محمد رضا عباس
الحوار المتمدن-العدد: 6835 - 2021 / 3 / 8 - 14:50
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
زيارة الحبر الأعظم، بابا الفاتيكان، العراق كانت زيارة تاريخية، كونها هي الأولى من نوعها، وفي ظروف صعبة جدا، حيث ما زال وباء كورونا يحصد أرواح الالاف من بني البشر على طول وعرض الكرة الأرضية، إضافة الى تقادم عمر الزائر، واستمرار الاضطرابات الأمنية في العراق، حيث ما زال تنظيم داعش يقوم ببعض الاعمال الاجرامية بين الفينة والأخرى. الزيارة مهمة للعراق أيضا، حيث أصبح اسم العراق يردد على جميع فضائيات العالم، وبذلك يصبح من المناسب ان تقوم الحكومة العراقية الحالية والقادمة استثمار هذه المناسبة والعمل على استتاب الامن، البدء بتقديم الخدمات للمواطن العراقي التعبان، ووضع برنامج اقتصادي تنموي يستفاد منه جميع ابناء الشعب العراقي بدون تمييز وتهميش، حتى يرجع العراق الى عافيته والى وضعه الطبيعي بين الأمم، ولم لا، والعراق مهد الحضارات وعلى ارضه حصدت اول سنبلة، وعلى ارضه تحركت اول عجلة في التاريخ، ومنه تعلم العالم القانون.
حجم المناسبة، أيضا، شحذت همم كتابنا الكرام، فانطلقت كتابات وتحليلات كثيرة من الصعب جمعها في كتاب واحد والاصعب من ذلك تسطيرها في مقال لا يتجاوز الصفحتين، وبذلك فقد اخترت بعض المقالات من كتاب معروفين من على ثلاث مواقع الكترونية وهي " الحوار المتمدن ", " صوت العراق", و " مجلة العصر". بالمجملة، فقد اختلفت تحليلات أسباب الزيارة، ولسبب معروف وهو اختلاف ايدولوجيات كتابها، وهكذا فقد اخترت عينة من الكتابات تمثل اقصى اليمين واقصى الشمال وأخرى ما بينهما. سوف يجد القارئ ان هناك اختلاف شديد في الآراء، وانا لست مندهش منها، لأنها الديمقراطية، كثرت المواقع الإلكترونية، وتنوع الأفكار بعد تغيير عام 2003. ادناه مقتطفات من بعض الكتابات، وقد نقلتها بحذافيرها بدون الإشارة الى كاتبها، ومن يرغب بالتعرف على كاتبها، يرجى الرجوع الى المصادر التي ذكرتها أعلاه. ما اهمية هذه الأفكار؟ انها مهمة لكل من يريد التوسع في دراسة أسباب زيارة الحبر الأعظم، وتعطي للقارئ تصورا عن أفكار بعض الكتاب في هذا الوقت من تاريخ العراق. لنبدئ:
- كتب أحد الكتاب عن لقاء قداسة البابا مع السيد علي السيستاني بالقول " عندما يلتقي الإسلام كله بالمسيح كله ينتج السلام الذي خلق الله البشر من اجله".
- كانب اخر تحدث عن الامل من الزيارة بالقول " زيارة قداسة البابا التاريخية تأني لتضميد جراح الشعب العراقي بعد سنوات طويلة من الحروب والدمار، وتمنح العراق والمنطقة الامل في غدا أفضل قائم على التسامح وقبول الاخر"
- وكتب اخر يحث المكون المسيحي بالثبات في ارضهم العراق " وان يمارسوا دورهم في النسيج الاجتماعي العراقي لا كزوار او وافدين بل كونهم مواطنين من الدرجة الأولى وجزء من العراق المتعدد".
- ولم ينس أحد الكتاب الطلب من قداسة البابا العمل على تنظيف الكتب المقدسة من الانحرافات، حيث يطالب الكاتب بكل ادب واحترام البابا فرنسيس "ال 266 والذي عرف بجراته دعوة المجمع المسكوني لإعادة تقييم تلكم النصوص والعمل على تمحيصها وتقويمها ونقدها وتصحيحها فسيدخل التاريخ من أوسع ابوابه في الدفاع عن الأنبياء والرسل الكرام عليهم السلام وهم منارات الطهر والعفاف والهدى والتقى والزهد والورع لان الطريقة التي ذكروا بها في العهد القديم لا تليق بهم البتة بما يعف اللسان عن ذكره".
