أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سعد سوسه - العلاقات العمانية – البرتغالية وأهم ميادين الصراع (1650-1730)















المزيد.....

العلاقات العمانية – البرتغالية وأهم ميادين الصراع (1650-1730)


سعد سوسه

الحوار المتمدن-العدد: 6876 - 2021 / 4 / 22 - 11:55
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


كان اتجاه اليعاربة ناحية البحر ضرورة إستراتيجية فرضتها الثوابت التاريخية والجغرافية ، بحكم موقعها المهم ومنذ البداية ادرك ائمة اليعاربة ان قوة عمان تستلزم اسطولاً بحرياً قوياً يتصدى للأسطول البرتغالي .
ان المعارك التي خاضها العمانيون في عهد مؤسس دولتهم ، ناصر بن مرشد ضد البرتغاليين ، اقتصرت على البرّ لاستعادة الموانئ والسواحل العمانية. ولا شك في انه فكر في بناء اسطول من غنائم الحرب ، ليستأصل الوجود البرتغالي من بقية سواحل عمان والخليج العربي ، ويسيطر على تجارة عمان الخارجية الا ان المنية وافته قبل تحقيق هدفه .
الا ان نقطة الانطلاق في التطور الكبير الذي شهدته البحرية العمانية ، كانت في عهد الامام سلطان بن سيف الاول الذي ادرك ان معركة مسقط ستكون فاتحة لصراع مصيري مع البرتغاليين .
بادر العمانيون الى بناء سفنهم ، وتبنوا طرازا جديدا من السفن الحربية ، يكون بمقدره مواجهة القلاع الطافية للعدو ، وقد افادتهم السفينتان البرتغاليتان ، اللتان تم الاستيلاء عليهما خلال معركة مسقط ، خبرة في وسائل بناء الطراز الجديد من السفن ، بتثبيت الواح ابدانها بالمسامير ، بدلا من الاسلوب التقليدي بخياطتها بالحبال وجعلوا لها فتحات للمدافع ، ورفعوا على اسطحها الصواري ذات الأشرعة المربعة ، الى جانب تحوير السفن المحلية بما يلائم الغرض الجديد .
ويبدو ان القوة التي وصل اليها الاسطول العماني ، الذي بناه الامام سلطان ، قد استغرقت حوالي عقدين من الزمن ، وجديد هذه المرحلة الاستعانة بعدد من السفن الاوربية الحديثة ، سواء عن طريق شرائها ، ام الاستيلاء عليها ، ام تأجيرها .
وتشير بعض المصادر الى ان تطور البحرية العمانية ، بهذه الصورة المذهلة ، لا يمكن ان يكون مصدرها السفن ، المصنوعة في عمان فقط ، ولا السفن المشتراة من الانكليز والهولنديين ، وانما كانت هناك سبل اخرى ، منها سورات التي كانت مركزا لصناعة السفن التي استخدمها العمانيون ، ومنطقة حوض السند ، فضلا عن اماكن اخرى لم تكن معروفة للاوربيين .
وقد عزا بعض المؤرخين التفوق الذي وصلت اليه البحرية العمانية ، ولا سيما زمن الامام سلطان وابنه سيف ، الى علاقتهم الوثيقة ببعض امراء الهند ، اذ ضمن ائمة اليعاربة جلب الاخشاب اللازمة لبناء السفن ، فضلا عن عقد اتفاقيات بين اليعاربة وحاكم مقاطعة بجو الهندية ، ولعل ذلك ما دفع جون مالكولم John Malcolm الى الاعتقاد بان احسن الوسائل للقضاء على القوة البحرية العمانية ، هي قطع الصلة بين عمان وامراء الهند .
بدأ الاختبار الفعلي لقوة الاسطول العماني منذ عام 1651 ، وضمن المحاولات البرتغالية لاستعادة مسقط ، اذ كتب نائب الملك ، في رسالة بعثها الى ملك البرتغال جوان الرابع، في الاسبوع الاخير في شهر كانون الاول ، عام 1651 ، يقول : "لقد اصبح العرب مكتفين ذاتيا ، وواثقين من انفسهم ، بحيث يتطلب الامر ارسال اسطول ضخم جدا لتحقيق غايتين : سحقهم ، وتأمين مياه المنطقة ، والحيلولة بينهم وبين الوصول الى ممباسا ، التي اصبح من اليسير عليهم الوصول اليها ، وثانياً عدم اتاحة الفرصة للحكام الاخرين في الجوار للسير على منوالهم" .
وبعد سلسلة ضربات متوالية سددتها على المواقع البرتغالية غرب الهند وشرق افريقيا ، اصبحت قوة الاسطول العماني ذات تاثير مهم في منطقة الخليج العربي ، حيث غدا العمانيون يوصفون بانهم اسياد الملاحة والتجارة .
مثلت سنوات حكم الامام سلطان الاول ، مرحلة تطور ونهضة لعمان اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا ، وبفضل الاسطول العماني البحري نشطت التجارة ، وعادت مسقط ، التي حلت محل هرمز ، اهم موقع تجاري وميناء توزيع لموانئ الخليج العربي الاخرى .
وكان الامام قد وظّف ، بعد تحرير مسقط من البرتغاليين نهائيا عام 1650 ، عددا من السفن البرتغالية ، المستولى عليها ، للتجارة مع الهند وشرق افريقيا ، لجلب الذهب والعاج والشب والكبريت والعبيد .
