|
اعتراف حكومة الإمارات بإسرائيل
سامي الذيب
(Sami Aldeeb)
الحوار المتمدن-العدد: 6660 - 2020 / 8 / 28 - 09:14
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
قامت حكومة الإمارات العربية عام 2017 بطباعة نسخة من المصحف الشريف، توزع مجانا، وفيه تسمية سورة الإسراء بإسم سورة بني إسرائيل. الكثير من سور القرآن لها أكثر من إسم. فسورة الفاتحة لها أكثر من عشر اسماء. والسورة المذكورة لها ثلاثة أسماء هي: سورة الإسراء، وسورة سبحان وسورة بني إسرائيل. والطبعات العربية المتداولة للقرآن تحمل اسم سورة الإسراء. وقد تساءل موقع رابطة علماء أهل السنة في مقال صدر في 1 اكتوبر 2017: لماذا في هذا التوقيت يتم طباعة مثل هذه الطبعة؟ وتوزيعها مجانا؟ وأجاب: أغلب الظن أن طباعة هذا المصحف في هذا التوقيت، كما يقول ناشطون: هو تنفيذا لسياسة محمد بن زايد الرامية إلى إرضاء اليهود وتوطيد العلاقات معهم. https://www.rabtasunna.com/3629 وما كان ظنا أصبح الآن حقيقة. وتغيير اسم سورة الإسراء يدخل ضمن غسيل المخ. فقد أعلن أنور قرقاش وزير الحكومة الإماراتي للشؤون الخارجية في 13 أغسطس 2020، عن موافقة الإمارات على تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وقد طلب مني رأيي في الإتفاق الإماراتي الإسرائيلي وكان جوابي: لا يستحق ابداء رأي. الطيور على أشكالها تقع، والعبيد يركعون أمام أسيادهم وفي نظري دولة إسرائيل هي دول نازية قامت على تدمير 81% من قرى فلسطين وطرد سكانها ومنع عودتهم لسبب واحد أنهم غير يهود. وهذا هو أساس النازية التي تقصي مجموعة ما بسبب انتمائها العرقي أو الديني. وكل من يعترف ويتعاون مع دولة إسرائيل النازية هو في نظري نازي. وأشير هنا إلى أن القوانين النازية الألمانية اخذت من تعاليم التوراة، كما بينت ذلك جليا في أحد اشرطتي عن فلسطين والنازية اليهودية https://youtu.be/0rZx-1XlQYw وحسب أقوال أحد المتهمين واسمه Streicher أمام محكمة نورمبيرغ.
لقد تفاخرت إسرائيل بالإتفاق مع الإمارات واعتبرته فتحًا كبيرا. ولكن يبقى السؤال: هل هذا سوف يحقق السلام في منطقتنا؟ كان الأجدر بإسرائيل البحث عن السلام مع الفلسطينيين. ولكن دولة إسرائيل لا تريد السلام معهم لأن السلام معهم يعني اعترافها بجرائمها نحوهم وقبولها بعودة اللاجئين وإعادة بناء القرى الفلسطينية التي دمرتها. وجرائم إسرائيل ضد الفلسطنيين لم تتوقف يوما واحدا منذ إنشائها. قد تقيم كل الحكومات العربية علاقات دبلوماسية مع إسرائيل رضوخا لما يمليه عليها سادتها الغربيون، ولكن هذا لن يعني سلام مع شعوب تلك المنطقة. فمثل هذا السلام لن ينتج عنه إلا تأزم العلاقات بين تلك الشعوب وحكوماتها. فالظلم الواقع على الفلسطينيين لا يمكن لعاقل أن ينكره أو يتقبله. وحكام إسرائيل والغربيون يعرفون ذلك تمام المعرفة، وهذا ما يبحثون عنه: تدمير المنطقة خدمة لمصالحها وتنفيذا لمشاريعها التوسعية.
لم يطلب رأيي عند اقامة دولة إسرائيل، ولم يطلب رأيي في الإتفاقيات بين مصر وإسرائيل وبين الأردن وبين الإمارات وإسرائيل. ولكن مثل هذه الإتفاقيات لا تلزمني كما لا تلزم شعوب المنطقة. فكل ما أقيم على باطل هو باطل. ولو ركع كل العالم أمام إسرائيل النازية، فأنا لن اركع. وكل هذه الإتفاقيات هي هدر للوقت وطاقات المنطقة ومزيد من الظلم الواقع على الفلسطينيين وكل شعوب تلك المنطقة بما فيها اليهود أنفسهم. فكما يقول المثل: من يأكل العظام لا ينام. وكيف يمكن لليهود ان ينعموا بسلام بينما هم يظلمون غير اليهود؟ واليهود الذين عانوا الكثير من النازية الألمانية كان عليهم أن لا يقيموا دولة نازية في فلسطين. فهذا عار عليهم. وفي خطاب أُلقي في 5 أيار 1991، أمام الكنيست الإسرائيلي، قال عازف الكمان الشهير يهودي مينوحين: الذين يعيشون بالسّيف يموتون بالسّيف. والإرهاب والخوف يُولِّدان إرهاباً وخوفاً. الحقد والكراهيَّة هما أمران مُعديان بشكل حتمي ... هناك أمر واضح بشكل أكيد وكافٍ، هو أنَّ الأسلوب المُدمِّر في الحُكْم بواسطة الخوف وازدراء الكرامة الأساسيَّة للحياة، وهذا الاختناق المستمرُّ لشعب محتل يجب أنْ يكون آخر الأساليب المُتبنَّاة من قِبَلِ الذين هم أنفسهم يعرفون جيِّداً المعنى الرّهيب والألم الذي لا يُنسى لمثل هذا الوجود. هذا لا يليق بشعبي الكبير اليهود.
