أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فتحى سيد فرج - علوم جديدة... وتعليم مغاير















المزيد.....

علوم جديدة... وتعليم مغاير


فتحى سيد فرج

الحوار المتمدن-العدد: 1631 - 2006 / 8 / 3 - 11:09
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



فى نهاية القرن العشرين كانت الصورة العلمية تقف عند حدود العلم الاختزالي ، استنادا الى القاعدة الثانية من قواعد منهج العلم الحديث عند ديكارت : " لتبسيط دراسة أي مشكلة أو ظاهرة يجب تقسيمها الى أجزاء ليسهل دراستها " ، وقد ساهم ذلك فى التقدم العلمى خلال القرون الماضية ، وكان من الطبيعى أن تدرس العلوم فى المدارس والجامعات من خلال تقسيم نمطى الى ، الفيزياء ، والكيمياء ، والبيولجى ، والفلك ، والرياضيات ، وهلم جرا . وهذا التقسيم ليس من الخصائص الأصلية للطبيعة ولكنه تقسيم اختيارى من صنع الإنسان ويتغير بتغير مستوى وعيه ، وتوضح لنا أوجه التقدم الحديثة فى المجال العلمى ظهور مفهوم جديد لدراسة الظواهر العلمية يقوم على أساس ترابط الطبيعة ، فإذا كانت معرفة الكل لا تتم إلا بمعرفة أجزائه ، فان معرفة الجزء لا تتأتى ما لم يدرك الكل الذى يحتويه ، فالكل ليس مجرد جمع رياضى لخصائص أجزاءه ـ فخصائص الماء ليست مجموع خصائص مكوناته من ، الهيدروجين + الأوكسجين ـ لذلك ظهر مفهوم " التفكير المنظومى " لرفض الفصل التعسفى بين العلوم خاصة بين العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية ، ويمكن تصور العديد من المنظومات الطبيعية والمصنوعة ، وقد أدى ذلك إلى نقلة كبيرة فى تقدم الاكتشافات العلمية وإمكانية تطبيقها
تضاءل الفترة بين الاكتشاف العلمى وتطبيقه ، فالمتتبع للتطور الذى يحدث فى العالم ، يجد أن هناك تسارعا فى الخطى بشكل مطرد فى الاكتشافات والاختراعات العلمية ، فعلى سبيل المثال استغرق الاكتشاف العلمى للتصوير الفوتوغرافي 112 عاما لتطبيقه ، بينما استغرق التليفون 56 عاما ، أما الراديو فقد استغرق 35 عاما ، والرادار 15 عاما ، والترانزستور 5 سنوات ، أما الدوائر المتكاملة فقد استغرقت 3 سنوات فقط .
ارتقاء دور الآلة واكتسابها بعض صفات الإنسان ، فميتشيو كاكو Michio Kaku يذكر فى كتابه " رؤى مستقبلية . كيف سيغير العلم حياتنا فى القرن الواحد والعشرين " أن تطور الكمبيوتر ضمن إطار تاريخى أوسع يمكن تقسيمة إلى ثلاثة أطوار متميزة أو أكثر : لقد سيطر على الطور الأول الكمبيوتر المركزى الذى تميز بضخامته ، وكانت نسبة توفره تمثل كمبيوتر لكل مائة عالم حتى بداية السبعينيات من القرن العشرين ، أما الطور الثانى فقد صمم عام 1972 ، وهو أول كمبيوتر شخصى ولكنه كان صعب الاستخدام لصعوبة وتعقد أوامر التشغيل ، وجاء الطور الثالث فى بداية التسعينيات الذى تميز بسهولة الاستخدام ، واتساع الانتشار ، ويمكننا توقع مستقبل تكنولوجيا الكمبيوتر خلال السنوات الخمس والعشرين القادمة بحيث سيتوفر مائة كمبيوتر