أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد الكريم يوسف - النزاعات المائية في الشرق الأوسط ( تركيا و العراق و سورية نموذجا)















المزيد.....



النزاعات المائية في الشرق الأوسط ( تركيا و العراق و سورية نموذجا)


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 6866 - 2021 / 4 / 11 - 01:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمة
تحلل هذه المقالة النزاعات المائية العابرة للحدود في بلاد ما بين النهرين والتي تشمل تركيا والعراق وسورية من منظور أكاديمي بحت . ويركز على مشروع جنوب شرق الأناضول Güneydoğu Anadolu Projesi (GAP) الذي تقوم به الإدارات المختلفة للحكومة التركية في العقود القليلة الماضية، ويحاول تسليط الضوء على بعض القضايا القانونية الهامة المحيطة به. في 3 تشرين الأول 2005 ، بدأت تركيا المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي (EU) للانضمام إليه كعضو كامل العضوية. وقد حاولت تركيا مراعاة القضايا الشائكة مع الاتحاد الأوروبي.
لقد أصبحت نزاعات المياه في الشرق الأوسط مؤخرًا موضوعًا شائعًا للباحثين الدوليين. كما ساهم العديد من الكتاب ، من الأكاديميين إلى محللي الاستخبارات في مختلف الدول ، بوجهات نظر لمناقشة مختلف القضايا المعقدة المحيطة بالموضوع بشكل متزايد. كرس العلماء المتخصصون في مشاكل المياه في الشرق الأوسط اهتمامًا خاصًا بالمنطقة التي يرويها نهرا دجلة والفرات وروافدهما - وهي المنطقة المعروفة باسم بلاد ما بين النهرين. وتم إصدار العديد من هذه الدراسات والأدبيات التي تمثل وجهات نظر الأطراف التي لها علاقة بالنهرين : تركيا وسورية والعراق. وبالتالي ، فإن الكثير من العمل الذي يقوم عليه هذا الكم المتزايد من الدراسات في هذا المجال يعكس التحيز الذي يمثله كل طرف من الأطراف الثلاثة .
يحاول هذا البحث تحليل النزاعات طويلة الأمد حول حقوق المياه في بلاد ما بين النهرين و تحقيق عدة أمور منها: منح القراء فهمًا أكثر اكتمالاً للنزاع الحالي حيث يتم تقديم وصف تفصيلي لوجهات النظر المتعارضة لتركيا وسورية و العراق. وثانيًا ، يتم تقييم مزايا كل جانب في ضوء الوضع الحالي للقانون الدولي العام ، مع إيلاء اهتمام خاص لرغبة تركيا المتزايدة في ممارسة سيطرة واسعة على المجاري المائية المعنية. وثالثا ، تتم دراسة ومناقشة الآثار المحتملة للمناخ السياسي المتغير في المنطقة - أي محادثات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي ، والتغيير السياسي العراقي المتعاقب ، وعدم انتهاء الحرب على سورية .
نظرة عامة عن حوض نهري دجلة والفرات( التطورات والخلافات):
تتحد أنظمة نهري دجلة والفرات (المشار إليها فيما يلي بحوض الفرات) في مجرى شط العرب المائي قبل مسافة قصيرة من مصبها في الخليج العربي ، ولهذا السبب غالبًا ما يعامل علماء المياه هذه الحالة على أنها حوض واحد في فرعين . يبدأ منبع كلا النهرين في تركيا ويتدفقان عبر الأراضي السورية أو على طولها قبل دخول العراق. بينما يتدفق نهر الفرات عبر سورية لمسافة كبيرة ، في حين لا يدخل نهر دجلة سورية وإنما يمر بمحاذاة الحدود ، و يشكل الحدود بين سورية وتركيا لحوالي 40 كم قبل دخول الأراضي العراقية . يتلقى نهر دجلة 38 في المائة من مياهه مباشرة من تركيا وحوالي 11 في المائة أخرى من الروافد التي تنشأ في تركيا. بالإضافة إلى ذلك، تساهم الروافد المتدفقة من جبال زاغروس في إيران بشكل كبير في مياه النهر .
من ناحية أخرى ، يمتد حوض الفرات عبر أجزاء من أربعة بلدان هي : تركيا (28 في المائة) ، سوريا (17 في المائة) ، العراق (40 في المائة) وإيران (15 في المائة) ومع ذلك ، تساهم تركيا بمعظم التدفق المائي في الحوض (حوالي 88 في المائة) والباقي من سورية .
ظهر الخلاف المستمر بين تركيا وسورية والعراق بشأن الوصول إلى هذه المصادر المائية نتيجة لخطط تركيا المتزايدة عن الحد المسموح به في بدء بناء مشاريع الأشغال العامة ، مثل السدود ، والتي من المحتمل أن تحرم الدول المجاورة من مواردها المائية المعتادة وحصصها التي يسمح بها القانون الدولي والاتفاقيات المتبادلة بين الدول المتشاركة في مياه النهرين . يخشى السوريون والعراقيون من أن استكمال وتشغيل هذه المشاريع وعلى رأسها المشروع الكبير المعروف باسم مشروع تنمية جنوب شرق الأناضول GAP 8 سيقلل بشكل كبير من التدفق الكلي للمياه إلى الأراضي السورية والعراقية .
