أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمد رضا عباس - ما هو اقتصاد الظل ؟














المزيد.....

ما هو اقتصاد الظل ؟


محمد رضا عباس

الحوار المتمدن-العدد: 6848 - 2021 / 3 / 22 - 22:40
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


لا تدخل في بيانات الإنتاج الوطني جميع العمليات الإنتاجية في البلد، وانما العمليات الإنتاجية القانونية فقط اما غير القانونية او غير المصرح لها من قبل الدولة فلا تدخل في بيانات الإنتاج الوطني. النوع الأول تشمل المتاجرة بالمخدرات، المتاجرة بالمواد المنتهية الصلاحية، دور العهر، القرصنة، رشاوي الموظفين، بيع وشراء الأعضاء البشرية، تهريب البشر من بلد الى اخر، تهريب الحيوانات النادرة وعلى لائحة الانقراض، تهريب الاثار، ورسوم كبار الرسامين. اما القسم الثاني فتشمل السلع والخدمات التي لا يتم توثيقها اما تهربا من دفع الضرائب الحكومية او لمخالفتها التعليمات، مثل تهريب البضائع لتجنب دفع الضرائب الجمركية عليها، او عمل مواطن في اعمال الصيانة الكهربائية بدون إجازة من الحكومة او نقابة، او استخدام العمال الغير مجازين بالعمل، او العمل بعد الدوام الرسمي بدون الموافقات الحكومية، كان يسوق موظف سيارته كسيارة تكسي او ممرضة تعالج بعض المرضى بعد انتهاء عملها الرسمي ولكن بدون تصريح عن الدخل الإضافي التي تحصل عليه من عملها الثاني.
اقتصاد الظل، (Underground Economy) في بعض الأحيان يسمى السوق السوداء او الاقتصاد السري موجود في جميع دول العالم. ولكن انتشاره أوسع في العالم الثالث، حيث قدرت بعض الاحصائيات بانه يشكل ما يقارب 36% من قيمة الاقتصاد الوطني، بينما يشكل ما يقارب 13% في الدول المتقدمة. التفاوت في النسبة يعود الى صعوبة تنظيم سوق العمل في الدول النامية. على سبيل المثال، من غير المعقول ان تطالب الحكومة العراقية أصحاب البسطات تقديم تقرير بدخلهم السنوي، كما من غير المعقول ان تسائل الحكومة أصحاب المطاعم المتجولة عن بيان حجم مبيعاتهم وارباحهم السنوية. بالحقيقة ان على الأقل 50% من العمليات الإنتاجية في العراق لا تدخل في حسابات الإنتاج الوطني، لان الحكومة لا تسال عنها والمواطن لا يحب دفع الضرائب عنها. هناك مهن وحرف واعمال في العراق تدر على أصحابها الملايين من الدنانير سنويا بدون دفع صاحبها فلسا واحدا الى خزينة الدولة.
ان عدم تقديم البيانات عن حجم التعاملات في السلع والخدمات التي تقع تحت اسم اقتصاد الظل تحرم الحكومة مصادر مهمة من مصادر الدخل. على سبيل المثال، ان اقتصاد الظل في الولايات المتحدة الامريكية يشكل 8% من الإنتاج الوطني او ما يعادل 2 ترليون دولار سنويا، وهو رقم يمثل خسارة لخزينة الدولة بمقدار 200 مليار دولار سنويا. في ولاية كاليفورنيا الامريكية يشكل اقتصاد الظل نسبة تتراوح بين 15% و17% او بدخل بين 60 و140 مليار دولار، ويحرم الولاية من دخل قدره بين 8.5 و28 مليار دولار سنويا. ان ازدهار اقتصاد الظل في الدول المتقدمة يحرم الكثير من البرامج الحكومية من التمويل ولاسيما برامج التربية والتعليم، برامج المعونات الاجتماعية، برامج التدريب، وغيره من البرامج التنموية الأخرى.
اما في الدول النامية، فان اقتصاد الظل وان لم يقدم موارد مالية للحكومات، الا انه هو الذي يسير العجلة الاقتصادية في البلد. دخل عامل البناء، يصبح دخل للبقال والعطار، وللمزارع وبائع الألبسة. وكذلك دخل الفلاح يصبح دخل لسواق السيارات والقصاب والطبيب والحلاق. وهكذا فان ازدهار سوق الظل بالنشاطات التي لا تخالف القانون تعد عمليات مهمة للنمو الاقتصادي في الدول العالم الثالث. اقتصاد الظل في الدول النامية يسمح للمواطن بتحسين مستواه المعاشي، كان يضطر أحد الفلاحين بيع منتوجاته في السوق او على قارعة الطريق من اجل شراء اثاث إضافية الى بيته او جهاز تلفزيون او ارسال أولاده الى المدرسة. او يضطر عامل حكومي في قطاع شبكة المياه بالعمل بعد الدوام الرسمي وفي العطلات من اجل بناء سياج لداره. او تعمل احدى الشابات كمربية للأطفال في بيوت المتمكنين من اجل جمع بعض المال يمكنها الصرف على تعليمها، او إعطاء معلم دروس إضافية للطلاب البكلوريا بأجرة من اجل توفير حياة اقتصادية أفضل لأبنائه.
يزدهر اقتصاد الظل في الأوقات الاقتصادية الصعبة. هذا القطاع ازدهر كثيرا خلال فترة الركود الاقتصادي العظيم الذي ضرب الاقتصاد الأمريكي عام 2008 و2009 حيث اضطر الكثير من المسرحين عن العمل، العمل في اعمال ثانوية (عمال بناء، تصليح سيارات، العمل في المطاعم، غسل السيارات) مخالفة لقوانين التامين الصحي وشروط العمل، ولكن الدخل الذي تقاضوه ساعدهم على اجتيازهم المصاعب المالية التي مروا بها. خلال الأيام الاقتصادية الصعبة، لا ينتعش قطاع العمل غير المرخص به حكوميا فحسب، وانما يزدهر معه الاعمال التي يحاسب عليها القانون مثل المتاجرة بالمخدرات، بيع الأسلحة غير المرخصة بها، انتشار دور الدعارة، وانتعاش تجارة الأعضاء البشرية والتجارة الأثار. خير مثال على ذلك هو ازدهار هذه التجارة في العراق بعد التغيير. وعليه فان مسؤولية الحكومات سواء كانت نامية او متقدمة تتضاعف امام مواطنيها في أيام الازمات الاقتصادية من خلال العمل على برامج توفر فرص العمل للقادرين والراغبين به، ومحاربة التعامل مع السلع والخدمات غير الشرعية. لا يمكن للعراق ان يتقدم اقتصاديا بدون برامج متطورة تؤدي الى رفع مستوى المعاشي للمواطنين، واحترام ادمية مواطنيه. العراق سيصل الى هذا المستوى عندما تضع الدولة خطط اقتصادية تمتص نسبة كبيرة من العاطلين عن العمل واحترام المواطن العراقي قوانين الدولة، لإنه لا يمكن لمؤسسة حكومية العمل للصالح العام بدون احترام المواطن القوانين والقرارات الحكومية. وعندما يشعر المواطن العراقي بالمسؤولية تجاه الدولة وعندما تشعر الحكومة بمسؤوليتها تجاه المواطن، في ذلك الوقت يتقلص حجم اقتصاد الظل، ويصبح المواطن العراقي أكثر اطمئنانا على مستقبله ومستقبل أولاده.