لكل شخص ، بل انه يؤكد أنه سيوزع بالمجان ، وسيكون موجود فى كل مكان من معداتنا ، وملقى فى المهملات كالورق حاليا ، هذا من ناحية العدد ، أما من ناحية الإمكانيات فهناك من يقول أن التقدم التكنولوجى للكمبيوتر اخذ يتسارع بما لا يمكن ملاحقته ، فلقد تشكلت ما يمكن تسميته " البيئة الالكترونية" التى أخذت تغير العلاقة بين المخلوقات والمصنوعات ، هذا بالإضافة الى طريق المعلومات السريع " الانترنت " الذى سيساهم فى تغيير حياتنا نحو الأفضل من خلال أشكال جديدة وعديدة يمكن الإشارة إلى بعضها باختصار ، مثل أمكانية أن نؤدى أعمالنا ونحن فى منازلنا ، والإطلاع على كل ما يجرى بالعالم فى التو واللحظة ، ومعرفة كل ما نريد من العلوم والفنون ، والجمع بين الناس من شتى مناطق العالم وتبادل الأفكار والتصورات والاتفاق أو الاختلاف حولها ، والتمتع بالتسوق من السوق الالكترونية من خلال اختيارات متعددة ومفتوحة على كل ما ينتج فى العالم ووفقا لرغبات الزبون ، وإمكانية التعامل فى الأسهم والسندات من خلال تحليلات مالية
تحقق أعلى الأرباح ... ألخ ، فشبكات الانترنت سيكون مجالها الكوكب كله ، ومادتها مجموع المعرفة الإنسانية بالكامل ، وجمهورها كل من يتوفر له الوصول إلى جهاز كمبيوتر حتى وأن لم يكن يمتلكه .
مستقبل العلم الجديد
بحلول نهاية القرن العشرين حدث تحول كبير ، فقد وصل العلم الى نهاية حقبة ، وبداية حقبة جديدة . فقد أدى التوصل الى القوانين الأساسية للمادة ( نظرية الكم ) وقوانين الحياة ( البيولوجيا الجزئية ) وتطور تكنولوجيا الكمبيوتر ، وشكلت هذه العناصر الثلاثة أعمدة العلم الجديد ، فتحطم نواة الذرة واكتشاف أسرارها ، وفك شفرة نواة الخلية ، وتطوير الكمبيوتر ، والأهم من كل ذلك الترابط بين هذه العناصر وضعنا أمام عتبة ثورات علمية جديدة .
· فإذا كانت المعرفة البشرية فى العقود الأخيرة أخذت تتضاعف كل عشر سنوات ، فقد خلف لنا العقد الأخير من القرن العشرين معرفة علمية أكثر مما خلفه التاريخ البشرى كله .
· وتتضاعف قدرة الكمبيوتر كل 18 شهرا ، إما الانترنت فتتضاعف مرة كل عام .
وكل ذلك أدى الى انقلاب فى الصناعة ، والتجارة ، والخدمات ، وأساليب الحياة بأكملها ، والى نشوء أشياء لم نكن نراها من قبل .
الثورات العلمية الثلاث
كانت ثورة الكم هى أولى ثورات القرن العشرين ، وأكثرها أساسية ، فقد ساهمت فى زرع بذور الثورتين الأخيرتين . فاعتبارا من عام 1925 أطلقت موجة عارمة من الاكتشافات العلمية بفعل ما توصل إليه ( أرفين شرودنجر) و (فيرنر هايزنبرج) وآخرون ، والتى مكنتنا من فهم قوانين المادة ، وفى بداية القرن الحادى والعشرين فتحت أمامنا الباب للتحكم فى المادة وتصميم أشكال جديدة منها حسب رغبتنا تقريبا .
واعتبارا من 1948 اكتشف العلماء الترانزستور ، الذى جعل الكمبيوتر الحديث ممكنا ، وبعد عـقـد اكتشف الليزر الذى مكننا أيضا من بناء شبكة " الانترنت " وكان الترانزستور والليزر من نتائج ثورة الكم .
وبوحى من كتاب شرودنجر " ما هى الحياة ؟ " تمكن علماء من اكتشاف جزيء DNA مما سمح لنا أن نقرأ الشفرة الو راثية للحياة . ومع إن نظرية الكم ساعدت على إطلاق الثورتين الأخيرتين إلا أنهما نمتا بمعزل عنها ، وكل منهما بمعزل عن الأخرى ، وكانت كلمة السر فى ذلك هو التخصص ، حيث انغمس العلماء فى فروعهم الدقيقة متجاهلين ـ باستعلاء ـ التطورات فى الفروع الأخرى ، ولكن فترة التخصص قد ولت ، فقد صادف كل تخصص عقبات لم تجد حلا لها إلا عند فروع وتخصصات أخرى . فالقرن الحادى والعشرون ـ خلافا للقرون الماضية ـ سيتميز بالتضافر والتلاقح بين حقول العلم ، مما يعد تحول فى تاريخ تطور العلوم ، سيعطينا قدرة لا سابق لها على التحكم فى المادة والحياة والذكاء ، فمن الصعب أن يكون هناك باحث أو عالم فى المستقبل دون أن يكون له معرفة بالحقول الثلاثة .
وإذا كانت ثروة الأمم فى القرون الثلاثة السابقة تتمثل فى الموارد الطبيعية الغنية ، وتراكم رأس المال . فان العلماء يؤكدون أن ذلك سوف يتغير بشكل رئيسى ، وسيكون للقدرات العقلية والخيال والابتكار ، وتنظيم التكنولوجيات الحديثة الدور الأكبر فى إنتاج الثروات ـ وهذا لن يتحقق إلا من خلال تعليم وتعلم جيد ، بطرق وأساليب مغايرة عما يحدث الآن فى مصر ، رغم كل ما يقال عن تطبيق قواعد الجودة والتطوير والمعايير ـ فـفى الواقع فان الدول التى تمتلك ثروات طبيعية ، ستجد أن ثرواتها ستنخفض من خلال هبوط أسعار المواد الأولية التى شهدت انخفاضا يصل الى 60% فى الفترة من السبعينيات الى التسعينيات ، وستهبط بنسبة 60% أخرى بحلول 2020، وحتى رأس المال سيتحول الى بضاعة تنتقل الكترونيا بسرعات فائقة ، وفى القرن الحادى والعشرين ستزدهر دول لا تملك مصادر طبيعية ، وستوفر استثمارات من رأس المال الطائر، لأنها وضعت أولويتها فى التكنولوجيات التنافسية من خلال المعرفة والمهارات التى سوف تعتبر وحدها مصدر له الأفضلية فى العصور القادمة . والمؤكد إن الثورات العلمية الثلاث أصبحت مفتاح التقدم العلمى ، وقد تصعد دول أو تهبط أخرى نتيجة قدرتها على التعامل مع ذلك .
تــعــلـيـم مـغـايــر
الدول النامية والتى لم تدخل هذا العالم الجديد فرصة وحيدة ومدخل لا غنى عنه للارتقاء إلى المستوى الذى يؤهلها للدخول لهذا العالم الجديد هو التعليم بل التعلم الجيد ، وضرورة التخلى عن الأساليب والنظم العتيقة التى لا تستطيع التواصل مع مفاهيم هذه العلوم الجديدة ، وكذلك ضرورة القضاء على العديد من السلبيات المتراكمة والتى تعوق تطور أمام النظم التعليمية بما يتواكب مع هذه التغيرات ، ولن يتحقق ذلك إلا بتوفر تمويل كبير جدا وتخصيص نسبة كبيرة من موازناتها السنوية لتحقيق الجودة الشاملة وتطبيق معايير الجودة لكل عناصر ومكونات المنظومة التعليمية بما يحقق المستويات الآتية :
· تغيير محتويات المقررات الدراسية بما يتلائم مع مفاهيم المنظومة العلمية الجديدة .
· انتهاء عصر التلقين ، والمعليم يجب أن يكون مجرد ميسر يحفز التلاميذ على الوصول للمعرفة من خلال البحث ، واكتساب المهارات بذاتهم .