يعد مشروع تنمية جنوب شرق الأناضول GAP 8 التركي من بين أكبر المشاريع التنموية في العالم ، حيث يضم ( 9( مشاريع من بينها بناء 21 سدًا و 19 محطة للطاقة الكهرومائية على نهري دجلة والفرات. تقدم الحكومة التركية عدة أسباب لإنشاء المشروع المكلف والمثير للجدل والواسع الانتشار على مساحات كبيرة . ويتمثل أحد أهداف المشروع في استخدام مياه نهر الفرات لزيادة إمكانيات الري إلى مليون هكتار من الأراضي ، مع إضافة 625 ألف هكتار إضافية بمياه نهر دجلة. والهدف الثاني من المشروع إضافة للمحاصيل الزراعية الجيدة هو إنتاج الطاقة. وبمجرد اكتمال المشروع ، سيضيف 27 مليار كيلوواط / ساعة (كيلوواط ساعي) من إنتاج الطاقة إلى تركيا. وفي نهاية المطاف ، سيدعم مشروع تنمية جنوب شرق الأناضول GAP 8 حوالي 19 في المائة من الاقتصاد الزراعي التركي إضافة إلى زيادة مقدارها 8.5 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للري اقتصاديًا في تركيا وتنتج 20.5 في المائة من الطاقة الكهرومائية في البلاد. الهدف الثالث من مشروع تنمية جنوب شرق الأناضول GAP 8 هو هدف ذو طبيعة اقتصادية - سياسية. حيث يولي المسؤولون الأتراك أهمية كبيرة لإمكانيات مشروع تنمية جنوب شرق الأناضول GAP 8 في رفع مستوى المعيشة في منطقة جنوب شرق الأناضول ، التي يسكنها الأكراد بشكل كبير وفق ما يعلن به المسؤولون الأكراد. ونظرًا لحجم السكان الأكراد ، يُنظر إلى الأكراد على أنهم الأقلية الوحيدة التي يمكن أن تشكل تهديدًا للوحدة الوطنية التركية. وعلاوة على ذلك، كانت هناك الحركة الانفصالية الكردية الناشطة في جنوب شرق تركيا منذ عام 1984. ومن الواضح أن آمال الحكومة التركية أن الاستثمار الاقتصادي والناتج المحلي الازدهار سيساعد على تخفيف حدة التوترات مع السكان الأكراد في جنوب شرق الأناضول إضافة إلى الحضور المتزايد للحكومة التركية عملا بالمقولة الغربية التي تقول إذا أردت اخضاع منطقة ما اهتم بها اقتصاديا .
حتى الآن ، هناك تسعة سدود وخمس محطات للطاقة الكهرومائية قيد التشغيل ، مع معدل إنجاز إجمالي للمشروع يزيد قليلاً عن 50 في المائة . وقد تباطأت وتيرة البناء بشكل كبير في الآونة الأخيرة بسبب أربع أزمات مالية متتالية وقعت في تركيا في العقد الماضي. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه الانتكاسات، وتأخر حاليا نسبة البناء (مما يعني زيادة قبل 19 سنة إضافية للإنجاز) فقد قررت بقايا تركيا وضع اللمسات الأخيرة على مخطط تنفيذ المشروع ، ومن المتوقع أن يولد مشروع تنمية جنوب شرق الأناضول GAP 8 كميات كبيرة من النقد الأجنبي الناجم من تصدير محاصيل جديدة ، بالإضافة إلى تصدير كميات كبيرة من الكهرباء لدول الجوار من خلال الربط الكهربائي ، مما يعزز بالتأكيد العوامل المحفزة التي نوقشت أعلاه.
لا يتطلب الأمر أكثر من مجرد فحص سريع للآثار المحتملة لمشروع تنمية جنوب شرق الأناضول GAP 8 على سورية والعراق لاكتشاف سبب اعتراض هذه الدول عليه . تقع كلتا الدولتين في اتجاه مجرى النهرالقادم من تركيا وتعتمدان بشكل كبير على مصادر المياه التي سيعرقلها مشروع تنمية جنوب شرق الأناضول GAP 8 أو يغيرها. في سلسلة من ردود الفعل التي يُعتقد أنها حتمية ، من المتوقع أن ينخفض التدفق المائي في نهر الفرات من تركيا إلى سوريا من 30 مليار متر مكعب حاليًا إلى 16 مليار متر مكعب، بينما ستستمتع تركيا بفرصة تحويل المزيد من مياه النهر للأغراض الصناعية والزراعية ، وسينخفض التدفق من سورية إلى العراق بشكل كبير من 16 مليار متر مكعب إلى 5 مليارات متر مكعب. إن فقدان نصف وثلثي إمدادات المياه العراقية والسورية ، على التوالي ، من حوض الفرات يعد من الأسباب المثيرة للقلق ، لأن هذه التخفيضات تهدد بزعزعة خطيرة لاستقرار الأمن المائي الإقليمي. وثانيًا ، هناك قدر كبير من القلق فيما يتعلق بالتدهور البيئي بالنسبة للدول المشاطئة للمصب. يقول المسؤولون العراقيون والسوريون أن جودة المياه ستتأثر سلبًا بسبب استخدام الأسمدة والكيماويات الزراعية والملوحة في تركيا. ومن الصعب التنبؤ بالتأثير الفعلي للزيادة المتوقعة من التلوث ومقدار انخفاض تدفق المياه ، وهناك احتمالية إلحاق ضرر كبير و جسيم بالشعب والاقتصاد والأراضي في كل من سورية والعراق .
