أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سعد سوسه - دور بريطانيا في قرار الحكومة العراقية بنفي علماء المؤسسة الدينية وعودتهم:















المزيد.....

دور بريطانيا في قرار الحكومة العراقية بنفي علماء المؤسسة الدينية وعودتهم:


سعد سوسه

الحوار المتمدن-العدد: 6815 - 2021 / 2 / 15 - 10:16
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ادركت الحكومة البريطانية ، أن المؤسسة الدينية ، ولاسيما الشيعية ليس بالإمكان تحجيمها والسيطرة عليها ، نظراً لتأثيرها على شيعة العراق . الذين " يعملون وراء المصلحة المذهبية من دون المصلحة الوطنية ومصلحة المجموع" طبقاً لما جاء في تقرير رسمي اعد خصيصاً لهذا الموضوع .
وبناءً على ذلك ، رأت حكومة عبد المحسن السعدون ، أنه لا بد من اتخاذ إجراءات اكثر صرامة ، فقد قررت في السابع عشر من حزيران عام 1923 ، بأكثرية الأصوات البدء بإجراء الانتخابات في الألوية العراقية وتهديد المرجعيات المعارضة قانونياً ، وذلك بتسفير من لا يحمل التبعية العثمانية منهم إلى خارج العراق ، وتقديم العراقيين المقاطعين للانتخابات إلى المحاكم عن طريق تعديل قانون العقوبات البغدادي بحيث أصبح بإمكانها اخراج الأجانب من العراق إذ ما اقترفوا جنحاً سياسياً . واستناداً إلى ذلك ، اخذ السعدون على عاتقه مهمة القيام بهذا العمل مستنداً إلى مركزه كرئيس للوزراء ووزيراً للداخلية وكالة، فبدأ بتعقيب أسماء الذين كلفوا بنشر الفتاوى وتوزيعها ومعرفة عناوينهم والطرق التي يسلكونها . واجريت التحقيقات اللازمة التي كشفت عن اسماء الكثير من علماء المؤسسة الدينية المشاركين في حركة المقاطعة . بتعبير ادق ، إن عبد المحسن السعدون رأى ان أفضل سبيل لإجراء الانتخابات هو ضرب المؤسسة الدينية ، وذلك عن طريق نفي بعض رجال الدين البارزين إلى خارج العراق . مع العلم ، أن الملك كان يشكو من تدخل بعض اقطاب رجال الدين في امور المملكة ، فكان راغباً بإلقاء القبض على اقطاب المؤسسة الدينية ، إلا إنه ظل متردداً في ذلك، لأنه كان يخشى ان يؤدي مثل ذلك العمل إلى قيام ثورة ثانية في البلاد ، ولكنه وجد في تحمل السعدون لتلك المسؤولية متنفساً لرغبته، فضلاً عن أن السلطات البريطانية كانت راغبة في مثل ذلك . ننقل نصاً ما جاء في احدى التقارير البريطانية المرفوعة إلى عصبة الأمم بهذا الخصوص : " إن المستشارين البريطانيين كانوا يحرضون الوزراء العراقيين لاتخاذ مثل تلك الإجراءات الصارمة للثأر لهيبة الحكومة العراقية. ولكي يجد السعدون المبرر اللازم لنفي علماء المؤسسة الدينية ، اجرت وزارته بعض التعديل على قانون العقوبات في التاسع من حزيران 1923 بحيث اصبح في امكانها نفي الأجانب إذا ما اقترفوا جنحاً سياسياً " .
من جهة اخرى ، قام الملك فيصل في الثامن عشر من حزيران 1923 بجولة اخرى في الألوية الجنوبية والوسطى، فزار الكوت والعمارة والبصرة والناصرية والديوانية والحلة، وكان هدفه من ذلك،هو تعزيز موقف الحكومة في الانتخابات والظاهر أن الزيارة ودعوة الملك إلى الانتخاب حظيت باستجابة شيوخ العشائر ولاسيما في المنطقة الجنوبية ، وقد ظهرت نتائج هذه الزيارة سريعاً . فقد تمكن الملك فيصل في جولته من إقناع عدد من رؤساء العشائر المعارضين للحكومة ، بتغيير موقفهم ، والتعهد بالمشاركة في الانتخاب ، مقابل تعهد الملك لهم، بمنحهم امتيازات كتلك التي منحت للموالين للحكومة، وأن تصفح سلطات الانتداب عن دورهم السابق في معاداتها .