· انتهاء عصر الوظيفة الدائمة ، والثبات المهنى . فالشهادة لم تعد مسوغ وحيد للتعيين ، ولكن الخبرات والمهارات وإتقان العمل من خلال استمرار التعلم والتدريب طوال الحياة
· ضرورة الاستفادة من تطورات المعارف والنظريات التربوية والتقارير الدولية خاصة تقرير هيئة اليونسكو للقرن الجديد والمعنونة " التعليم : ذلك الكنز الكامن " والذى يخلص إلى
التعلم لنعرف : بتكوين معارف عريضة توفر فرص عمل متجددة .
التعلم لنعـمل : نتعلم لنكتسب مهارات متجددة من خلال الاهتمام بالتدريب التحويلى والتعلم
المستمر لمواكبة متغيرات سوق العمل ، ولنعمل فى فرق وبالمشاركة مع
منظمات المجتمع المدنى .
نتعلم العيش معـا : نتيجة فهمنا للآخر ، والاعتماد المتبادل ، واحترام التعددية ، وتحقيق السلام .
نتعـلم لنكون : من خلال تنمية الشخصية الفردية ، والاستقلال الذاتى ، ومهارات الاتصال .
من اجل كل ذلك لابد من جودة التعليم وتفعيل الجودة وتطبيق المعايير لاستمرار البقاء والوجود فى هذا العالم سريع التغير . هذا . وأما الخروج من التاريخ

رؤى مستقبلية
قدم ميتشيو كاكو تنبؤات للتطور العلمى ستتم عبر مراحل ثلاثة : المرحلة الأولى من عام 1998 وحتى عام 2020 والمرحلة الثانية من 2020 الى 2050 والمرحلة الثالثة من 2050 وحتى نهاية القرن الحادى والعشرين .
فى المرحلة الأولى : سيحدث انفجار لم يسبق له مثيل فى النشاط العلمى ، من خلال التطور فى مجالى الكمبيوتر وتكنولوجيا العلوم الحيوية .
فبالنسبة للكمبيوتر ووفقا لمعدل النمو الهائل كميا بواسطة قانون مور الذى ينص على أن طاقة الكمبيوتر ستتضاعف مرة تقريبا كل 18 شهرا ، بسبب القدرة على نقش شرائح سيليكونية بترانزستورات سوف تزداد صغرا باستمرار ، مما سيؤدى الى تصنيع حواسب أحدث وأرخص ، وبحلول 2020 ستكون الكمبيوترات أرخص من الورق ، وسيتم توزيعها فى كل شىء خالقة ما يسمى " البيئة الالكترونية " وأيضا سوف يساعد الانترنت فى توصيل الكون بأكمله من خلال ملايين الشبكات خالقة " كوكبا ذكيا " يتوفر من خلالها لكل فرد إمكانية التعرف على كامل الخبرة البشرية من المعرفة والحكمة المتراكمة منذ بداية التاريخ المكتوب . وعندما تصغر عناصر الشريحة الالكترونية الى مستوى حجم الجزيئات فسوف ينتهى العصر الاسطورى للسليكون ، وهذا سيشكل بداية لتدخل قوانين فيزياء الكم لاكتشاف أساليب جديدة للتعامل على مستوى جزيئات المادة ( هذا ما يتحدث عنه د . محمد النشائى من إمكانية تصنيع سفن وطائرات ومعدات طبية صغيرة جدا تستطيع السباحة داخل الأوردة والشرايين البشرية ) .
إما التكنولوجيا الحيوية فستشهد منحنى مدهشا ، بفضل تضافر البحث البيوجزيئى مع الكمبيوتر و باستخدام الإنسان الآلى ، من أجل أتمتة عملية تسلسل DNA لآلاف الكائنات الحية من نباتات وحيوانات ، ورسم خريطة كاملة لمكونات الحياة على كوكب الأرض ، وإمكانية نقل الجينات من هنا وهناك ، وتعديل وربما تخليق صفات و راثية جديدة ، وسيكون لكل ذلك معان عميقة فى تطوير أشياء كثيرة ، وسيتقدم الطب بتطور معرفتنا بالبناء الجزئي للخلية بحيث نتمكن من تربية أعضاء كاملة داخل المعامل ، بما فى ذلك الكلى والكبد .