وفي محاولة لتخفيف التوترات مع دول حوض النهر ، تقول بعض المصادر إن تركيا وافقت على ضمان إمدادات مائية لسورية تبلغ 500 متر مكعب في الثانية. ومع ذلك ، فشل هذا الامتياز الظاهري المعلن في القضاء على النزاع تمامًا لأنه غير واقعي في الحقيقة ، ولا تزال مشكلة المياه قائمة كمصدر للنزاع بين الأطراف المتضررة. وابتداء من أواخر الثمانينيات ، وعبر القنوات الدبلوماسية ، سعى العراقيون والسوريون إلى الحصول على تدفق مقداره 700 متر مكعب في الثانية ، بالإضافة إلى تخلي تركيا عن جميع مشاريع الري التي من شأنها أن تعرقل تحقيق هذا الهدف. ومع ذلك ، لم يتم التصديق على أي اتفاقية معاهدة نهائية تنظم تقاسم الأنهار "متعددة الجنسيات". بين الدول الثلاث.
الجوانب القانونية الدولية للنزاع المائي بين تركيا والعراق وسورية :
يقع الخلاف بشكل مباشر في مجال القانون الدولي العام لأنه يركز على تفاعل مختلف الدول ذات السيادة الايجابي وفقًا لذلك ، هناك العديد من النظريات والأدوات القانونية ذات الصلة المتاحة لتحليل النزاع المحتمل. وبعد مناقشة موجزة لهذه المصادر والمذاهب القانونية ، سنحدد أي الحلول أكثرها قابلية للتطبيق في هذه الحالة وسنذكر التبعات القانونية التي قد تنشأ عن كل منها. وسنشرح الطرق التي يمكن من خلالها زيادة التعاون بين البلدان المشاطئة في المستقبل بعد استقرار الأوضاع في سورية . أخيرًا ، وسنختتم بالتأكيد على أن ما يسمى بمبدأ هارمون للسيادة الإقليمية الذي عفا عليه الزمن وأصبح غير فعال في المناخ السياسي الحالي فتركيا تحتل جزء من الأراضي السورية في الشمال وتدخل في حرب مستمرة مع المكون الكردي بالإضافة إلى استمرار الحرب الدائرة في سورية والخلافات الدولية المتواصلة حولها ؛ ومع ذلك ، فإن هذا لا يعرض مستقبل المشروع التركي للخطر، بل يخلق الأجواء المناسبة لتركيا لتمضي قدما في المشروع. علينا أن نقر أن ما يسمى بمبدأ "الاستخدام العادل" يمكن أن يكون وسيلة قابلة للتطبيق لحل النزاع ولكن الحرب على سورية وتدخل تركيا فيها مباشرة يسمح لتركيا بمواصلة السعي وراء خطتها ، على الأقل جزئيًا.
قانون المياه الدولي بشكل عام :
تتفق كل من النظرية والممارسة القانونية الدولية على أن المسطحات المائية الموجودة حصريًا داخل سيادة واحدة هي جزء من أراضي دولة النهر التي تقع فيها. وبالتالي ، إذا كان النهر يقع بالكامل داخل حدود دولة واحدة – وأنه يوجد "بالكامل" من منبعه إلى مصبه - فإن هذه الدولة تمتلكه حصريًا. علاوة على ذلك ، تعتبر مياه النهر ومياهه مياه وطنية أو داخلية . وتسمى هذه الأنهار المحتواة كليًا وحصريًا أنهار وطنية. بالإضافة إلى الأنهار الوطنية ، هناك أيضًا أنهار حدودية. هذه الأنهار هي التي تتدفق على طول الحدود السياسية ، وتفصل بين دولة وأخرى. تنتمي الأنهار الحدودية بشكل متساوٍ إلى الدول التي تفصل بينها ، ويمر خط الحدود عادةً إما عبر منتصف النهر أو عبر منتصف القناة الوسطى للنهر. وهناك الأنهار التي تجري على التوالي عبر دولتين أو أكثر توصف بأنها أنهار متعددة الجنسيات ؛ تنتمي هذه الأنهار على التوالي إلى أراضي الدول التي تحتلها. هناك اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997 بشأن قانون الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية تعرف هذه المجاري المائية على أنها "مجاري مائية دولية. أخيرًا ، وفقًا للمعايير القانونية الدولية ، تقع بعض الأنهار متعددة الجنسيات ضمن فئة فرعية مميزة: تلك التي يمكن الدخول إليها ملاحيا من البحر المفتوح. على الرغم من أن هذه الأنهار تنتمي من الناحية الفنية إلى أراضي الدول المختلفة التي تحتلها ، إلا أنها تعتبر أنهارًا دولية بسبب الاعتراف القائم على المعاهدات البحرية الملاحية في هذه الأنهار في أوقات السلم. تقع الأنهار المتضمنة في النزاع الحالي حول حوض نهر الفرات في الفئة الثالثة ، و التي تتألف من أنهار متعددة الجنسيات تنتمي جزئيًا إلى تركيا وسورية والعراق.
من الناحية التاريخية ، دعت الدول الواقعة على ضفاف النهر وأعلى النهر إلى تطبيق النظريات المتطرفة، وتحقيق المصلحة الذاتية لكل دولة في شرح حقوق ملكية الأنهار متعددة الجنسيات. ومن المفهوم أن هذه النظريات غالبًا ما تتعارض تمامًا مع بعضها البعض. بشكل عام ، تميل دول المنبع إلى الترويج لنظرية السيادة الإقليمية المطلقة ، مما يعني أنه يجوز لدولة ذات سيادة "استخدام أي مجرى مائي داخل حدودها بالطريقة التي تريدها ، بغض النظر عن حقوق دول حوض النهر". ، وعلى العكس من ذلك ، فقد ادعت البلدان المتشاطئة في اتجاه مجرى النهر عمومًا السلامة الإقليمية المطلقة (المعروفة أيضًا باسم عقيدة النهر أو مبدأ التدفق الطبيعي) ، والتي تمنح حقًا حصريًا في التدفق الطبيعي غير المنقطع للنهر من الأراضي المشاطئة في المنبع. بينما لم تحظ أي من النظريتين الدعم الكبير من القانونيين أو المحاكم الدولية ، و كلاهما يظهر تفضيلًا لمبدأ "الاستخدام العادل." يقوم هذا المبدأ على مفهوم أساسي للعدالة حيث ينص الفصل الرابع من قواعد هلسنكي بشأن استخدامات مياه الأنهار الدولية على أن "لكل دولة حوض ، داخل أراضيها ، نصيب معقول ومنصف في الاستخدامات المفيدة لمياه حوض التصريف الدولي للنهر. إن الهدف هو حماية وحفظ التوقعات المشروعة للدول المستخدمة إلى أقصى حد ممكن. إذا تم تبني هذه النظريات على نطاق واسع كأدوات القانون الدولي لحل النزاعات النهرية ، فمن المؤكد أنها ليست كذلك في المناخ الجيوسياسي الحالي. وبناء على ذلك، فإن على تركيا التخلي عن حججها في السيادة الإقليمية المطلقة أو السلامة الإقليمية المطلقة، أو حشد الدعم القانوني لتلك الحجج التركية .