مما سبق يبدو واضحاً ، أن الملك وسلطة الاحتلال كانا يسعيان نحو ضرب تيار المعارضة السياسية في الصميم من جهة ، وتفكيك التماسك العشائري من جهة اخرى ، وذلك من خلال جذب كبار رؤساء العشائر المعارضة إلى جانبها ، ومن ثم تهيئة جميع الظروف المناسبة لتوجيه الضربة . ولاسيما أن البريطانيين قد يئسوا من إقناع الشيخ مهدي الخالصي في الرجوع عن فتواه في تحريم الانتخابات ، فدسوا اليه السم ، إلا إن الشيخ مهدي الخالصي شعر به قبل ان يكمل تناول ما دس له ، واسرع إليه الأطباء في معالجته فتماثل للشفاء ، وكتب الخالصي كتباً عديدة دعا فيها إلى الوقوف ضد البريطانيين والقيام بحرب شاملة للعراق بأسره ، الا انه لما اشتد النزاع بين مهدي الخالصي من جهة ، وبين البريطانيين والملك فيصل من جهة اخرى، وعندما يئسوا من إقناعه وإرهابه ، عزموا على نفيه .
جاء إصدار الفتاوى ونشرها مع بدء جولة الملك في الألوية الجنوبية التي بدأت في الثامن عشر من حزيران 1923، واستغلت السلطات البريطانية فرصة عدم وجوده في العاصمة لوضع إجراءاتها المنوي اتخاذها ضد رجال الدين موضع التنفيذ لا لأنها لا تتمكن ان تمارس ذلك بحضوره ، ولكن دفعاً للإحراج الذي قد يقع فيه الملك .
على أية حال ، بدأت سياسة الحكومة الشديدة تجاه قادة الحركة الإسلامية حيز التنفيذ في الحادي والعشرين من حزيران 1923 في أثناء محاولة علي تقي بن محمد تقي وهو ابن اخت الشيخ الخالصي لصق فتاوى العلماء المعارضة للانتخابات على أحد أبواب مرقد الامام موسى الكاظم (عليه السلام) ، في منطقة الكاظمية ، فألقى القبض عليه اثنان من رجال الشرطة اللذان كانا يرتديان ملابس مدنية ، فهاجمهما عدد من عامة الناس لمساعدته في الهرب ، لكن شرطياً آخر بملابسه الرسمية ساعدهما وتمكنا من القبض عليه وإرساله إلى مركز الشرطة ، وأدلى هناك باعترافات منها ، أن جميع الفتاوى الدينية كانت تنسخ في مدرسة الخالصي ، وألصقها أنا (علي تقي) وولدا مهدي الخالصي وسلمان القطيفي أحد تلامذة مدرسة الخالصي .
وفي السياق ذاته ، قام حسن بن الشيخ مهدي الخالصي بمحاولة لصق منشور آخر على باب الجامع ، ولما حاول أحد افراد الشرطة اعتقاله تعرض إلى هجوم الناس عليه، ومع ذلك نجحت الشرطة باعتُقال حفيد الخالصي وولداه حسن وعلي والشيخ سلمان القطيفي، وفي الثالث والعشرين من حزيران 1923 امر الشيخ الخالصي بغلق الأسواق احتجاجاً على اعتقال اولاده .
بعد هذه الأحداث ، أخذ الشيخ مهدي الخالصي يواصل اجتماعاته في اماكن مختلفة ويبعث الرسائل إلى رؤوساء العشائر في الفرات الأوسط ، وعلماء المؤسسة الدينية في النجف يخبرهم بها ، إن الحكومة اعدت خطة مشددة قاسية ، الامر الذي يتطلب منهم اتخاذ التدابير اللازمة .
