أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماهين شيخاني - الجسر _ قصة قصيرة














المزيد.....

الجسر _ قصة قصيرة


ماهين شيخاني
( كاتب و مهتم بالشأن السياسي )


الحوار المتمدن-العدد: 6770 - 2020 / 12 / 24 - 01:07
المحور: الادب والفن
    


لا أعلم لم هذا الكلب يخرج في نفس التوقيت , لحظة وصولي تماماً بالقرب من دارهم , ينبح يتجه نحوي بشراسة كأني شغله الشاغل أوكأن بيني وبينه ثأر , يحوم حولي حتى يكاد يلامسني , يهز ذيله ويكشر عن أنيابه ويسيل الروال منه ثم تخرج منه زمجرة قوية ترتعد لها فرائصي , أتصنم موضعي بلا حراك , مستسلماً كي يكف بلاه عني – هكذا قالوا لي أهالي القرية : إذا هجم عليك الكلاب قف في مكانك ولا تتحرك - وجبيني تتفصد العرق , ثم يبتعد قليلاً رافعاً ذيله على ظهره كالسيف منتشياً بنصره وتفوقه , أترى لأنني غريب عن القرية ؟. هناك عدد لابأس بهم يمرون في نفس الشارع الذي أمر به كل صباح وهم غرباء عن القرية مثلي تماماً , لماذا لا ينبح عليهم ؟ .
أصبح كل أهالي القرية يدركون بتوقيتي وبحالي المزري الذي يرثى له, مصفر الوجه تستنجد عيناي بالمارة أو سكان القرية لإسكات هذا الكلب اللئيم , لقد وضعني في مخه السقيم وأنا على دراية وثقة بأنه سوف يسبب لي الأذى وسأكون ذات يوم من ضحاياه مرمياً في إحدى زوايا المستشفى أعالج بإبر الواحد والعشرين التي توخز في البطن .
أقطع أشواطاً طويلة , خمس وسبعون كيلومترا للوصول إلى هذه القرية النائية على ضفة الخابور, لا أحسب حسابا للمشقة والأجرة ولا حتى للمهالك ومخاطر السفر يوميا بالفوكسات والدراجات النارية التي هي من أشد أنواع الخطورة وحوادثها تكاد تكون شبه يومية, سوى حساب تلك الثواني المرعبة والتي لا مفر لدي سوى المرور من ذاك الشارع الإجباري حيث أسير بدبيب خافت يكاد لا يسمع النمل لأقدامي كلما دنت المسافة بيني وبين مسكنه أو يحالفني الحظ وينفرج همي بنقلي من القرية وهذه صعبة كوني جديد في الوظيفة حيث معظم الناس يحسبون بأن نقلي هو تأديبي , كيف لإنسان يقطع هذه المسافة المرهقة إن لم يكن وراءه سبب ؟. أو استقالتي من الوظيفة وقطع لقمة العيش عن أسرتي .

ذات يوم وأنا أخطو اتجاه الجسر كالعادة ( خارج القرية ) وإذ به يلاحقني وينبح نباحاً لايهدأ وآزره رفاقه الكلاب وتعالت عواءهم في ذاك العراء , وقفت جامدا في مكاني دون حراك كعادتي , تدرج لون بشرتي تلقائياً ولم تعد ترى في وجهي رائحة دم , أغمضت عيني وسلمت أمري إلى الله بالنهاية المؤلمة والمتوقعة .
بعد حين خيم السكوت والصمت لم أعد اسمع العواء , أترى كنت شاردا أو حالماً بهذا الكلب , أكيد لا..؟. أتذكر أنني كنت قد خرجت من المركز وسرت باتجاه الجسر لعل سيارة أو دراجة نارية مارقة توصلني للمفرق , ولكن لم أظفر في تلك الساعة بشيء فاضطررت أن أمشي سيراً على الأقدام.
فتحت عيني شيئا فشيئا لدى سماعي صوت ملائكي , رأيت خيالاً أبيض كملاك , بيننا بضع خطوات تشير للكلاب بالابتعاد والكف عن العواء. سحبت كمية كبيرة من الهواء إلى جوفي ثم أفرغتها بزفرة طويلة لدى تأكدي من ابتعادهم .

تقدمتُ نحوها لتقديم الشكر وثناءها على مؤازرتها وتخليصي من تلك الكلاب , إلا أنني كلما كنت أقترب منها أحس بأنها تتلاشى كالسراب تماماً , ألتفت حولي أبحث عن ذاك الملاك، بحثت عنها خلف الجسر، على أطرافها … لكنني لم أعثر لها على أثر، ولم ألمحها ، من أين جاءت وكيف اختفت ؟. هل خرجت من جوف الأرض أو ألقت بها السماء…بغتة ؟.لا أدري ..؟.
مددتُ رأسي قليلاً لدى اقترابي من حافة الجسر وإذ تخترق مسامعي أنين أفزعني ,كاد قلبي يفز من بين جنبي , غمرتني الحيرة والارتباك , وأنا أسترق السمع لذاك الأنين محاولاً معرفة مصدره, بالرغم من ذاكرتي المشوشة إلا أنني تذكرت بأن أحدهم في المركز تحدث عن قصة حب كانت نهايتها مأساوية أدت إلى قتل الشاب تحت الجسر في ظروف غامضة - حتى أنهم قالوا تفاجئنا بشبه كبير بينك وبينه من ناحية الملامح المتقاربة تماماً _ ومن ثم انتحار فتاته بعده , عندماإالتاعت فؤادها والتهفت عليه فألقت بنفسها إلى قاع النهر. ثم أتذكر بأنه قال : تصور كانت الفتاة برفقتها جرو صغير لا تتركها أبدا , وقال : سمعت في إحدى الليالي لدى مروري وحيداً على الجسر لصوت خافت كالأنين , يتردد من خلاله حشرجات وكأنه في النزع الأخير, حينها أدركت لم كان هذا الكلب ينصب اهتمامه نحوي ؟.



#ماهين_شيخاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - تركيا و التهديد بين حين وآخر بورقة المياه ..-
- ثورة أيلول والآمال على 14تموز
- قصة قصيرة
- كوردستان الغربية وما بعد الانتخابات الأمريكية
- الاصطفافات في الحركة الكوردية السورية
- قصة قصيرة- لما الاستعجال ...؟
- اذكروا محاسن موتاكم
- الرائحة ....


المزيد.....




- الفنانة شيرين عبد الوهاب تنهار باكية خلال حفل بالكويت (فيديو ...
- تفاعل كبير مع آخر تغريدة نشرها الشاعر السعودي الراحل الأمير ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 158 مترجمة على قناة الفجر الجزائري ...
- وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبدالمحسن عن عمر يناهز 75 عاماً ب ...
- “أفلام تحبس الأنفاس” الرعب والاكشن مع تردد قناة أم بي سي 2 m ...
- فنان يحول خيمة النزوح إلى مرسم
- الإعلان الأول حصري.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 159 على قصة عش ...
- أكشاك بيع الصحف زيّنت الشوارع لعقود وقد تختفي أمام الصحافة ا ...
- الكويت.. تاريخ حضاري عريق كشفته حفريات علم الآثار في العقود ...
- “نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماهين شيخاني - الجسر _ قصة قصيرة