أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - زهير الخويلدي - هل يمكن للفلسفة أن تقول لنا ما يحدث في العالم؟















المزيد.....

هل يمكن للفلسفة أن تقول لنا ما يحدث في العالم؟


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 6856 - 2021 / 4 / 1 - 10:11
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


" "الفلسفة لا تسقط من سماء الأفكار، إنها تنبثق من الأرض، خاصة من الجسد وتفاعله مع التاريخ". ميشيل أونفراي / نوفمبر 2006
في ظل فشل الصناعات الأخرى وخاصة السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا في التعامل الموضوعي والناجع مع الواقع والقيام بالانتقاء والاختزال والتسطيح والفبركة والتصنيع والتغطية والتبرير والترقيع والاسقاط والبتر. فإن الفلسفة سواء أكانت فن التفكير أو فن في الحياة، حب الحكمة، انتاج المعنى، تشريع القيمة، نقد الأوضاع، ترسيخ التقدم الحضاري، نظام معقد، علم متطور، دعوة إلى التنوير، تجاوز الأحكام المسبقة، احراز التقدم عبر مراكمة الحقائق. كما لا تتوقف الفلسفة عن تأجيج المناقشات في الحياة اليومية، بل هي معرفة عقلانية تجريبيو بالظواهر الطبيعية والانسانية.
فهي مطالبة بقول الأحداث الماضية والانتباه الى الحالة الراهنة وافتراض الوقائع المقبلة بغية رصدها والتقاطها والتعرف عليها وتشخيصها وتحليل أبعادها وتفكيك مراكز القوة فيها والاحاطة بهوامشها والسفر على تخومها وفهم مغزاها وإدراك مقاصدها والتغلب على غموضها وتوضيح مسالكها وتحطيم أوهامها. فما علاقة الفلسفة بالمايحدث؟ هل تكتفي به أم تتجاوزه نحو الاهتمام بغيره؟
يراهن الموضوع على تدخل للإنسان فردا ومجموعة ونوع بشري، هوية شخصية، هو ثقافية، هوية الإنسانية. أما الغرض من القول فهو رفع الجهل وتدارك نقص المعرفة، تخطي الاغتراب، مقاومة النسيان، تصحيح الأخطاء، الامتلاك، الانتباه، الوعي، التحكم، البرمجة، التصميم، التخطيط، تفادي الكوارث، توسيع مساحة الأمل بالنسبة للإنسانية، تحقيق السعادة المنشودة للمدينة الانسية. علاوة على ذلك ان العالم الذي نعيش فيه يشير الى الطبيعة التي تنتمي اليها ويدل على الكون الذي نأوي اليه وكذلك المجتمع الذي تقيم فيه روابط بيذاتية. انه عالم ذاتي، عالم موضوعي، عالم مشترك، عالم افتراضي، عالم ماورائي، عوالم متعددة. ان ما يحدث في العالم: فظيع، غريب، اشكالي، مفارق، مدهش، عجائبي ، مباغت، سريع ، ملغز، مثير ، سر، كارثي، متأزم، مزلزل، مهدد ، خطير، مدمر ، مربك، منفر، سوداوي، جديد، طارئ، غير معهود، مختلف.
الأحداث، الوقائع، الأخبار، المعارف، التجارب، الأفعال، السلوكيات، الأقوال، الحركات، الاهتزازات، الرجات، الأزمات، الانقلابات، الثورات، التحولات، الانعطافات، الانكسارات، التغيرات، التراجعات. في الحقيقة ، المشكل هو: مراوحة الموقف الفلسفي بين العطالة والفاعلية، بين التعالي والمحايثة، بين المثال والواقع، بين الانغلاق والانفتاح، بين التجريد والتحديد، بين المفهوم والمتعين، بين المبنى والمعنى، بين التنسيق والتنوير. أما الإشكالية فهي الآتية: هل الفلسفة تظل في موقع المتفرج مما يحدث في العالم أم هي معنية بالتقاطه وقوله وفهمه وتغييره؟
الزمان في الفلسفة هو كيان نفسي نعيشه أكثر منه معطى فيزيائي يمكن قيسه رياضيا. الزمان موجود فقط بقدر ما هو موجود. حاضر الماضي هو ذاكرة، حاضر المستقبل هو توقع، حاضر الحاضر هو الإدراك.
في مستوى أول يمكن للفلسفة أن تقول لنا ما حدث في ماضي العالم: الاسترجاع، التذكر، السرد، التخيل، التصور، الاستبصار، التنقيب، الحفر، الأثر: التاريخ. إن إعطاء معنى للماضي ليس بالأمر السهل. لذلك يجب التعامل معه من وجهة نظر فلسفية أقل. كيف تقوم الفلسفة بخدمة الماضي؟
من الممكن أحيانًا أن يعيش الفيلسوف في الماضي لدرجة نسيان حاضره وإهمال مستقبله ... ... إذا كان يتعلم إدارة عواطفه في بعض الأحيان يمكن أن يكون كافيًا لإنشاء رابط هادئ للماضي، وأحيانًا عمل متعمق مطلوب ليكون في سلام. الماضي هو جزء من الزمن الذي مضى قبل اللحظة الحالية والذي وقعت فيه الأحداث الماضية: تحديد موقع حدث في الماضي. مجموعة الوقائع، الأحداث التي وقعت قبل اللحظة الحالية، والفترة الحالية والتي تشكل التاريخ: على سبيل المثال التعلم من دروس الماضي والاطلاع على ماضي المدينة. ان الماضي هو ما لا يمكن أن يكون عليه الإنسان، وبهذا المعنى بعيد المنال. إنه جزء من الضروري مما لا يمكننا اختياره وما لا يمكننا التداول فيه، ولكنه أيضًا جزء مما لا يمكننا أخذه بعين الاعتبار لاختياره. كيف تتجاهل الماضي؟ وهل تتمكن من التجرد منه؟ لماذا تفكر الفلسفة في الماضي الإنساني؟