#محمد_رضا_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الله و كورونا
- الاثار الاقتصادية للعجز المالي المستمر
- نبذة تاريخية عن مقاومة ابناء الكاظمية ضد انقلاب 8 شباط 1963
- نظام السوق لا ينفع في اوقات الازمات
- من اجل الحفاظ على تاريخ العراق المعاصر
- الاقتراض الحكومي لا يعطل التنمية الاقتصادية ولا يفقر المواطن
- بعض ما كتب عن زيارة بابا الفاتيكان للعراق
- لماذا يختلف الاقتصاديون؟
- شراء الاوراق المالية لا يعد استثمارا
- من المتضرر والمنتفع من انخفاض قيمة الدينار العراقي ؟
- هل سيجري تعديل على مؤشر المستوى المعاشي بعد جائحة كارونا


المزيد.....




- مصر.. الدولار يعود للصعود مرة أخرى
- طهران جاهزة لتقوية الخبرة التخصصية الاقتصادية في أفغانستان
- -حتى موناليزا ارتعبت-.. اقتصاد أوروبا تعرض لضربة ثلاثية
- الهلال الأحمر القطري ينفذ 151 مشروعا تنمويا في 2024
- البنوك الفلسطينية ستصبح معزولة عن العالم الاثنين المقبل
- روسيا تتجه لوقف استيراد معدن أساسي في صناعات استراتيجية والا ...
- تقسيم الماء بالليزر لإنتاج الهيدروجين وبيروكسيد الهيدروجين
- فوتسي تبقي على احتمال خفض تصنيف مصر على مؤشرها للأسهم
- خروجات الإفطار بمصر.. -اللمة- الرمضانية تتحدى الظروف الاقتصا ...
- هل تغض أميركا الطرف عن النفط الروسي؟


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمد رضا عباس - ما هو اقتصاد الظل ؟