش الدبابير" وعلى كل الجبهات.
وأخيرا، هناك حالة فوضى عارمة وتخبط وضياع لا بل خلط للأوراق، فلن تحسم المعركة، ولن ينالوا الامن والاستقرار، ولن تشكل حكومة في الاجل القريب، وسيذهبون الى انتخابات خامسة، ويتركون الشارع يتخبط في الخوف والاحقاد والعنف المتبادل.. وكل هذا لانعدام الأفق السياسي وذلك لفقدان الرؤية وعدم الرغبة الحقيقية في السلام.
----

الدكتور سامي الذيب
مدير مركز القانون العربي والإسلامي
https://www.sami-aldeeb.com/

#سامي_الذيب (هاشتاغ)       Sami_Aldeeb#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل