أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بولات جان - رسالة ملاك إلى...














المزيد.....

رسالة ملاك إلى...


بولات جان
كاتب و باحث

(Polat Jan)


الحوار المتمدن-العدد: 1407 - 2005 / 12 / 22 - 07:16
المحور: الادب والفن
    


لم يعد ليّ من أكتب لأجله... و لم يعد من آمل بقراءته لكلماتي المنهوبة من حلبة الزمن الذي لا يعرف الرأفة و لا رد الجميل. نعم لم يعد أحد. هل تعرفين؟ هل كنتِ تصدقين أو حتى تخمنين بأنني سأبقى وحيداً كما السابق رغم كل هذه الهالة من الملائكة؟ نعم! ربما ما كنتِ تنتظرين حالي هذه و لكن هاأنا ذا وحيداً على ذاك الجسر الذي شهد كل فصول و شهور أعوامي الربيعية التي باتت خريف بذاته! الجسر الذي كان و ما زال شاهداً على كل خلجات روحيّ و مكونات نفسيّ الساخرة من كل شيء! ها أنا ذا أكتب و ليس ليّ أمل أن تجلسي بجانبي لساعاتٍ و ساعات و تستمعين إلى لغتي التي لا يفقهها أحدٌ سواكِ و أنا بدوري أستمع إليكِ كما الطفل الذي يستمع إلى معلمته الطفلة. ها أنا ذا أكتب و أعرف بأنكِ لن تهرعين إلى ظل الجوز العتيقة لهفةً لقراءة ما كتبته لكِ و مع كل كلمة تتغير تقاسيم وجهكِ، تفرحين معي، تحزنين و تأملين و من ثم تهرولين إلى شجرتي التي ترينني تحتها أبد الدهر و أنا بانتظار قدومك لكي نشاكس معاً و نقلب الدنيا رأساً على عقب. هل تتذكرين أم كنتِ ناسية؟ حينما كانت القطط تغار من غبطتنا و مشاكساتنا التي تشبه جنون الفلاسفة و... و ماذا بعد؟
لا أعرف لم أكتب و أنتِ لن تقرئين ما أخطه... ربما كنتُ أكتبها للريح أو للمطر و ربما كنتُ أكتبها للبدر أو حتى للجنون؟ ربما ستقرعينني على شؤمي و سوداويتي هذه و سوف تنهرينني كما الأم الحنون التي تنهى صغيرها عن فعل الحماقات. سوف تقولين: (كنتَ أملي فـلِم هذا التشاؤم؟ كنتَ قوتي فـلِم الرضوخ للهزيمة؟ كنتَ حناني و دفئي فـلِم كل هذا الانكسار؟؟؟ ) و القائمة تطول و النصائح لا تنتهي و ينابيع العسل المر لا تنضب و سيول الآمال المقهورة لا تتوقف و نيران الأفئدة المحترقة لا تنطفئ. و مع كل طلعة للشمس ستهرولين بـ لوعة و شوق إلى الشجرة التي أقبع تحتها منذ موت قابيل و جنون هابيل. ربما كنتُ قد تماديتُ في تشبيهي هذا فبالأحرى أقعد هنا منذ أن تحولت زين إلى فاحشة تبيع الهوى و القبلات و النهود و أشياء أخرى و عندما وصل الخبر إلى مسامع ممو قام الأخير يحفر في الجبل ظاناً نفسه فرهادً و لكن فرهادً بلا شيرين. و ان كنت قد تطرقتُ بالحديث عن فرهاد الحفّار، بادر إلى خاطرتي بأنه من أكبر المجانين و الصعاليك في كل أرجاء المعمورة. فهو لم يكن يحفر الجبل لعينيّ شيرين بل كان يحاول إمضاء وقته و إلا كان سيصبح عاطلاً عن العمل. فعلى الأقل كان يحصل على طعامه كل يوم. و حتى مجنون ليلى فـلا هو و لا ليلى كانا صادقين. فهو لم يكن مجنون ليلى بل كان مجنون أبله الذي تاهت في الصحارى فوقع الدروب و المسالك بحثً عن أبله و عندما رأى ليلى و هو في حالة من الإعياء فقد ظنها أبله التائهة فدنى منها و هي رهبة فقالت له: (يا مجنون) فبات الواقع خلف أبله التائهة مجنون ليلى و ليلى لم تكن سوى عجوز شمطاء أعتقدها مجنوننا إبله لشدة قبحها و شبهها للناقة... و الحكاية تطول و أنتِ ما زلتِ تهرولين كل صباح إلى ظل شجرة الجوز العتيقة و أنا أنتظركِ هناك كل يوم و بجعبتي قصاصات صغيرة من النثر و الشعر و الجنون و قلم رصاص أقصر من قامة حبة الفاصولياء.