ويذكر باثرست، ان الاسطول العماني مارس نشاطاً متميزاً في التجارة زمن الامام سيف سلطان (1692-1711) اذ سيطر الاسطول التجاري العماني على الطرق المؤدية الى الخليج العربي ، ومارس حقوق جباية الرسوم الكمركية ، مما انعش اقتصاد البلاد ، التي اصبحت تعيش في رفاهية، واصبحت مسقط المدينة التجارية الاساسية .
وبالعودة الى ما حققه الاسطول العماني ، في عهد خليفة الامام سلطان بن سيف بلعرب بن سلطان (1679-1692)، فان تقدماً واضحاً قد حصل ، وقد كتب احد المعاصرين في عام 1689 يقول : "ان اهل مسقط يزيدون يومياً قواتهم البحرية… بتجهيز سفن قوية وكبيرة الحمولة . قبل سنتين فقط ، قاموا ببناء سفينة قوية وجيدة في سورات ، وهي ذات حمولة اكثر من الف طن ، وتحمل مالا يقل عن مئة مدفع" .
وفي عهد شقيقه سيف بن سلطان تعددت شهادات المراقبين في وصف البحرية العمانية ، اذ استطاع سيف حسم الصراع بها ضد البرتغاليين في الخليج وشرق افريقيا. واصبحت قوة الاسطول البحري اليعربي ، قوةً يشار اليها بالبنان ، إذ ضمت بحارة مهرة من العرب والهنود ومن الاوربيين ايضاً ، ووصلت قوة الاسطول الى درجة ان بروس Bruce كتب عنها يقول: "كانت قوة العرب في مسقط في هذا الوقت ، من ناحيتي الشحن والقوى البشرية ، قوية جدا ، لدرجة تثيرُ الرعب من انهم سيضعون يدهم على الخليج كله" .
كما ذكر لوكير Lockyer سنة 1705 : "لقد طور العرب مسقط منذُ ان انتزعوها من ايدي البرتغاليين … لقد كانوا في حرب مع البرتغاليين – وكانت سفنهم تزداد يوميا ، فقد
بنوا عدة سفن كبيرة في سورات ، وبعض السفن في نهر السند ، الذي كانت معلومات الاوربين عنه قليلة جدا . وكانت هناك اربعة عشر سفينة لنقل المقاتلين ، وعشرين سفينة تجارية، … وكانت احدها تحمل سبعين مدفعاً ، ولم تكن بينها ما تحمل اقل من عشرين مدفعا ، وان
موانئهم قريبة من بعضها البعض . وان هناك خمس عشرة ، او ست عشرة سفينة، … في الخارج ، ويتوقع ان تعود الى البلاد في غضون اسبوعين … وسفنهم عامة مجهزة برجال ذوي خبرة" .
كما ذكر الدكتور روي فرير Ruy fryer ، الذي زار الخليج العربي في عهد سيف بن سلطان ، ان العمانيين اكتسبوا امكانات بحرية كبيرة ، وان نشاطهم البحري قد هدد بندر عباس، لدرجة ان الفرس طلبوا من الانكليز الابقاء على اسطولهم لحماية المدينة واجيب طلبهم .
ادت هذه الغارات العمانية ، بالوكيل الانكليزي ، في بوشهر برنجوين Brangwin الى ان يتنبأ "بان العمانيين قد يصبحون طاعونا في الهند ، كما كان المغاربة طاعونا في اوربا" .
ان الضربات الشجاعة التي وجهها ائمة اليعاربة ادت الى اضعاف الوجود البرتغالي في الشرق ، الامر الذي دفع بهم ، للتغطية على عجزهم ، بالتشكيك في القدرات الذاتية للعمانيين، ومن ثم تصوير انتصاراتهم ، على انها نتيجة المساعدات التي كانوا يتلقونها من الانكليز والهولنديين يؤكد ذلك ما ورد في رد الملك البرتغالي على رسالة نائبه في الهند دوم بيدرو انتوينودي فيلا Dom Antonio de villa في الاول من اذار عام 1697 وجاء فيه :
"… إطّلعتُ على ما جاء في رسالتك بشأن الانكليز وكيف انهم يساعدون عرب مسقط ، ويرسلون اليهم المقذوفات والبارود، وجميع المواد اللازمة لتجهيز سفنهم، وسماحهم لهم ، برفع الراية الانكليزية ، وتوظيف البحارة الانكليز" .
وفي الواقع ان اليعاربة ، في صراعهم مع البرتغاليين، حاولوا تجنب اثارة الانكليز والهولنديين قدر الامكان، الذين ابتعدوا بدورهم عن التورط في الاشتباك مع هذه القوى المحلية، وهم يواجهون البرتغاليين عدوهم المشترك ، ولكن ذلك الامر لم يمنع، في حالات نادرة، تعرض سفن انكليزية وهندية، لهجمات السفن العمانية .
وبتولي سلطان بن سيف الثاني الامامة ، ما بين عامي (1711و 1718) ، شهد عهده قمة التفوق الملاحي العماني ، فزاد من قوة الاسطول البحري ، الذي شنّ المزيد من الغارات على المواقع البرتغالية ، ويذكر هاملتون ان قوة الاسطول العماني تمثلت : "بسفينة ذات اربع وسبعين مدفعاً واثنتين ذواتي ستين مدفعا ، وواحدة ذات خمسين مدفعاً و ثماني عشرة تحمل كل واحدة منها ثلاثة عشر مدفعا ، ومجموعة من السفن الصغيرة التي تحمل كل منها ما لا يقل عن اربعة مدافع"
ويذكر السالمي ان قوة الاسطول العماني ، في الحقبة ذاتها ، تقدر بما بين اربع وعشرين، الى ثمان وعشرين سفينة حربية تحمل اكبرها، وتدعى الملك ، ثمانين مدفعاً
ضخماً .
وبفضل خبرتهم البحرية ، فرض العرب نفوذهم على السواحل البحرية الممتدة من راس قمران حتى البحر الاحمر ، واصبحت عمان اعظم قوة بحرية ، غير اوربية ، غرب المحيط الهندي ، وبلغ اسطولها اوج عظمته خلال العقدين الاولين من القرن الثامن عشر .



#سعد_سوسه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصراع اليعربي – البرتغالي المسلح على الساحل الغربي للهند ج ...
- الصراع اليعربي – البرتغالي المسلح على الساحل الغربي للهند
- الصراع العماني – البرتغالي في شرق افريقيا
- تحرير الموانئ العمانية
- المقاومة العربية للغزو البرتغالي في الخليج العربي
- الغزو البرتغالي لموانئ ساحل عمان 2
- الغزو البرتغالي لموانئ ساحل عمان
- دخول العراق عصبة الامم
- انتعاش الامامة وانتخاب ناصر بن مرشد اماما وجهوده لتوحيد البل ...
- الامام سلطان بن سيف وانهاء الوجود البرتغالي في سواحل عمان :
- نشوء دولة اليعاربة
- مفهوم المادية
- سياسة بريطانيا ومواقف المؤسسة الدينية من التطورات السياسية ا ...
- قران المسلمين
- دور بريطانيا في قرار الحكومة العراقية بنفي علماء المؤسسة الد ...
- دور بريطانيا في قرار الحكومة العراقية بنفي علماء المؤسسة الد ...
- سياسة بريطانيا تجاه موقف المؤسسة الدينية من انتخابات المجلس ...
- سياسة بريطانيا تجاه موقف المؤسسة الدينية من المعاهدات العراق ...
- سياسة بريطانيا تجاه موقف المؤسسة الدينية من تتويج فيصل ملكاً ...
- سياسة بريطانيا تجاه موقف المؤسسة الدينية من تتويج فيصل ملكاً ...


المزيد.....




- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سعد سوسه - العلاقات العمانية – البرتغالية وأهم ميادين الصراع (1650-1730)