المتوازيات: المياه التركية والزيت العربي وعقيدة هارمون.
أثناء حرب الخليج العربي الأولى عام 1991 ، شجعت حكومات التحالف الغربي رئيس الوزراء التركي تورغوت أوزال على إغلاق نهر دجلة من أجل "معاقبة" النظام العراقي على عدوانه على الكويت لكن رئيس الوزراء التركي في ذلك الوقت لم يقبل ذلك واعتبر أن مثل هذه الأعمال ستكون قاسية و غير لائقة ، وصرح علنًا أن الأتراك لن يستخدموا الماء كسلاح . وفي تموز 1992 ، عارض المسؤولون الأتراك هذا الموقف. فقد أعلن سليمان ديميريل ، رئيس الوزراء آنذاك (الذي خلف أوزال كرئيس عام 1993) ، أن "موارد المياه لتركيا والنفط لهم أي (سورية والعراق( . ونظرًا لأننا لا نقول لهم ، "انظروا ، لدينا الحق في نصف نفطكم ، فلا يمكنهم المطالبة بما هو لنا ." وقال فيروه أنيك ، مسؤول تركي كبير آخر ، "كل مواطن تركي يدفع ضريبة على مياهه. هذه ليست مياه مجانية. ما الذي يحصل عليه السوريون والعراقيون الآن؟ هذه مياه مجانية ." غالبًا ما تعلن تركيا بأنها ليست ملزمة قانونيًا بتوفير المياه لجيرانها ، بل إنها ذهبت إلى حد صياغة سياسة الأمن القومي حول هذه القضية.
يوضح الموقف التركي الحالي التمسك بـ "عقيدة هارمون" التقليدية ، والتي تم تقديمها لأول مرة في عام 1895 من قبل المدعي العام للولايات المتحدة جودسون هارمون. وقد تم اشتقاق هذا المبدأ من رأي قانوني صاغه هارمون ، ويفترض بأنه "لا يوجد واجب أو التزام في القانون الدولي على أي دولة لتقييد استخدامها للمياه داخل أراضيها لتلبية احتياجات دولة أخرى." وعلى نفس المنوال، قال الباحث الشهير غروتيوس من القرن السابع عشر ذات مرة: "إذن النهر ، كما هو نهر ، هو ملك للأشخاص الذين يتدفق داخل حدودهم ، أو لمن يخضع الشعب لسلطته." أما المؤلفون المعاصرون مثل بربر ، وراجو دافعوا عن هذه العقيدة على أساس أن ما هو غير محظور هو ، افتراضيًا ، مسموح به قانونًا. ويقترحون أنه لا توجد "مبادئ قانونية ملزمة للدول ذات السيادة ، باستثناء المعاهدة ، التي تحد من حقهم في فعل ما يختارونه مع المياه الدولية أثناء تواجدهم داخل حدودهم".
وبالاعتماد على هذه الآراء العلمية والقانونية ، يبدو أن الأتراك يرون أن موقفهم يحمل بعض الشرعية في القانون الدولي. وقد أظهر مسح تاريخي لمبدأ هارمون ونظرية السيادة الإقليمية المطلقة أنه بينما كان هناك دعم من الدولة في القرن التاسع عشر ، فقد انخفض بشكل حاد مع زيادة أهمية الاستخدامات غير الملاحية للمياه. وعلى سبيل المثال ، في النصف الثاني من القرن العشرين ، قامت الولايات المتحدة بتعديل جذري في نهجها تجاه النزاعات الدولية للمياه. وعلى الرغم من أن خبيرها القانوني قد روج للعقيدة التقليدية ، إلا أن الولايات المتحدة تخلت عنها لصالح المبادئ التي كانت أكثر مرونة وتعكس إحساسًا حديثًا بالتكيف. وينطبق الشيء نفسه على العديد من البلدان الأخرى. لقد أدت الخلافات حول استخدام النهر المتدفق من الهند إلى شرق باكستان (بنغلاديش) إلى تخلي الهند عن النهج القومي الصارم ، وقادت السياسة الهندية إلى عكس قدر أكبر من المساواة في حل نزاعات المياه. وهناك دول أخرى أظهرت تحولاً مماثلاً في التفكير هي إثيوبيا والنمسا وتشيلي.