تثير الذكريات السيئة مشاعر مثل الشعور بالذنب والحزن، لكنها لا تغير تصورات الفيلسوف كما تفعل الصدمة الحادة. ... يمكن أن تكون عملية الشفاء من صدمة سابقة بطيئة، وقد يكون من الصعب التوقف عن التفكير فيها لفترة من الوقت. ليكون الفيلسوف قادرًا على عيش اللحظة الحالية بهدوء، عليه أن يقبل ماضيه كما هو، وأن يتعلم التسامح، ويحرر نفسه من الذنوب، ويترك الأخطاء ويتفادى الوقوع في المغالطات عن طريق الكتابة والعلاج والرياضة وتنبيه الذهن التأمل. ف كيف يتعامل الفيلسوف مع هذا الفيض من المشاعر؟
في مستوى ثان يمكن للفلسفة أن تقول لنا ما يحدث أو ماهو بصدد الحدوث في الراهن: المتابعة، التحيين، التوثيق، الكتابة، التسجيل، التفسير، التأويل. الحاضر هو لحظة فصل بين الماضي الذي لم يعد والمستقبل الذي لم يأتي بعد. بهذا المعنى يبدو أن الحاضر فقط هو الموجود، لأنه على عكس الماضي الذي لم يعد، أو المستقبل الذي لم يأتي بعد، فإن الحاضر وحده له واقع حالي. كيف تعيش الحاضر من الناحية الفلسفية؟
يراقب الفيلسوف بعناية ما يدور حولك. من الواضح أن عواطفه وأفكاره ستكون دائمًا متحفزة وموجودة. فهو يتعلم كيفية إدارة أفكاره ويستمتع بفعل ما يتصوره. كما يعمل على تذوق كل لحظة. ان اللافت للنظر أن الحاضر غير موجود. لكن هذا هو الرابط غير المحسوس وغير الموجود تقريبًا بين المستقبل والماضي، وهما مفهومان، على التوالي، غير موجودين بعد ولم يعودا موجودين إلى الأبد. كيف يعطي الفيلسوف معنى لحياته في عالم معولم حيث لم يعد قادرا على إتقان الانعطاف والتحول والمبادرة والتأثير والتغيير والتحريك؟
ما هي "الحياة الجيدة" بعد "التفكيك" غير المسبوق للقيم التقليدية التي ميزت القرن العشرين؟ قلة هم الذين يودون، حتى اليوم، في الواقع أن يضحوا بأنفسهم في سبيل المطلق، من أجل الوطن، من أجل الثورة. لكن معظمهم مستعدون للتضحية بأنفسهم من أجل الجزئي أي أطفالهم أو أحبائهم. نحن نشهد ظهور شخصية مقدسة جديدة ستحدث ثورة في حياتنا: شخص مقدس متجسد الآن في الإنسانية. يقدم لوك فيري فلسفة في الوقت الحاضر تجدد مفهومنا للقيم وترسم شكلاً جديدًا من الروحانية العلمانية. فما علاقة الفلسفة بالمستقبل؟
في مستوى ثالث يمكن للفلسفة أن تقول لنا ما سيحدث في العالم: الالتزام، الافتراض، البناء، التكوين، التغيير، التنبؤ، التوقع، الاستشراف، الاستباق. وفقًا لقاموس روبرت، المستقبل هو ما "ينتمي إلى الغد". إنه أيضًا "الجزء من الزمان الذي يأتي بعد الحاضر". ... "الزمان الآتي"، "الوضعية المقبلة، وضع شخص ما في الزمان"، "الأجيال القادمة"، واستكمال التعريف بالإشارة إلى كلمة "المستقبل". المستقبل هو الوقت الآتي، الأجيال القادمة. إنه وضع سيأتي. ... هذا يعني أنه إذا نظرنا إلى تقويم أو جدول زمني، فإن الماضي يظهر قبل الحاضر (لأنه قد حدث بالفعل) والمستقبل بعده (لم يحدث بعد). تشير الغد إلى حقبة سيختبرها أولئك الذين يعيشون اليوم، بينما يشير المستقبل إلى زمن بعيد، والذي سيكون ملكًا للأجيال التي ستتبعنا. لاستخدام هذا المعنى المستقبل للمستقبل هو رؤية خلاصية يجب تجنبها. الوعي ليس لانهائيًا، عليك أن تنسى الماضي لإفساح المجال للحداثة، وللتخلص من ثقل الماضي حتى تتمكن من التطلع بحرية إلى المستقبل. دون أن ننسى، تطاردنا أشباح الماضي؛ من المستحيل إذن أن تكون له روح متحررة أمام مستقبله. في نظر الفلاسفة، ليس من قبيل الإهانة للفلسفة أن يصدر أمرًا، كما هو الحال في كثير من الأحيان في الوقت الحاضر: "الفلسفة بحد ذاتها نقد وعلم نقدي ولا شيء غير ذلك". إذا كان مستقبل الفلسفة يونانيًا، فلن يكون كارثيًا أن تكون لاتينية أيضًا. ألم يقل جان لاكروا في كتابه معنى الحوار: "الفلسفة هي تحويل الروح للحدث إلى تجربة."؟ أليست "الشجاعة عند الفيلسوف هي الشك في النظام النظري والعمل في الترتيب العملي"؟ فماذا لو فضلت الفلسفة الصمت أمام نهشة الواقع وخيرت الابتعاد بالذات عن الجحيم صونا للكرامة الانسانية والقيمة الكونية؟



