|
فداحة التحدي وهزال الاستجابة
مصطفى مجدي الجمال
الحوار المتمدن-العدد: 6894 - 2021 / 5 / 10 - 18:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل حانت لحظة الاعتراف بالحقيقة؟ أم ستظل المنصات الرسمية والإعلامية تلف وتدور لتغمي عيون وأفهام الشعب عن الأعداء الحقيقيين للشعب وللأمة المصرية؟ أكان لا بد أن تنزلق مصر إلى هذا المنزلق الخطير جدا حتى تنتبه القيادة وكل القوى السياسية المصرية لوجود تحدٍ جسيم لبقاء أمة ظلت موحدة لآلاف السنين؟
أليس مكشوفا تماما الآن أكثر من أي وقت مضى (حتى أكثر من الخمسينات والستينات حين خاضت الدولة المصرية صراعات دموية مع الإمبرياليات العالمية والصهيونية وأيضا الرجعيات العربية) واقع المؤامرات الأمريكية والغربية عموما على وجود الأمة المصرية ذاته (وليس فقط ترويض النظام وإيقاف طموحه حتى ولو كان هذا الطموح محدودًا وفي سياق التبعية التي وضع السادات حجر أساسها واستسلم لها من بعده)؟
إننا أمام مؤامرة متعددة القوى والفروع والجبهات التي تعمل جميعا وفق عصا المايسترو الأمريكي الشرير..
وفي المقدمة نجد إسرائيل التي ترى أن حل مشكلاتها الوجودية (خاصة في مجالات القنبلة السكانية الفلسطينية المنذرة بقلب المعادلات السياسية الإسرائيلية بعد عقدين أو ثلاثة، وندرة المياه التي تزداد إيلامًا بمعدلات أعلى من تطور تكنولوجيا تحلية مياه البحر، واستمرار وربما تفاقم مشاعر النفور والرفض الشعبي العربي للكيان الصهيوني، وربما أيضًا احتمال تراجع النفوذ الغربي الداعم التقليدي لها في المنطقة لصالح الصين ..) ترى أن حل هذه المشكلات العويصة يتمثل في تدمير وتفكيك الدول العربية الكبرى.. وإلى جانب إسرائيل نجد تركيا وإيران اللتين تحلمان باستغلال الفوضى لبعث الإمبراطوريتين الطورانية والفارسية، خاصة في سياق التفكك المتصاعد للمرحوم النظام الإقليمي العربي..
وكذلك إثيوبيا الطامحة لبناء إمبراطورية أمهرية في شرق ووسط افريقيا مستغلة وجود منبع النيل الأزرق عندها والضعف والفوضى الضاربة في إقليمها المباشر..
هذا إلى جانب أدوار مساعدة من مشيخات الخليج التي تريد ضمان بقاء نظمها عن طريق تقديم الخدمات للإمبريالية الأمريكية مقابل هدم وتخريب الدول العربية العريقة كمصر وسوريا والعراق.. وقد تناصر هذه المشيخة أو تلك النظام الحاكم في مصر، وتطلب منه العون عند الخطر باسم الأخوة العربية، لكنها بشكل عام تدرك أن مصر القوية جدا والضعيفة جدًا خطر عليها على الدوام.. ويجب هنا التفرقة بين التعاون مع السلطة والنظام المصري في فترة معينة وبين الموقف الاستراتيجي للخليج الذي لا يريد مصر منتصبة القامة ولا منبطحة تماما.
كما أن هناك أدوارًا غير مباشرة تلعبها قوى محلية، عرقية ومذهبية دينية وليبرالية و"ثورية" فوضوية... لكنها بالغة الأهمية في تمرير المؤامرة الأمريكية على الأرض، فالأجهزة الإمبريالية المفكرة والمخططة لديها خبرات مهولة في استمالة واستعمال تلك الانتماءات الدنيا..
وهنا يبرز سؤالان نطرحهما على المنظرين والأبواق الإعلامية الرسمية والخاصة وعموم "القبيضة"..
