أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نايف سلوم - دور الفرد في التاريخ















المزيد.....

دور الفرد في التاريخ


نايف سلوم
كاتب وباحث وناقد وطبيب سوري

(Nayf Saloom)


الحوار المتمدن-العدد: 6825 - 2021 / 2 / 26 - 20:42
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


قال بليخانوف: "إن إدراك الضرورة يتفق تماماً مع العمل الأشد عنفواناً في الممارسة، وهذا على الأقلّ ما جرى في التاريخ حتى الوقت الراهن، حيث أولئك الذين أنكروا حرية الإرادة تفوّقوا في الأغلب على جميع معاصريهم في قوة إرادتهم الخاصّة وفرضوا عليها المطالب القصوى" . " لقد تفوّق هؤلاء الذين يعملون بأمر الحقّ لا بأمر النفس، والذين كانوا يتصورون الحرية، كما قال فيلون الإسكندري: "على أنها رِقّ تحت الله وأمره" حين تكون أفعالي المعطاة، في الوقت نفسه، هي تلك الأفعال التي أجد أنّها المُفضَّلة من بين جميع الأفعال الممكنة، فإنّ الضرورة تتوحّد إذن مع الحرية في ذهني. وحين تتوحّد الحرية مع الضرورة، عندئذ لا أكون فاقد الحرية إلا بمعنى أنني لا أستطيع أنْ أفصم عرى هذه الهوية بين الحرية والضرورة، لا أستطيع أن أُقيم التعارض بينهما، لا أستطيع الشعور بإكراه الضرورة، بيد أنّ مثل هذا الانعدام للحريّة هو التظاهر الأكمل لها في الوقت نفسه" وهذا هو حال الغنوصيين الكبار أمثال آريوس حوالي (250 – 336) ونسطوريوس (Νεστόριος) (386 -451 م).
إن الماديين الماركسيين يُلامون لتحيّزهم إلى "اليقينية" بعد بلورة مفهومهم الديالكتي عن الطبيعة والتاريخ.. "إن التاريخ يبين بالفعل أن "اليقينية" بالذات لم تكن بصورة دائمة معوقة للعمل النشيط في الممارسة العملية الاجتماعية، بل الأمر على النقيض من ذلك، إذ كانت في بعض المراحل قاعدة روحية أساسية لمثل ذلك العمل. وكدليل على ذلك نستشهد بالمتطهرين (الطهرانيين) الذين تفوّقوا طاقة على جميع الأحزاب الأخرى في إنكلترا في القرن السابع عشر، ومن قبل ذلك بأتباع محمد الذين أخضعوا خلال فترة قصيرة من الزمن، مساحة شاسعة تمتد من الهند حتى أسبانيا" فالتوحيد الحق الذي ظهر لدى محمد النبي هو عينه وحدة الحرية والضرورة بعد أن تبين له عين يقين العصر. وكذلك كانت الإرادة الاجتماعية-التاريخية الصارمة لدى لينين، بعد أن تبين له عين يقين عصره. إنها الضرورة التي تحولت إلى حرية، الحرية وقد أضحت في وحدة مع الضرورة. عند هذه النقطة يصبح الفرد-الشخص المنظّم، قوّة اجتماعية-تاريخية عظيمة، ولن يستطيع أن يمنعه شيء عندئذٍ من أنْ يتقدّم؛
و "يصبُّ جميعَ صواعق الغضب الإلهي
على الكذبِ الشرّير والمُراءات الفاضحة ""
إنّ الجهل وحده يجعل الضرورة خارجية، ويجعل الوعي في شقاء. والخلاص بالغنوص أو العِرفان معناه معرفة عين يقين العصر أو الحق الذي يجعل الضرورة والحرية في وحدة، ويجعل الإرادة في غاية الحزم والاقدام. يكتب لوسيان غولدمان: "الإنسان يتجاوز الإنسان" كما كتبنا معدّلين تعديلاً طفيفاً نصاً لباسكال. هذا يعني أنّه لايمكن للإنسان أنْ يكون أصيلاً إلا بمقدار ما يتصوّر نفسه أو يستشعر نفسه بوصفه جزء من مجموع في صيرورة ، ويضع نفسه ضمن بُعد غير فردي تاريخي أو متعالٍ" إن الفكر البورجوازي المرتبط، شأنه في ذلك شأن المجتمع البورجوازي نفسه، بوجود الفعالية الاقتصادية هو على وجه الدقّة أوّل فكر دنيوي بشكل جذريّ وغير تاريخي بآن واحد عرفه التاريخ، أوّل فكر يتمثّل في نزوعه إلى إنكار كل مقدس، سواء المُقدَّس السماوي للاديان المتعالية أو المُقدَّس المحايث للمستقبل التاريخي" ويضيف لوسيان: "على أنّه باسم قيم الليبرالة الصريحة وحدها على وجه الدقّة ، تلك التي ما تزال تكوّن وعي البورجوازية في مراحلها الصاعدة ، يعارض الروائي مجتمعاً وجماعة اجتماعية يُنكران بالضرورة في الممارسة القيم التي يؤكِّدانها صراحة . في حين أنّ هذا الوعي نفسه يُحيل كل القيم (عبر -الفردية) إلى قيم مُضْمَرة، أي يحجبها باسم الفرد-الصنم. إذا كان هذا هو حال الليبرالية في فترة ازدهارها وصعودها التاريخي، فكيف بك والليبرالية في مرحلة الانحطاط والأفول التي تلت فشل كمونة باريس 1871 م! ولهذا فالرواية ذات البطل الإشكالي، غير المُنْسجم وغير الراضي عن هكذا مجتمع، هي نظراً لبنيتها نفسها، رواية نقدية وواقعية؛ فهي تلاحظ وتؤكّد استحالة تأسيس تطوير أصيل للشخصية على غير القيم (عبر-الفردية) التي ألغى المجتمع الذي أوجدته البورجوازية على وجه الدقة كل تعبير أصيل وعلني في آن واحد عنها"
وفي الحالات التي يؤلّف فيها الموقف النقدي ومعارضة الفرد إزاء العقلية الجمعية الشاملة (الوعي السائد) ذاتهما قيماً تدعو إليها صراحة بعض القطاعات الجزئية من هذه العقلية وهو ما ينطبق على حالة أوريجين السكندري . نعرف في هذه الحالة ونفهم معنى أن يكون الخلاص" فردياً " أي (عبر-فردي) لدى الغنوصيين، ونفهم كيف تُعَبِّر حلقات مذاكرة سريّة وتنظيم عن قطاعات جزئية من الوعي المنتشر، لكن بنبرة اعتراض ونقد للمؤسسة الدينية وللامبراطورية، أي قطّاعات جزئية مُنشقّة عن الوعي السائد.
يكتب إميل بريهيه: "وإذا نظرنا إلى الأفكار العامّة التي يقوم عليها مذهب فيلون (الإسكندري)، نجد أن الفيلسوف كان في وضع عسير، بسبب آرائه الخاصّة بالدار الأخرى. حقّاً إنّ كل الهناء أو السعادة المادية التي يضعها اليهود، مثلهم في هذا مثل مؤلفي" la sibylle " ويرونها نهاية التقدّم، ليست شيئاً في رأي فيلون، إذا قورنت بالتقوى والمعرفة الحقّة لله. هذه السعادة لا تتعلق إلا بالجسم والأشياء الظاهرية أو الخارجية، بينما خيرات النفس أو الروح هي الخيرات الحقيقية. ولكنْ حينئذٍ على ما يرى فيلون، يكون على التقدم الخارجي والتاريخي للشعب أن يترك مكانه للتقدم الداخلي والمعنوي أو الأدبي. وهذا النوع من التقدّم لايمكن أن يتمّ تصوّره، كتقدم لشعب بأسره ولكن فقط، كتقدم لشخص أو أشخاص." ففي الطور السادس أو النهائي للمأساة، طور انهيار وتفكك المجتمع الملهاوي، تصبح الوحدات الاجتماعية للملهاة صغيرة وباطنية أو مقتصرة على شخص واحد. وتصير الأمكنة السريّة والمحمية، والغابات في ضوء القمر، الوديان المنعزلة والجزر السعيدة أكثر بروزاً.. وكذلك حب الغنوص(العِرْفان) والعجائب، والاحساس بالانفصال الفردي عن الوجود الروتيني(اليومي). في هذا النوع من الملهاة نكون قد غادرنا نهائياً عالم البداهة والذكاء النقدي اليقظ (عالم العقل الاستدلالي الطبيعي) إلى المحور المعاكس، إلى وقار النبوءة التي إذا استسلمنا لها دون تحفظ تمنحنا رعشة لذيذة." هذا هو عالم القصص أو عالم (لوغوس-ميتوس) الميثولوجي-الديني التأسيسي.
(هذه المقالة نُكتة من كتابنا الجديد: المعجزة-الشّذْرات والنُّكت في السيرة المحمدية-الجزء الثاني: رسالة في الغنوصية)



#نايف_سلوم (هاشتاغ)       Nayf_Saloom#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكم بالوكالة ومسألة -الفساد-
- التنين الأكبر: الصين في عقدين
- -فك الارتباط- المعكوس و -نهاية التخلف-
- رسالة في نظرية اللوغوس عند فيلون الإسكندريّ
- المدينة المسحورة
- نقد الفرويدية
- الماركسية وتأسيس علم نفس موضوعي*
- اللوغوس -ذي القرنين-
- نقد نظرية -نمط الانتاج الكولونيالي-
- إضاءات خاطفة على كتاب «ماركس ومجتمعات الأطراف»
- ماركس - انجلز وتهمة الاستشراق
- عرض كتاب هاري ماجدوف: -عصر الإمبريالية-*
- عرض كتاب بول باران - بول سويزي -رأس المال الاحتكاري-*
- عرض كتاب بول باران: -الاقتصاد السياسي للتنمية -
- في نقد إطراء البورجوازية الليبرالية
- بحث في -مأساة الحلاج-
- كوميديا -لوبّاخين- أمير روسيا الرأسمالية المتأخرة (قراءة في ...
- تعليقات على مسرحية -سفر برلك -*
- ديالكتيك نمط الإنتاج والتشكيلة الاقتصادية- الاجتماعية
- المتنبي وهاملت


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نايف سلوم - دور الفرد في التاريخ