أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام مرعي - ماذا وراء هذه الجدران














المزيد.....

ماذا وراء هذه الجدران


بسام مرعي
كاتب

(Basam Marie)


الحوار المتمدن-العدد: 6835 - 2021 / 3 / 8 - 13:05
المحور: الادب والفن
    


رواية ماذا وراء هذه الجدران - للكاتب راتب شعبو

((أخذك السجن وختم على نفسك خرجت منه، فهل يخرج هو منك ؟))
د. راتب شعبو
السجن؟ وماأدرانا ما السجن وما أعظم جهلنا به، إلا حينما يختم علينا ختمه المنقوش والمسكوك على جدران الروح والعقل والقلب، ويدق كالمسمار الغاضب في جدران الذاكرة، وبعد الخروج منه يبقى السؤال أن خرجنا منه هل بالإمكان أن يخرج هو منّا ؟
مابين جدران الروح والقلب والعقل وجدران سجون الاسد، فظائعٌ من الصعوبة محوها وإزالة أثارها، تلك السجون تحمل ورائها ممارسات وملفات ذل وهوان، بحاجة إلى أطنان من الكتب والكتابة، لنبش حقبة سوداء مازالت مستمرة ...
راتب شعبو الطبيب السوري الذي قضى 16سنة و3 أيام من عمره في سجون الأسد، متنقلاً بينها مقارناً فاضحاً واصفاً بكل مايكتوي فؤاده من ألم ومرارة، راسماً من خلال روايته المعنونة ب /ماذا وراء هذه الجدران / ربيع النظام السوري وربيع جلاديه وحنكتهم في الصناعة، صناعة الألم في السجون السورية، هذه السجون التي تحاول فيها آلة الأستبداد، تقزيم وتشويه الإنسان السوري وحيونته كما قال ممدوح عدوان ، يبدأها بأدوات النظام اللفظية التي تكون كمدحلة على القلب إلى كل أشكال التعذيب اللا أنسانية التي يبتكرها هذا النظام ويتفنن في إبداعها ٠
جذبني الكاتب بوضوحِ جمله الموجهة بشكل مباشر، وكأنه يقول أن أدب السجن رسالةٌ صريحةٌ ملفوفةٌ بالعذاب ومكثفة بالمعاني، ولاتحتاج لعلوم البيان والتبيبن ليفهم القارىء فحوى الرسالة، أنه توثيق صادق لحقبة سوداء مخيفة لنظام الاستبداد.
(فالخوف ينمو في دمنا كالفطر، نخشى النظر في عيون بعضنا البعض)
مقارباتٌ كثيرةٌ يبدعها الكاتب، ومصطلحات جديدة في اللغة تفرضها طبيعة السجون السورية، فالحفر عميقاً في القبر، يشبه دخول الزنزانة، ومن ثم يبدأ الحفر الأعمق ألا وهو الحفر في النفس الإنسانية، إنه هبوط على سلالم الخوف والظلام، هبوط من علوٍ شاهقٍ إلى العالم السفلي حيث الأرض الصلدة الصلبة، حيث الحضيض وقاع الحياة وحيث المعاناة الإنسانية الأكثر سوداوية، أنه عالمٌ ملتهبٌ بالعذاب .
سنوات طويلة مابين سجن كركون الشيخ حسن وعدرا وسجن تدمر الاكثر تدميراً
(( فائض هائل من الزمن، فائض يخنقك ولاتوجد مصارف له فيتراكم على مسالك روحك...))
سجناء تدمر الأكثر عذاباً، لأنهم يعيشون مربع البؤس، البرد والجوع والخوف والإهانة
تدمر السجن، تدمر الليالي الباردة وحفلات الدواليب و الذل إنه استدمار وتدمير بكل ماتحمله الكلمة في طياتها من معنى٠
أن تصبح حالة مازوشية مقابل حالة سادية مفروضة وملازمة لها، فلا سادية بدون مازوشية٠
أن تسحق ذاتك أمام الطغيان، أن تكون ضحية أمام وحشٍ هائجٍ لاتعرف حتى سبب هذا الحقد البشري وهذا الوحش الكامن فيه حيث يفقد الأنسان كل آدميته .
