أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - هل العراق بحاجة الى ليلة سكاكين طويلة ..؟















المزيد.....

هل العراق بحاجة الى ليلة سكاكين طويلة ..؟


زكي رضا

الحوار المتمدن-العدد: 6857 - 2021 / 4 / 2 - 03:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أحيانا تدفعنا اوضاع العراق وهو يعيش تحت سطوة الميليشيات الإسلامية، الى البحث عن تجارب تاريخية من تلك التي ممكن مقارنتها مع تجربتنا الكارثية تحت ظل سلطة الاسلام السياسي، لإستخلاص بعض النتائج التي لو طُبّقت على واقعنا المزري وعلى الرغم من رفضنا الفكري والآيديولوجي بل والإنساني لها، فأنّ من الممكن لتقارب التجربتين أن نصل الى بعض النتائج التي بوسعها أن تغيّر بعضا من هذا الواقع المعاش. وهذا لا يعني مطلقا انّ التجربة التي سنتناولها في هذا المقالة ورفضنا لمن قاموا بها وظروفها ونتائجها، تعني قبولنا بتجربة الاسلام السياسي ونتائج سياساته الكارثية، كون التجربتين قريبتين من بعضهما في عدائهما لكل ما هو ديموقراطي وانساني ووطني، والتجربتين وعلى الرغم الفارق الزمني الذي يقدّر بتسعة عقود متطابقتان في امور عدّة، أهمّها هي الإحتكام الى السلاح في تهديد الدولة ومناوئيهم السياسيين. ومختلفتين في نقطة مهمّة وهي أنّ الميليشيات الشيعية ليست سوى بنادق للإيجار، والثانية التي سنتناولها بعد قليل لم تكن كذلك.

لعبت كتيبة العاصفة النازيّة منذ أن تأسست بدايات عشرينيات القرن الماضي، دورا هاما في تدعيم النازيّة الالمانية وترسيخ أقدام زعيمها أدولف هتلر على المسرح السياسي الالماني، وكانت من أهم مهامّها في الفترة ما بين 1926 – 1933 تعزيز شعبية الحزب النازي بتنظيمها التجمعات الدعائية للنازيين ومهاجمة التظاهرات الجماهيرية المناوئة لهم، وإشتراكها الفعّال في مهاجمة ممتلكات اليهود الالمان ونهبها كشكل من اشكال الاضطهاد الديني والسياسي. الّا انها وبعد إستلام النازيين للسلطة وتبوأ هتلر منصب مستشار المانيا بداية سنة 1933 وبدلا من أن تتوقف عن اعمال العنف التي مارستها قبل استلام النازيين للسلطة، فأنها استمرت في نفس نهجها السابق ما ادى الى احراج النازيين وعلى رأسهم هتلر الذي لم يستطع ان يوقف هذه الميليشيا عند حدّها. وقد اثار طلب أرنست روم قائد هذه الميليشيا بضم مليوني ميليشياوي وهم تعداد عصابة العاصفة وقتها الى الجيش الالماني، حفيظة وغضب كبار الجنرالات الالمان الذين عبرّوا بشكل علني عن رفضهم الكامل لطلب روم هذا إحتراما لتاريخ الجيش الالماني من جهة، وللحيولة دون انتقال العنف الذي تمتاز به هذه العصابة الى المؤسسة العسكرية من جهة ثانية، ولإحترام المهنية في الجيش وعدم إختراقه من جهة ثالثة ، فيما كان رد الرئيس الالماني باول فون هيندنبورغ المعادي لهتلر اكثر تشددا وهو يهدد باستخدام الجيش في حرب شوارع للقضاء على عصابة العاصفة بل وعلى النازيين باكملهم.

نتيجة استمرار قادة ميليشيا العاصفة في مواقفهم التي اثارت العديد في المشهد السياسي الالماني، لم يكن امام هتلر الا القضاء على هذه العصابة التي وقفت الى جانبة لاكثر من عقد. فقام بمساعدة قوات الأس أس وهو على رأسهم بمهاجمة مقر هذه الميليشيا في منطقة (باد فيسه) وبداخله كبار الميليشياويين ومنهم أرنست روم الذي وجّه هتلر مسدسه نحو وجهه، وليعُتقل ومعه عدد كبير من زعماء ميليشيا العاصفة. عُرِفت هذا الليلة والتي أدت خلال ثلاث ايام تلتها بليلة السكاكين الطويلة والتي انتهت بحلّ هذه الميليشيا وقتل ما يقارب المئتين من قادتها وعلى رأسهم زعيمها أرنست روم.