بالمقابل ، حاول السعدون التمهيد لخطته بخلق شيئ من الكراهية ضد علماء المؤسسة الدينية من إيرانيي الجنسية ، عن طريق إثارة النعرة القومية واتهامهم بعدم الحرص على مصلحة البلاد ، بل والتشكيك بعملهم واجتهادهم وفتاواهم ، ففي الخامس والعشرين من حزيران 1923 أصدرت حكومة السعدون بياناً رسمياً ذمت فيه المجتهدين ذماً قبيحاً هذا نصه: " دخلاء لا علاقة لهم بالقضية العربية ولا تهمهم مصالح الشعب الحقيقية ، وانهم يختلقون اقوالاً يزعمون انها مستنبطة من الشرائع الدينية غير انهم لا يقصدون فيها سوى الاخلال بسير الانتخابات ، وتضليل الراي العام بنشرهم الاعلانات والصاقها بالجدران لتاخير تقدم سير الادارة نحو النجاح ، والوقوف في سبيل الشعب من الوصول إلى السلطة التي له ان يتمتع بها . وان ما اظهرته الحكومة من الحلم والأناة شجع هؤلاء الغرباء المتهوسين على التمادي في التضليل حتى انهم تجاوزوا مؤخراً على حرمة المراقد المقدسة بحركات تخالف الآداب الدينية كل المخالفة ويتحاشاها اهل التقوى والدين أي تحاش وذلك بالصاقهم على اضرحة الائمة (ع ) وجدران الحرم نشريات مفسدة ومهيجة تحت ستار الدين وباسمه مما يهتك حرمة العتبات المقدسة ويجعلها معرضاً لتنفيذ تلك الغايات المضلة التي لم تبن الا على سوء نية وللإضرار بمنافع الشعب . فرداً لمد يد التجاسر الذي يخشى حصوله على اضرحة الأئمة ( ع ) رات الحكومة ان من الواجب عليها القاء القبض على الاشخاص الذين تصدوا لهذه الحادثة الأخيرة وايداع امرهم إلى التحقيقات القانونية . وبهذه المناسبة يجب ان يعلم ان الحكومة لا يمكنها ان تتهاون على مثل هذه الاعمال وستعاقب كل من يتصدى للعبث بحقوق الشعب المشروعة" .
لم يكتفِ السعدون بالقاء القبض على الشيخ الخالصي نفسه ، إذ رأى في تسفير الشيخ إلى خارج العراق قطعاً لدابر محاولات علماء المؤسسة الدينية ، ولا سيما في الكاظمية، فبعث في الخامس والعشرين من حزيران 1923 برقية إلى الملك، الذي كان لا يزال مستمراً في جولاته في جنوب العراق ، شارحاً له فيها الحوادث التي وقعت بين رجال الشرطة وعائلة الشيخ الخالصي ، وان الاخير كان السبب الرئيس من وراء تلك الأحداث ، إذ كان يحرك الناس علناً ضد الانتخابات في مناطق بغداد والكاظمية ، وإن الحكومة لا يمكنها أن تبقى مكتوفة الأيدي على افعاله، وترى ضرورة إبعاده عاجلاً هـو وولديه وابن اخته الشيخ علي تقي والشيخ سلمان القطيفي . وبناءً على ذلك داهمت الشرطة دار الشيخ مهدي الخالصي في ساعة متأخرة من ليلة السادس والعشرين من حزيران 1923 واعتقلته مع اثنين من ابنائه وابن اخيه وسلمان القطيفي وإرسالهم إلى البصرة بقطار خاص، ثم بزورق إلى عمان .
كان أمراً طبيعياً ، أن تصدر الحكومة بياناً تبرر فيه إجراءاتها القاسية ضد الخالصي وعائلته ، إذ اكدت في بيانها أنها عازمة على تسلم السلطة القانونية إلى ممثلي الشعب الحقيقيين ولا يمكننا أن نتساهل إزاء تلك الأهواء الأمنية تحت ستار السلطة الدينية في الأمور المتعلقة بحقوق الأمة .
