أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - بولات جان - العصيان المدني، الدواء الناجع لداء العصر الحلقة الرابعة














المزيد.....

العصيان المدني، الدواء الناجع لداء العصر الحلقة الرابعة


بولات جان

الحوار المتمدن-العدد: 1621 - 2006 / 7 / 24 - 07:07
المحور: المجتمع المدني
    



سقراط: (470-399 ق م)

لا يختلف الكثيرون و أنا خارجهم، عن أن أولى عمليات العصيان المدني بدأت مع ما قام به سقراط الفيلسوف! لكن ما الذي فعله سقراط ليكون أول عاصي مدني في التاريخ و مثالاً يُتبع إلى يومنا هذا؟

" أثينا كالحصان و أنا ذبابة أظل أطنّ حوله كي أوقظها" سقراطٌ قائلها! فقد كان يتجول في الجادات و الاسواق، يستوقف المارة من العامة و يطرح عليهم أسئلته بديهية ظاهراً و فلسفية باطناً. فقد كان يعرض كل البديهيات و ثوابت المنطق للمساءلة و إعادة النظر بها من جديد. كان يطرح سؤالاً على شخصٍ ما و يتركه في حيرة من أمره... فقد كان"الذبابة" التي تطنّ دائماً لإيقاظ"الحصان" الغافل! كان هدفه الرئيسي محاكمة المنطق العام و إعادة تشكيل العلاقات الاجتماعية بين الطبقات الدنيا و العليا و بين البشر و الآلهة من جديد... فقد كان يرفض المسلمات من الأمور و يعمل على نبش كل ما في المنطق من بديهيات الفكر. كان محور فلسفته معرفة الإنسان لنفسه(أعرف نفسك)آمن به العديد من الشبان و تتلمذوا على أفكاره و اعتنقوا فلسفته. كان الحكام ينظرون إلى سقراط بريبة و هلع و يتوجسون خيفة من فلسفته و محاكماته للمنطق و الثابت في الفكر الجماعي لأثينا و انتقاده للحكم. أتهمه خصومه بالزندقة. أُلقي القبض عليه و أودع السجن بتهمة إخراج الشباب عن طريق الصواب و تضليلهم. جرت له محكمة و تحولت هذه المحكمة إلى مناظرة فلسفية و فكرية تاريخية. لم يدافع سقراط قط عن نفسه ضد التهم الموجهة ضده، بالرغم من أنه كان يعلم بأن عقوبة تضليل الشباب هو الموت حسب قوانين أثينا. كان يدافع عن أفكاره و حوّل المحاكمة إلى منبر دافع من خلالها عن حرية الفكر و التعبير و أهمية الحرية الفكرية لضمان الحياة و حماية للمدينة. صدر بحقه عقوبة الموت و ذلك باجتراع السم. لم يعترض على جزائه و لم يهرب من السجن بالرغم من توفر كافة الظروف لذلك، فقد كان يحترم قوانين مدينته و يعرف بأن المعرفة و الفلسفة بحاجة إلى التضحية و كان مستعداً لذلك. حتى أنه تجرع السم بنفسه ضارباً أروع مثال على العصيان المدني و المعارضة السلمية ضد نظام الحكم و سفسطة السفطاء و جهل العامة. فقد أبلى بلاءً حسناً حين ارتشف السم بنفسه و لم يحتقر جلاديه، فقد بيّن احترامه للقانون و كان تصرفه هذا بمثابة انتقاد أخلاقي و سياسي موجه للنظام. هذا الموقف الجليل بات عماداً من أعمدة العصيان المدني و مبدأ اساسياً فيه.

قد تتساءلون: " كيف هذا و قد بيّنت ضمن تعريفك للعصيان المدني بأنه ينتهك القانون؟ فكيف يكون احترام سقراط للقانون مثالاً يُحتذى به في عمليات العصيان المدني؟ هل يعني هذا أن نحترم القوانين الخاطئة؟" سؤالٌ محق انهمكت لإيجاد جوابٍ شاف له. و النتيجة تتلخص في النقاط التالية:

1- العصيان المدني ليس ضد كل القوانين بل ضد قوانين بحد ذاتها و تنتهكها لتغيره أو إلغاءها. كقانون منع الزنوج من ارتياد بعض الاماكن. انه قانون و لكنه قانون خاطئ و من واجب العصاة المدنيين و بالأخص الزنوج أن يرتادوا تلك المناطق لانتهاك ذلك القانون.

2- لم يكن سقراط معارضاً لقانون" يعاقب كل من يضلّ الشباب عن درب الصواب" و كل من له ضمير لن يقبل تضليل الشباب و خداعهم. و من المعروف بأن سقراط كان محبٍ لمدينة أثينا و محترماً لقوانينها و لذلك لم يعترض على العقوبة الصادرة حسب ذلك القانون أو النص المعني به. فعمليته نابعة من النزاع بين منطق إدارة أثينا و مفهوم سقراط للحرية و المعرفة!

3-رسالة أخرى علينا فهمها من موقف سقراط، أ لا و هي الوقوف بوجه كل من يحاول خداع الشباب و إضلالهم باستغلال عواطفهم و مشاعرهم الفتية.

4-موقف سقراط من العقوبة و شربه للسم بنفسه و عدم فراره من السجن كان بمثابة نداء لمجتمع أثينا فقد ترك أثراً في ضمير المجتمع حتى يومنا هذا. فلو هرب أو ركع للحكام كي يعفوا عنه أو أعلن عن خطأه و طلب المغفرة، لماَعرفنا شيء أسمه سقراط الفيلسوف اليوم و ما كان ليصل إلى يومنا هذا. و شيء آخر يعلمنا إياه فيلسوف المعرفة. و هو أن تكون مستعداً لتقديم كل غالي و نفيس فداء أفكارك و أهدافك العظيمة حتى لو كان الثمن روحك.

سيتابع



#بولات_جان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العصيان المدني، الدواء الناجع لداء العصر الحلقة الثالثة
- العصيان المدني، الدواء الناجع لداء العصر الحلقة الثانية
- العصيان المدني، الدواء الناجع لداء العصر الحلقة الأولى
- زرع الحياة
- آه ياصغيرتي*
- رسالة ملاك إلى...
- ستأتين


المزيد.....




- مفوض حقوق الإنسان يشعر -بالذعر- من تقارير المقابر الجماعية ف ...
- مسؤول أميركي يحذر: خطر المجاعة مرتفع للغاية في غزة
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر خارج منزل تشاك شومر في مدينة نيويو ...
- مسؤولان أمميان يدعوان بريطانيا لإعادة النظر في خطة نقل لاجئي ...
- مفوض أوروبي يطالب بدعم أونروا بسبب الأوضاع في غزة
- ضابط المخابرات الأوكراني السابق بروزوروف يتوقع اعتقالات جديد ...
- الأرجنتين تطلب من الإنتربول اعتقال وزير داخلية إيران
- -الأونروا- تدعو إلى تحقيق في الهجمات ضد موظفيها ومبانيها في ...
- الولايات المتحدة: اعتقال أكثر من 130 شخصا خلال احتجاجات مؤيد ...
- مسؤول أميركي: خطر المجاعة -شديد جدا- في غزة خصوصا في الشمال ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - بولات جان - العصيان المدني، الدواء الناجع لداء العصر الحلقة الرابعة