بغضّ النظر عن الظروف الموضوعية والذاتية التي كانت في المانيا وقتها ومقارنتها بالتي عندنا بالعراق اليوم، وعلى الرغم من موقفنا الواضح من هتلر والحزب النازي وجرائمهما بحق الشعب الألماني وشعوب العالم أجمع. الا اننا ونحن نرى عصابات عاصفة وليس عصابة عاصفة واحدة بالعراق وهي تنظّم التجمعات المؤيدة لأحزاب الفساد، وتهاجم التظاهرات الجماهيرية لكسرها، وتشكيلها لجيش عقائدي موازي للجيش الوطني، وهيمنتها على إقتصاد البلاد عن طريق مكاتبها الاقتصادية وفرض اتاواتها، وإستعراض قوّتها وهي مدججّة بالأسلحة المختلفة لتُرعب الشارع العراقي، ناهيك عن مشاركة غالبيتها في الصراع الطائفي بالبلاد والذي خلّف مئات الآلاف من الضحايا والمعاقين والمفقودين، أرى اننا بحاجة لقراءة التجربة الالمانية بإمعان.

علينا ان نميّز ونحن نتناول ميليشيا الحشد الشعبي بين جيش المتطوعين الذين هبّوا للقتال ضد تنظيم داعش الإرهابي بعد فتوى الجهاد الكفائي التي اطلقها السيد السيستاني، وبين الميليشيات الشيعية التي كانت موجودة فعلا قبل تلك الفتوى، كميليشيات بدر وجيش المهدي وحزب الله والعصائب و جيش المختار والعشرات غيرها التي وُلِدت من رحمها بنطفة إيرانية لاحقا كثار الله وربع الله وأخرى غيرهما. كما وعلينا ان نميّز بين الميليشيات نفسها فمنها ما هو ولائي يأتمر بأوامر ولي الفقيه في طهران، وبين ميليشيات تعلن ولائها للسيد السيستاني والتي إنسحبت موخرّا من تشكيلات الحشد. لكننا وعلى الرغم من تمييزنا هذا علينا تعريف أي تشكيل عسكري تابع لحزب أو منظمة سياسية ويحمل السلاح خارج المؤسسة العسكرية للدولة، من أنّها ميليشيا. كما وأنّ أي ميليشيا تُعلن ولائها لمرجعيات دينية أو سياسية غير وطنية وتدافع علنا عن دولة أجنبية وتنفّذ أجندتها، من أنها إمتداد لجيش تلك الدولة. ولما كانت الميليشيات الولائية تعترف علنا بولائها لنظام ولي الفقيه، فأنّ إستمرارها بلعب ادوار سياسية يشكل اكبر المخاطر على البلاد ووحدتها وهيبتها، علاوة على كونها إمتداد عسكري إيراني في البلاد.

هل ميليشيا العصائب وكتائب حزب الله وجيش المهدي تحت اي مسمى كان وبقية الميليشيات التي هاجمت المتظاهرين في ساحة التحرير وكراج السنك والخلّاني وميادين التظاهرات في النجف وكربلاء والناصرية والبصرة والديوانية والكوت وميسان وغيرها من المدن والبلدات، والتي إغتالت وتغتال وتخطف عشرات الناشطات والناشطين، والتي قامت وتقوم وهي ممثّلة بالبرلمان بقصف السفارات والمنطقة الخضراء تنفيذا لأجندات إيرانية وتحرج الحكومة العراقية دبلوماسيّا هي جزء من الحشد الشعبي..؟ الإجابة عن هذا السؤال ونحن نبحث عن سلم وإستقرار بلدنا غاية بالأهميّة، لأن الإجابة بنعم تعني أن الحشد الشعبي هو الذي يقوم بقتل وإختطاف وتعذيب الناشطين والمتظاهرين ويقوم أيضا بقصف السفارات والمنطقة الخضراء، هو أشبه بعصابة العاصفة النازية. وإن كان الجواب بلا، فهذا يعني أنّ هذه الميليشيات المتورطة بجرائم خطف وإغتيال المتظاهرين والناشطين ليست سوى عصابات وهي الاخرى أشبه بعصابة العاصفة النازيّة أيضا.