و في الخريف الذي مضى و ككل يوم انتظرتكِ مع قصاصاتي الشعرية و قلمي الذي لم يعد له شكل قلم و هذه المرة كانت جيوبي مليئة بحبات الجوز المحروقة. انتظرتكِ، رسمت طيفكِ و كل قطر من محيط جسدكِ و وجهك و شعركِ الليلي... جعلتُ من خصلات شعركِ أرجوحة لخيالاتِ الطفولة و رحتُ أكتب على جبينك العريض قصص ألف ليلى و ليلة ماراً على حبة الكرز المرسومة بمحل الثغر، و كما كل مرة لم أتذوق شيءً من الكرز لأنني كنتُ على عجلٍ من أمري، فرحلتي كانت صوب الهضاب، صوب ينابيع الخابور، صوب حقول الرمان. أقسم لكِ بأنني لم أقربه و لم ألمسه البتة إنما تنهدت حزناً على عقم ينابيعها. و بعدها فقد تماديتُ و رسمتُ خارطة لأقطار خصركِ البديع... و بعدها فقد كان أسفل السافلين و... صحوتُ من إبحاري في محيطات الأطياف و عدتُ إلى وعي اللا مرغوب! صحوت و لستِ موجودة... أنتظركِ كل النهار و طول الليل و لم تأتين. انقلبت الأحوال و الدهور و أنتِ لم تأتين بعد. مات مجنون الإبل و حسرة إبله التائهة تحرقه و كذا فرهاد الحفار فقد دكّ الجبل العظيم عليه و جعلته في خبر كان فارتاحت منه شيرين و كذا الأمر لممو الذي أستسلم للواقع المر و رضخ لمشيئة زين التي أبت إلا أن تبيع الهوى و القبلات و عصير النهود و أشياء أخرى، فقد تفهم ممو لدواعي حرية الجنس الناعم. صفرت لون قصاصاتي و ضاعت كلماتها و التهمت الدود بقايا قلمي و أنا قابع تحت شجرة الجوز العتيقة أنتظر هرولتكِ و مشاكساتكِ الفلسفية و ترهاتكِ العقلانية... أنتظرك منذ أن عملت حواء على خلق رجلً من نهدها الأيمن.
و اليوم رحتُ أكتب هذه الكلمات بالرغم من انكِ لن تقرئينها و لن تفرحين لحزني و لن تحزنين لفرحي...
أعتقد بأن بعضهم يصبو إلى قطع الجوز العتيقة و سأبقى جالسً أنتظركِ وحدي و أنا أعرف بأنكِ لن تهرعين بكل مشاكساتكِ لقراءة قصاصاتي الصفراء...
طابت أمسيتكِ



#بولات_جان (هاشتاغ)       Polat_Jan#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ستأتين


المزيد.....




- التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار ...
- ما آخر المستجدات بحسب الرواية الإسرائيلية؟
- تردد قناة ماجد الجديد لأطفالك 2025 بأحلى أفلام الكرتون الجذا ...
- -أسرار خزنة- لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولو ...
- بمناسبة أربعينيّته.. “صوت الشعب” تستذكر سيرة الفنان الراحل أ ...
- خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية بالاسم فقط “هنــــ ...
- في ذكرى رحيل فلاح إبراهيم فنان وهب حياته للتمثيل
- الفنان صبيح كلش .. حوار الرسم والتاريخ
- مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا ...
- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بولات جان - رسالة ملاك إلى...