بالمقابل ، كان لاعتقال الشيخ مهدي الخالصي رد فعل كبير في مدينة الكاظمية ، إذ كان التوتر شديداً وسادها الإضراب ، لكن الحكومة اتخذت التدابير الاحتياطية ، فأرسلت أعداداً كبيرة من قوات الشرطة ومصفحاتها وأحاطت هذه القوات بالمدينة من كل جانب ، وأصبحت مدينة الكاظمية وكأنها معسكر من المعسكرات . وتمكن البعض من الذهاب إلى بغداد ، ونشر الخبر بين اهاليها ، فأضربت معظم اسواق بغداد وأخذ الناس يتجمهرون هنا وهناك ، ولكن ما اتخذته السلطات من تدابير مشددة واحتياطات ، حال دون وقوع أي انفجار ومر الحادث بسلام طبقاً لما جاء في مذكرات شاهد عيان .
أما في النجف الأشرف فقد شهدت حملة احتجاج ضد إجراءات الحكومة ، فأغلقت الأسواق بناء على توجيه علماء المؤسسة الدينية ، وامتدت حملة الاحتجاج إلى مدينة كربلاء، وسار تجمع كبير من علماء المؤسسة الدينية إلى مسجد السهلة ثم إلى كربلاء ليواصلوا سفرهم إلى إيران ، برئاسة اثنين من علماء المؤسسة الدينية وهما ابو الحسن الأصفهاني وميرزا حسين النائيني ، كان الغرض منه تنظيم هجرة جماعية لرجال الدين الشيعة إلى إيران ، لكن عدداً كبيراً منهم عاد في أثناء السير تجاه الحدود (1) ، وفي التاسع والعشرين من حزيران عام 1923 لم يصل إلى كربلاء سوى خمسين شخصاً بقيادة المجتهدين المذكورين سابقاً، وقد أبرق وزير الداخلية إلى المتصرف يطلب منه أن يؤكد لعلماء المؤسسة الدينية بصورة عامة أن الحكومة لا تقصد القيام بأي عمل ضدهم على شرط أن يمتنعوا عن التدخل بالسياسة ، وسيبقون موضع احترام وتقدير، وعندما أصر تسعة من علماء المؤسسة الدينية البارزين يرافقهم خمسة من أقاربهم وخدمهم وطلابهم على مغادرة البلاد، قامت الحكومة العراقية بتقديم الإمكانيات كافة لتسهيل سفرهم ، وقد عبروا الحدود الإيرانية العراقية في الثالث من تموز 1923 .
وقد اعتقدت الحكومة العراقية أن دور المؤسسة الدينية قد انتهى تماماً ، أشار تقرير بريطاني إلى أن مناطق الفرات الأوسط لم تظهر حماسة لاتخاذ تصرف لصالح العلماء . وفي كل من اربيل ، وكركوك ، والكوت ، العمارة والناصرية استقبلت بعدم مبالاة في حين أن هذا لم يثر أي اهتمام في البصرة . وأشار كذلك إلى أن نسبة كبيرة من السنة وافقت على الإجراء الذي اتخذته الحكومة لأسباب دينية صرفة ، الا ان التقارير الخاصة، قد أكدت ان علماء الدين بدأوا يستمرون في لقاءاتهم واجتماعاتهم في دار أبي طالب الأصفهاني ، فحذرتهم شرطة الكاظمية من عدم القيام بأي عمل ضد الدولة (2) .