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منهجية تحليل النص الفلسفي
- اشكالية الاختلاف في الفكر المعاصر
- الهرمينوطيقا ومبادئ التأويل
- تاريخ العقل: الميلاد، التغيرات، التداعيات
- فكرة عن تاريخ كوني من وجهة نظر كوسموبوليتية عند كانط
- في ضرورة الدفاع على الديمقراطية
- بول ريكور بين التاريخ والذاكرة
- تحيين الفلسفة كأسلوب حياة
- الذات بين غرابة الآخرية وغربة الإنية
- الكتلة التاريخية كمفهوم استراتيجي عند غرامشي
- الثورة الرقمية: ثورة تقنية بين الحرية والسيطرة
- لقاح الفرونوزيس من حيث هو بشارة الفيلسوف
- منهجية كتابة مقال فلسفي
- كارل بوبر أو نهاية اليقين العلمي
- عمانويل كانط: مقالتان حول العمل الخيري
- ظروف وتجارب التعليم في العالم
- نقاش مع بول ريكور حول غربة الذات عن ذاتها
- نظرة عامة على علم البيئة
- تطور استخدام تقنية النانو
- أهمية البيداغوجيا


المزيد.....




- بعيدا عن الكاميرا.. بايدن ينتقد 4 دول إحداها حليف قوي لأمريك ...
- هل تنقذ البذور المقاومة للجفاف الزراعة في المغرب من التدهور؟ ...
- كيم دوتكوم: إن أرسل الناتو قوات إلى أوكرانيا فالحرب النووية ...
- -مراسلون بلا حدود-: اسرائيل قتلت 100 صحفي فلسطيني ومهنة الصح ...
- تفاصيل غرق -شيفيلد- البريطانية..
- -ترينيداد وتوباغو- تقرر الاعتراف رسميا بدولة فلسطين
- -نيويورك تايمز-: كلام بايدن الفظ حول -الدول الكارهة للأجانب- ...
- الجيش الإسرائيلي ينفذ غارات ليلية ويلقي قنابل على قرى جنوب ل ...
- مصرع 20 شخصا على الأقل جراء حادث حافلة في باكستان
- مصر.. أب يذبح طفلته ذات الـ3 أعوام


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - زهير الخويلدي - هل يمكن للفلسفة أن تقول لنا ما يحدث في العالم؟