إذا كانت المؤامرة بهذا السفور في عهد يتحدث عن الشراكة الاستراتيجية مع أمريكا فما بالنا بالمؤامرات في عهد نظام يوليو (بغض النظر عن كل عيوبه وأخطائه) والذي واجه أمريكا وإسرائيل والرجعية العربية وعملاء الداخل في وقت واحد.. وهو النظام المتهم على نحو دارج بالحماقة والمغامرة، مقارنة بالتمجيد في ذكاء السادات وحكمة مبارك؟
والسؤال الثاني يتعلق بالأيديولوجيات الكامنة وراء الممارسات والمخططات الامبريالية ضد مصر والشعوب العربية.. وأخطرها اليمين الديني وخاصة الصهيونية المسيحية (القوية جدا في أمريكا وبريطانيا) والصهيونية اليهودية والصهيونية الأمهرية (الرستفارية) في إثيوبيا والشتات.. والتي تتعاون معها بشكل غير مباشرأيديولوجيات أخرى مثل "الإسلام السياسي" والشوفينية الأفريقية المتصاعدة (أو العنصرية المضادة في أفريقيا جنوب الصحراء) ضد الشمال الأفريقي ولا ينكرها إلا من ينظر بعين واحدة.. والتي تؤججها نخب ثقافية أفريقية تربت أكاديميا في المعاهد العلمية الغربية أو تأثرت بإنتاجها "الفكري والعلمي" حتى دون الإقامة في الغرب. وهذا من الموضوعات المسكوت عنها في التحليلات العربية. ولا أظن أنه من المقبول الاستمرار في الاندهاش من هذه الظاهرة في المجتمعات الأفريقية ما بعد الاستعمار، رغم التاريخ المعروف من التأييد المصري خاصة لحركات التحرير الأفريقية.. فلا بد من دراسة الظاهرة دراسة جدية وتقديم الحلول لها واختبارها في العلاقات الثنائية.
نعم المؤامرة خطيرة جدا ولا تستهدف نظاما بعينه فقط.. وإنما تستهدف اخضاع شعوب بأكملها لهيمنة كلية للرأسمالية العالمية، مع مكاسب ضخمة لخُدّامها المذكورين.. ولا يمكن التصدي لهذا الخطر الوبيل الا بتحرك شعبي عارم تقوده قوى سياسية جذرية.. ولكن هذا للأسف مازال بعيد المنال في ظل ترهل "النخب" العربية وقصر نظر السياسات المتبعة.
ويظل العائق الأكبر هو الانخراط العملي والفكري أيضًا في التبعية للإمبريالية الأمريكية، ما يحول دون تبلور رؤى وممارسات مستقلة حقًا.
#مصطفى_مجدي_الجمال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عتاب على شيوعيي السودان
-
من مقالب الناشرين في المترجمين
-
أصعب أيام مصر
-
الشكلانية الديمقراطية ووهم تمثيل المستضعفين
-
انزلاقات يسارية
-
المشبوه أيمن نور والمعارضة المزوَّرة
-
التهمة إدمان المنشورات
-
حوارات ثورية
-
وتظاهرنا في ميت أبو الكوم
-
ويبقى أنيس مورقًا فينا
-
كيف أحرجنا رجال السادات
-
أركيوبتركس
-
الأم جونز
-
كنت ضيفًا على المخابرات السودانية
-
عشر سنوات على خطاب أوباما الثقافي
-
كرهت أستاذي.. والسبب ناصر
-
رفيقي الملاكم اليساري
-
حوار خصب مع سمير أمين
-
حقارة أن تتهكم على شعبك ولا ترى عيبك
-
الكيماوي الأمريكي الحلال
المزيد.....
-
ترامب يؤكد أن مايك بومبيو ونيكي هايلي لن يحصلا على أدوار بإد
...
-
مقتل أكثر من 30 فلسطينيا بينهم 13 طفلا في غارة إسرائيلية على
...
-
حملة ملصقات فنية تحتفل بمرور 35 عامًا على سقوط جدار برلين
-
صور محرجة تضع نتنياهو في مأزق.. تفاصيل جديدة في فضيحة تسريبا
...
-
أول تعليق من رئيس مكتب نتنياهو بعد اتهامه في فضيحة التسريبات
...
-
وزير خارجية هنغاريا: الاتحاد الأوروبي سيضطر لتغيير نهجه تجاه
...
-
أوكرانيا تستهدف موسكو وتهاجم المنطقة الحدودية بأسراب من الطا
...
-
32 شهيدا في حملة تطهير عرقي متواصل بجباليا
-
زغرب وبولا تجمعان الماضي والحاضر في قلب التاريخ الكرواتي
-
36 قتيلا غالبيتهم أطفال بقصف إسرائيلي لمنزل في بلدة جباليا
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|