لم تكن أداء العقيدة أفضل بكثير في المجالات الأكاديمية أو القانونية الحديثة ، إذ أنه في معهد درويت الدولي (IDI) ، وهو منظمة - مكرسة لدراسة وتطوير القانون الدولي، تم الاعتراف بحق استخدام المياه لكل الدول في إعلان مدريد 1911 و أصدر بصفته هيئة تحظى باحترام دولي ، تمثل قرارات المعهد الدولي للديمقراطية عمومًا الرأي الأكاديمي السائد وقت النشر. علاوة على ذلك ، فقد أعادت مبادرة التنمية الدولية التأكيد على هذا المبدأ في قرار سالزبورغ لعام 1961 ، الذي يحكم استخدامات أحواض الأنهار الدولية ، وتستمر في رفض أي حق مطلق أو غير قابل للمناقشة للبلدان المشاطئة العليا في تحويل مجرى كما يحلو لها. على سبيل المثال ، تعترف المادة 2 من قرار سالزبورغ بحق كل دولة في استخدام مياه المجاري المائية متعددة الجنسيات التي تعبر أراضيها أو تحدها. ومع ذلك ، تنص نفس المادة من الإعلان على أن "هذا الحق مقيد بحق الانتفاع للدول الأخرى المهتمة بنفس المجرى المائي أو الحوض الهيدروغرافي. وبالمثل ، فإن رابطة القانون الدولي (ILA) - وهي منظمة مكونة من 50 فرعًا في جميع أنحاء العالم متخصصة في دراسة وتوضيح وتطوير القانون الدولي العام والخاص- ترفض مبدأ السيادة الإقليمية المطلقة ، كما هو مذكور في قواعد هلسنكي الشهيرة لعام 1966 ومن الواضح أن "محاولات استخلاص فكرة السيادة الإقليمية المحدودة (وإلى حد أكثر تحديدًا مبدأ المصالح المجتمعية) في تدوين تقريبي لقانون المياه الدولي موجودة في قواعد هلسنكي التي اعتمدتها رابطة القانون الدولي في عام 1966. يتجلى المثال النهائي الموثوق به في الموقف الذي تبنته لجنة القانون الدولي (ILC) - وهيئة الأمم المتحدة الرئيسية المتخصصة في تدوين القانون الدولي وتطويره التدريجي حيث تحدد أن مبدأ الاستخدام العادل ليس فقط كحق في تخصيص عادل، ولكن أيضًا كواجب إيجابي للمشاركة بشكل معقول في حماية المجرى المائي وتنميته وتطويره ، ونهاية المطاف ، يوجد القليل جدًا من الدعم لعقيدة هارمون في الأدبيات القانونية المعاصرة أو الدراسات القانونية الموثوقة.
وكما هو مذكور أعلاه ، حاول المسؤولون الأتراك بجرأة مقارنة حقوق النفط والماء لتأكيد بناءهم لخطة العمل الزراعية . تشير حجتهم إلى أنه في حين أن المياه موجودة في الأراضي التركية ، فإنها ملكية حصرية لتركيا. وقد تختار تركيا تعطيلها أو تحويلها أو بيعها أو حتى مشاركتها ، لكن تظل المياه ملكية حصرية لتركيا تمامًا كما أن النفط ملك للدولة العربية التي يقع فيها. ومع ذلك ، وكما يوضح الابتعاد الحديث عن عقيدة هارمون والتعريفات المعتمدة دوليًا لمجاري المياه ، فإن المقارنة بين النفط العربي ومياه نهري دجلة والفرات غير دقيقة. وتفتقر تركيا ببساطة إلى السلطة التقديرية المطلقة لاستخدام نهري دجلة والفرات التي يتمتع بها مالك النفط المستخرج إقليمياً. علاوة على ذلك ، ليس للنفط عنصر مصلحة مشتركة بين الدول في حين أن مياه النهر ليست كذلك.
هناك شيء في القانون الدولي يدحض فرضية مقارنة المياه بالنفط وهو الوضع الفريد المنسوب للمياه القانون الدولي ومع مرور الوقت وبدعم من القانون الدولي أيضا فقد أجرت لجنة القانون الدولي مشاريع بحثية معمقة حول المياه وأعدت مقترحات حول الوضع القانوني واستخدامات المياه ، ومن الاستنتاجات المهمة المستخلصة من هذا البحث هو أن المياه تظل موردا فريدا غير قابل للتحليل وفقا للمعايير التقليدية ويجب اعتباره أصلا فريدا. وقد سبب هذا الاقتراح عدد من العوامل فالماء عنصر له القدرة على تجديد نفسه باستمرار ويقوم بذلك من خلال الدورة الهيدرولوجية . لذلك وبسبب هذا التداخل المستمر وطبيعة التدفق الحر للمياه لا يمكن تطبيق مصالح الملكية في ظل الإطار التقليدي للسيطرة على شيء ملموس أو قابل للقياس على عكس النفط الذي أشار إليه القادة الأتراك في اعلان مغلوط للحقائق وفهم غير كاف للقانون الدولي . الماء وفق القانون الدولي عنصر فريد من نوعه لدرجة أنه لا يعتبر ملكية ملموسة تقليدية .
عقيدة التدفق الطبيعي: والحق العربي التلقائي في استخدام حق النقض (الفيتو) على مشروع تنمية جنوب شرق الأناضول GAP 8.
