|
المسرح فى مصر الفرعونية المقالة الأولى
فتحى سيد فرج
الحوار المتمدن-العدد: 1632 - 2006 / 8 / 4 - 05:47
المحور:
الادب والفن
تأسيس : الحضارة المصرية المفترى عليهاأتفق علماء التاريخ على أن الحضارة المصرية الفرعونية كانت أول حضارة مستقرة وممتدة لأكثر من أربعة الآف سنة وهى فى حالة إبداع حضارى ، وقدمت للأنسانية العديد من الأكتشافات والأختراعات التى لا تزال محل تقدير واعجاب ، ويؤكد " الان جاردنر " عالم المصريات أن التاريخ ظل فى حكم العدم حتى اكتشف المصريون مبدأ الكتابة وذلك قبل نهاية حقبة ما قبل الأسرات . ويحتارعلماء المصريات أمام حقيقة أن المصريين القدماء قد توصلوا إلى نحو أربع وعشرين علامة هجائية تشير كل منها إلى صوت منفرد متميز كانت تكفل لهم كتابة لغتهم بأبجدية سليمة وواضحة ، وقد سجلوا بهذه اللغة كل ما توصلوا إليه من علوم وفنون راقية وآداب عظيمة ، وأصبحت هذه اللغة أرقى الأشكال التعبيرية عن الحضارة المصرية مما دعا " جيمس هنرى برستيد " إلى القول أن قهر المصريين للمعادن وتقدمهم فى أختراع أقدم نظام كتابى قد وضع أقدامهم على طريق التقدم الطويل وبناء هذه الحضارة العظيمة . وإذا كانت البشرية قد ظلت مدينة للحضارة المصرية بأكتشاف نظام الزراعة المروية ، والتقويم الشمسى المتوافق مع استمرارية الحياة والوجود ، والوعى بالضمير ، فانها ظلت تستفيد من إنجازاتها العلمية فى الطب والفلك وفنون العمارة وغيرها من المنجزات التى تتجاوز الحصر . الا أن الحضارة المصرية قد تعرضت للاستيلاب وحاول الكثيرون التنكر لمنجزاتها بفعل العديد من العوامل والأسباب فهى حينآ حضارة وثنية ملعونة ، وحينآ آخر حضارة مجهولة المنشأ والفاعل ، أو أقامها من هبطوا من السماء ، أو أناس بيض أسطوريين ثم اختفوا من الوجود ، وهناك عاملين أساسيان كان لهما أكبر الأثر فى نفى واستلاب الحضارة المصرية الفرعونية . العامل الأول : محاولات الغزاة طمس هذه الحضارة والقضاء على رموزها ، أما العامل الثانى : فقد كان نزعة التمركز الغربى حول الذات وارجاع كل العلوم الى المعجزة الاغريقية . العامل الأول : دور الغزاه الأجانب فى طمس الحضارة المصرية تعرضت مصر منذ أول الألف الأولى قبل الميلاد لموجات متتالية من الغزو والاحتلال الفارسى فالأغريقى والرومانى ثم العربى ، مما أدى الى طمس وضياع معالم ومقومات الحضارة المصرية الفرعونية ، ويقول " شوقى جلال " فى مقدمة لكتاب " التراث المسروق – الفلسفة اليونانية فلسفة مصرية مسروقة " وجميع الغزاه فى تعاقبهم ناصبوا الثقافة المصرية العداء القاتل ، ابتداء من الفرس الذين عمدوا الى تدمير ونهب ثروات مصر المادية والروحية ، فهم لم يستنزفوا خيراتها الاقتصادية فحسب بل عاثوا فى أرضها فسادآ ، ودمروا بيوت ومؤسسات الفكر والثقافة ، لم تكن معابد مصر المنتشرة فى ربوعها مجرد أماكن عبادة ، بل كانت أماكن للعلم ومؤسسات للفكر وترسانة للثقافة ، وهى خزانة الوعى العلمى والثقافى والاجتماعى ، وكانت تصاغ فى داخلها رؤية المجتمع واطاره الفكرى ولهذا كانت مستهدفة دائما من الغزاة لتدميرها . ولم يكن الكهنة فى مجموعهم مجرد رجال دين يلقون المواعظ ، بل كانوا بدرجاتهم وفئاتهم المختلفة رجال علم دنيا ودين وصناع معرفة وثقافة ، وحرى أن نأتى بشهادة مؤرخ قديم غير مصرى هو " ديودر الصقلى " الذى عاش فى الإسكندرية فى القرن الأول ق . م ، حيث يدلى بشهادته " إن الفرس بقيادة قمبيز أشعلوا النيران فى كل معابد مصر وحملوا معهم كل الكنوز الى أسيا ، واقتادوا عمالآ مصريين لبناء القصور الشهيرة وبعض المدن فى مديا " . وكان الحدث الأكبر الذى قطع الحبل السرى الواصل بين ثقافة المجتمع كمؤسسة وبين أبناء المجتمع حين أصدر كل من الامبراطور الرومانى " ثيودروسيوس " فى القرن الرابع الميلادى ، ومن بعده " جوستنيان " فى القرن السادس الميلادى مرسوما بإغلاق المعابد المصرية وتحريم تعاليمها وتجريم العبادة أو تلقى العلم بها أى تسريح المؤمنين والقضاء على النظام الثقافى الاجتماعى ، وكان هذان القراران المحاولة الرسمية السافرة لإلغاء الذاتية الثقافية المصرية لتبقى مجردة من كل مقومات البقاء والتطور فى استقلال ، ومن الفاعلية المتميزة ، كما كان هذان القراران إيذانآ بأن يقوم المسيحيون المتعصبون بتدمير المعابد واضطهاد الكهنة والعلماء المصريين . مما أدى الى طمس ذاكرة المصريين التاريخية طوال عصور الاستبداد والانحطاط التى فرضت على الشعب المصرى وبلغت قمتها تحت نيران الحكم العثمانى .
#فتحى_سيد_فرج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علوم جديدة... وتعليم مغاير
-
لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟ 8 من 8
-
لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟ 7 من 8
-
لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟ 5 من 8
-
لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟4-8
-
لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟ 3 من 8
-
إشكالية النهضة عند الطهطاوى
-
قراءات ورؤى حول مشروع النهضة
المزيد.....
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
-
مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|