أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منسى موريس - تهويد المسيح فى الكنيسة القبطية















المزيد.....

تهويد المسيح فى الكنيسة القبطية


منسى موريس

الحوار المتمدن-العدد: 6828 - 2021 / 3 / 1 - 03:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من أخطر الأفكار التي تقوض وتهدم الفكر المسيحي الأصيل محاولة تهويد "المسيح" نفسه ويكمن خطر هذه الأفكار في أنها تجعل المسيح كأنه لم يأتي بشىء جديد يختلف تماماً عن العهد القديم وللأسف الشديد التيار الغالب فى الكنيسة التقليدية القبطية بنسخته الطقسية الجامدة صار يلعب هذا الدور بأمتياز فوضع الطقس فوق الإنسان وقرأ الإنجيل بعيون يهودية ولم يقرأ العهد القديم بعيون إنجيلية وأخذ يفسر النصوص والآيات والأحداث تفاسير مغلوطة تخالف العقل والنص والتاريخ وحياة " المسيح ذاته " الذى هو المؤسس الوحيد والمشرع الأوحد كونه الإله المتجسد الذى هو محور الكتاب المقدس كله تخيل حجم الكارثة الكبرى أن هذا التيار المتشدد المُنغلق يفرض تأويله الخاطىء على كلام المسيح الصريح ثم يدعى بكل جرأة وثقة أن هذا التأويل هو الصحيح! يالها من أزمة مركبة أزمة في العقل والضمير والوجدان والإستنتاج ، يُعلمون بنجاسة المرأة وعدم تناولها أثناء فترة " الدورة الشهرية" وأولوية الطقس على الروح والإلتزام بالحرف لا المعنى والإحتكام إلى الناموس والشريعة وليس على ما عاشه السيد المسيح وعلمه ويريدون منا الرجوع مرة أخرى إلى عصر ما قبل "المسيح" وعلينا أن نقف على أهم أدلة هؤلاء ونفندها تفنيداً عقلياً ونصياً .
1- يقولون أن إله العهد القديم هو إله العهد الجديد وهو الذى أوحى العهدين معاً فبالتالى علينا أن نطبق ماجاء في العهد القديم .
2- يقولون أن " المسيح " قال ماجئت لأنقض الناموس بل لأكمل .
3- مادام العهد القديم موحى به من الله فعلينا إحترامه وتنفيذ وصاياه .
ونبدأ الآن في نقد هذه الأدلة ونبدأ بنقد الدليل الأول .
نقد الدليل الأول : يقوم هذا الدليل على نقطة جوهرية وهى بما أن الله هو المُشرع في العهدين إذن علينا الخضوع للعهد القديم مثل خضوعنا للعهد الجديد وهذه مغالطة عقلية كبيرة حيث أن هذه المغالطة تربط بين مصدر الوحى وطبيعة الوحى وكأن كل وحى مصدره الله يجب تنفيذه والعمل به وهذا خطأ فادح فالله قد يوحى بأمور تخص زمان معين ومكان معين وأمور محددة لاتصلح لكل زمان ومكان فليس كل مايوحى به الله ينبغي أن يُطبق في كل الأوقات لكن طبيعة هذا الوحى هي التي تحدد مايجب أن نؤمن به ويستمر في كل العصور والأزمان فالعهد القديم وحى ونحن لانختلف على هذا لكن جاء فيه بعض المبادئ التي كانت تخص الشعب اليهودى منذ آلاف السنين ولاتلزمنا نحن المسيحيون الآن مثل طبيعة دولة إسرائيل وقوانينها الجنائية وعقوباتها ونحن كمسيحيين نؤمن أن المسيح لم يأتي كحاكم سياسى بل فصل بين السُلطة الدينية وبين السُلطة السياسية كما قال هو بنفسه " أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله" وهنا السيد المسيح قال صراحة لليهود أن الحكم الدينى السياسى الذى كان موجوداً من قبل ينبغي أن يتحول إلى مُلك روحانى يحكم ضمير الإنسان ووجدانه وقلبه وهنا نلاحظ الإنتقال التدريجى في الوحى المسيحي فليس معنى أن الله هو الذى أوحى العهدين القديم والجديد إذن وجب علينا الإلتزام بهما ومن التناقض الغريب في فكر هؤلاء الذين يريدون منا الإحتكام إلى العهد القديم لايريدون الإلتزام بهذا المبدأ تماماً لأنهم يأخذون فقط الجانب الطقسى ويتركون الأحكام المتعلقة بدولة إسرائيل وقوانيها وعقوباتها رغم أن إلتزامهم بمنطقهم يفرض عليهم إما قبول الجانب الطقسى والسياسى أو يجعلهم يرفضون الأثنين معاً .
نقد الدليل الثانى : يقولون بما أن " المسيح" قال " ماجئت لأنقض الناموس بل لأكمل " إذن " المسيح لم يُلغى كل ماجاء في العهد القديم ونحن نقول نعم لكن ما المقصود بالعهد القديم؟ العهد القديم يحتوى على قيم أدبية وروحانية مثل وصايا موسى العشر والتي تتضمن وصايا أخلاقية "لا تقتل ، لا تسرق ، لاتزنى وهكذا .." وهذه القيم يجب علينا الإلتزام بها لأنها قوانين أخلاقية تصلح لكل زمان ومكان لكن المسيح أعطاها مستوى أعلى فبدل أن يقول المسيح لاتزنى قال من نظر إلى امرأة ويشتهيها فقد زنى بها وهذا هو التكميل والرقى إلى مستوى أخلاقى أعلى فالمسيح إتجه إلى الدوافع الداخلية للخطيئة وأراد معالجتها عن طريق نزع بذورها من قلب الإنسان ، ويحتوى أيضاً العهد القديم على شريعة سياسية تتعلق بشعب إسرائيل وهذه غير مُلزمة لنا نحن كمسيحيين لأننا نؤمن أن المسيح لم يأتي لكى يؤسس دولة دينية لأنه قال مملكتى ليست من هذا العالم فهنا نفهم أن الجزء الخاص بقوانين دولة إسرائيل كان محدد بحقبة زمنية معينة ولاننسى أن المسيح رفض رجم المرأة التي وقعت في خطيئة الزنا لأنه لم يأتي كى يعاقب الناس ويؤسس لحكم أرضى لكنه جاء ليخلص الإنسان من الداخل لأن القوانين والشرائع والعقوبات لايمكن أن تمنع الإنسان من إرتكاب الشرور لكن الذى يمنع إرتكاب الشر هو عندما يتغير قلب الإنسان من الداخل للأفضل لأن الخطيئة تنبع من الداخل ، أما الجانب الطقسى الذى يريدون هؤلاء الرجوع إليه وتطبيقه مثل " عدم مناولة المرأة أثناء الدورة الشهرية" فهذا الجانب أيضاً أبطله المسيح لأن المسيح كان صريحاً جداً وقال "ليس ما يدخل الفم ينجس الإنسان، بل ما يخرج من الفم هذا ينجس الإنسان" فالنجاسة الحقيقية حسب فكر الله هي الشرور التي تصدر من قبل وروح الإنسان ثم أن خليقة طاهرة في ذاتها فكيف ينجسوها هؤلاء نعم كان هذا الطقس موجوداً في العهد القديم لكن الله يتدرج بالبشرية فالوحى بدأ بالناحية الخارجية كالقوانين والتشريعات والطقوس والذبائح ونظافة الجسد وإنتهى في العهد الجديد بالناحية الداخلية الروحية وقد ذكر المسيح هذا الأمر وبكل وضوح حين دار حوار بينه وبين شاب يريد أن يعرف أي وصية هي العظمى في الناموس أو بالأحرى في العهد القديم كله ؟ « (متى 22) يا معلم، أية وصية هي العظمى في الناموس؟» 37 فقال له يسوع: «تحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل نفسك، ومن كل فكرك. 38 هذه هي الوصية الأولى والعظمى. 39 والثانية مثلها: تحب قريبك كنفسك. 40 بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والأنبياء» ويؤكد المسيح أيضا على هذا المبدأ في (إنجيل مرقس 12: 33) ومحبته من كل القلب، ومن كل الفهم، ومن كل النفس، ومن كل القدرة، ومحبة القريب كالنفس، هي أفضل من جميع المحرقات والذبائح». فهنا يلخص المسيح كل شيء في العهد القديم ويرده إلى محبة الله والناس ويؤكد " بولس الرسول على هذا الأمر كما جاء في (رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية 5: 14) لأن كل الناموس في كلمة واحدة يكمل: «تحب قريبك كنفسك»، و" المسيح نفسه عاش وكرز وخدم وعلم بين النساء ولم يسألهن عن هذا الشىء مُطلقاً وقد شفى المرأة النازفة الدم ولمسها ولم يعتبرها نجسه ، ثم كيف يمكن أن يمتنع الله عن إقامة علاقة مع الإنسان بسبب خروج دم من جسده بدون إرادة منه؟ أليس هذا تقليل من شأن الله والإنسان في وقت واحد؟ ألا يحق للمرأة أن ترفض هذا الإله الذى يتقزز منها بسبب عملية بيولوجية طبيعية لا دخل لها بها؟ والمحزن نجد تبرير هؤلاء لهذه الجريمة بحق المرأة والله مبررات تورط الله أكثر فيقولون أن هذه الدورة البيولوجية تُذكر المرأة بالخطيئة الأصلية ! ونحن نسأل لماذا لم يُذكر الله الرجل أيضاً بهذه الخطيئة؟ أم أن هذا الإله لديه مشكلة مع المرأة؟ وهل يعقل أن الله يظل يذكر الإنسان بخطيئته ويذله بها؟ أم دور الله الحقيقى هو مغفرة الذنوب ومحو الخطايا؟ أين هذا الإله الذى صنعوه هؤلاء من الله الذى تجسد وضحى بحياته لكى ما يُعيد العلاقة بينه وبين الإنسان؟ أين هذا الإله الذى صنعوه هؤلاء من الإله المسيحى الذى يريد أن يمحو كل خطيئة للإنسان بغفرانه وحبه اللامتناهى؟ أين هؤلاء من الإله الذى قال أريد رحمة لا ذبيحة و الخطيئة في المسيحية لها مفهوم أخلاقى يختلف تماماً عن الأمر الفسيولوجى الجسدى فالخطيئة هي إنحراف يكون مبنى على إرادة حرة مقرونة بالوعى فلو لم توجد إرادة فالنتيجة لاوجود للخطيئة لكن هؤلاء إختلط الأمر عندهم وأصبحوا لم يفرقوا بين الجانب العلمى الطبيعى البيولوجى وبين الجانب الروحانى لأنهم ببساطة تركوا جوهر الوحى وروحه وتمسكوا بالظاهر كما فعل أغلب الكتبة والفريسين في عصر المسيح.