وقد يسالني البعض: ما هو الحل في نظرك؟ أشك بأن تقوم إسرائيل والحكومات العربية المستعبدة من الغرب بطلب رأيي. ولكن على فرض أنها طلبت رأيي، فالحل عندي بسيط: إقامة دولة مواطنة واحدة من البحر إلى النهر، وتخلي إسرائيل عن يهودية الدولة، وتخلي الفلسطينيين عن إسلامية الدولة، ومعاملة الجميع على قدم المساواة مهما كان دينهم، وعمل قوانين موحدة في مجال الأحوال الشخصية تسن على الزواج المدني والغاء جميع المحاكم الطائفية. وهذا ما قامت به سويسرا في دستورها لعام 1874، علما بأن أول ما استعملت عبارة حروب دينية كان بخصوص الحروب بين الكاثوليك والبروتستنت في سويسرا. فسويسرا عرفت وضع مماثل لما تعرفه منطقتنا من صراعات دينية. هذا مثال ناجح يحتذى به لوضع حد للصراع الحالي في منطقتنا. وما اقترحه هنا اقترحه أيضا على كل الدول العربية. عليها ان تتخلى عن المادة الدستورية التي تعتبر الإسلام دين الدولة، وإقامة دولة مواطنة تعامل الجميع بالتساوي، معترفة بالحرية الدينية للجميع وبالزواج المدني. ومطلبي هذا هو في حقيقته تطبيق للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وخاصة مادتيه الأولى والثانية التي تقول: المادة 1: يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضاً بروح الإخاء. المادة 2: لكلِّ إنسان حقُّ التمتُّع بجميع الحقوق والحرِّيات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أيِّ نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدِّين.
ولكن ما مدى قبول شعوب تلك المنطقة لمثل هذه المبادئ؟ طبعا لن تقبل بها. فهي شعوب تربت على التمييز الديني منذ صغرها: يهود ومسيحيون ومسلمون وسامريون ودروز ولذلك الصراع في منطقتنا سوف يستمر إلى ما لا نهاية أو حتى تعود تلك الشعوب لعقلها وتقبل بمقولة: الدين لله والوطن للجميع.
كل شعوب هذه المنطقة مغيبة. لقد سلبت التعاليم الدينية عقولها. وحتى نصل إلى نهاية الصراع يجب أن نبدأ بتحرير عقول تلك الشعوب من تلك التعاليم الدينية المدمرة.
-------- مدير مركز القانون العربي والإسلامي http://www.sami-aldeeb.com طبعتي العربية وترجمتي الفرنسية والإنكليزية والإيطالية للقرآن بالتسلسل التاريخي وكتابي الأخطاء اللغوية في القرآن وكتبي الأخرى: https://www.sami-aldeeb.com/livres-books
#سامي_الذيب (هاشتاغ)
Sami_Aldeeb#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سمير النشمي: تتكلم عن أخطاء القرآن؟ إذن انت ممول من الصهيوني
...
-
نقاش مع منكر وجود أخطاء في القرآن
-
ماذا بعد اقتراح حرق البخاري؟
-
الأبحاث الجامعية ومعضلة الحرية
-
من هو أبو موسى الحريري؟
-
علاقتي مع أبو موسى الحريري - الأب جوزف قزي
-
أبو موسى الحريري (الأب جوزف قزي): الأديان من صنع الإنسان، وا
...
-
محمود محمد طه: ما للرجل وما عليه
-
عودة لموضوع علامات الترقيم الحديثة في القرآن
-
رسالة إلى فضيلة شيخ الأزهر بشأن محمود محمد طه
-
فريدريك نيتشه: فيلسوف أم معتوه داعر؟
-
جرجيس كوليزادة: دعوة الى اعادة كتابة القران الكريم من جديد
-
السعودي احمد هاشم: القرآن (شمل العديد من الأخطاء ... قدرت ب2
...
-
أخطاء القرآن اللغوية: 11) تقطيع معيب للآيات وعلامات الترقيم
...
-
أخطاء القرآن اللغوية: 10) تفكك أوصال آيات القرآن
-
مشكلة في سورة الزخرف الآية 45
-
القضاء التونسي فقد عقله
-
أسئلة لمتابعي: رأيكم يهمني
-
أخطاء القرآن اللغوية: 9) نواقص القرآن ونظرية الحذف والتقدير
-
أخطاء القرآن اللغوية: 8) التكرار والتشتت والحشو أو اللغو
المزيد.....
-
ماذا قالت طالبان عن الإطاحة ببشار الأسد.. ورؤيتها لمستقبل سو
...
-
هل أمريكا مازالت تعتقد أن هيئة تحرير الشام لها علاقة بداعش؟.
...
-
سجناء سوريا.. الفرج يأتي ولو بعد حين
-
اشتباكات عنيفة في منبج تسفر عن مصرع 26 مقاتلا في هجوم فصائل
...
-
أسلحة سوريا الكيميائية.. قلق أميركي إسرائيلي بعد رحيل الأسد
...
-
وفد حماس يغادر القاهرة بعد مباحثات مع مدير المخابرات المصرية
...
-
مصادر دبلوماسية: اجتماع طارئ لمجلس الأمن لبحث تطورات سوريا
-
نتنياهو يصف سقوط نظام الأسد بـ-الفرصة المهمة- لإسرائيل
-
بلينكن: سنراقب عن كثب التطورات في سوريا ونقيّم أقوال وأفعال
...
-
أوليانوف: روسيا لا تخون أصدقاءها في المواقف الصعبة
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|