هنا ينتقل أيضاً الكاتب إلى مفاهيم أخرى إلا وهو الاستحباس وهو شيء مختلف عن الاستدمار، هو استسلام للسجن وهو تقبل السجن والتطور داخل هذه القوقعة ومقاومة الفعل التدميري عبر نسيانه، تفاصيلٌ صغيرةٌ وعديدةٌ يسردها الكاتب من خلال ذاكرة مسكوكة على طول فترة السجن لكي تعيشها مع الكاتب ولاشك أن الذي تلسعه الكرابيج، ليس كمن يقرأها أو يسمعها، فانت تذرف دمعة عصية، وهو يفاقم الحالة المتدرجة من الصراخ إلى البكاء ليتحول إلى بكاء طفولي، و يتحول إلى جثة هامدة فاقدة للوعي بكل شيء، إنها رواية منسوجة بإتقان الإنسان الفاقد لكل مايربطه بالحياة، ولكنها في الوقت ذاته ولادة من نوع أخر، من رحم أقبية الظلام ضمن جدران صماء باردة ، أو ظلام الروح بعد الخروج من السجن .
هي الكتابةُ صعودٌ من نوع آخر نحو فضاءات أكثر حرية، وعزاء نفسي مقابل ذلك الهبوط المدوي والصادم .
والرواية من جانب آخر ، توثيق إنساني هام لحجم الألم، وتفاصيل العذابات النفسية والجسدية لطبيب قضى أجمل سنوات شبابه متنقلاً بين السجون، وربما اقساها السنوات الثلاثة الأخيرة في سجن تدمر، حيث الألم ينطق الحجر والذل يقتل إرادة الحياة ، وسيكولوجية الإنسان المقهور المعذب المقهور تحيل السجين لكاتب بشكل أو بأخر، يكفي أن يغمض عينيه ويسرد تلك التفاصيل الصغيرة في انتهاك حرمة وقدسية الحرية والحياة، في مكان ضيق جداً ضد الإرادة وضد الكرامة٠
هذا الطبيب لم يقرر أن يصبح كاتباً، بل رنين الوجع في ذاكرته، نخر البرد في مفاصله، رعشة أصابعه القابضة على أسوار زنزانات منفردة وجماعية، الدمعة وهو يترجى مايسد به جوعه، إنها مواده وأدواته التي حاك لنا بها هذه المادة الأدبية في قالب روائي مميز أمتعنا بقدر ما أوجعنا



#بسام_مرعي (هاشتاغ)       Basam_Marie#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- للأزهار عيون
- رواية : وطأة اليقين الكاتب: هوشنك أوسي قراءة في كت ...
- قراءة في كتاب اختلال العالم للكاتب امين معلوف
- الغرانيق لرسول حمزاتوف الترجمة من الروسية


المزيد.....




- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...
- باللغة الفارسية.. شيخ الأزهر يدين استمرار الغارات الإسرائيلي ...
- “اخر كـلام “موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان 195 الموسم السابع في ...
- فيلم -المخطط الفينيقي-.. كم تدفع لتصبح غنيا؟
- حرارة الأحداث.. حين يصبح الصيف بطلا صامتا في الأفلام
- -بردة النبي- رحلة كتاب روائي في عقل إيران الثورة
- تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك 2025 بتحديثه الجديد على النايل ...
- قصة الرجل الذي بث الحياة في أوليفر تويست وديفيد كوبرفيلد
- وزيرة الثقافة الروسية: زاخار بريليبين مرشح لإدارة مسرح الدرا ...
- “وأخيرا بعد طول انتظار” موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 1 ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام مرعي - ماذا وراء هذه الجدران