لم تكتفِ الحكومة بنفي علماء المؤسسة الدينية الكبار ، بل بقيت تشن عليهم حملة عدائية في صحافتها ، وكان سلمان الشيخ داود يكتب اعنف المقالات في ذمهم والتشكيك بأهدافهم وإنكار نضالهم من أجل استقلال العراق . ففي مقال عنوانه "الجبن الأدبي" قال كلام يتقاطع مع كل منطق تاريخي سليم هذا نصه:" مع أن هؤلاء المتذبذبين قد عاشوا متظللين بسماء العراق العربي ، واستنشقوا هواء هذه البلاد فإنهم لم يفتأو عن محاربتها والإيقاع بها تحت ستار مزركش يأخذ لمعانه بابصار السذج من ابناء البلاد الا وهو ستار الديانة والوحدة الدينية وغيرها التي لا يمكن تحقيقها نظراً إلى انتشار مبدأ القومية . وانا على يقين من أنهم لم يقصدوا سوى الفت في ساعد الحركة العربية المباركة ، فهم بذلك يخونون البلاد التي ينعمون تحت ظلها الوارف بقصد خدمة شعب اجنبي كان من اكبر عوامل القضاء على دولة العرب وابادة مدينتهم الزاهرة . ومع ما انطوى عليه هؤلاء الافراد من روح العداء للبلاد فانهم يظهرون اذا جوبهوا كل جبن وخضوع (3) .
على أية حال ، قرر مجلس الوزراء اجراء الانتخابات اعتباراً من الثاني عشر من تموز عام 1923 وحل الهيئات التفتيشية التي تألفت سابقاً ، وتأليف هيأت جديدة وهذا القرار لا يمنع الأعضاء السابقين في الدخول لعضوية الهيئات التفتيشية (4) ، واستطاعت انتخاب المنتخبين الثانويين باستعمال أساليب الشدة والبطش ، ولم يبق أمامها إلا انتخاب النواب (5) . مع العلم ، إن المندوب السامي البريطاني دوبس كان يتابع الانتخابات عن كثب خلال زياراته الميدانية والتقارير التي كان يرفعها له المفتشون الإداريون البريطانيون .
ومهما يكن من أمر ، فان الوضع كان هادئاً تماماً في أثناء استئناف عملية الانتخاب، فقد تكررت عملية لصق الفتاوى مرة اخرى في الكاظمية ، وقامت الشرطة بإزالتها . فضلاً عن ذلك ، فقد شهدت النجف مقاطعة الانتخابات ، ورفض الانتداب ، الأمر الذي دفع مولود مخلص متصرف لواء كربلاء بارسال برقية إلى وزير الداخلية شخصياً يعلمه أن قائمقام النجف قد أفاد له " بأنه قد عُقد اجتماع سياسي في النجف حضره منتخبو الهيئة التفتيشية ، ورؤساء النجف ، وعلمائها كالجزائري، والجواهري ، وبحر العلوم وغيرهم ، وتحالفوا على رفض الانتخاب وحرروا مضبطة في ذلك وهم بصدد تقديمها ، ولم يخالف إلا عبد المحسن شلاش والسيد الكليدار ، وهم على وشك الموافقة وكان القائم بالاجتماع الشيخ عبد الكريم الجزائري وبصحبته اعوان العلماء الإيرانيين" ، وقد أثار ذلك ، حفيظة وزارة الداخلية إذ أمرت المتصرف بالذهاب إلى النجف وإبراق المعلومات التالية حالاً:" هل كان الاجتماع سري ام علني؟ هل يعترف المجتمعون بالمخالفة ؟ واذا تمكنتم خذوا اعترافاتهم بذلك تحريرياً ، المضبطة كيف نظمت ولمن قصدهم بقدومها ؟ اضطروا عبد الكريم الجزائري بان يمتنع عن هذه المداخلات والا سوف يطبق القانون بحقه ، هل ترون لزوماً لإرسال قوة من الجند إلى هناك؟" نفذ المتصرف امر وزارة الداخلية وذهب إلى النجف لمعالجة الوضع الخاص بالانتخابات وتسريع العملية الانتخابية في وضع حد للمداخلات التي قد تحصل" (6) .