بعد التخلص من "عقيدة هارمون" التي عفا عليها الزمن الآن ، يفكر الخبراء في الخيار التالي القابل للتطبيق لتحديد حقوق الدولة في مياه حوض الفرات. هذه النظرية البديلة هي تباين في "السلامة الإقليمية المطلقة" ، والتي تم تطويرها تقليديًا من قبل الدول المشاطئة في اتجاه مجرى النهر. المبدأ الأساسي هو أن الدولة التي تمارس الولاية القضائية على الإقليم الذي تمر عبره المياه يحق لها أن تكون المياه غير منقوصة من حيث الكمية وغير معدلة في الجودة. ويُعرف هذا أيضًا في القانون الدولي باسم مبدأ التدفق الطبيعي. , بموجب هذا المذهب القانوني ، لا يمكن لدولة مشاطئة عند المنبع أن تقوم بأي تنمية من شأنها أن تؤثر على المياه أو أي مجرى مائي دولي في حالة عدم موافقة الدول الواقعة على النهر. إن التطبيق النموذجي لهذا المبدأ يمنح الدول المشاطئة حق النقض ضد التطورات التي تجري في أعلى المجرى، والتي قد تغير "طبيعة" المجرى المائي إلى الأبد وتوثر على الحياة المستدامة في هذه البلدان .
على الرغم من أن هذه النظرية تتمتع بتأييد أكبر من مبدأ هارمون ، إلا أنها لا تزال تتعرض لانتقادات شديدة من العديد من الأطراف هناك حالة توضيحية في القانون الدولي و هي قضية بحيرة لانوكس للتحكيم، فقد كانت القضية تدور حول ما إذا كان بإمكان فرنسا تحويل المياه التي تجري من بحيرة لانوكس )الواقعة بالكامل في الأراضي الفرنسية) باتجاه مجرى النهر إلى إسبانيا (حيث كان المزارعون يعتمدون تقليديًا على المياه للري) دون الحصول على إذن إسبانيا للقيام بذلك . واعتمادًا على شروط اتفاق مسبق بين الدول ، رأت هيئة التحكيم أن فرنسا لا يمكنها تحويل المياه دون موافقة إسبانيا لأن النتيجة لا تتوافق مع مبدأ التدفق الطبيعي. وهي تشير إلى أنه في حالة عدم وجود اتفاق مسبق ، لا يوجد عرف أو مبدأ عام في القانون الدولي يمنع دولة منبع من استخدام القوة الهيدرولوجية لمجاري المياه الدولية حتى عندما يتأثر إقليم أسفل المجرى سلبًا. وفي ظل هذه الظروف ، لا ينتج واجب فرنسا القانوني تجاه إسبانيا إلا عن التزام المعاهدة.
في ضوء هذا القرار وتماشياً مع الاتجاه الظاهر للقانون الدولي اليوم ، هل يتوفر شرط الاتفاق المسبق بين تركيا والعراق وسورية على تقاسم مياه النهرين أم لا؟ أم أن تركيا تسرع مشروع تنمية جنوب شرق الأناضول GAP 8. حاليا لاستغلال غياب ردود الأفعال في العراق وسورية نتيجة الظروف السياسية والعسكرية السائدة في البلدين بحيث يطبق الأمر الواقع على النهرين. وعلاوة على ذلك ، بموجب إعلان أسونسيون لعام 1971 الذي اعتمده وزراء خارجية دول حوض النهر ، يبدو أن شرط الاتفاق المسبق ينطبق فقط في حالة الأنهار "المتاخمة" لدولتين. لا توجد أي من الظروف التي قد تؤدي إلى تطبيق حق النقض السوري / العراقي ، بالمعنى الموصوف أعلاه ، في الحالة الحالية ، في نهاية المطاف ، يمكن لسورية والعراق الاعتماد بشكل معقول على الاعتراف القانوني أو تطبيق مبدأ التدفق الطبيعي لحماية مصالحهما في مياه بلاد ما بين النهرين .
البديل الثالث: الاستخدام العادل .
من خلال مناقشة كل من مذاهب التدفق الطبيعي والهارمون أعلاه ، يمكن أن نستنتج أن الأول هو في الأساس فوضوي النزعة والخيار الثاني معرقل ومستغل. على مر السنين ، أدى هذا التوتر المشبع بعقيدة "الكل أو لا شيء" إلى ظهور عقيدة أخرى هي عقيدة السيادة الإقليمية المحدودة (الموصوفة أيضًا بمبدأ الاستخدام المنصف والمعقول)، وهي النظرية السائدة التي تحكم الفصل في المجرى المائي الدولي وتوزيع الحقوق والواجبات اليوم. ووفقًا لهذا المبدأ ، يمكن للدولة أن تستخدم بحرية المياه المتدفقة عبر أراضيها بشرط ألا يضر هذا الاستخدام بمصالح الدول المشاطئة الأخرى. إن الفكرة التي تقوم عليها العقيدة مبسطة وملونة إذ تنتهي حرية تأرجح قبضة المرء حيث يبدأ أنف الشخص الآخر.
في الآونة الأخيرة ، تلقى هذا المبدأ دعمًا قويًا من محكمة العدل الدولية (ICJ) في قضية تتعلق بالمجر وسلوفاكيا بسبب نزاع معاهدة يتعلق ببناء وتشغيل نظام Gabcíkovo-Nagymaros للأقفال المائية . تتعلق القضية باتفاقية جرت عام 1977 بين المجر وتشيكوسلوفاكيا وتدعو إلى بناء سد على طول نهر الدانوب. بدأ المشروع في عام 1978 ، وتم تعليقه في النهاية من قبل الحكومة المجرية في عام 1989 على زعم أن استكماله سينطوي على مخاطر جسيمة على البيئة المجرية وإمدادات المياه في بودابست. ونفت سلوفاكيا هذه الادعاءات جملة وتفصيلا ، ثم نفذت بعد ذلك مشروعا بديلا (البديل جيم) في الأراضي السلوفاكية . وقد أثر عملها هذا سلبًا على وصول المجر إلى نهر الدانوب ، ورفعت القضية أمام محكمة العدل الدولية.