قد يبدو الامر نوع من الفنطازيا عند البعض ونحن نقارن بين ميليشيا العاصفة النازية في المانيا وبين الميليشيات الإسلامية بالعراق، وإن كانت مطالبة إرنست روم هناك بدمج ميليشيا العاصفة في الجيش الالماني وحلّ تلك العصابة وتصفية قادتها وهو على رأسهم ومطالبة قادة الميليشيات الشيعية بدمج ميليشياتهم في الجيش العراقي، تعني اننا بحاجة فعلا الى ليلة سكاكين عراقية طويلة ..؟ أعتقد أن الأمر بحاجة الى مثل هذه الليلة، لكن السؤال هو: من الذي يستطيع ان يهيأ الظروف المناسبة لهذه الليلة المجيدة والتي ستعيد لبلدنا كرامته وأمنه وأستقراره ..؟

منظومة الفساد بالعراق لن تتفكك الّا بتفكك وانهيار شكل النظام السياسي القائم اليوم أي تفكيك نظام المحاصصة، وهذا النظام لن يتفكك الا بتفكيك وتدمير جميع الميليشيات المسلّحة أي وبمعنى آخر تدمير الدولة العميقة. قد يبدو أن هذا الحلّ سيتسبب بما يشبه الحرب الأهلية، كون العصابات والميليشيات المسلحة والمدعومة إقليميا لن تتنازل عن مواقعها بالسهولة التي نتوقعها. وهنا نكون امام خيارين، فأمّا إستمرار اوضاع البلد بالشكل الذي عليه اليوم وإستمرار تردّي الأحوال السياسية والإجتماعية والإقتصادية والمعيشية لملايين الفقراء، وإمّا بدأ المعركة مع هذه الميليشيات والتي هي بالأساس معركة مؤجلة كونها قادمة حتما في المستقبل، خصوصا وأنّ إرهابيا وقاتلا كعبد العزيز المحمدواي وهو من ابرز قياديي كتائب حزب الله الإرهابي العراقي، أصبح على رأس هيئة اركان عصابات الحشد الشعبي بدعم إيراني غير محدود، وإرهابيا كقيس الخزعلي يهدد الحكومة الشرعية بإستعراض عضلات إرهابيي العصائب في بغداد وتلاه على نفس النهج قادة ربع الله وميليشياتهم، وميليشياويا وقاتل المنتفضات والمنتفضين السلميين كمقتدى الصدر وهو يريد لعب دور الوطني في عرضه حماية المنطقة الخضراء من قبل عصابات سرايا السلام، علاوة على طرح نفسه من خلال دعاية إنتخابية مبكّرة مدافعا عن حقوق مسيحيي العراق الذين لم يفكّر لسبعة عشر عاما تذكّر ما سلبته عصاباته وعصابات البيت الشيعي من أملاكهم!!

لو كنت مكان الكاظمي لفضّلت أذني العراق على أذني وخططت لهذه المعركة بهدوء قبل إنهيار البلد بيد ميليشيات خامنائي.



#زكي_رضا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فشلت وستفشل محاولات مكافحة الشيوعية بالعراق
- ليتعلّم المؤمنون بالعراق محاربة الفساد من فرنسا
- العراق .. سمفونية الموت!!
- الإنتخابات ثقافة لايمتلكها الشارع العراقي
- حينما صمتت البرنو
- مقتدى الصدر يحرّض الغوغاء على القتل العلني
- الصدريّون .. طاعة عبودية ذُلْ
- ما العمل ..؟
- سائرون تبدأ تجارة الإنتخابات من النبي محمّد
- مقتدى الصدر .. انا الدولة!!
- ثلثين بلاسخارت عالخال
- هل نجحت إنتفاضة اكتوبر في تحقيق أهدافها ..؟
- الفاشيّة الدينية المشوّهة .. العراق مثالا
- السلطة كانت هدف الإمام الحسين ولتكن هدف دعاة الإصلاح
- الكاظمي وتراث بهجت العطية
- سترون يد إيران القويّة ... أين!؟
- ثرثرة فوق دجلة
- لا خوف على التومان الإيراني ..!
- سائرون تتمسك بقانون إنتخابي على مستوى الدرابين
- أثر غياب القوى الديموقراطية على انتفاضة شعبنا


المزيد.....




- السعودية.. الديوان الملكي: دخول الملك سلمان إلى المستشفى لإج ...
- الأعنف منذ أسابيع.. إسرائيل تزيد من عمليات القصف بعد توقف ال ...
- الكرملين: الأسلحة الأمريكية لن تغير الوضع على أرض المعركة لص ...
- شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع ق ...
- قائد قوات -أحمد-: وحدات القوات الروسية تحرر مناطق واسعة كل ي ...
- -وول ستريت جورنال-: القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص ف ...
- -لا يمكن الثقة بنا-.. هفوة جديدة لبايدن (فيديو)
- الديوان الملكي: دخول العاهل السعودي إلى المستشفى لإجراء فحوص ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لنقل دبابة ليوبارد المغتنمة لإصلاح ...
- وزير الخارجية الإيرلندي: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - هل العراق بحاجة الى ليلة سكاكين طويلة ..؟