المرحلة الثانية : أن التنبؤ بالنمو السريع بعد عام 2020 قد يستمر رأسيا بشكل لا نهائي ، ولكن حتما سيصطدم باختناقات ويصادف عقبات ضخمة بسبب محدودية شريحة السيليكون ، وسنضطر أخيرا الى ابتكار تكنولوجيات جديدة لم تكتشف بعد من أجهزة كمبيوتر بصرية أو جزيئية ، وإذا أمكن التغلب على هذه الصعوبات ، فقد يمكن الدخول الى أنواع أخرى مبنية على تحكم لإنسان آلي حقيقى يفهم لغة البشر ، ويدرك الأجسام ويتحكم فيها ، يتعلم من أخطائه وله قدرة على التمييز السليم ، ومن المحتمل أن يغير هذا التطور علاقتنا بالآلات الى الأبد .
وبالمثل فستواجه التكنولوجيا الحيوية مجموعة من المشاكل ، وسيتحول التركيز عن تسلسل DNA الى فهم الوظائف الأساسية للجينات ، ويمكن التعرف على ملايين الجينات التى لا نعرف وظائفها ، وكذلك التفاعل المعقد بين الجينات الذى قد يحل شفرة بعض الأمراض المزمنة ، كما يمكن الوصول إلى استنساخ البشر ، وعزل جينات العمر التى تتحكم فى تقدم السن ، سامحة لنا بأن نمد فى حياة الإنسان .
ونتوقع أيضا الوصول إلى تكنولوجيات مدهشة تختمر فى مختبرات الفيزياء ، وستكون ثمارها أجيال من الليزرات وأجهزة تلفزيون ثلاثية الأبعاد ، والى الاندماج النووى ، وقد نجد الموصلات الفائقة التى تعمل عند درجة الحرارة العادية ، مما سيولد ثورة صناعية ثانية . وستنجح نظرية الكم فى القدرة على تصنيع آلات بحجم الجزيئات ، وبالتالى تقدم نوعا جديدا تماما من الآلات بمواصفات لم تعرف من قبل تدعى " النانوتكنولوجى " وربما نصل الى بناء محركات صاروخية أيونية قد تجعل السفر بين النجوم أمرا شائعا .
المرحلة الثالثة من 2050 وحتى نهاية القرن : أي تنبؤات لها هذا البعد قد تكون غامضة وغير واضحة ، إلا أنها احتمالية بدرجة عالية من خلال تكنولوجيات جديدة ، فقد يتطور الإنسان الآلي إلى درجة تمكنه من اتخاذ قرارات مستقلة ، وقد نصل عن طريق التطور فى تكنولوجيا الجينات الى نقل عديد منها من كائنات الى كائنات أخرى متيحة لنا أن نزيد من إمدادات غذائنا ، والتحكم فى صحتنا عن طريق تكييف التكوين الجسدى وربما العقـلى لأطفالنا ، وقد يصل الأمر إلى ابتكار أنواع جديدة من الكائنات العضوية .
وسيكون تأثير نظرية الكم قويا خاصة فيما يتعلق بإنتاج الطاقة ، فقد نتمكن من رؤية بدايات الصواريخ التى يمكنها أن تصل إلى النجوم القريبة ، ووضع خطط لتشكيل المستعمرات الأولى فى الفضاء .
ويرى بعض العلماء تقاربا أكبر للثورات الثلاث ، عندما تقدم لنا نظرية الكم دوائر ترانزستور وآلات كاملة بحجم الجزيئات ، متيحة لنا أن ننسخ النماذج العصبية للدماغ على كمبيوتر ، وخلال هذه الحقبة سيفكر العلماء جديا فى مد فترة الحياة عن طريق تربية أجسام وأعضاء جديدة بواسطة التحكم فى تشكيلتنا الجينية ، أو حتى الاندماج مع مخلوقات جديدة .
نحو حضارة كونية
بمواجهة ثورة علمية بهذا الحجم المذهل يطرح العلماء سؤالا مهما : الى أين نتوجه بهذه السرعة ؟ وإذا كانت حقبة من العلم تنتهى ، وحقبة أخرى على وشك البدء ، فإلى أين سيقودنا هذا كله ؟ وهم يمسحون السماء بحثا عن دلائل لحضارات غير أرضية ، فهناك 200 مليون نجم فى مجموعتنا الشمسية فقط ، وتريليونات المجرات الفضائية الأخرى ، وبدلا من إضاعة ملايين الدولارات فى البحث العشوائى فى كل هذه النجوم ، حاول العلماء تركيز جهودهم على وضع تصور نظرى عن خصائص ومميزات استخدام الطاقة فى الحضارات المتقدمة ، وتوصلوا الى تصنيف يفترض وجود ثلاث مستويات حسب طريقة استخدام الطاقة .
ووفقا لهذا التصور فأن حضارة النوع الأول تحكمت بكل أشكال الطاقة على كوكبها ، واستطاعت تعديل الطقس ، ووصلت الى استخلاص الطاقة من مركز كوكبها ، ويعنى هذا بالضرورة أنها تخلصت من معظم الصراعات الدينية والطائفية والوطنية والمذهبية كى تصل الى حضارة كوكبية حقيقية .
أما حضارة النوع الثانى فاحتياجات سكانها من الطاقة قد فاقت حدود كوكبهم ، ووصلوا الى التمكن من السيطرة على طاقة شمسهم ، كما أنهم قد بدأوا باكتشاف أنظمة النجوم المجاورة لهم ، وربما استعمروها .
أما حضارة النوع الثالث فأن سكانها قد انتهوا من استهلاك الطاقة الناتجة من نجمهم ، وأخذوا يحصلون على الطاقة من مجموعات النجوم المجاورة ، بحيث أصبحت حضارة مجرة . إن هذا النظام فى تصنيف الحضارات قد يكون معقول لأنه يعتمد على المصدر المتاح للطاقة ، وبالتالي سنجد ثلاث مستويات من الحضارات ، حضارة كوكبية تستمد طاقتها من جميع مصادر الكوكب ، وحضارة أخذت تستمد طاقتها من محيط نجمها وهى حضارة نجمية ، وحضارة وصلت الى استخدام طاقة مجرتها وهى حضارة تستطيع التجول عبر الكون الفسيح .
فى النهاية نستطيع أدراك أننا نحن البشر على كوكب الأرض لم نبلغ بعد أى مستوى حضارى ، وأننا فى حضارة من النوع " صفر" أي ما قبل الحضارات ، فنحن ما نزال نستخدم الكائنات الميتة والمطمورة تحت سطح الأرض ( الفحم الحجرى ، النفط ، والغاز الطبيعى ) للحصول على الطاقة ، وعلى هذا المستوى الكوكبي فنحن مثل أطفال نخطو خطواتنا الأولى الثقيلة والمترددة فى المكان والزمان ، قد تخلق الثورات العلمية والمعلوماتية أواصر كوكبية ، بعد التمكن من تحطيم المصالح الصغيرة والمحلية خالقة ثقافة كونية ، وكما جعلت آلة الطباعة التى اخترعها جوتنبرج الناس مدركين لعوالم أبعد من قراهم ومزارعهم ، فان ثورة المعلومات تبنى وتصهر ثقافة كونية . وهذا يعنى أن رحلتنا المتجهة نحو العلم والتكنولوجيا ستقودنا يوما الى أن نتطور لحضارة حقيقية من النوع الأول ، أى حضارة كوكبية تبسط سيطرتها على قوى كوكبنا ، أما التقدم نحو حضارة كونية فسيكون بطيئا وسيتم على مراحل ، وعبر تراجعات وانحرافات ، ولكن يبقى أن طريق العلم هو السبيل الوحيد لاستمرار بقاء الجنس البشرى على قيد الحياة فى أى مستوى حضاري يكون .



#فتحى_سيد_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟ 8 من 8
- لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟ 7 من 8
- لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟ 5 من 8
- لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟4-8
- لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟ 3 من 8
- إشكالية النهضة عند الطهطاوى
- قراءات ورؤى حول مشروع النهضة


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فتحى سيد فرج - علوم جديدة... وتعليم مغاير