وخلصت محكمة العدل الدولية إلى أن سلوفاكيا ، من خلال تولي السيطرة على جانب واحد على مورد مشترك ، وبالتالي حرمان المجر من حقها في حصة عادلة ومعقولة من الموارد الطبيعية لنهر الدانوب - مع استمرار آثار تحويل هذه المياه على بيئة المنطقة المطلة على سيغيتكوز قد أفشل احترام مبدأ التناسب الذي هو جزء من القانون الدولي.
إن القضايا الدولية الإضافية التي تم حلها، والتي قد تكون مفيدة في تحليل النزاع الحالي في إطار مبدأ الاستخدام العادل هي قضية التحكيم قناة كورفو Corfu Channel وقضية Trail Smelter . نشأت قضية قناة كورفو عام 1946 بين بريطانيا وألبانيا . طُلب من المحكمة تحديد المسؤولية القانونية عن الأضرار والإصابات التي لحقت بالمدمرات البريطانية عندما اصطدمت بلغم في المياه الألبانية. تتعلق قضية Trail Smelter بشركة تعدين وصهر كندية تعمل على طول نهر كولومبيا على بعد حوالي 10 أميال شمال الحدود الدولية مع ولاية واشنطن. اعترضت حكومة الولايات المتحدة على الحكومة الكندية بأن انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت من العملية تسببت في أضرار بيئية في الأراضي الأمريكية. ولجأت الحكومتان مرتين إلى التحكيم القانوني بين عامي 1928 و 1941 لحل النزاع القائم بين البلدين . وعلى الرغم من أن هذه الحالات يمكن تمييزها عن الصراع الحالي لأنها لم تتضمن مجاري مائية دولية ، فإن كلاهما يوفر السلطة القانونية لتطبيق مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول ، وذلك لأن الاستخدام العادل - يشبه إلى حد كبير نتائج Trail Smelter و Corfu Channel – الذي يقوم على مبدأ القانون الدولي القائل بأن الدولة لا تستطيع عن طيب خاطر وعن علم التسبب في ضرر خارج حدودها. وكما تظهر مواد مسؤولية الدولة والجهود المماثلة ، فإن هذا الضرر يتم مراقبته بشكل متزايد وتقييده وإدانته. بالتأكيد ، مع تزايد توتر الموارد الطبيعية الأساسية وتصبح المشاركة عبر الحدود ضرورية أكثر فأكثر ، تتبلور هذه القاعدة إلى درجة أنه لا يوجد شك في أنه لا يمكن التسامح مع قطع إمدادات المياه في اتجاه مجرى النهر أو تقليلها بشكل كبير على أساس أحادي الجانب وهو الحال في حوضي دجلة والفرات .
اتفاقية الأمم المتحدة بشأن المجاري المائية الدولية لعام 1997: المنظور التركي
تم تفسير اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997 بشأن قانون الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية (UNCIW) ، التي أقرتها 103 دولة ، على أنها تدوين للاستخدام العادل كمبدأ من مبادئ القانون الدولي. إنه مفهوم واسع ويشمل جميع الجوانب المرتبطة باستخدام المياه تقريبًا. وهي أول اتفاقية تضعها الأمم المتحدة في هذا المجال . وقد تم التأكيد على سياسات مماثلة في قواعد برلين التي تم تبنيها في صيف عام 2004. وتم تقديم قواعد برلين من قبل العديد من الأكاديميين العاملين تحت رعاية جمعية القانون الدولي. تهدف القواعد إلى تدوين القواعد المقبولة على نطاق واسع في قانون المياه الدولي . وحتى الآن ، لم يتم تقديمها بعد إلى الدول لاعتمادها رسميًا ، وبالتالي فهي تفتقر إلى سلطة ملزمة للدول الأطراف حتى الآن .
الجزء الثاني من اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997 ، كان بعنوان "المبادئ العامة" ، ويتألف من خمس مواد أساسية حيث تتناول المادة الخامسة الاستخدام المنصف والمعقول والمشاركة في المجاري المائية الدولية. وتقدم المادة السادسة مزيدًا من الإرشادات ، وتضع قائمة بالعوامل التي يجب مراعاتها عند تحديد ما يشكل معقولًا ومنصفًا ، بما في ذلك الجغرافيا ، والهيدرولوجيا ، والمناخ ، والاستخدام الماضي والحاضر ، والاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة المشاطئة ، والسكان ، وتكاليف التدابير البديلة ، والموارد الأخرى ، والإمكانية العملية للتطبيق والتعويض في حالة النزاع وكيف يمكن تلبية احتياجات أحد الدول المشاطئة دون إلحاق ضرر كبير بمشاطئ آخر. إن اللغة المعتمدة في الاتفاقية مطابقة تقريبًا للاعتبارات المنصوص عليها في المادة الخامسة من قواعد هلسنكي لعام 1966.
يؤكد سلافكو بوجدانوفيتش ، الخبير الأكاديمي في هذا المجال ، أن "الاستخدام المعقول الحالي" يحقق "وزنا كبيرا" كعامل. وتشير دراسته ، التي نُشرت في كتاب في عام 2001 ، أيضًا إلى أن استخدام الطاقة الكهرومائية سيكون أكثر قيمة من الناحية الاقتصادية (ويفترض أنه يُعطى وزنًا أكبر) من الري ، خاصة عندما يسمح السد الناتج بإدخال تدابير الحفظ من خلال السيطرة على الفيضانات الموسمية ، والذي يوفر مزايا عرضية لجميع المستخدمين.