ثمة حقيقة تاريخية ألا وهي ، أن إبعاد المؤسسة الدينية إلى ايران ، قد ترك اثار عميقة على المجتمع الشيعي في العراق وإيران ، هذا ما أكده كورنواليس ، المستشار البريطاني لوزارة الداخلية العراقية في تقريره إلى هنري دوبس المندوب السامي البريطاني الذي ذكر فيه ما نصه :" إن الإجراء الذي اتخذ بحق الخالصي كان ذا اهمية تاريخية ، لانه وجه ضربة قاصمة إلى النفوذ الفارسي في العراق واظهر للناس لاول مرة ان لديهم حكومة تستطيع العمل بقوة وفاعلية بمبادرتها الخاصة ".
بالمقابل ، كتب المندوب السامي هذا القول: " هناك في الوقت الحاضر فرصة فريدة يمكن من خلالها تطهير المدن الشيعية من هيمنة النفوذ الفارسي الذي مورس لسنوات لحساب المصالح العربية الحقيقية بهدف إطالة الفوضى بين القبائل . وقد لا تتكرر مثل هذه الفرصة السانحة ابداً ".
كانت سياسة السلطات البريطانية تجاه المؤسسة الدينية بعد نفي مراجعها الكبار العمل على كسب العديد من علماء المؤسسة الدينية ذوي المراتب الدنيا نسبياً ، وفي مقدمتهم علي كاشف الغطاء ونجله احمد ، فقد أبلغ هؤلاء في المجالس الخاصة أنهم لا يؤيدون مقاطعة الانتخابات ، فضلاً عن ذلك ، أن البريطانيين رشوا العديد من كبار علماء المؤسسة الدينية في العراق ، ولاسيما فيروز ابادي " لشراء رجال الدين العرب " من اجل اعلان شرعية الانتخابات .



#سعد_سوسه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سياسة بريطانيا تجاه موقف المؤسسة الدينية من انتخابات المجلس ...
- سياسة بريطانيا تجاه موقف المؤسسة الدينية من المعاهدات العراق ...
- سياسة بريطانيا تجاه موقف المؤسسة الدينية من تتويج فيصل ملكاً ...
- سياسة بريطانيا تجاه موقف المؤسسة الدينية من تتويج فيصل ملكاً ...
- الجذور الاجتماعية والفكرية لعلماء المؤسسة الدينية السنية في ...
- الجذور الاجتماعية والفكرية لعلماء المؤسسة الدينية السنية في ...
- الجذور الاجتماعية والفكرية لعلماء المؤسسة الدينية السنية في ...
- الجذور الاجتماعية والفكرية لعلماء المؤسسة الدينية السنية في ...
- سياسة بريطانيا تجاه موقف المؤسسة الدينية من قضية النصولي :
- الجذور الاجتماعية والفكرية لعلماء المؤسسة الدينية الشيعة في ...
- الجذور الاجتماعية والفكرية لعلماء المؤسسة الدينية الشيعة في ...
- الجذور الاجتماعية والفكرية لعلماء المؤسسة الدينية الشيعة في ...
- سياسة بريطانيا تجاه موقف المؤسسة الدينية من تمرد الاثوريون
- سياسة بريطانيا تجاه موقف المؤسسة الدينية من التجنيد الإجباري ...
- محاولات الإدارة البريطانية احتواء ولاء المؤسسة الدينية
- الاحتلال البريطاني وموقف المؤسسة الدينية منه . ج / 2
- الاحتلال البريطاني وموقف المؤسسة الدينية منه .
- الاتجاهات التربوية للوجودية
- مرادفات الاتزان الانفعالي
- التعبير عن الانفعالات


المزيد.....




- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...
- وسائل إعلام: الدفاعات الجوية الإيرانية تتصدى لهجوم صاروخي وا ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع هجوم ...
- فرنسي يروي تجربة 3 سنوات في السجون الإيرانية
- اقتراب بدء أول محاكمة جنائية في التاريخ لرئيس أميركي سابق
- أنباء عن غارات إسرائيلية في إيران وسوريا والعراق
- ??مباشر: سماع دوي انفجارات في إيران وتعليق الرحلات الجوية فو ...
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية الرسمية نقلا عن تقارير: إسرائيل ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سعد سوسه - دور بريطانيا في قرار الحكومة العراقية بنفي علماء المؤسسة الدينية وعودتهم: