أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسن رجب - الأوبئة في العراق وموت بائع الكفن














المزيد.....

الأوبئة في العراق وموت بائع الكفن


حسن رجب

الحوار المتمدن-العدد: 6844 - 2021 / 3 / 18 - 17:36
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الجزء الثاني

ومن أفضال حظر التجول الذي فُرض على أهل العراق وبشكل خاص أهالي بغداد الذي دخل الحظر على تجوالهم حيز التنفيذ في الثامن عشر من آذار ألفين وعشرين والذي استمر الى يوم كتابة هذا المقال منعا لإنتشار وباء كورونا ، هو اتاحته الفرصة لتذكيرهم بانتشار الطاعون في بلدهم عام ١٨٣١ والذي ذكره عالم الاجتماع العراقي د.علي الوردي في كتابه 《لمحات إجتماعية من تاريخ العراق الحديث》 نقلا عن المبشر البريطاني (غروفز) ، الذي كان قد فتح فيها مدرسة لأيتام النصارى ، فلما بدأ الطاعون بالتفشي ؛ طلب منه القنصل البريطاني الانتقال معه الى ريف البصرة تجنبا للعدوى ، فأبى (غروفز) وقرر البقاء في بغداد متوكلاً على الله . ليسجل ببقائه هذا مشاهداته عن تلك الايام في كتاب صدر في لندن عام ١٨٣٢ .

أغلق (غروفز) باب داره التي كان يسكن معه فيها اثنا عشر شخصاً ، من بينهم معلم أرمني وأسرته ، وكانت في مقابل شبابيك داره دربونة تؤدي الى ثمانية بيوت ، ومن هذه البقعة الصغيرة كانوا يشاهدون الجثث تنقل الى الخارج يوماً بعد يوم. حتى خلت الشوارع من المارة ، فلا يُرى فيها سوى جملة الموتى أو الذين يأهذون الاكفان لهم ، والسقائين الذي يأخذون الماء لغسل الجثث .

في ٢٤ من نيسان ١٨٣٢ خرج (غروفز) من داره لزيارة القنصلية فلم يصادف في طريقه أحدا ،عدا الذين يحملون الجثث والاشخاص المصابين ، وكانت صرر الملابس من مخلفات الموتى ملقاة بالقرب من كثير من الابواب .

وقد أغلقت ساحة الجامع الكبير ، إذ لم يبقَ فيها مكان لدفن أحد ، فصار الناس يحفرون القبور في جوانب الطرق ، وحتى في الطرق نفسها ، وفي كل بقعة فارغة أخرى .

وبينما كان (غروفز) يسير في الشوارع بملابسه الكهنوتية ، شاهدته نساء عربيات فأبدين ايماءات غريبة وكأنهن يخاطبن الله متعجبات من بقاء الافرنج والكفار مثل (غروفز) على قيد الحياة ، بينما كان يموت ذلك العدد الكبير من المسلمين !

يذكر (غروفز) أن الموت أصبح مألوفا عند الناس الذين كانوا يدفنون أقرب الناس اليهم من دون اكتراث ، ثم وصل الحال أخيرا الى ان الناس أخذوا يتساقطون في الطرقات فلا يدفنهم أحد ، فتأتي الكلاب تنهش أجسادهم ، وربما كان بعضهم أثناء ذلك لايزال يعالج سكرات الموت .
وكان أشد المناظر ايلاماً ، وجود المئات من الاطفال الصغار في الطرقات وهم يتصارخون بعد أن ماتت أمهاتهم ، فيختلط صراخهم بزمجرة الكلاب التي تنهش جثث الموتى .

وهناك ظاهرة اجتماعية لوحظت في كل وباء يجتاح العراق ، كما لاحظها (غروفز) في هذا الوباء ،
وهي شدة اهتمام الناس بغسل الميت وتحنيطه وتكفينه واجراء كل ما امرت به الشريعة الاسلامية في هذا الشأن !

حيث شهدت الايام الاولى لانتشار الطاعون في بغداد ازدياد الطلب على 《مواد الموت》 فاترفعت أسعارها ارتفاعا فاحشاً .

وذكر (غروفز) أن احد الباعة استغل نكبة الناس فأخذ يبيع قطن الاكفان بأسعار مرتفعة ، ثم مات هو نفسه ، فلم يبقَ في المدينة شيء من هذه المادة .

كما ارتفعت أسعار الحبال الى اربعة أضعاف أسعارها ، واشتد الطلب على الماء أيضا لحاجة الناس اليه في غسل الموتى ، فاذا طلب أحدهم من السقائين بقربة من الماء كان جوابه أنه يأخذها لغسل جثة أحد الموتى .

يتبع ..



#حسن_رجب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأوبئة ومواقف المتدينين وحكاية طريفة في العراق
- هل أهدى ماركس (رأس المال) لداروين؟
- مزرعة الحيوان ووصايا القائد
- وفد العراق في الصين ألف سلامة
- وظيفة الصحفي وحريته
- فزاعة الإلحاد وبعبع الإنحراف الأخلاقي
- على أي شيء نشكر العبادي؟
- الأولى لوضع صورته أو إسمه على العملة
- رؤية مصرية نأكل أرضنا الخضراء


المزيد.....




- بتكليف من بوتين.. شويغو في بيونغ يانغ للقاء الزعيم الكوري ال ...
- نتنياهو وإيران: تلويحٌ بالتغيير من الداخل واستدعاء واشنطن إل ...
- -واينت-: مقتل جندي من جولاني في خان يونس وإصابة 4 آخرين بجرو ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل أشخاصا أحضروا كاميرات لبث مباشر لضر ...
- هل بدء العد النازلي نحو -القنبلة النووية الإيرانية-.. من يص ...
- أشار إلى عملية البيجر.. سفير إسرائيلي: هناك -طرق أخرى- للتعا ...
- ‌‏غروسي: أجهزة الطرد المركزي في نطنز ربما تضررت بشدة إن لم ت ...
- OnePlus تعلن عن حاسب ممتاز وسعره منافس
- جيمس ويب يوثق أغرب كوكب خارج نظامنا الشمسي تم رصده على الإطل ...
- الاستحمام بالماء الساخن.. راحة نفسية أم تهديد صحي خفي؟


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسن رجب - الأوبئة في العراق وموت بائع الكفن