نقد الدليل الثالث: يقولون أن مادام العهد القديم وحى من الله فعلينا إحترامه ونحن نتفق معهم ولا نقلل من العهد القديم لكن علينا وضع الأمور في سياقها التاريخى والثقافى والحاصل هو أنهم بذلك لايحترمون العهد القديم لأنهم أخرجوه من زمنه ولا يراعون التدرج التاريخى للوحى وهذه أكبر إهانة للوحى وللسيد المسيح نفسه الذى إنتقل بنا من الحالة الطقسية إلى الحالة القلبية الروحية و لم يقف عند الحرف لكن كانت الروح هي الكيان الهام بالنسبة له فالحرف قاتل ويهدم ويُعيق مسيرة الإنسان الروحية مع الله فلو كان العهد القديم كافى لماذا تجسد الله إذن وأعطانا العهد الجديد؟ إذا كان العهد القديم قادراً على تخليص الإنسان من الشر والخطيئة لماذا يكلف الله نفسه وينزل إلى أرضنا ويضحى بحياته ويرسل تلاميذه كى ليبشروا الخليقة كلها ويضحوا هم أيضاً بحياتهم ؟ للأسف نظرتهم الخاطئة هذه تقوض كل أسس الخلاص في المسيحية وتُعطى صورة مشوهة عن الله تجعل المرء ينفر منها ويرفضها وينتقدها ولايؤمن بها لأنها تقدم تصور بائس عن الله لايتناسب مع حقيقة الله الإنجيلى ولا مع الإنسان العقلانى الباحث عن الله .



#منسى_موريس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الله والحوذى والحصان
- أمور غريبة عن القديسين فى التراث القبطى
- الكنيسة وهويتها الحقيقية
- المسيحيون السريان وحضارتهم المنسية
- الكنيسة والترجمة
- الغرور المعرفى بين المؤمن والملحد
- صلاة لايصليها رجل الدين
- الله بين يوسف كرم وإيمانويل كانط
- العقل والوجود
- لماذا لم يرفع المسيح السيف ؟
- فلسفة القديس وفلسفة إبليس
- فلاسفة أهملناهم
- المرأة التى قتلناها
- مغالطات العقل القبطى
- نقد نظرية المؤامرة .
- دفاع عن الفلسفة .
- فك الترابط بين الإلحاد والتنوير
- النقد والإدانة فى الفكر الكنسي .
- شبهات حول العلمانية .
- الثالوث المسيحي والعقل الإنسانى


المزيد.....




- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...
- 45 ألف فلسطيني يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى ...
- استعدادا لذبحها أمام الأقصى.. ما هي قصة ظهور البقرة الحمراء ...
- -ارجعوا إلى المسيحية-! بعد تراكم الغرامات.. ترامب يدعو أنصار ...
- 45 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
- الأتراك يشدون الرحال إلى المسجد الأقصى في رمضان
- الشريعة والحياة في رمضان- مفهوم الأمة.. عناصر القوة وأدوات ا ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منسى موريس - تهويد المسيح فى الكنيسة القبطية