- كاتب أخرى يعتقد ان البابا فرنسيس، والذي يدعو دائما " الى قيم السلام والسلم الاجتماعي بين البشر وفتح أبواب البوت والكنائس امام اللاجئين والهاربين من فظائع ومخاطر الحروب والمجاعة " , متأثرا بالأفكار اليسارية والتي كانت سائدة في بلده الام الارجنتين , حيث " انتشار مظاهر الفقر والعوز والفاقة الرهيبة ..فضلا عن ضراوة القمع والتنكيل ..التي كانت تمارسها أنظمة يمينية فاشية ..".
- كاتب يقول ان زيارة البابا العراق في هذا الوقت ربما جاءت لكسب الشباب الذين ابتعدوا عن دينهم ونشر المسحية بينهم وخاصة بين أبناء الوسط والجنوب، حيث يقول" مظاهرات تشرين أظهرت ابتعاد الكثير من الشباب عن الدين بل أظهرت هذه المظاهرات ان اغلب الشباب الذي شاركوا فيها فاقدين الهوية بعد ان غسلت ادمغتهم الهجمة الشرسة لوسائل الاعلام بمختلف ادواتها من فضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي ودورات المجتمع المدني وغياب الوسائل التثقيفية مع الفساد الذي انتشر في البلد".
- بغداد لم تعد بغداد بعد زيارة قداسة البابا من ناحية النظافة، حتى ولو كانت مؤقتا. يقول الكاتب " مفاجأة من العيار الثقيل هذه المرة، المواطن العراقي والبغدادي خاصة يرى شوارع بغداد الرئيسية وبعض الاحياء نظيفة ومرتبة وفيها الزينة والأشجار ومثل ما يكول المثل الشعبي (زبد يا أبو عبد)".
- كان السيد علي السيستاني الرابح الرئيسي من هذه الزيارة، حيث أصبحت مناسبة للتذكير بمنجزاته في صيانة الوحدة العراقية ودفاعه عن المكونات العراقية بضمنها المكون المسيحي بعد ان خذلته حتى الدول المسيحية. يقول الكاتب في هذا المعنى " بفضل فتوى السيد السيستاني تم هزيمة العصابات الاجرامية لفلوا البعث (هكذا) وشارك الاف المسيحيين بالقتال ضمن قوات الحشد الشعبي وسطروا أروع البطولات في الصمود والتضحية".
- ولا ينسى كاتب اخر تذكير الحبر الأعظم بتظاهرات تشرين واسبابها، معتبرا وجود البابا في العراق " رسالة عنوانها لا للظلم والجور وطغيان أصحاب رؤوس الأموال، ثم لردم الهوة الواسعة في مستويات المعيشية وهي قطعا ضد الفساد المستشري، وضد التهميش، ومع العدالة والمساوات".
-ويشكك كاتب اخر بأهداف زيارة البابا للعراق، حيث يقول " ان زيارة البابا تقع ضمن دائرة مؤامرة دولية تحاول ابتزاز الشعب العراقي، وتذهب به الى التطبيع مع الكيان الغاصب الذي يرفضه جل الشعب العراقي".
- ويؤيد كاتب اخر ما ذهب اليه سابقه بالقول، انها " زيارة ثقافية أيديولوجية بغلاف ديني وشعارات التسامح والسلام لإيجاد ثغرة في الصف الشيعي المناوئ لمشاريع التطبيع، بعد تطويع شيخ الازهر".
-ويقول كاتب اخر ان هدف الزيارة هو تحويل الجنوب العراقي الى مدن تشبه تل ابيب والإسكندرية " الأماكن المعروفة بدعارتها ومثليتها وفسادها ", بعد ان فشل الصهاينة والامريكان من تحقيق اهداف مؤامرة تشرين.
- ويقول أحد الكتاب ان دعوة توحيد الاديان جاءت لطمس دين الإسلام " الذي يتوعد اليهود بنصرة دين الإسلام على يد خاتم الامة، المهدي المنتظر".
- وأخيرا تبين لكاتب اخر ان السيد السيستاني وليس داعش من سبى وهجر الاخوة المسيحيين، فيقول " ومن يتحقق عن المسؤول عن كل الويلات والمصائب التي تعرض لها الاخوة المسيحيين يجد ورائها المليشيات القذرة التي خرجت من تحت عباءة زعيم المليشيات والداعي لوجودها السيستاني بسبب التأسيس لولاية المرشد السفيه الخامنئي..".
- اختم هذه الكلمات بالقول ان زيارة نيافة البابا الى السيد السيستاني يجب ان لا تعتبر على انها زيارة تخص المكون الشيعي، وانما يجب ان تحسب لجميع مكونات الشعب العراقي. انا متأكد جدا ان قداسة البابا عرف عن هذا الرجل إصلاحه وتقواها وانه مؤهل لان يمثل جميع مكونات الشعب العراقي بمختلف مكوناتهم الدينية والمذهبية.
#محمد_رضا_عباس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