وهناك مقال بعنوان "الالتزام بعدم التسبب في ضرر جسيم" للغير، ويمكن القول أنه يرفع المعيار السابق من "ضرر ملموس" إلى " ضرر جسيم". لسوء الحظ ، أخفقت المادة في تقديم تفسير مرضٍ لمعنى كلمة "ذات مغزى" فيما يتجاوز الإشارة إلى قسم مقترحات النظر في الاتفاقية ،الذي ينص على ما يلي:
إن مصطلح "جسيم" لا يستخدم ... في الاتفاقية الحالية بمعنى "كبير" ويجب تجنبه في الاتفاقات المحلية المتعلقة بمشروع أو برنامج أو استخدام معين ، والتي لها تأثير سلبي كبير على دول المجرى المائي الثالث . في حين أن مثل هذا التأثير يجب أن يكون قابلاً للتأسيس والقياس من خلال دليل موضوعي وألا يكون تافهًا في طبيعته ، و يرتفع إلى مستوى كونه "جوهريًا."
يجادل المسؤولون الأتراك بأن تغيير المصطلح من "يمكن تقديره" إلى "ضرر جسيم" يشير إلى عتبة أعلى يجب الوفاء بها. ومع ذلك ، ونظرًا لأن مثل هذا التعريف الغامض والمصطلح الفضفاض ، قد يكون من الصعب جدًا إثبات انتهاك أي دولة لهذه المادة القانونية لأنها غير قابلة للقياس . بينما أنتجت الاتفاقية تطورًا جوهريًا في مجال القانون الدولي للمياه ، يخشى البعض من أن عملية التحليل - التي تعتمد على مراعاة العديد من العوامل المتنازع عليها - ستؤدي إلى تقاضي مطول قد يعيق في النهاية فائدتها كوثيقة عمل تقلل من حدوث النزاعات بشأن المياه.
اتفاقية الأمم المتحدة بشأن المجاري المائية الدولية: المنظور السوري والعراقي.
لاستكمال تحليل شامل للنزاع على حوض الفرات فيما يتعلق بـاتفاقية الأمم المتحدة بشأن المجاري المائية الدولية UNCIW ، يجب أن يتحول التدقيق من السياسات التركية المتعلقة باستخدام المياه في كل من العراق وسورية . ومن المهم أن نلاحظ أنه بسبب الافتقار إلى مواد المصدر المباشر ، من الصعب إلقاء الضوء على نهج الإدارة الداخلية لهذه الدول إن أن مشكلات هاتين الدولتين في أنهما يستخدمان أنظمة الري التقليدية المفتوحة ، ولكن هذه الحقيقة ، لا يعني أن تتمسك بها تركيا في أدبيتها لأنها ليست وصية على كل من العراق وسورية ، صحيح أن الموارد المائية للدولتين تفتقر للتقنيات الحديثة ولكن على تركيا أن تسمح للحولتين باستلام حصتهما من المياه التي يسمح بها التوزيع العادل للمياه.
وفي حالة فشل المفاوضات المستقبلية بين تركيا وسورية والعراق ، يوفر المجتمع القانوني الدولي عدة طرق بديلة لحل النزاع . يمكن للدول المعنية متابعة عرض النزاع على محكمة العدل الدولية أو أي محكمة دولية أخرى للتحكيم. وقد يفكر أطراف النزاع أيضًا في التقدم بطلب إلى الأمين العام للأمم المتحدة والسعي للحصول على توصية "غير ملزمة" قد توفر إرشادات مفيدة لكسر أي جمود سياسي حول التفاوض.
من الواضح لأي شخص مطلع على المنطقة أنه بمجرد تسوية المناخ السياسي للعراق وسورية ، فمن المرجح أن تهيمن قضية المياه على الأجندة السياسية للشرق الأوسط مرة أخرى. وسوف يتم استخدام المياه ، مثل النفط ، بشكل متزايد كأداة استراتيجية في المنطقة . ليس هناك شك في أنه مع تزايد حاجة الشعوب للمياه ، فإن الضغط على الحكومتين السورية والعراقية للعمل سيزداد. ولن تكون الحكومتين السورية والعراقية قادرة على تحمل سيطرة تركيا الأحادية الجانب على تدفق المياه والتحكم بالحياة والموت في هاتين الدوليتين وسوف تتعرض تركيا لضغوط داخلية شديدة للحفاظ على موقف متشدد بشأن هذه القضية. وعندما تصبح هذه الضغوط كبيرة بما فيه الكفاية ، سينفجر السد بين الدول الثلاث - بالمعنى الحرفي والمجازي. بعد ذلك ستنتزع مهمة حل "مشكلة المياه الإقليمية" من أيدي العلماء والدبلوماسيين ، وتوضع في أيدي العسكريين حاملي البنادق. وهذا لا ينبغي ولا يمكن السماح بحدوثه. إن الأدوات البديلة لتسوية المنازعات والدبلوماسية والقانون الدولي متاحة - علينا ببساطة أن نكون حريصين على استخدامها.



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبانا الذي في فرساي
- درس في الاحترام
- استراتيجيات للتغلب على الألم العاطفي
- لغة مفقودة
- المياه وحروب المستقبل
- مدخل لفهم اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة (الحلقة الأو ...
- حكمة فلاسفة اليونان الخالدة
- سميت نفسينا الحزن
- الذهب الأزرق: الأصول السائلة من وإلى الأرض
- خوف لا استطيع تغييره
- درس من شاطئ البحر
- حبيب أم فريسة مستساغة
- سؤال فلسفي
- علم نفس وسائل التواصل الاجتماعي
- مبادئ وعقائد الرؤساء الأمريكيين
- كيف غيرت وسائل التواصل الاجتماعي حياتنا؟
- لسعة النحلة
- جوع
- لا مبالاة
- ما الحياة إلا حديقة


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد الكريم يوسف - النزاعات المائية في الشرق الأوسط ( تركيا و العراق و سورية نموذجا)